شهد شرق سوريا حالة ترقب أمس غداة غارات يُعتقد أن طائرات إسرائيلية نفذتها واستهدفت قوافل إيرانية في البوكمال بريف محافظة دير الزور على الحدود السورية - العراقية. وفي حين سيّر التحالف الدولي الذي تقوده أميركا ضد تنظيم «داعش»، طلعات جوية فوق قاعدته في حقل العمر بدير الزور خشية هجمات تشنّها ميليشيات مرتبطة بإيران؛ انتقاماً من الغارات الإسرائيلية، أفاد ناشطون بأن جماعات مسلحة تنشط شرق سوريا بإشراف الاستخبارات الإيرانية أخلت عدداً من مقارها؛ ترقباً، كما يبدو، لتعرضها لهجمات جديدة.
وعرض حساب «صابرين نيوز» الذين ينشر أخبار ميليشيات إيران على تطبيق «تليغرام»، مقاطع فيديو تُظهر عودة الحركة إلى طبيعتها على الحدود السورية - العراقية في البوكمال. وجاء في التعليق المرافق، أن «العملية الصاروخية الإسرائيلية» استهدفت «مستلزمات طبية»، لكنها «فشلت في وقف التعاون التجاري بين دول المنطقة». وتابع التعليق «هذه الحدود مهمة للغاية للازدهار التجاري بين إيران والعراق وسوريا، على الرغم من إصرار الصهاينة على جعل هذه الحدود غير آمنة، وهو ما لم ينجحوا في القيام به».
من جهته، تحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان» (مقره بريطانيا) عن «وجود حالة استنفار وارتباك بين صفوف الميليشيات الإيرانية و(حزب الله) اللبناني في العاصمة دمشق بعد الخرق الكبير في صفوفها واستهداف صهاريج الأسلحة بعد دخولها الأراضي السورية من معبر البوكمال في ريف دير الزور الشرقي». وأضاف، أن «وفداً من قيادات الصف الأول وعناصر تحقيق، وعلى رأسهم المسؤول الأمني عن الميليشيات الإيرانية في سوريا توجهوا إلى دير الزور وسط معلومات تفيد بنية قيادات الميليشيات الإيرانية إجراء تغييرات في المسؤولين عن المعبر بسبب تخوفها من وجود عملاء بينهم لصالح إسرائيل أو التحالف الدولي».
وأشار «المرصد السوري»، في هذا الإطار، إلى أن «ميليشيا (الحرس الثوري) الإيراني بدأت بإخلاء العديد من مقراتها العسكرية في مدينة البوكمال في ريف دير الزور الشرقي، وسط حالة استنفار لعناصر الميليشيا وانتشارهم في الشوارع تخوفاً من تكرار الضربات الجوية»، مضيفاً أن «الاستنفار تزامن مع تحليق طيران مسيّر مجهول في أجواء المنطقة». ولفت إلى «تحليق مكثف للطيران المروحي التابع للتحالف الدولي بدءاً في أجواء قاعدة حقل كونيكو للغاز شمالي مدينة دير الزور، ومروراً بأجواء المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام والميليشيات الإيرانية الموالية لها، في بلدات وقرى حطلة، وخشام، ومراط، والحسينية بريف دير الزور الشرقي. يأتي ذلك تحسباً لأي هجوم محتمل من قِبل الميليشيات الإيرانية على قاعدة كونيكو، ولرصد التحركات الإيرانية في المنطقة».
وقال مدير «المرصد السوري» رامي عبد الرحمن، في تصريح على موقع «المرصد» الرسمي، إن الشاحنات التي عبرت الحدود العراقية - السورية وتعرّضت للغارات الجوية «كان عددها 25 شاحنة، وكانت تحمل ذخيرة»، مضيفاً أنها «عبرت من إيران عبر الأراضي العراقية ثم السورية، وبعد الاستهداف دوّت انفجارات عنيفة في المنطقة». وبعدما تساءل عمن «أخبر إسرائيل أو التحالف الدولي بما تحمله هذه الشاحنات» كي يتم استهدافها، خلص إلى أنه لا بد أن «هناك خرقاً كبيراً داخل الأراضي الإيرانية».
وأشار إلى مقتل 7 من سائقي الشاحنات ومرافقيهم غير السوريين في الضربة التي استهدفت الشاحنات ليل الأحد - الاثنين في البوكمال، مضيفاً أن ضربة ثانية صباح الاثنين أدت إلى مقتل قائد عسكري في الميليشيات الإيرانية مع مرافقيه. وبعد ظهر الاثنين تم استهداف صهريج في المنطقة ذاتها.
ولفت إلى أن إيران «تنتشر بكامل الجغرافيا السورية بشكل كبير عبر ميليشياتها السورية وغير السورية من عراقية وأفغانية وباكستانية... إيران تنتقي عناصرها عبر دورات عقائدية ودورات عسكرية... هم (أي الإيرانيين) لا يثقون بالعناصر السوريين الذين يتطوعون من أجل المال». وبعدما أشار إلى أن «إيران متجذرة في الجيش السوري»، قال إن «هناك استياء داخل الجيش العربي السوري من هيمنة بعض ضباط (حزب الله) والإيرانيين على مواقع عسكرية من المفترض ألا يكونوا فيها». وتابع، أن «جناح إيران داخل النظام السوري» يرفض عودة سوريا «إلى الحضن العربي».
وعلى الرغم من امتناع المسؤولين الإسرائيليين عن تأكيد أو نفي الأنباء عن مسؤولية تل أبيب عن قصف طائرات مسيّرة للشاحنات الإيرانية شرق سوريا، مرتين ليل الأحد وصباح الاثنين، تناولت وسائل الإعلام العبرية هذين الحدثين بالتفصيل من خلال التأكيد على أن إسرائيل هي التي نفذتهما.
وقالت «القناة 12» للتلفزيون الإسرائيلي، إن القصف استهدف قافلتين تابعتين لميليشيات إيرانية كانتا في طريقهما من العراق إلى سوريا، وتحملان شحنات من الأسلحة والذخيرة. ونقلت وسائل الإعلام ما نشره «المرصد السوري» بأن 6 شاحنات تبريد تعرّضت لاستهداف من طائرات مجهولة في ريف مدينة البوكمال الحدودية، بعد عبورها من العراق، من دون التمكن من تحديد هوية الجهة التي استهدفتها. وأضافت، أن هذه الضربات أدت إلى تدمير الشاحنات ومقتل وإصابة من بداخلها. كما نقلت تصريح مدير «المرصد»، رامي عبد الرحمن، لوكالة الصحافة الفرنسية، بأن «الشاحنات كانت تنقل أسلحة إيرانية».
وقالت الإذاعة الرسمية، إن إسرائيل قصفت ثلاثة أهداف إيرانية خلال أقل من 48 ساعة، من مساء السبت الماضي وحتى ظهر الاثنين، بدءاً بمهاجمة مصنع أسلحة، قرب مدينة أصفهان في وسط إيران، وبعد ذلك هاجمت قافلتي شاحنات عند الحدود العراقية – السورية بادعاء أنها تنقل أسلحة إيرانية إلى سوريا و«حزب الله» في لبنان. وأشارت صحيفة «هآرتس» (الثلاثاء) إلى أن هذه الهجمات وتغيير السياسة الإسرائيلية حيالها بدأت خلال ولاية حكومة نفتالي بنيت ويائير لبيد السابقة، التي قررت الاستمرار في اغتيال مسؤولين في البرنامج النووي ومنع نقل أسلحة إيرانية إلى سوريا و«حزب الله» ومنظمات موالية لإيران. واعتبرت الصحيفة، أن الهجمات في اليومين الماضيين تشكل رسالة من إسرائيل بأنها «لا تخشى توسيع وتصعيد قوة الاحتكاك العسكري مع إيران». ولفتت الصحيفة إلى أن الهجومين الإسرائيليين الأوليين وقعا أثناء وجود رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA)، وليام بيرنز، في إسرائيل، في حين الهجوم الثالث جرى قبيل وصول وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إلى إسرائيل. ورجحت الصحيفة، أن الهجمات الثلاث جرت بالتنسيق مع الولايات المتحدة.
وأفادت صحيفة «معريب» بأن قافلتين مماثلتين على الأقل دخلتا خلال هذا الأسبوع من العراق، أفرغتا حمولتهما في مدينة الميادين، مرجحة نقلهما «أسلحة متطورة» إلى مجموعات موالية لطهران.
وأشارت وسائل الإعلام العبرية إلى أن السلطات الإسرائيلية لا تعلق على هذه الأنباء في إطار سياستها الضبابية. ولكنها ذكّرت في الوقت نفسه بتصريحات نادرة كان قد أدلى بها الرئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وقال فيها، إن قواته هي التي قصفت قافلة الشاحنات الإيرانية في المنطقة الواقعة على الحدود السورية – العراقية، في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وقال كوخافي، خلال الندوة السنوية التي تقام لإحياء ذكرى الوزير ورئيس الأركان الأسبق، أمنون ليبكين شاحك، في جامعة «رايخمان» في هرتسليا، إن القافلة ضمت 25 شاحنة، لكن الطيران الحربي الإسرائيلي قصف شاحنة واحدة في هذه القافلة، هي الشاحنة التي كانت تسير ثامنة، أي قبلها سارت 7 شاحنات ووراءها سارت 17 شاحنة، متباهياً بأن الاستخبارات الإسرائيلية حصلت على معلومات دقيقة بشأنها.
ترقب شرق سوريا... و«الحرس الثوري» يخلي مواقعه في البوكمال
طائرات التحالف الدولي تكثّف مراقبة «ميليشيات إيران» خشية تحضيرها هجوماً على قاعدة كونيكو في دير الزور
ترقب شرق سوريا... و«الحرس الثوري» يخلي مواقعه في البوكمال
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة