(تحليل إخباري) هل تنهي مالي مهمة قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام؟

المجلس العسكري يطرد مسؤولاً أممياً... وتعبئة الإعلام ضد البعثة

صورة غير مؤرخة وزعها الجيش الفرنسي لمرتزقة روس يستقلون مروحية في شمال مالي (أ.ف.ب)
صورة غير مؤرخة وزعها الجيش الفرنسي لمرتزقة روس يستقلون مروحية في شمال مالي (أ.ف.ب)
TT

(تحليل إخباري) هل تنهي مالي مهمة قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام؟

صورة غير مؤرخة وزعها الجيش الفرنسي لمرتزقة روس يستقلون مروحية في شمال مالي (أ.ف.ب)
صورة غير مؤرخة وزعها الجيش الفرنسي لمرتزقة روس يستقلون مروحية في شمال مالي (أ.ف.ب)

قرر المجلس العسكري الحاكم في دولة مالي، أمس (الاثنين)، طرد رئيس قسم حقوق الإنسان في «بعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي»، المعروفة اختصاراً بـ«مينوسما»، مما أعاد بقوة طرح احتمال إنهاء مهام البعثة التي بدأت عام 2013 وتجدد في شهر يوليو (تموز) من كل عام، ولكنها في السنوات الأخيرة أصبحت غير مرحب بها من طرف كثير من الماليين.
واقتربت العلاقة بين مالي وبعثة الأمم المتحدة من أن تصل إلى نهاية الطريق؛ بسبب تقارير أممية متكررة حول تورط الجيش المالي في انتهاكات ضد حقوق الإنسان، تثير غضب سلطات مالي التي تَعدّ أنها محاولة لتشويه جيشها الذي «يحارب الإرهاب بكفاءة»، ولكن من الواضح أن وجود مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة زاد من تعقيد الوضع.
سلطات مالي منحت المسؤول الأممي مهلة 48 ساعة لمغادرة أراضيها، واتهمته بأنه هو من اختار ناشطة حقوقية تدعى آميناتا ديكو، لتتحدث أمام مجلس الأمن الدولي، في يناير (كانون الثاني) الماضي، لتقدم شهادة حول تورط الجيش المالي في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بالتعاون مع «فاغنر».
الناشطة الحقوقية تحدثت؛ عبر تقنية الفيديو، من داخل أحد معسكرات البعثة الأممية في مالي، ولكن مداخلتها، التي بثت عبر الإنترنت، أثارت موجة غضب عارمة في مالي، وبدأت حملة هجوم واسعة ضدها، اتهمت خلالها بأنها «عميلة للغرب»، وأنها تتلقى أموالاً من «فرنسا» لتشويه الجيش المالي.
في غضون ذلك، تظاهر شباب غاضبون أمام معسكر تابع للبعثة الأممية في العاصمة باماكو، وطالبوا بتسليم الناشطة الحقوقية إلى القضاء المالي؛ إذ إنه رفعت ضدها قضية بتشويه المؤسسة العسكرية، ويعتقد المتظاهرون أن الناشطة الحقوقية تقيم داخل المعسكر تحت حراسة بعثة الأمم المتحدة.
ودعا ناشطون إلى مظاهرات يوم الجمعة المقبل لرفع سقف المطالب نحو رحيل البعثة الأممية، وبالتزامن مع ذلك؛ بدأت الصحافة المحلية تكتب عن تعارض وجود هذه البعثة مع سيادة الدولة في مالي، وظهر محللون يصفون البعثة بأنها «حصان طروادة» الذي سيعود من خلاله الفرنسيون إلى البلاد، بعد انسحاب قواتهم في منتصف العام الماضي.
عيسى دياوارا، واحد من هؤلاء المحللين؛ إذ يعتقد أن الضباط الذين يحكمون مالي يدركون خطر البعثة الأممية عليهم، «وبالتالي كانت استراتيجيتهم منذ البداية هي طردها»، ويضيف: «أعتقد أن الوقت قد حان لتنفيذ المخطط»، مشيراً إلى أن «البعثة لن يجدد لها هذا العام».
ولكن محللين آخرين يحذرون من مغبة رحيل البعثة الأممية البالغ قوامها أكثر من 15 ألف جندي؛ إذ يرون أنه سيحدث فراغاً كبيراً، ليس من الناحية الأمنية فقط؛ وإنما الاقتصادية والاجتماعية كذلك؛ إذ تضخ البعثة ملايين الدولارات شهرياً في مالي، على شكل مساعدات واستثمارات وعقود تجارية.
وبدأت البعثة الأممية عملها في مالي خلال شهر أبريل (نيسان) 2013 إثر التدخل العسكري الدولي الذي قادته فرنسا لطرد تنظيم «القاعدة» من شمال مالي، وكلفت البعثة مهمة دعم العمليات السياسية وحفظ الأمن وتطبيق خريطة الطريق الانتقالية، قبل أن توسع مهامها في العام الموالي لتشمل إعادة بناء قطاع الأمن وتعزيز وحماية حقوق الإنسان.


