في إطار انتهاجها سياسات لمجابهة هيمنة الدولار الأميركي في التجارة الخارجية، تعمل روسيا على تكثيف استخدام العملات المحلية في التسويات المتبادلة مع دول أخرى، وتأتي المعاملات التجارية والاقتصادية مع أفريقيا كأحد المرتكزات لهذه السياسات.
وجدد تصريح السفير الخاص بوزارة الخارجية الروسية ورئيس أمانة «منتدى الشراكة الروسية - الأفريقية»، أوليغ أزوروف، بأن بلاده «تتفاوض مع العديد من البلدان الأفريقية بشأن التجارة بالعملات الوطنية»، الحديث بشأن تلك الخطوة.
وشرح أزوروف، لوكالة «سبوتنيك» (السبت)، أن «عملية التجارة بالعملات معقدة وتتطلب اتخاذ قرار من قبل كل السلطات التنظيمية الروسية والأفريقية».
ولم يكن أزوروف هو المسؤول الروسي الأول الذي يعلن عن الفكرة، إذ سبقه، الشهر الماضي، وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي قال إن «روسيا والدول الأفريقية تتجه نحو التسويات بالعملات الوطنية».
وعقب محادثات أجراها مع الرئيس الأنغولي جواو لورنسو، في لواندا، أعلن لافروف أن «القمة المقبلة لمجموعة دول (بريكس) التي ستعقد في نهاية أغسطس (آب) المقبل، ستناقش إنشاء عملة موحدة لدول المجموعة». كما أعلن كذلك أن أعضاء منظمة «بريكس» يعملون على تعزيز المدفوعات بالعملات الوطنية بسبب ما وصفه بـ«آليات غير موثوقة لنظام الدولار».
وخلال جولة للتحضير لقمة روسية - أفريقية، شملت دولاً أفريقية، هي جنوب أفريقيا ومملكة إسواتيني وأنغولا وبوتسوانا، أكد لافروف على استمرار دعم روسيا للتسويات الأفريقية، ودعم الدول الأفريقية في مجلس الأمن الدولي، كما أعلن عن دعوة دول أفريقية، بما في ذلك أنغولا، لقمة «بريكس».
كان البنك المركزي الروسي، الشهر الماضي، أدرج الجنيه المصري ضمن قائمة العملات التي يحدد سعرها أمام الروبل الروسي.
في المقابل، حذرت عضوة الكونغرس الجمهورية، مارجوري تايلور جرين، من أن الدولار الأميركي «قد يتوقف عن أن يكون العملة العالمية نتيجة للصراع الأوكراني»، مشيرة إلى أن روسيا «تمكنت من إثبات أنها لا تحتاج إلى الدولار من أجل تطوير الاقتصاد بنجاح».
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، توقع بوحنية قوي، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة «ورقلة الجزائر»، أن «يتعزز الدور الاقتصادي الروسي في أفريقيا بالمرحلة المقبلة».
وقال، «خلال خمس سنوات ستنتعش الكثير من الاقتصادات الأفريقية في ظل التوجه العالمي للاعتماد على القارة مورداً للطاقة، وتبحث روسيا عن تعزيز وجودها الاقتصادي والسياسي والعسكري في القارة، في إطار مساعيها لبلورة عالم متعدد الأقطاب».
ويستدرك الأكاديمي الجزائري: «لكن الحديث عن استبدال الدولار بالروبل والاعتماد على العملات المحلية الأفريقية بوتيرة ضخمة، غير متوقع الآن، لكن خلال المدى المتوسط والبعيد قد نشهد اختراقات ملموسة في هذا الصدد».
وتوقع أن «تلجأ روسيا في المرحلة الحالية والمدى المتوسط إلى إنشاء بنوك دولية مشتركة تسهل التعاطي التجاري بالعملة الروسية والعملات المحلية الأفريقية».
ولم يستبعد بوحنية قوي أن «تتعاون روسيا مع البنوك المركزية الأفريقية في عمليات إصلاح لنظمها المالية وخدماتها البنكية، وستكون أولوية روسية في هذا السياق للدول ذات الاقتصاديات المتوازنة والأنظمة السياسية المستقرة مثل جنوب أفريقيا وأنجولا وكينيا، علاوة على الجزائر ومصر».
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، رأى الخبير الاقتصادي النيجيري مكي أبوبكر طن يايا، أن «المساعي الروسية ستصب في مصلحة الدول الأفريقية، حيث ستساعد في تحرير التجارة وتنويع مصادر الدخل والشركاء التجاريين».
وأشار يايا إلى أن «البنك المركزي النيجيري قرر في عام 2018، تنويع احتياطاته من النقد الأجنبي، وإدراج اليوان الصيني عملة تجارية ثانية، لكن هذا لم يأت بثمار ملموسة حتى الآن».
وقال إن «النظام المالي النيجيري، وغيره من الأنظمة الأفريقية، تعاني من مشكلات كبرى على كل المستويات وعلى المسؤولين الاقتصاديين الأفارقة بذل الكثير من الجهد في ظل تنامي الاهتمام الدولي بالقارة».
هل تصبح أفريقيا ساحة «حرب عملات» روسية - أميركية؟
موسكو أعلنت عن مساعٍ مع دول القارة لمعاملات بالنقود الوطنية
هل تصبح أفريقيا ساحة «حرب عملات» روسية - أميركية؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة