خيام النازحين في مهب العاصفة شمال إدلب

خيمة ضربتها عاصفة مطرية شديدة (الشرق الأوسط)
خيمة ضربتها عاصفة مطرية شديدة (الشرق الأوسط)
TT

خيام النازحين في مهب العاصفة شمال إدلب

خيمة ضربتها عاصفة مطرية شديدة (الشرق الأوسط)
خيمة ضربتها عاصفة مطرية شديدة (الشرق الأوسط)

تعرضت مئات الخيام للنازحين، في مخيمات شمال إدلب، للغرق، وأضرار واسعة، جراء عاصفة مطرية شديدة ضربت المنطقة خلال الساعات الأخيرة الماضية، تزامناً مع عاصفة ثلجية قطعت الطرق الواصلة بين مناطق شمال حلب، وصعوبات تواجه فرق الدفاع المدني؛ في تصريف المياه وإزالة الثلوج.
وتحدث أيهم، وهو مدير مخيم في منطقة أطمة، شمال إدلب، عن معاناة النازحين في المخيمات جراء العاصفة المطرية، قائلاً: «كانت هذه العاصفة، التي تُعدّ الثانية خلال فصل الشتاء هذا العام، الأشدّ وقعاً على النازحين؛ إذ باغتت الأمطار الغزيرة سكان المخيمات بشكل مفاجئ، وتسللت المياه الجارفة إلى داخل الخيام، لتشكل بالنسبة لعشرات العائلات كارثة حقيقية تسببت لهم بمأساة، بعد بلَل الأغطية والأثاث الداخلي للخيمة، فضلاً عن أن المستنقعات داخل قطاعات المخيم الأربعة شكلت صعوبة بالغة في تنقل النازحين وتقديم المساعدة لبعضهم، قبيل تدخل فرق (الدفاع المدني السوري)، ومباشرة أعمالها بالآليات ووسائل سحب المياه؛ عبر الخراطيم وإنشاء قنوات مؤقتة لتصريف المياه باتجاه الأودية المحيطة، ولكن كان ذلك بعدما تعرضت عشرات الخيام للغرق الكلي، وشُردت عشرات العائلات».
ويضيف: «مجرد الحديث عن قدوم منخفض جوي ماطر في سوريا، عبر مواقع التواصل والأرصاد الجوية، يصيب النازحين الذين يقيمون داخل خيام أغلبها مهترئة، بحالة قلق شديدة، تدفعهم إلى اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر الممكنة، للحماية من الكوارث التي ستحل عليهم جراء الأمطار الغزيرة، حيث يسارع البعض إلى تحصين جوانب الخيام بسواتر ترابية، للحماية من تدفق المياه إلى داخلها، بينما يحاول آخرون إضافة عازل آخر من النايلون لسقف الخيمة خشية تسرب المياه، في حين يرى البعض أن اللجوء إلى مخيمات مجاورة لا تصل إليها السيول حل مؤقت يقيهم نتائج العاصفة المطرية، ولكن غالباً ما يفشل النازحون في ذلك، نتيجة تدفق السيول من الجبال المحيطة بالمخيمات التي لا تمتلك في الأصل مجاري خاصة بالصرف الصحي، أو حتى طرقاً معبَّدة أو مدعومة بطبقة من الرمل أو البحص، التي تتشكل فيها كميات كبيرة من الطين والوحل».
ولجأت أم محمود (44 عاماً)، وهي نازحة من مدينة حمص في مخيم سرمدا شمال إدلب، وعشرات العائلات النازحة في المخيم، إلى أقاربهم، بعدما فقدوا كل ما كانوا يمتلكونه من أشياء وأثاث في الخيام، وذلك بعد أن حولت مياه الأمطار الغزيرة، ليلة الأربعاء - الخميس، المخيم إلى بركة كبيرة أشبه بمستنقع واسع غمرت مياهه الخيام بارتفاع لأكثر من نصف متر، وتفرقت العائلات أثناء ذلك إلى أقاربها في مخيمات مجاورة.
