المعارضة التركية تكشف برنامجها لإعادة اللاجئين السوريين

وعدت بمراجعة إجراءات منح الجنسية وسحبها من الذين يتبين أنهم قدموا بيانات كاذبة

قادة أحزاب المعارضة التركية قبل إعلانهم برنامجهم في أنقرة يوم الاثنين (أ.ف.ب)
قادة أحزاب المعارضة التركية قبل إعلانهم برنامجهم في أنقرة يوم الاثنين (أ.ف.ب)
TT

المعارضة التركية تكشف برنامجها لإعادة اللاجئين السوريين

قادة أحزاب المعارضة التركية قبل إعلانهم برنامجهم في أنقرة يوم الاثنين (أ.ف.ب)
قادة أحزاب المعارضة التركية قبل إعلانهم برنامجهم في أنقرة يوم الاثنين (أ.ف.ب)

كشفت أحزاب المعارضة التركية المنضوية تحت لواء ما يُعرف بـ«طاولة الستة»، عن سياستها تجاه مسألة الهجرة واللجوء، وما يتعلق بعودة اللاجئين في سوريا، وأوضاع من حصلوا منهم على الجنسية الاستثنائية، متعهدة بضمان عودة السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة إلى بلدهم في أقرب وقت ممكن.
وصدر موقف الأحزاب التركية ضمن «نص مذكرة الاتفاق المشترك» بشأن السياسات التي ستطبقها في حال فوزها في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستجرى في 14 مايو (أيار) المقبل. وخصصت المذكرة، التي أطلقت في أنقرة والتي تشكل برنامج عمل للمعارضة، في باب «السياسات الخارجية والدفاع والأمن والهجرة» والتي تقع في 244 صفحة، وتشمل تحقيق 2300 هدف تم إدراجها في 9 أبواب و75 عنواناً فرعياً، 3 صفحات للحديث عن الأزمة السورية وقضية اللاجئين، والتعامل مع هذا الملف حال الفوز بالانتخابات والوصول إلى السلطة.
وأكدت المذكرة، التي أطلقت في مؤتمر حاشد بحضور قادة أحزاب «الشعب الجمهوري»، «الديمقراطية والتقدم»، و«الجيد»، و«الديمقراطي» و«المستقبل» و«السعادة»، أن طاولة الستة ستعمل على ضمان عودة السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة إلى بلدهم في أقرب وقت ممكن، «وفقاً للقانون المحلي التركي والقانون الدولي». وأوضحت أن ذلك سيتم بالتعاون مع المؤسسات الدولية (الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمؤسسات ذات العلاقة) والإدارة السورية (حكومة الرئيس بشار الأسد) والسوريين الموجودين في تركيا بهدف إعادتهم إلى مناطقهم بأمان. وأضافت المذكرة أن المعارضة ستعمل بجهد كبير لبدء حوار مكثف مع جميع الأطراف المعنية، التي تمثل مختلف شرائح الشعب السوري والنظام، باستثناء «الجماعات الإرهابية»، من أجل إحلال سلام دائم في إطار قرارات الأمم المتحدة، ودعم جهود الحل السياسي للأمم المتحدة، وبخاصة القرار 2254، لحماية وحدة أراضي تركيا وعودة اللاجئين، بالإضافة إلى دعم مشاركة رجال الأعمال الأتراك في إعادة الإعمار والاستثمار في سوريا، في إطار جهود توفير حياة كريمة للسوريين العائدين إلى بلادهم.
ولفتت المذكرة إلى أنه سيتم العمل على إعادة هيكلة المؤسسات المتعلقة بالهجرة وطالبي اللجوء، ولا سيما مديرية إدارة الهجرة، وتعزيز البنى التحتية لإدارتها وموظفيها، ومراجعة قانون الأجانب والحماية الدولية. وتابعت أنه سيتم تضييق نطاق منح الجنسية الاستثنائية من خلال مراجعة القانون ذي الصلة واللوائح المرتبطة به ووقف منح الجنسية التركية مقابل شراء العقارات أو سندات الدين الحكومية أو صناديق الاستثمار أو إيداع مبالغ بالعملة الأجنبية، أو فتح حساب تقاعد خاص.
وأكدت المذكرة أنه سيتم مراجعة وفحص الإجراءات السابقة المتعلقة بمنح الجنسية، وستسحب الجنسية من الذين يتبين أنهم قدموا بيانات ووثائق كاذبة، وستتخذ الإجراءات الإدارية والقانونية اللازمة ضد من قام بذلك، وعند اكتشاف خطأ إداري. ويحق للسوريين الخاضعين للحماية المؤقتة في تركيا، التقدم للحصول على الجنسية الاستثنائية عن طريق الترشيح من قِبل وزارة الداخلية، وتُقدّم ملفاتهم في إدارة الهجرة، ثم تُحول إلى مديرية النفوس والمواطنة، لتدخل في 8 مراحل من البحث والتدقيق حتى الحصول على الجنسية.
ويُعدّ الحصول على الجنسية الاستثنائية أمراً تقديرياً، ولا بد من أن يتحقق في المتقدم المعايير المحدَّدة ضمن القانون للحالات الممكن الحصول فيها على الجنسية، وألا يكون التجنيس إجراء إدارياً فقط.