مقالات ذات صلة

هل تتسع المواجهات بين التنظيمات المتطرفة في مالي؟

العالم هل تتسع المواجهات بين التنظيمات المتطرفة في مالي؟

هل تتسع المواجهات بين التنظيمات المتطرفة في مالي؟

وسط محاولات لإنقاذ «اتفاق سلام هش» مع جماعات مسلحة انفصالية، وتصاعد الصراع على النفوذ بين تنظيمات «إرهابية» في مالي، دعا تنظيم «داعش» جميع الجماعات المسلحة المتنافسة معه في البلاد، إلى إلقاء أسلحتها والانضمام إلى صفوفه. وهي الرسالة التي يرى خبراء أنها موجهة إلى «الجماعات المسلحة المحلية التي وقعت اتفاقية السلام لعام 2015، إضافة إلى تنظيم (القاعدة) في مالي ومنطقة الساحل»، الأمر الذي «يزيد من هشاشة الأوضاع الأمنية في البلاد، ويدفع نحو مواجهات أوسع بين التنظيمات المتطرفة».

العالم العربي عودة «النصرة» إلى الواجهة في مالي تعزز خوف الجزائر على «اتفاق السلام»

عودة «النصرة» إلى الواجهة في مالي تعزز خوف الجزائر على «اتفاق السلام»

بينما تبنى تنظيم تابع لـ«القاعدة» في مالي اغتيال مسؤول بارز في البلاد، كثَفت الجزائر لقاءاتها مع الأطراف السياسية الداخلية لإنقاذ «اتفاق السلم»، الذي ترعاه منذ التوقيع عليه فوق أرضها عام 2015، من الانهيار، وتفادي إحداث فراغ بالمنطقة يتيح للجماعات المسلحة الانتشار من جديد. وأعلنت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»، التي تتبع لـ«القاعدة» في مالي، مقتل عمر تراوري، مدير ديوان الرئيس الانتقالي، العقيد عاصمي غويتا، وثلاثة جنود وأسر اثنين آخرين من الجيش المالي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم تحطم مروحية عسكرية بحي سكني في باماكو

تحطم مروحية عسكرية بحي سكني في باماكو

تحطمت مروحية عسكرية، السبت، في حي سكني بعاصمة مالي، باماكو، أثناء عودتها من عملية لمكافحة المتشددين، بحسب ما أفادت القوات المسلحة ومصادر. وسقط عشرات الضحايا بتفجير انتحاري ثلاثي في وسط البلاد. وجاء حادث المروحية إثر تعرض مهمة إمداد للجيش لهجوم في وقت سابق في شمال البلاد المضطرب. وقالت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة في بيان: «نحو الساعة الواحدة وعشر دقائق بعد الظهر، تحطمت مروحية هجومية تابعة للقوات المسلحة المالية في منطقة سكنية في باماكو أثناء عودتها من مهمة عملانية».

«الشرق الأوسط» (باماكو)
العالم جماعة تابعة لـ«القاعدة» تتبنّى اغتيال مدير مكتب رئيس مالي

جماعة تابعة لـ«القاعدة» تتبنّى اغتيال مدير مكتب رئيس مالي

تبنَّت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» التابعة لتنظيم «القاعدة الإرهابي»، هجوماً قرب الحدود الموريتانية، أدى إلى مقتل عمر تراوري مدير ديوان رئيس المجلس العسكري الحاكم الانتقالي مع 3 من مرافقيه، إضافة إلى مسؤوليتها عن هجوم في كمين آخر نفذته (الأربعاء) الماضي أسفر عن مقتل 7 جنود ماليين. وأفادت الرئاسة المالية (الخميس) بأن عمر تراوري مدير ديوان الرئيس الانتقالي العقيد عاصمي غويتا، هو أحد القتلى الأربعة الذين سقطوا في هجوم استهدفهم (الثلاثاء) بالقرب من بلدة نارا. وأعلنت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» أنها شنَّت هجوماً آخر (الأربعاء) أسفر عن مقتل 7 جنود في مكمن بين سوكولو وفرابوغو (وسط مالي)، فيما ق

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي الجزائر تخشى انهيار «اتفاق السلام» في مالي

الجزائر تخشى انهيار «اتفاق السلام» في مالي

بعد اغتيال مسؤول بارز في مالي على يد تنظيم متشدد، تكثّف الجزائر لقاءاتها مع الأطراف السياسية الداخلية في البلد الأفريقي لإنقاذ «اتفاق السلم» - الموقّع في 2015 - من الانهيار، وتفادي إحداث فراغ في المنطقة قد يتيح للجماعات المسلحة الانتشار من جديد. وأعلنت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» التابعة لتنظيم «القاعدة» في مالي، اغتيال عمر تراوري مدير ديوان الرئيس الانتقالي العقيد عاصمي غويتا و3 جنود، إضافة إلى أسْر اثنين آخرين من الجيش. وذكرت الجماعة في بيان أنها نصبت «مكمناً للجيش بين نارا وغيري، الثلاثاء الماضي، وقتلت مدير الديوان و3 جنود وأسَرَت اثنين، واستحوذت على أسلحة، فيما أصيب عنصر من الجماعة»، وت

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».