خامنئي يصدر عفواً عن السجناء مشروطاً بخطاب «الندم»

أغلب المعتقلين «محتجون» بعد وفاة مهسا أميني

مسيرة منددة بالنظام في مدينة زاهدان الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
مسيرة منددة بالنظام في مدينة زاهدان الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
TT

خامنئي يصدر عفواً عن السجناء مشروطاً بخطاب «الندم»

مسيرة منددة بالنظام في مدينة زاهدان الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
مسيرة منددة بالنظام في مدينة زاهدان الجمعة الماضي (أ.ف.ب)

أعلن القضاء الإيراني أن المرشد علي خامنئي أصدر عفواً وتخفيفاً للعقوبة عن «عشرات الآلاف» من «المتهمين والمدانين» من السجناء، ومن بينهم بعض مَن ألقت السلطات القبض عليهم لاتهامات لها علاقة بالأمن، خلال المظاهرات المناوئة للحكومة في الآونة الأخيرة.
جاء ذلك بعد أن ساهمت حملة قمع وحشية نفذتها السلطات في تهدئة اضطرابات واحتجاجات في أنحاء البلاد. لكن العفو جاء بشروط؛ فوفقاً للتفاصيل التي نشرتها وسائل إعلام رسمية، فإن الإجراء لن ينطبق على الموقوفين الذين يواجهون تهماً تصل إلى الإعدام، أو حتى مزدوجي الجنسية المحتجزين في البلاد.
وذكرت «رويترز»، نقلاً عن الوكالة الرسمية (إرنا)، أن الشمول بالعفو يتطلب «عدم ارتكاب التجسس لصالح الأجانب، عدم الاتصال المباشر بعملاء المخابرات الأجنبية، عدم ارتكاب القتل والإيذاء المتعمد، عدم التدمير وإحراق المرافق الحكومية والعسكرية والعامة، وعدم وجود مدعٍ خاص».
وذكرت وسائل الإعلام الرسمية أن خامنئي وافق على العفو «بمناسبة الذكرى الرابعة والأربعين لانتصار ثورة 1979»، و«أعياد شهر رجب».
وأشارت الوكالة إلى أن العفو لن يشمل أيضاً مَن اتُهموا بما وصفته بـ«الفساد في الأرض»، وهي جريمة قاسية العقوبة يواجهها المحتجون، وأُعدِم أربعة منهم.
واجتاحت احتجاجات أنحاء إيران، بعد وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني عندما كانت رهن الاحتجاز لدى «شرطة الأخلاق» بدعوى «سوء الحجاب» في سبتمبر (أيلول). وشارك في تلك الاحتجاجات إيرانيون من شتى الأطياف والمشارب، بما شكَّل أجرأ تحدٍّ للمؤسسة الحاكمة منذ الثورة، في عام 1979.
ونقلت الوكالة عن خطاب رفعه رئيس السلطة القضائية، غلام حسين محسني إيجئي، إلى خامنئي، أنه يطلب فيه إصدار أمر العفو، وقال: «خلال الأحداث الأخيرة ارتكب عدد من الأشخاص، خصوصاً الشباب، سلوكيات وجرائم نتيجة إملاءات العدو ودعاياته، الأمر الذي تسبب في مشكلات لأنفسهم، ومعاناة أسرهم وأقاربهم. والآن يطالب عدد كبير منهم بالمغفرة، بعد فضح خطة الأعداء الخارجيين والتيارات المناهضة للثورة والشعب، معربين عن الأسف والندم».
بدوره، قال نائب رئيس السلطة القضائية الإيرانية صادق رحيمي، وفقاً لما نقلته وسائل الإعلام الرسمية: «بالطبع مَن لم يعبروا عن ندمهم على ما فعلوا وقدموا التزاماً كتابياً بعدم تكرارها فلن يشملهم العفو».
وبحسب رحيمي، فإن هذا أول «عفو» يشمل عدداً كبيراً من السجناء يوافق عليه خامئني، بعد فبراير (شباط) 2019.
أتى الإعلان عن «العفو العام»، في وقت طرح فيه نواب بالبرلمان الإيراني مشروع قانون لملاحقة مَن يدلون بتصريحات تتعارض مع مواقف السلطات. ويستهدف القانون المشاهير، خصوصاً بعدما انتقد عدد كبير منهم سلوك السلطات في قمع المحتجين.
ودافع النائب عن مدينة طهران، علي خضريان، عن القانون. وقال: «إذا كان رأي هؤلاء (المشاهير) ضد رأي الدولة، فسيؤدي إلى أضرار كبيرة بالأشخاص والممتلكات العامة». وأضاف: «لو كان مثل هذا القانون، لم نرَ قلة المسؤولية في المجتمع».
وتقول «وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان» (هرانا) إن السلطات اعتقلت نحو 20 ألفاً فيما يتعلق بالاحتجاجات التي تتهم إيران أعداء أجانب بتأجيجها. ولم تقدم الأجهزة الأمنية والقضاء الإيراني والوزارة الداخلية حتى الآن أي إحصائيات عن العدد الإجمالي للمعتقلين في أنحاء البلاد.
وقال محمود أميري مقدم، رئيس «منظمة حقوق الإنسان في إيران»، ومقرها أوسلو، إن العفو الجماعي الذي أصدره خامنئي «ما هو إلا مجرد دعاية ونفاق»، وقال: «تم تضمين عدد فقط من المتظاهرين في هذا العفو، الذين أرسلوا خطاب ندم مكتوباً يطلب العفو، ولا يشمل أولئك الذين يواجهون تهماً عقوبتها الإعدام». وكتبت المنظمة التي يقودها أميري، على حسابها في «تويتر»، أن «الاحتجاج من حق المواطنين»، مؤكدة أن «اعتقالهم والأحكام الصادرة بحقهم غير مبررة».
وفي وقت سابق من الشهر الماضي، قالت المنظمة التي تراقب حالات الإعدام عن كثب إن مائة من المحتجين المعتقلين على الأقل ربما يواجهون عقوبة الإعدام.
وانتقدت «منظمة العفو الدولية» السلطات الإيرانية، بسبب ما وصفته بأنه «محاكمات صورية لترهيب المشاركين في انتفاضة شعبية هزت إيران».
وتقول وكالة «هرانا» إن 527 شخصاً قُتِلوا جراء حملة القمع التي أطلقتها السلطات لإخماد الاحتجاجات التي عصفت بأكثر من 160 مدينة. وبحسب المنظمة، سقط 71 قاصراً بين قتلى المحتجين. وفي المقابل، سجل 70 قتيلاً في صفوف قوات الأمن.
وتباطأت وتيرة الاحتجاجات بشكل ملحوظ منذ بدء تنفيذ عمليات الإعدام. وأفادت «إذاعة فردا» الأميركية الناطقة بالفارسية بأن أهالي أحياء عديدة في العاصمة طهران رددوا هتافات مناهضة للسلطة، مشيرة إلى حراك مماثل في مدن كرج وشيراز وسنندج وبندر عباس.
وفي سياق متصل، قاد عشرات المزارعين في أصفهان، أمس، جراراتهم باتجاه طهران، في حركة رمزية، للمطالبة بإحياء نهر زاينده رود، حسبما أظهرت فيديوهات نشرها حساب ينشر أخبار النقابات العمالية على «تويتر».