ووصل عدد السوريين الحاصلين على الجنسية التركية، وفق بيان صادر عن المديرية العامة لشؤون السكان والمواطنة، مطلع العام الماضي، إلى 221 ألفاً و671 سورياً، منهم 125 ألفاً و563 شخصاً فوق سن 60 عاماً، وذلك من بين 3 ملايين و528 ألفاً و835 سورياً مسجلين على نظام الحماية المؤقتة في تركيا.
وتحوَّل ملف اللاجئين السوريين في تركيا، بسبب حالة الرفض المجتمعي التي تصاعدت في السنوات الأربع الأخيرة، إلى ملف سياسي بامتياز وخرج عن طبيعته الإنسانية؛ بسبب استخدامه من جانب المعارضة للضغط على الرئيس رجب طيب إردوغان وحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في الانتخابات المقبلة، في ظل الوضع الاقتصادي المتأزم، ومحاولة الحزب الحاكم، في الوقت ذاته، نزع الملف من يد المعارضة، وجعله أحد الملفات الرئيسية في المحادثات مع نظام الرئيس الأسد الرامية إلى تطبيع العلاقات مجدداً.
وتعهّد كمال كليتشدار أوغلو، رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة التركية، مراراً في السابق بإعادة السوريين إلى بلادهم خلال عامين، حال فوز المعارضة في الانتخابات، منتقداً فشل الحكومة في التعامل مع الأزمة السورية منذ بدايتها في عام 2011.
وتساءل كليتشدار، في تصريحات قبل أيام: «هل من الممكن أن تخبرني هل هذه السياسة تجاه سوريا خاطئة أم صحيحة، ولماذا كان قتالنا مع سوريا... قال (الرئيس رجب طيب إردوغان) سنصلِّي في الجامع الأموي في دمشق خلال 24 ساعة، كان ذلك في 2011 عندما توقعوا سقوط حكم بشار الأسد في 24 ساعة... لكن ماذا حدث؟ وصل نحو 3 ملايين و600 ألف سوري، سنرسلهم إلى سوريا بإرادتهم في غضون عامين على أبعد تقدير... سنرسلهم جميعاً وسنودّعهم بالطبل والمزمار كأخوة لنا».
وكان حزب «الشعب الجمهوري» أطلق، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حملة جديدة تحت شعار «أيها العالم جئنا لنتحدّاك... تركيا لن تكون مخيَّمك للاجئين»، تضمنت رفع لافتات في شوارع عدد من المدن التركية، في مقدمتها إسطنبول، إلى جانب العاصمة أنقرة، ومدينة إزمير. وتضمنت اللافتات، إلى جانب الشعار الرئيسي للحملة، وعوداً بالانسحاب من اتفاقية الهجرة وإعادة القبول الموقَّعة بين تركيا والاتحاد الأوروبي في 18 مارس (آذار) 2016، وضبط الحدود.
وفي هذا الشأن، أشارت المذكرة المشتركة لـ«طاولة الستة» إلى أن المعارضة ستقوم بتحصين حدود تركيا بالأبراج الكهروضوئية وأنظمة الإضاءة وكاميرات الرؤية الليلية والمسيّرات وأنظمة الأمن المتكاملة والجدران، عند الضرورة، ولن تسمح أبداً بالعبور غير القانوني إلى الأراضي التركية، وستزيد من عدد مراكز الترحيل وقدرتها الاستيعابية، ولن تسمح للاجئين بالوصول غير المنضبط إلى التجمعات أو التقوقع على أساس الأحياء والبلدات والولايات.
وأضافت أنه سيتم إبرام اتفاقات لإعادة القبول مع الدول التي تعتبر مصادر للهجرة غير النظامية، ولن يتم السماح بأن تصبح تركيا «دولة عازلة».
بالتوازي، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في تقرير الثلاثاء، باستمرار انقطاع مياه محطة علوك الواقعة في بلدة رأس العين الخاضعة لسيطرة القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني السوري»، الموالي لأنقرة، عن مدينة الحسكة وبلدة تل تمر منذ 6 أشهر. وتغذي المحطة ما يقرب من مليون و200 ألف مواطن، ما دفع الأهالي إلى شراء المياه عبر الصهاريج ومياه الآبار؛ لتغطية احتياجاتهم.
وأشار «المرصد» إلى أن «الإدارة الذاتية» التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) تقوم بتوفير كميات من المياه عبر صهاريج للأهالي، إلا أنها لا تكفي لسد احتياجاتهم، كما تعمل على تنفيذ مشروع استجلاب المياه للحسكة من ريف مدينة عامودا بمسافة 62 كلم، وهو المشروع الثالث الذي ستنفذه الإدارة الذاتية ضمن بدائل محطة علوك.
ولجأ بعض الأشخاص في المنطقة إلى إطلاق مبادرة محلية لجمع تبرعات من مغتربين خارج سوريا؛ لشراء المياه عبر الصهاريج وتوزيعها على العائلات التي تعجز عن تحمل تكاليف شراء المياه.
وتمكن القائمون على هذه المبادرة من جمع نحو 15 مليون ليرة سورية من المتبرعين، وتم شراء كميات من المياه عبر الصهاريج وتوزيعها على الأحياء والعائلات الأكثر احتياجاً.


