مصر عززت صادرات الغاز لأوروبا في 2022... فهل تواصل؟

مصنع دمياط للإسالة يحقق معدلات «غير مسبوقة» بتاريخه

محطة دمياط واحدة من محطتي إسالة الغاز الطبيعي على الساحل الشمالي لمصر إلى جانب إدكو (رويترز)
محطة دمياط واحدة من محطتي إسالة الغاز الطبيعي على الساحل الشمالي لمصر إلى جانب إدكو (رويترز)
TT

مصر عززت صادرات الغاز لأوروبا في 2022... فهل تواصل؟

محطة دمياط واحدة من محطتي إسالة الغاز الطبيعي على الساحل الشمالي لمصر إلى جانب إدكو (رويترز)
محطة دمياط واحدة من محطتي إسالة الغاز الطبيعي على الساحل الشمالي لمصر إلى جانب إدكو (رويترز)

عززت مصر مكاسبها من صادرات الغاز المسال إلى أوروبا، وأعلنت وزارة البترول أن مصنع إسالة الغاز الطبيعي في دمياط صدّر 7.2 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال خلال عامي 2021 و2022. منها نحو 4 ملايين طن تم تصديرها خلال العام الماضي، وهي «أكبر كمية يقوم المصنع بتصديرها على الإطلاق منذ بدء تشغيله في عام 2005».
وتعطي هذه النتائج دفعة قوية لخطط الحكومة المصرية الرامية إلى زيادة صادراتها من الغاز المسال إلى مليار دولار شهرياً خلال العام الحالي، وهو ما يتطلب، برأي عدد من المختصين والمراقبين تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، مجموعة من الاعتبارات السياسية، من بينها «الحفاظ على حالة الاستقرار، وتعزيز العلاقات القوية مع الاتحاد الأوروبي»، إضافة إلى مجموعة من الإجراءات الفنية، منها «زيادة طاقة محطات الإسالة، والتوسع في عمليات الاستكشاف والتنقيب»، إضافة إلى المضي قدماً في خطة «ترشيد الاستهلاك المحلي، لتوفير متطلبات التصدير، الذي يوفر دخلاً بالعملات الأجنبية».
وأوضحت وزارة البترول، في بيان رسمي، (الأربعاء)، أن أوروبا كانت وجهة التصدير لنحو 60 في المائة من صادرات الغاز المسال من مصنع دمياط، الذي أصبح بذلك «الأكبر في مجال صادرات الغاز الطبيعي المسال من مصر»، بعد نجاحه في إنتاج وتصدير الشحنة رقم 500 منذ بدء عمله قبل نحو عقدين.
وأشارت الوزارة إلى أن المصنع كان قد توقف عن العمل لمدة 8 سنوات، قبل إعادة تشغيله في فبراير (شباط) 2021 بموجب تعاون بين الشركة القابضة للغازات الطبيعية «إيغاس»، وشركة «إيني» الإيطالية، التي تعد حالياً أكبر منتج للهيدروكربونات في مصر بحصة إنتاجية تصل لنحو 350 ألف برميل مكافئ يومياً، وقد أنتجت شركة «إيني» خلال العام الماضي نحو 60 في المائة من الغاز المنتج في مصر، بحسب البيان.
واعتبر الدكتور محمد سعد الدين، رئيس «الجمعية المصرية لمستثمري الغاز المسال»، هذه النتائج «شهادة نجاح لقطاع الطاقة المصري»، لافتاً إلى أن مصنع دمياط «واجه ظروفاً صعبة في السابق» وتوقف العمل به لسنوات طويلة، رغم ما يملكه من طاقات كبيرة «ليس لها مثيل في الدول المجاورة».
وأعرب سعد الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، عن اعتقاده بأن مصر ستنجح في زيادة صادراتها من الغاز الطبيعي، لتحقق مستهدفها البالغ 12 مليار دولار خلال عام 2023، معتمدة في ذلك على «استمرار ترشيد استهلاك الغاز المستخدم في إنتاج الكهرباء، وتنمية حقول إنتاج الغاز، على أن يتم توجيه صادرات الغاز لأسواق دول الاتحاد الأوروبي، وتركيا، وباكستان، والهند، وإندونيسيا».
