تيارات إسلامية وقومية سودانية ترفض «التطبيع» وزيارة كوهين

حميدتي ينفي علاقته بالزيارة... و«الحرية والتغيير» تَلزم الصمت... ونقابة الصحافيين تنتقدها

البرهان مرحِّباً بوزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين في الخرطوم أمس (رويترز)
البرهان مرحِّباً بوزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين في الخرطوم أمس (رويترز)
TT

تيارات إسلامية وقومية سودانية ترفض «التطبيع» وزيارة كوهين

البرهان مرحِّباً بوزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين في الخرطوم أمس (رويترز)
البرهان مرحِّباً بوزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين في الخرطوم أمس (رويترز)

أثارت زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي الكثير من الجدل ووجهات النظر المتباينة في السودان، فبينما رفضتها التيارات الإسلامية والقومية، سكتت عنها التيارات المدنية الأخرى، حتى الآن على الأقل، فيما عدها محللون ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي محاولة من رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان لحشد التأييد لمواقفه مقابل القوى المدنية، ورأت فيها نقابة الصحافيين محاولة لتوظيف أزمات السودان في الصراع الدولي، في حين نفى نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) علاقته أو علمه بالزيارة وما نتج عنها.
وشهدت الخرطوم (الخميس) محادثات رسمية بين رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، وعدد من القادة الأمنيين والعسكريين والدبلوماسيين من جهة، ووزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، الذي وصل إلى البلاد فجأة وبرفقته وفد رفيع، من الجهة الأخرى.
وأكدت الرئاسة السودانية للمرة الأولى، الزيارة، بعدما كانت قد تكتمت على زيارات مماثلة كشف عنها الإعلام الإسرائيلي، أبرزها زيارة سرية قام بها كوهين عندما كان مديراً لـجهاز «الموساد» الإسرائيلي.
وذكرت الخرطوم أن الزيارة توصلت لاتفاقات نصّت على المضيّ قدماً في تطبيع العلاقات بين البلدين، بينما قال كوهين في مؤتمر صحافي أعقب عودته إلى بلاده، إن الدولة العبرية والسودان اتّفقا على «إبرام معاهدة سلام»، يجري توقيعها بعد تشكيل حكومة مدنية في الخرطوم، وإن الخطوة وضعت أسساً مهمة لعملية سلام تاريخية مع دولة مسلمة استراتيجية، تفتح الطريق أمام إسرائيل ودول أفريقية أخرى، إيذاناً بأن يكون السودان الدولة العربية الرابعة التي توقّع اتفاقية تطبيع مع إسرائيل بعد الإمارات والبحرين والمغرب.
وتباينت ردود الفعل الشعبية السودانية على الزيارة وما تمخض عنها. فبينما سكتت عنها مجموعات مهمة، رفضتها تيارات إسلامية وقومية، وعدها حزب الرئيس المعزول عمر البشير «المؤتمر الوطني»، وهو الواجهة السياسية لحركة «الإخوان المسلمين» السودانية، «مذلة ومهانة وخزياً وعاراً»، وأعلن في بيان رفضه التطبيع، ودعا ما أطلق عليها «التيارات الوطنية والأحزاب السياسية والمنظمات الإنسانية والاتحادات النقابية والشعوب الحرة» لمواصلة مناصرة شعب فلسطين وحمايته من جرائم الحرب.
من جهتها، استنكرت نقابة الصحافيين السودانيين الزيارة، وعدتها استثماراً لأوضاع السودان وأزماته في الصراعات الدولية، ومحاولة للضغط على أطراف العملية السياسية للوصول إلى اتفاق سياسي «كيفما اتفق»، وإتاحة الفرصة لقادة الانقلاب لكسب المزيد من الوقت للبقاء على رأس السلطة.
وقالت النقابة حديثة التكوين في بيان اليوم، إن «السعي المتهافت للتطبيع مع إسرائيل مجرد محاولة لقطع الطريق أمام ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018، ويمثل تهديداً خطيراً للبلاد، واستثماراً في أزمات السودان السياسية لإقحامه في خضمّ صراع دولي في إقليم مضطرب، ومنطقة تتسم بالهشاشة الأمنية، وشريط ممتلئ بالإرهاب، الأمر الذي يشكّل مخاطر كثيرة لمستقبل البلاد».
ورأت النقابة أن التطبيع «كيفما اتفق» محاولة من قادة الانقلاب لكسب المزيد من الوقت للبقاء على رأس السلطة، وتشكيك في تعهد قادته بخروج المؤسسة العسكرية من السياسة وعودة العسكر إلى الثكنات.
وقالت إن الشعب السوداني غير مسؤول عمّا يصدر من سلطة انقلابية لتقرر مصير البلاد، وتابعت أن «قضية مثل التطبيع تستدعي قرارات صادرة عن سلطة مدنية حقيقية، تراقبها سلطة تشريعية حاصلة على تفويض انتخابي في ظل مؤسسات تستجيب للمصالح الحيوية للسودان».
وكان متوقعاً من أئمة المساجد، الجهة الدينية الرسمية التي ترفض التطبيع، إعلان موقفهم في خطب الجمعة، إلاّ أن معظم مساجد الخرطوم صمتت عن تناول القضية، وهو ما أثار سخرية النشطاء السياسيين ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، الذين أشاروا إلى الحملات التي شنّها أئمة المساجد على رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، وحمّلوه فيها مسؤولية التطبيع مع إسرائيل، دون الإشارة إلى المؤسسة العسكرية التي بدأت العملية بلقاء قائدها عبد الفتاح البرهان، في عنتيبي الكينية، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في فبراير (شباط) 2020.
ولم تعلن قوى رئيسية موقفاً رافضاً للزيارة، لا سيما تحالف المعارضة «الحرية والتغيير»، كما لم تعلن قوى سياسية مشاركة في العملية السياسية الجارية في البلاد وكانت مؤيدة للتطبيع مع إسرائيل، رأيها بعد، في وقت صمت فيه «حزب الأمة القومي» عن إبداء رأي، واكتفى بإعادة توزيع رؤية زعيمه الراحل الصادق المهدي الرافضة للتطبيع.
من جهته، أعلن الحزب الناصري «تيار العدالة الاجتماعية» رفضه للتطبيع ووقوفه ضد المحاولات الإسرائيلية لاستثمار «الورطة التاريخية لنظام البرهان»، وعدّها «مقايضة» مقابل السلامة والمصلحة الشخصية للانقلابيين، ودعا قوى الشعب الوطنية لتكوين جبهة وطنية موحّدة تعبّر عن موقف السودان الرافض لدولة الكيان الصهيوني.
أما حزب «المؤتمر الشعبي» (حزب الترابي) فرأى أن الحكومة الانتقالية الراهنة لا يحق لها اتخاذ مواقف باسم السودان وشعبه.