مقالات ذات صلة

لبنان يستأنف تسجيل السوريين الراغبين بالعودة الطوعية

المشرق العربي لبنان يستأنف تسجيل السوريين الراغبين بالعودة الطوعية

لبنان يستأنف تسجيل السوريين الراغبين بالعودة الطوعية

قالت مصادر أمنية في منطقة البقاع اللبناني، أمس لـ«الشرق الأوسط»، إن مكاتب الأمن العام استعادت نشاطها لتسجيل أسماء الراغبين بالعودة، بناء على توجيهات مدير عام الأمن العام بالإنابة العميد إلياس البيسري.

المشرق العربي لبنان يطلق حملة «مسح وطنية» لتعداد النازحين السوريين

لبنان يطلق حملة «مسح وطنية» لتعداد النازحين السوريين

أطلقت وزارة الداخلية اللبنانية حملة مسح وطنية لتعداد وتسجيل النازحين السوريين وتسجيلهم، ضمن إجراءات جديدة لضبط عملهم وتحديد من يوجد في لبنان بصورة قانونية، وذلك في ظل نقاشات سياسية، وضغط أحزاب لبنانية لإعادة النازحين إلى بلادهم. ووجّه وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، كتاباً إلى المحافظين ومن خلالهم إلى القائمقامين والبلديات والمخاتير في القرى التي لا توجد فيها بلديات ويوجد فيها نازحون سوريون، لإطلاق حملة مسح وطنية لتعداد وتسجيل النازحين السوريين، والقيام بتسجيل كل المقيمين، والطلب إلى المخاتير عدم تنظيم أي معاملة أو إفادة لأي نازح سوري قبل ضم ما يُثبت تسجيله، والتشدد في عدم تأجير أي عقار لأ

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بيروت: لا تسرع في ترحيل السجناء السوريين

بيروت: لا تسرع في ترحيل السجناء السوريين

قال وزير العدل اللبناني هنري الخوري لـ«الشرق الأوسط» إن إعادة السجناء السوريين في لبنان إلى بلدهم «قضية حساسة ولا تعالج بقرار متسرع». ويمكث في السجون اللبنانية 1800 سوري ممن ارتكبوا جرائم جنائية، 82 في المائة منهم لم تستكمل محاكماتهم، فيما وضعت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي خطّة لترحيلهم وكلف الخوري البحث في «إمكانية تسليم الموقوفين والمحكومين للدولة السورية بشكل فوري، مع مراعاة القوانين والاتفاقيات ذات الصلة، والتنسيق بهذا الخصوص مع الدولة السورية». وأكد الخوري أن «كل ملف من ملفات السجناء السوريين يحتاج إلى دراسة قانونية دقيقة (...) إذا ثبت أن ثمة سجناء لديهم ملفات قضائية في سوريا فقد تكون الإجراء