تقول: «بات المطر بالنسبة للنازحين في المخيمات العشوائية نقمة بدلاً من أن يكون نعمة، نظراً لما تخلفه العواصف المطرية من كوارث تطال النازحين كل فصل شتاء، وذلك عندما تستفيق العائلات النازحة على صوت الأمطار الغزيرة التي تضرب سقف الخيام المهترئة وتسرّبها إلى الداخل، وتحول الأغطية والملابس وكل شيء داخل الخيمة إلى أشياء مبلّلة، لتبدأ هذه العائلات وسط بكاء الأطفال وأوجاع كبار السن في البحث عن مخرج من هذه المأساة، عبر التواصل مع الأقارب في المخيمات المجاورة، وطلب العون منهم، لإنقاذهم وإيوائهم، ريثما تنتهي العاصفة المطرية».
وبحسب الإحصاءات الأولية للأضرار التي لحقت بمخيمات النازحين، قال فريق «منسقي استجابة سوريا»، المتخصص في رصد الأوضاع الإنسانية للنازحين بسوريا، إن الهطولات المطرية الأخيرة على محافظة إدلب، شمال غربي سوريا، التي استمرت أكثر من 48 ساعة «تسببت بتضرر نحو 49 مخيماً، من بينها مخيمات منطقة أطمة وقاح وعقربات ودير حسان وسرمدا، واقتحمت مياه الأمطار أكثر من 244 خيمة بشكل كامل، و176 خيمة بشكل جزئي، بينما أدت السيول إلى انهيار 114 خيمة، وتضرر الطرقات الداخلية في أكثر من 274 مخيماً، وتواصل خلال ذلك فرق (الدفاع المدني السوري) أعمالها في تصريف مياه الأمطار من داخل الخيام، وإيواء أكثر من 190 عائلة نازحة في مراكز إيواء، نتيجة تضرر خيامهم، بالإضافة إلى الأثاث الداخلي للخيام».
وقالت منظمة «الدفاع المدني السوري»، إنه «تزامناً مع العاصفة المطرية الشديدة التي ضربت محافظة إدلب والمناطق المكتظة بمخيمات النازحين شمالها، ضربت عاصفة ثلجية مدن ريف حلب الشمالي، ومنها مدينة عفرين والقرى والبلدات المجاورة، وأدَّت إلى قطع عدد من الطرق الجبلية في المنطقة، ومنها طريق الميداليات والحيدرية وبلليكوا وجعنكة وشيخ محمدلي وبلبلة وزعرة وشنكلفي في منطقة راجز وريف عفرين شمال حلب، واستنفرت خلال ذلك فرقها لفتح الطرق، خصوصاً التي تؤدي إلى مخيمات النازحين في المناطق الجبلية، وإيصال كمية من المساعدات الإنسانية الطارئة للنازحين».
وقالت مها، وهي ناشطة في المجال الإنساني بإدلب، عن معاناة النازحين جراء العواصف المطرية، إن «اكتفاء الجهات المعنية والمنظمات الإنسانية العاملة شمال غربي سوريا بتقديم المساعدات الطارئة للمتضررين من تلك الكوارث، وعمل فرق الدفاع المدني على إنقاذ النازحين، وتصريف المياه أثناء حدوث عواصف مطرية وثلجية، تبقى حلولاً مؤقتة، أما الحل الجذري فيكمن في نقل تلك العائلات من المخيمات العشوائية التي تفتقر لأبسط مقومات السلامة والحماية من الكوارث والعواصف المطرية إلى مخيمات مجهزة بطرق معبَّدة وقنوات لتصريف مياه الأمطار، وما دون ذلك ستتكرر مأساة أكثر من مليون نازح سوري يقيمون في مخيمات عشوائية، مع كل عاصفة مطرية».


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».