وشدد على أهمية تعظيم الاستفادة المصرية من الأوضاع الدولية الراهنة، وبخاصة الاحتياج المتزايد للطاقة في أوروبا، مشيراً إلى أن «مصر أمامها فرصة متاحة بسهولة» لزيادة صادراتها من الغاز المسال لدول الاتحاد الأوروبي خلال الفترة المقبلة، خاصة أن أوروبا لا تزال تفضل الغاز المصري بسبب قرب خطوط الإمداد وتنافسية أسعار الشحن، التي تجعله «خياراً اقتصادياً» لدول القارة الأوروبية.
كانت مصر أعلنت نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي أنها أنتجت في 2022 نحو 50.6 مليون طن من الغاز الطبيعي، محققة، بحسب بيان رسمي آنذاك، رقماً قياسياً في صادرات الغاز الطبيعي، لتصل إلى 8 ملايين طن، مقارنة بـنحو 7 ملايين طن في العام الأسبق.
كما بلغت قيمة ما تم تصديره من الغاز الطبيعي خلال 2022 نحو 8.4 مليار دولار بالمقارنة بـنحو 3.5 مليار دولار خلال عام 2021، أي بنسبة زيادة 140 في المائة بسبب زيادة أسعار تصدير الغاز الطبيعي المسال عالمياً.
وقال وزير المالية المصري محمد معيط، نهاية العام الماضي، إن مصر تستهدف الوصول بحجم صادرات الغاز الطبيعي إلى «مليار دولار شهرياً في عام 2023»، وفق ما نقلته «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية للبلاد.
وسبق أن أعلنت الحكومة المصرية، في أغسطس (آب) الماضي، عن خطة لترشيد استهلاك الكهرباء بهدف توفير الغاز الطبيعي لتصديره للخارج وزيادة العائد من النقد الأجنبي.
بدوره، أشار الدكتور أحمد قنديل، رئيس وحدة العلاقات الدولية، ورئيس برنامج دراسات الطاقة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى أن استمرار التحسن في صادرات مصر من الغاز المسال يرتبط بمجموعة من الاعتبارات السياسية والأمنية والفنية.
وأوضح قنديل لـ«الشرق الأوسط» أن «الحفاظ على حالة الاستقرار السياسي الداخلي والإقليمي يأتي في صدارة تلك الاعتبارات، فأي اضطرابات ستؤدي إلى الإضرار بسوق الطاقة، وهو من الأسواق بالغة الحساسية للمتغيرات السياسية والاقتصادية». وأضاف أن «الحفاظ على أجواء مستقرة في الداخل المصري وفي المنطقة يمثل أيضاً ضرورة قصوى للحفاظ على أمن حركة الشحن، وكذلك على تدفق الاستثمارات الجديدة لتطوير حقول الإنتاج»، لافتاً في هذا الصدد إلى «أهمية مشاركة المعلومات بين الدول المجاورة حول أي تهديدات محتملة بشأن أمن وسلامة منشآت الطاقة وخطوط النقل».
وتابع قنديل القول إن «مواصلة مصر زيادة مطّردة في حجم صادراتها من الغاز المسال تتطلب أيضاً تعزيز نهج توقيع اتفاقات تجارية طويلة المدى». مشيراً إلى أن «الاعتماد على العقود الفورية لا يمثل أسلوباً مفضلاً للحفاظ على استمرارية الصادرات على المدى الطويل».
وأشار «رئيس برنامج دراسات الطاقة» إلى أن صادرات الغاز المصرية «لا تزال موضع طلب كبير في الأسواق الأوروبية المتعطشة للطاقة، إضافة إلى الدور الذي تلعبه مصر في إطار (منتدى غاز شرق المتوسط)، وهو ما يجعلها ترتبط بعقود طويلة المدى مع الدول المشاركة في هذا المنتدى ويعزز فرص نجاح المشروعات المشتركة».