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي «اجتماع عمّان» يبحث عودة اللاجئين السوريين من دول الجوار

«اجتماع عمّان» يبحث عودة اللاجئين السوريين من دول الجوار

بحث اجتماع تشاوري جديد حول سوريا عقد الاثنين في عمّان، بمشاركة وزراء الخارجية السعودي فيصل بن فرحان والعراقي فـؤاد محمد حسين والمصري سامح شكري والأردني أيمن الصفدي والسوري فيصل المقداد، سُبل عودة اللاجئين السوريين من دول الجوار وبسط الدولة السورية سيطرتها على أراضيها. وأكد نائب رئيس الوزراء الأردني وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، أن الاجتماع هو بداية للقاءات ستتابع إجراء محادثات تستهدف الوصول إلى حل الأزمة السورية ينسجم مع قرار مجلس الأمن 2254، ويعالج جميع تبعات الأزمة الإنسانية والسياسية والأمنية. وشدد الوزير الأردني، على أن أولوية إنهاء الأزمة لا تكون إلا عبر حل سياسي يحفظ وحدة سو

المشرق العربي «اجتماع عمّان» التشاوري: العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين أولوية قصوى

«اجتماع عمّان» التشاوري: العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين أولوية قصوى

بحث اجتماع تشاوري جديد حول سوريا عقد اليوم (الاثنين)، في عمّان، بمشاركة وزراء خارجية كلّ من السعودية ومصر والأردن والعراق وسوريا، في سُبل عودة اللاجئين السوريين من دول الجوار، وبسط الدولة السورية سيطرتها على أراضيها. ووفقاً لبيان ختامي وزع عقب الاجتماع ونقلته وكالة الصحافة الفرنسية، اتفق المجتمعون على أن «العودة الطوعية والآمنة للاجئين (السوريين) إلى بلدهم أولوية قصوى، ويجب اتخاذ الخطوات اللازمة للبدء في تنفيذها فوراً». وحضّوا على تعزيز التعاون بين سوريا والدول المضيفة للاجئين بالتنسيق مع الأمم المتحدة لـ«تنظيم عمليات عودة طوعية وآمنة للاجئين وإنهاء معاناتهم، وفق إجراءات محددة وإطار زمني واضح»

«الشرق الأوسط» (عمّان)

«اجتماع الدوحة» يناقش «المرحلة الإنسانية» من صفقة وقف النار في غزة

فتاتان فلسطينيتان تسيران في موقع غارة إسرائيلية على منزل في مدينة غزة الأحد (رويترز)
فتاتان فلسطينيتان تسيران في موقع غارة إسرائيلية على منزل في مدينة غزة الأحد (رويترز)
TT

«اجتماع الدوحة» يناقش «المرحلة الإنسانية» من صفقة وقف النار في غزة

فتاتان فلسطينيتان تسيران في موقع غارة إسرائيلية على منزل في مدينة غزة الأحد (رويترز)
فتاتان فلسطينيتان تسيران في موقع غارة إسرائيلية على منزل في مدينة غزة الأحد (رويترز)

أفادت تقارير إسرائيلية، الأحد، بأن المفاوضات بشأن وقف النار في غزة وصفقة تبادل الأسرى مع حركة «حماس» بلغت مرحلة حاسمة وتم جسر مزيد من الخلافات، ولذلك تقرر إرسال رئيس جهاز الاستخبارات الخارجي «الموساد»، ديفيد برنياع، الذي يترأس فريق التفاوض الإسرائيلي، الاثنين، إلى العاصمة القطرية الدوحة لإتمام بنود الصفقة.

وقالت مصادر سياسية إن هناك توقعات بأن يشهد منتصف الأسبوع الجاري إنجاز معظم، وربما كل الملفات، بين «حماس» وإسرائيل، وأشارت إلى أن هذه المفاوضات شهدت أجواء إيجابية وتقدماً، بفضل قيام وفد حركة «حماس» بالتعاطي بإيجابية ومرونة في ملف الرهائن لديها. وجاء هذا وسط حديث عن تمسك «حماس» بإنهاء الحرب والإفراج الشامل عن أسراها.