مقالات ذات صلة

غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

شؤون إقليمية غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

في اليوم الذي استأنف فيه المتظاهرون احتجاجهم على خطة الحكومة الإسرائيلية لتغيير منظومة الحكم والقضاء، بـ«يوم تشويش الحياة الرتيبة في الدولة»، فاجأ رئيس حزب «المعسكر الرسمي» وأقوى المرشحين لرئاسة الحكومة، بيني غانتس، الإسرائيليين، بإعلانه أنه يؤيد إبرام صفقة ادعاء تنهي محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بتهم الفساد، من دون الدخول إلى السجن بشرط أن يتخلى عن الحكم. وقال غانتس في تصريحات صحافية خلال المظاهرات، إن نتنياهو يعيش في ضائقة بسبب هذه المحاكمة، ويستخدم كل ما لديه من قوة وحلفاء وأدوات حكم لكي يحارب القضاء ويهدم منظومة الحكم. فإذا نجا من المحاكمة وتم تحييده، سوف تسقط هذه الخطة.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

سادَ هدوء حذِر قطاع غزة، صباح اليوم الأربعاء، بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، على أثر وفاة المعتقل خضر عدنان، أمس، مُضرباً عن الطعام في السجون الإسرائيلية، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وكانت وسائل إعلام فلسطينية قد أفادت، فجر اليوم، بأنه جرى التوصل لاتفاق على وقف إطلاق النار بين فصائل فلسطينية والجانب الإسرائيلي، وأنه دخل حيز التنفيذ. وقالت وكالة «معاً» للأنباء إن وقف إطلاق النار في قطاع غزة «مشروط بالتزام الاحتلال الإسرائيلي بعدم قصف أي مواقع أو أهداف في القطاع».

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية بعد 75 عاماً على قيامها... إسرائيل بين النجاح الاقتصادي والفروقات الاجتماعية الصارخة

بعد 75 عاماً على قيامها... إسرائيل بين النجاح الاقتصادي والفروقات الاجتماعية الصارخة

بعد مرور 75 عاماً على قيامها، أصبح اقتصاد إسرائيل واحداً من أكثر الاقتصادات ازدهاراً في العالم، وحقّقت شركاتها في مجالات مختلفة من بينها التكنولوجيا المتقدمة والزراعة وغيرها، نجاحاً هائلاً، ولكنها أيضاً توجد فيها فروقات اجتماعية صارخة. وتحتلّ إسرائيل التي توصف دائماً بأنها «دولة الشركات الناشئة» المركز الرابع عشر في تصنيف 2022 للبلدان وفقاً لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، متقدمةً على الاقتصادات الأوروبية الأربعة الأولى (ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا)، وفقاً لأرقام صادرة عن صندوق النقد الدولي. ولكن يقول جيل دارمون، رئيس منظمة «لاتيت» الإسرائيلية غير الربحية التي تسعى لمكافحة ا

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية مكارثي يتعهد دعوة نتنياهو إلى واشنطن في حال استمر تجاهل بايدن له

مكارثي يتعهد دعوة نتنياهو إلى واشنطن في حال استمر تجاهل بايدن له

أعلن رئيس مجلس النواب الأميركي، كيفين مكارثي، في تل أبيب، امتعاضه من تجاهل الرئيس الأميركي، جو بايدن، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو وامتناعه عن دعوته للقيام بالزيارة التقليدية إلى واشنطن. وهدد قائلاً «إذا لم يدع نتنياهو إلى البيت الأبيض قريباً، فإنني سأدعوه إلى الكونغرس». وقال مكارثي، الذي يمثل الحزب الجمهوري، ويعدّ اليوم أحد أقوى الشخصيات في السياسة الأميركية «لا أعرف التوقيت الدقيق للزيارة، ولكن إذا حدث ذلك فسوف أدعوه للحضور ومقابلتي في مجلس النواب باحترام كبير. فأنا أرى في نتنياهو صديقاً عزيزاً.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية المواجهة في إسرائيل: شارع ضد شارع

المواجهة في إسرائيل: شارع ضد شارع

بدأت المواجهة المفتوحة في إسرائيل، بسبب خطة «التعديلات» القضائية لحكومة بنيامين نتنياهو، تأخذ طابع «شارع ضد شارع» بعد مظاهرة كبيرة نظمها اليمين، الخميس الماضي، دعماً لهذه الخطة، ما دفع المعارضة إلى إظهار عزمها الرد باحتجاجات واسعة النطاق مع برنامج عمل مستقبلي. وجاء في بيان لمعارضي التعديلات القضائية: «ابتداءً من يوم الأحد، مع انتهاء عطلة الكنيست، صوت واحد فقط يفصل إسرائيل عن أن تصبحَ ديكتاتورية قومية متطرفة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
TT

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)

أعلن الجيش السوداني، السبت، مقتل القائد العسكري في «قوات الدعم السريع» العميد جمعة إدريس، خلال قصف بالمدفعية الثقيلة استهدف تحركات قواته في المحور الجنوبي لمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب البلاد).

وقالت الفرقة السادسة مشاة، التابعة للجيش السوداني بالفاشر، في بيان على موقع «فيسبوك»، إن سلاح الطيران نفّذ، الجمعة، غارات جوية دمّرت 45 مركبة قتالية بكامل عتادها العسكري وطواقمها.