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

تهديدات ترمب بفرض رسوم جمركية تضغط على أسعار النفط

منصة نفط بحرية قبالة ساحل هنتنغتون بيتش بكاليفورنيا (رويترز)
منصة نفط بحرية قبالة ساحل هنتنغتون بيتش بكاليفورنيا (رويترز)
TT

تهديدات ترمب بفرض رسوم جمركية تضغط على أسعار النفط

منصة نفط بحرية قبالة ساحل هنتنغتون بيتش بكاليفورنيا (رويترز)
منصة نفط بحرية قبالة ساحل هنتنغتون بيتش بكاليفورنيا (رويترز)

انخفضت أسعار النفط يوم الثلاثاء، متأثرة بارتفاع الدولار، بعد أن هدد الرئيس المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية على كندا والمكسيك والصين، إضافة إلى تقييم المستثمرين تأثير وقف إطلاق النار المحتمل بين إسرائيل و«حزب الله».

وبحلول الساعة 01:06 بتوقيت غرينيتش، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 28 سنتاً، أو 0.38 في المائة، إلى 72.73 دولار للبرميل. وتراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 32 سنتاً، أو 0.46 في المائة، إلى 68.62 دولار.

وهبطت أسعار الخامين القياسيين دولارين للبرميل عند التسوية الاثنين، بعد تقارير تفيد بقرب إعلان اتفاق لوقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، وهو ما أدى إلى عمليات بيع للنفط الخام.

وقال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، إنه سيوقع على أمر تنفيذي يفرض رسوماً جمركية بنسبة 25 في المائة على جميع المنتجات المقبلة إلى بلده من المكسيك وكندا. ولم يتضح ما إذا كان هذا يشمل واردات النفط، أم لا.

وأثّر إعلان ترمب، الذي قد يؤثر على تدفقات الطاقة من كندا إلى الولايات المتحدة، على السلع الأساسية المقومة بالدولار. وتذهب الغالبية العظمى من صادرات كندا من النفط الخام البالغة 4 ملايين برميل يومياً إلى الولايات المتحدة، واستبعد محللون أن يفرض ترمب رسوماً جمركية على النفط الكندي، الذي لا يمكن استبداله بسهولة، لأنه يختلف عن الأنواع التي تنتجها بلاده.

وقالت 4 مصادر لبنانية رفيعة المستوى، إن من المتوقع أن يعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، وقفاً لإطلاق النار في لبنان بين «حزب الله» وإسرائيل خلال 36 ساعة.

وقال محللون في «إيه إن زد»: «وقف إطلاق النار في لبنان يقلل من احتمالات فرض الإدارة الأميركية المقبلة عقوبات صارمة على النفط الخام الإيراني». وإيران، التي تدعم «حزب الله»، عضوة في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، ويبلغ إنتاجها نحو 3.2 مليون برميل يومياً، أو 3 في المائة من الإنتاج العالمي.

وقال محللون إن الصادرات الإيرانية قد تنخفض بمقدار مليون برميل يومياً، إذا عادت إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى حملة فرض ضغوط قصوى على طهران، وهو ما سيؤدي إلى تقليص تدفقات النفط الخام العالمية.

وفي أوروبا، تعرضت العاصمة الأوكرانية كييف لهجوم بطائرات مسيرة روسية في وقت مبكر يوم الثلاثاء، وفقاً لما قاله رئيس بلدية المدينة فيتالي كليتشكو. وتصاعدت حدة الصراع بين موسكو، المنتج الرئيسي للنفط، وكييف هذا الشهر، بعد أن سمح بايدن لأوكرانيا باستخدام أسلحة أميركية الصنع لضرب عمق روسيا، في تحول كبير في سياسة واشنطن إزاء الصراع.

من ناحية أخرى، قال وزير الطاقة الأذربيجاني برويز شاهبازوف لـ«رويترز»، إن «أوبك بلس» قد تدرس في اجتماعها يوم الأحد المقبل، الإبقاء على تخفيضات إنتاج النفط الحالية بدءاً من أول يناير (كانون الثاني)، وذلك بعدما أرجأت المجموعة بالفعل زيادات وسط مخاوف بشأن الطلب.