لماذا التقت سفارة أميركا بطرابلس قادة تشكيلات مسلحة؟

سياسيون عدّوها محاولة لـ«الحد من عناصر فاغنر»

لقاء سابق يجمع ليزلي أوردمان القائم بأعمال السفارة الأميركية بمعمر الضاوي (يمين) أحد قادة التشكيلات المسلحة في طرابلس (حساب الضاوي على فيسبوك)
لقاء سابق يجمع ليزلي أوردمان القائم بأعمال السفارة الأميركية بمعمر الضاوي (يمين) أحد قادة التشكيلات المسلحة في طرابلس (حساب الضاوي على فيسبوك)
TT

لماذا التقت سفارة أميركا بطرابلس قادة تشكيلات مسلحة؟

لقاء سابق يجمع ليزلي أوردمان القائم بأعمال السفارة الأميركية بمعمر الضاوي (يمين) أحد قادة التشكيلات المسلحة في طرابلس (حساب الضاوي على فيسبوك)
لقاء سابق يجمع ليزلي أوردمان القائم بأعمال السفارة الأميركية بمعمر الضاوي (يمين) أحد قادة التشكيلات المسلحة في طرابلس (حساب الضاوي على فيسبوك)

طالع ليبيون باستغراب شديد، استضافة القائم بأعمال السفارة الأميركية في طرابلس ليزلي أوردمان، آمر الكتيبة (55) معمر الضاوي، أحد قادة التشكيلات المسلّحة البارزة بالمنطقة الغربية، والمتهم بارتكاب انتهاكات ضد المهاجرين غير الشرعيين، وفقاً لمنظمات حقوقية ليبية، وسط تساؤلات عن الأهداف التي يرمي إليها هذا اللقاء.
بدايةً، رأى عضو مجلس النواب الليبي على التكبالي أن «هدف لقاءات المسؤولين الأميركيين بتلك الشخصيات، والتي تعددت بين ما هو معلَن وسرّي، خلال الفترة الأخيرة، يتمثل في تحذيرهم من مغبّة القيام بأي محاولة لعرقلة ما قد تقترحه واشنطن من خطط بمسار الأزمة الليبية».
وقال التكبالي، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، إن «واشنطن عازمة على إيجاد حكومة موحدة تحظى ظاهرياً برضا أغلبية الليبيين، ويتم الاعتراف بها دولياً، كي تطالب عبر الأمم المتحدة بإخراج القوات الأجنبية و(المرتزقة) من ليبيا، وبالطبع في مقدمتهم عناصر شركة (فاغنر) الروسية».
أما وكيل وزارة الخارجية الأسبق حسن الصغير فرأى أن واشنطن «لن تتردد في التعاطي مع أي آلية تؤدي لإخراج عناصر (فاغنر) من ليبيا والقارة الأفريقية، بما في ذلك إمكانية إيجاد تنسيق أو تكوين قوة مشتركة بين القوى المسلحة بعموم ليبيا، إلى جوار المضي قدماً بمسار تشكيل حكومة منتخَبة تطالب بإخراج (فاغنر)». 
وأشار الصغير، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن واشنطن «تركز حالياً على العراقيل التي تواجه العملية السياسية، وتحديداً إيجاد القاعدة الدستورية المنظمة للانتخابات»، مشدداً على أنها ستحافظ على هذا الهدف «حتى لو تطلّب ذلك توجيه تحذير مباشر للدول الراعية والمحرِّكة للميليشيات إذا قامت الأخيرة بتعطيل عملها».
ويجزم الصغير بأن «لقاءات بعض قيادات التشكيلات المسلّحة بمسؤولين أميركيين تأتي بطلب من هذه القيادات؛ في محاولة لكسب مكانة بمجتمعاتهم المحلية، ولا يمكن مقارنتها بزيارات المسؤولين الأميركيين إلى قائد (الجيش الوطني) المشير خليفة حفتر أو إلى الدبيبة».
ولفت إلى أن «أحد أهداف زيارة مدير جهاز الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز للعاصمة الليبية مؤخراً تحذير الدبيبة من مغبّة القيام بأي عمل يجدد الصراع العسكري، خصوصاً بالقرب من منابع النفط».
ولم يبتعد المحلل السياسي الليبي أحمد المهدوي عن الآراء السابقة، مرجحاً أن «يكون نجاح (فاغنر) بتوسيع وجودهم بأكثر من دولة أفريقية دفع واشنطن وحلفاءها لتغيير سياساتهم، وبالقارة السمراء؛ في محاولة لعزل تلك العناصر».
وأضاف المهدوي، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، أن واشنطن «باتت لا تستبعد في خططها أي فرضية يمكن أن تقود لتوسيع نفوذ (فاغنر) في ليبيا، بما في ذلك تأسيسهم تفاهمات مع التشكيلات المسلّحة بعموم البلاد، رغم أن (فاغنر) تعمل بشكل منفرد، وبالتالي جاءت اللقاءات مع الشخصيات العسكرية والميليشياوية الليبية للتحذير من حدوث مثل هذه التفاهمات».
وذهب إلى أن هذه اللقاءات تستهدف «التعرف على آخِر المستجدّات بشأن قنوات التواصل التي دشنت مؤخراً بشكل غير مباشر بين (الجيش الوطني) وبعض التشكيلات الموجودة بالمنطقة الغربية».
الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أحمد عليبة اقترب من الطرح السابق، مشيراً إلى أنه في أعقاب لقاء قائد القوات الجوية الأميركية في أفريقيا الجنرال جون دي لامونتاني، بحفتر، انتشرت تسريبات حول وجود خطة أميركية لترتيبات أمنية بين القوى المسلّحة في شرق البلاد وغربها.
وقال عليبة، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الخطة تتركز على استيعاب (الجيش الوطني) لبعض الفصائل بالغرب، ولكن ليس بشكل مؤسسي كما كان يُطرَح سابقاً، وإنما بشكل صفقة مصالح».
ويرى أن «الأميركان يحاولون إقناع الأطراف المستهدفة بأن هذا الاندماج سيصبّ لصالحهما، عبر التلميح بمزايا التزود بالسلاح والتدريب، وبالأساس أغلب القوى الليبية تفضِّل التعاطي والتقرب من واشنطن، مقارنة بباقي الدول الغربية».
وقال عليبة إن «ورقة (فاغنر) لم تعد بيد حفتر، كما يتصور البعض، وإنما تحولت لورقة ضغط بيد أنقرة وموسكو يقومان بتوظيفها بمواجهة باقي الأطراف الدولية، حيث باتت أنقرة تتذرع لرفض مغادرة المرتزقة التابعين لها في ليبيا بوجود (فاغنر)، والعكس».
ويشدد الباحث المصري على أن الهدف الأول لهذه الخطة الأميركية «محاربة وجود (فاغنر) في ليبيا، إلى جوار إمكانية الوصول لتهدئة وتسوية بين تلك المكونات المسلّحة تحت مظلة سياسية، وهو ما سيصبّ بهدف انتهاء الحاجة للمرتزقة، والتخلص بشكل جزئي من معضلة التشكيلات المسلّحة المعرقلة للعملية الانتخابية».
واستدرك عليبة: «الأمر لن يكون سهلاً وسيستغرق الكثير من الوقت، وسيستلزم معرفة مواقف الأطراف الأخرى؛ وفي مقدمتها الدبيبة، إزاء تلك الخطة، ومن سيحتكر السلاح بعد تحقق الاندماج»، مرجحاً أن يجري البدء «بالتشكيلات التي لا تتسم مواقفها بالعداوة الكبيرة مع (الجيش الوطني)».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

مقتل 9 بعد هجوم لـ«الدعم السريع» على المستشفى الرئيسي في الفاشر

أشخاص يسيرون بجوار مركبة مدمَّرة بعد قصف لقوات «الدعم السريع» على أم درمان (رويترز)
أشخاص يسيرون بجوار مركبة مدمَّرة بعد قصف لقوات «الدعم السريع» على أم درمان (رويترز)
TT

مقتل 9 بعد هجوم لـ«الدعم السريع» على المستشفى الرئيسي في الفاشر

أشخاص يسيرون بجوار مركبة مدمَّرة بعد قصف لقوات «الدعم السريع» على أم درمان (رويترز)
أشخاص يسيرون بجوار مركبة مدمَّرة بعد قصف لقوات «الدعم السريع» على أم درمان (رويترز)

قال مسؤول محلي في قطاع الصحة ونشطاء سودانيون إن قوات «الدعم السريع» هاجمت المستشفى الرئيسي الذي ما زال يعمل في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور بالسودان، اليوم الجمعة، مما أسفر عن مقتل تسعة، وإصابة 20 شخصاً.

وذكر المدير العام لوزارة الصحة بولاية شمال دارفور إبراهيم خاطر، و«تنسيقية لجان المقاومة في الفاشر»، وهي جماعة مؤيدة للديمقراطية ترصد العنف في المنطقة، إن طائرة مسيَّرة أطلقت أربعة صواريخ على المستشفى، خلال الليل، مما أدى إلى تدمير غرف وصالات للانتظار ومرافق أخرى.

ووفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء، أظهرت صور حطاماً متناثراً على أَسرَّة بالمستشفى ودماراً لحق الجدران والأسقف. وتقول قوات «الدعم السريع» إنها لا تستهدف المدنيين، ولم يتسنَّ الوصول إليها للتعليق.

واندلعت الحرب بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» منذ أكثر من 18 شهراً، وأدت إلى أزمة إنسانية واسعة، ونزوح أكثر من 12 مليون شخص. وتُواجه وكالات الأمم المتحدة صعوبة في تقديم الإغاثة.

والفاشر هي واحدة من أكثر خطوط المواجهة اشتعالاً بين قوات «الدعم السريع» والجيش السوداني وحلفائه الذين يقاتلون للحفاظ على موطئ قدم أخير في منطقة دارفور.

ويخشى مراقبون من أن يؤدي انتصار قوات «الدعم السريع» هناك إلى عنف على أساس عِرقي، كما حدث في غرب دارفور، العام الماضي.