ووفقاً للبيان، حشدت «ميليشيا الدعم السريع» قوات كبيرة من الولايات ومناطق أخرى للهجوم على الفاشر وتسلُّم الفرقة السادسة.

وذكر أن القوات المسلحة أسقطت 3 مسيّرات كانت تستهدف دفاعات وارتكازات في المدينة.

«قوات الدعم السريع» تقصف مخيم زمزم (متداولة)

بدورها، قالت المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين (كيان مدني)، في بيان: «إن (قوات الدعم السريع) قصفت بالمدفعية الثقيلة خلال الأيام الماضية مخيمي زمزم وأبوشوك، ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى غالبيتهم من النساء والأطفال والعجزة من الجنسين».

ودعا المتحدث باسم المنسقية، آدم رجال، الأطراف المتحاربة إلى الابتعاد عن استهداف مناطق النازحين، وعدم استخدام المدنيين العزّل «دروعاً بشرية» لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية.

وطالب رجال «قوات الدعم السريع» بوقف القصف المدفعي العشوائي، والقصف الجوي من قبل الجيش السوداني، وقال: «ينبغي أن يتم وقف الحرب بشكل فوري وعاجل من خلال وقف إطلاق النار وإنهاء العدائيات مباشرة لإنقاذ حياة النازحين من الأطفال والنساء».

ودعا المتحدث باسم النازحين، آدم رجال، المجتمع الدولي إلى ممارسة المزيد من الضغوط على الأطراف المتصارعة للالتزام بالقوانين الدولية، لوضع حد للقصف العشوائي بالمدافع الثقيلة والبراميل المتفجرة في الأماكن المأهولة بالمدنيين. وقال: «لا يوجد ما يبرر هذه الأعمال الإجرامية، لقد حان الوقت لإنقاذ ما تبقى من أرواح بريئة، فالكارثة لم تعد تحتمل المزيد من التأجيل».

بقايا مقذوف مدفعي استهدف معسكر زمزم للنازحين (متداولة)

وخلال الأسبوع الماضي أفادت تقارير حكومية رسمية بمقتل أكثر من 57 مدنياً وإصابة 376 في الهجمات على الفاشر ومعسكر زمزم.

وتُعد الفاشر من أكثر خطوط المواجهة اشتعالاً بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني وحلفائه الذين يقاتلون للحفاظ على موطئ قدم أخير في منطقة دارفور.

وتسيطر الدعم السريع على 4 من أصل 5 ولايات في إقليم دارفور، هي: جنوب وشرق ووسط وغرب دارفور بعد أن تمكّنت من إبعاد القوات المسلحة السودانية، فيما تقود معارك ضارية للسيطرة على مدينة الفاشر.

وفي الخرطوم بحري تجددت المعارك العنيفة، فجر السبت، بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في عدة محاور بالمدينة.

وقال سكان لـ«الشرق الأوسط» إنهم سمعوا دوي انفجارات قوية هزت أرجاء المدينة.

ووفقاً لمصادر ميدانية، تدور الاشتباكات على بعد كيلومترات من ضاحية العزبة، بعد تقدم الجيش السوداني وسيطرته على أغلب أحياء منطقة السامراب بمدينة بحري.

وأعلنت غرفة طوارئ جنوب الحزام بولاية الخرطوم عن أن 4 أشخاص قتلوا وأصيب أكثر من 30 آخرين، الجمعة، جراء قصف جوي بالطيران التابع للجيش السوداني على منطقة الشاحنات.

وعلى الرغم من تقدم الجيش السوداني عسكرياً خلال الأشهر الماضية في مدينة بحري، لا تزال «قوات الدعم السريع» على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد، ومناطق شاسعة في إقليم دارفور، إضافة إلى جزء كبير من كردفان إلى الجنوب.

اندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» منذ أكثر من 18 شهراً، وأدت إلى مقتل أكثر من 188 ألف شخص، وفرار أكثر من 10 ملايين شخص من منازلهم.