لافروف لتعزيز حضور موسكو في الغرب الأفريقي

لافروف لتعزيز حضور موسكو في الغرب الأفريقي

في أول زيارة لوزير خارجية روسي إلى مالي
الاثنين - 15 رجب 1444 هـ - 06 فبراير 2023 مـ
جنود تابعون للأمم المتحدة في مالي (أ.ف.ب)

تكثف روسيا تحركاتها في الغرب الأفريقي، عبر جولة لوزير خارجيتها سيرغي لافروف، تقوده إلى العاصمة المالية؛ باماكو، في زيارة هي الأولى من نوعها لمسؤول روسي رفيع المستوى، وفي خطوة يعدها مراقبون تعزيزاً للحضور الروسي في القارة السمراء، خصوصاً منطقة الغرب التي تشهد تراجعاً ملموساً للنفوذ الفرنسي.
وتتزامن زيارة لافروف مع قرار للمجلس العسكري في مالي بطرد رئيس بعثة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. وأفادت وكالة الأنباء الفرنسية، الاثنين، بأن القرار جاء بعد أن ألقى ناشط حقوقي مالي الشهر الماضي كلمة أمام اجتماع للأمم المتحدة، اتهم فيها «الشركاء العسكريين الروس الجدد للنظام بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان».
من جانبها، ذكرت وزارة الخارجية المالية، الأحد، أن لافروف «سيزور البلاد لمدة يومين للبحث في تعزيز العلاقات بين الدولتين». وأشارت في بيان لها إلى أنها الزيارة الأولى من نوعها لوزير خارجية روسي إلى مالي، والتي تأتي «تماشياً مع الرؤية السياسية للحكومة الانتقالية لتوسيع وتنويع العلاقات الاستراتيجية».
ومن المنتظر أن يلتقي وزير الخارجية الروسي، رئيس الحكومة الانتقالية، أسيمي غويتا، وعدداً من المسؤولين البارزين في الحكومة الانتقالية المالية.
وتعد جولة لافروف الحالية في أفريقيا، هي الثانية من نوعها لدول بالقارة خلال أقل من عام، زار خلالها إريتيريا وأنغولا وإسواتيني وجنوب أفريقيا وبوتسوانا، إضافة إلى مالي، بينما شملت جولته الأولى التي قام بها في يوليو (تموز) من العام الماضي، مصر وإثيوبيا وأوغندا والكونغو.
وتأتي هذه الزيارة في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات بين مالي وفرنسا تدهوراً، تمثل في إعلان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، رسمياً في سبتمبر (أيلول) الماضي، انتهاء عملية «برخان» العسكرية التي تقودها بلاده في منطقة الساحل الأفريقي، وانتشر بموجبها جنود فرنسيون في الأراضي المالية لمكافحة الإرهاب.
كما تأتي الزيارة بعد نحو أسبوعين على مطالبة سلطات بوركينا فاسو للقوات الفرنسية بالانسحاب من البلاد التي تشير تقارير إلى استعانتها بعناصر تابعة لشركة «فاغنر» الروسية.
ويرى الدكتور محمد يوسف الحسن، المحلل السياسي المختص في الشؤون الأفريقية، أن زيارة وزير الخارجية الروسي تأتي في إطار التصعيد بين روسيا وفرنسا، وخصوصاً في أفريقيا الوسطى. وتوقع الحسن في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن تسعى روسيا لتكثيف حضورها خلال الفترة المقبلة في دول غرب أفريقيا «من أجل تثبيت نفسها كرقم كبير في معادلة النفوذ، على حساب الوجود الفرنسي المتراجع بالمنطقة».
وأضاف المحلل السياسي أن روسيا تعزز وجودها في الغرب الأفريقي، من خلال تحركات سياسية بموازاة التعاون الأمني والعسكري الذي تحتاجه المنطقة بشدة في الفترة الراهنة. ولفت إلى أنه تم الإعلان مؤخراً عن تدشين أول قاعدة جوية أفريقية بدعم روسي، بهدف مسح المنطقة ورصد جميع تحركات المجموعات الإرهابية «التي تزعزع أمن المنطقة، وكانت تستخدمها القوات الفرنسية ذريعةً لبقائها في المنطقة»، مشدداً على أن استمرار روسيا في تعزيز نفوذها في المنطقة سيقوي موقف الدول المناهضة للنفوذ الفرنسي، ويجذب دولاً جديدة لإعلان مواقف أكثر قوة باتجاه بناء علاقات أكثر متانة مع الحليف الروسي.
وبرزت خلال الآونة الأخيرة مؤشرات حول التنافس الأميركي الروسي في أفريقيا، واستضافت واشنطن قمة أميركية أفريقية منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، شاركت فيها 49 دولة من أصل 54 أفريقية، وشكلت مواجهة تمدد الصين وروسيا جزءاً من الطرح الأميركي خلال القمة، بينما تستعد روسيا خلال العام الحالي لاستضافة القمة الروسية الأفريقية الثانية التي من المتوقع أن تُعقد في يوليو المقبل.
وتمتلك دول القارة الأفريقية نحو ثلث الكتلة التصويتية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وامتنعت 17 دولة من القارة في مارس (آذار) من العام الماضي عن التصويت على قرار أممي يدين روسيا لحربها على أوكرانيا، وهو ما مثَّل نصف عدد الممتنعين، ما اعتُبر مؤشراً على نمو التأثير الروسي في أفريقيا.
واعتبر الدكتور أحمد أمل، أستاذ العلوم السياسية بكلية الدراسات الأفريقية العليا بجامعة القاهرة، تكثيف روسيا تحركاتها الدبلوماسية في دول القارة جزءاً من التنافس الدولي وحالة الاستقطاب التي يشهدها العالم حالياً، ارتباطاً بمجريات الحرب الروسية الأوكرانية، ومساعي بعض القوى الدولية الصاعدة إلى بناء عالم متعدد الأقطاب.
وأضاف أمل لـ«الشرق الأوسط» أنه «من الخطأ النظر إلى الدور الروسي في القاهرة على أنه رد فعل للسياسات الغربية»، موضحاً أن موسكو «كانت حاضرة طوال الوقت، ولها تاريخ طويل في مساندة دول القارة خلال خمسينات وستينات القرن الماضي، عندما كان الاتحاد السوفياتي سابقاً القطب الثاني في المنظومة العالمية».
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن روسيا «تحاول استخدام ميراثها السياسي القديم الذي لا يحمل عبئاً استعمارياً في الذاكرة الوطنية للدول الأفريقية»، كما تسعى كذلك إلى استثمار الأوضاع الدولية الراهنة في اكتساب مزيد من الحلفاء والداعمين، أو على الأقل إفشال المخطط الغربي لمحاصرة روسيا، وهو ما يبدو أنها «تحقق تقدماً ملموساً فيه على الساحة الأفريقية»، ما استدعى تحركات عاجلة من الإدارة الأميركية؛ سواء بإعلان استراتيجية جديدة نحو أفريقيا، واستضافة القمة الأميركية الأفريقية، أو من خلال جولة موسعة لوزيرة الخزانة الأميركية في أفريقيا خلال الأسابيع الأخيرة.


مصر مالي أخبار أخبار روسيا

اختيارات المحرر

فيديو