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

احتجز «الحرس الثوري» الإيراني، أمس، ناقلة نقط في مضيق هرمز في ثاني حادث من نوعه في غضون أسبوع، في أحدث فصول التصعيد من عمليات الاحتجاز أو الهجمات على سفن تجارية في مياه الخليج، منذ عام 2019. وقال الأسطول الخامس الأميركي إنَّ زوارق تابعة لـ«الحرس الثوري» اقتادت ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما إلى ميناء بندر عباس بعد احتجازها، في مضيق هرمز فجر أمس، حين كانت متَّجهة من دبي إلى ميناء الفجيرة الإماراتي قبالة خليج عُمان. وفي أول رد فعل إيراني، قالت وكالة «ميزان» للأنباء التابعة للسلطة القضائية إنَّ المدعي العام في طهران أعلن أنَّ «احتجاز ناقلة النفط كان بأمر قضائي عقب شكوى من مدعٍ». وجاءت الو

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)

إيطاليا تعين سفيراً لدى سوريا

وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

إيطاليا تعين سفيراً لدى سوريا

وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)

أعلن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، الجمعة، أن بلاده قررت تعيين سفير لدى سوريا «لتسليط الضوء» عليها، ما يجعل إيطاليا أول دولة من مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى التي تستأنف عمل بعثتها الدبلوماسية في دمشق منذ أن عصفت حرب أهلية بالبلاد.

استدعت إيطاليا جميع الموظفين من سفارتها بدمشق عام 2012، وعلقت النشاط الدبلوماسي في سوريا احتجاجاً على «العنف غير المقبول» من حكومة الرئيس بشار الأسد ضد المواطنين.

واستعاد الأسد السيطرة على معظم سوريا بعد أن ساعدته إيران وروسيا على هزيمة جماعات من المعارضة المسلحة، تحركت ضده قبل 13 عاماً، مما أدى إلى حرب راح ضحيتها مئات الآلاف ودفعت ملايين من اللاجئين صوب أوروبا.

وتم الإعلان عن تعيين المبعوث الخاص حالياً لوزارة الخارجية إلى سوريا، ستيفانو رافاجنان، سفيراً. وقال تاياني لوكالة «رويترز» إنه من المقرر أن يتولى منصبه قريباً.

أرسلت إيطاليا و7 دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، الأسبوع الماضي، رسالة إلى مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد، جوزيب بوريل، تطلب أن يلعب التكتل دوراً أكثر فاعلية في سوريا.

وجاء في الرسالة التي اطلعت عليها «رويترز»: «لا يزال السوريون يغادرون بأعداد كبيرة، مما يزيد من الضغوط على الدول المجاورة، في فترة يتصاعد فيها التوتر في المنطقة، ما ينذر بخطر موجات جديدة من اللاجئين».

وإلى جانب إيطاليا، وقّعت النمسا وقبرص وجمهورية التشيك واليونان وكرواتيا وسلوفينيا وسلوفاكيا على الرسالة. وعبّرت عن أسفها إزاء «الوضع الإنساني» في البلاد الذي «زاد تدهوراً» في ظل بلوغ اقتصادها «حالة يرثى لها».

وقال تاياني، الجمعة: «كلف بوريل دائرة العمل الخارجي الأوروبي بدراسة ما يمكن القيام به»، مضيفاً أن تعيين سفير جديد «يتماشى مع الرسالة التي أرسلناها إلى بوريل... لتسليط الضوء على سوريا».

هناك 6 سفارات لدول في الاتحاد الأوروبي مفتوحة في الوقت الحالي بدمشق، وهي سفارات رومانيا وبلغاريا واليونان وقبرص وجمهورية التشيك والمجر. ولم تُقْدم باقي دول مجموعة السبع بعد، وهي الولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا، على خطوة إعادة تعيين سفراء لها لدى سوريا.