«المرحلة الإنسانية»

لكن صحيفة «يديعوت أحرونوت» أشارت إلى أن التقدم يتركز في المرحلة الأولى من الصفقة، التي تسمى بـ«المرحلة الإنسانية»، والتي كان يبدو أنه تم التوصل إلى تفاهمات حول معظم تفاصيلها خلال الأشهر الماضية. ونقلت الصحيفة عن «مصدر رفيع في إحدى الدول الوسيطة» (لم تسمه) قوله إن «إسرائيل تحاول مجدداً إتمام صفقة جزئية تشمل عدداً محدوداً من الرهائن مقابل عدد قليل من الأسرى الفلسطينيين تشمل وقف إطلاق نار لأسابيع قليلة، وربما قليلة جداً».

وذكرت الصحيفة أن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تسعى لإبرام صفقة على غرار جميع الصفقات التي أبرمتها إسرائيل لتبادل الأسرى خلال الخمسين عاماً الماضية، «أسرى مقابل أسرى» في عملية «سريعة نسبياً»، وتهدف إلى تنفيذها قبل عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. وأفادت بأن إسرائيل تهدف إلى «تأجيل النقاشات المركزية التي تبدو حالياً غير قابلة للحل، إلى المرحلة التالية»؛ ولفتت الصحيفة إلى تحذيرات صادرة عن الدول الوسيطة وكبار المسؤولين في أجهزة الأمن الإسرائيلية: «صفقة كهذه قد تعرض حياة سائر الرهائن إلى خطر أشد».

ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمني إسرائيلي رفيع قوله إن صفقة كهذه قد تفتح الباب أمام مزيد من الصفقات المستقبلية، «لكن قد يحدث العكس كذلك، ولدى معظمنا، يبدو أن الاحتمال الأكبر هو أن الصفقة الصغيرة، إذا تم التوصل إليها، ستكون الوحيدة لفترة طويلة جداً. إذ يستبعد أن يبقى من نحررهم».

الدخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية على شمال قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

«توافق واسع»

ولفتت الصحيفة إلى «توافق واسع» في أوساط كبار المسؤولين والمفاوضين والجهات الاستخباراتية المعنية بجمع معلومات عن الأسرى في غزة على أنه «من الأفضل السعي فورياً إلى صفقة شاملة، (الجميع مقابل الجميع)، حتى لو شمل ذلك إنهاء الحرب على صعيد الإعلان».

ويرى مسؤولون في أجهزة الأمن الإسرائيلية أنه «لن تكون هناك مشكلة للعودة إلى القتال في غزة في حال انتهاك (حماس) للاتفاق»، وقال مسؤول رفيع إنه إذا تم التوصل إلى صفقة على عدة مراحل، «لن تنفذ منها إلا مرحلة واحدة»، وذلك في ظل إصرار تل أبيب على مواصلة الحرب.

وقال مسؤول رفيع إنه «حتى في حال التوصل إلى صفقة جزئية، سيتعين على الجيش الإسرائيلي الانسحاب من غزة، ومن المحتمل أن يكون من الصعب على إسرائيل العودة إلى القتال وستقلص وجودها في الميدان. وبالنتيجة سيتراجع الضغط على (حماس) التي ستمتنع عن تقديم تنازلات».

وذكرت الصحيفة أن جزءاً من الأزمة يكمن في القيود التي تفرضها القيادة السياسية في إسرائيل على فريق المفاوضات، بحيث يصر نتنياهو على التوصل إلى صفقة متعددة المراحل، مع الامتناع عن مناقشة الجزء الحاسم الذي يتضمن الانسحاب من غزة وإنهاء الحرب.

وقال مصدر رفيع في الدول الوسيطة: «كل ما عليك فعله هو الاستماع إلى خطب قادة إسرائيل من جانب، وقادة (حماس) من الجانب الآخر. في إسرائيل يقولون: سنعود إلى القتال بالتأكيد، وفي (حماس) يقولون إنهم مستعدون للمرونة في الجدول الزمني». وتابع: «بمعنى أن (حماس) لا تهتم بمعرفة عدد القوات التي ستنسحب وفي أي يوم، لكنها لن تقبل بصفقة إذا لم تكن شاملة، حتى لو كانت على مراحل، تتضمن تفاصيل واضحة تشمل الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة أو غالبيته، وإنهاء الحرب، والإفراج الشامل عن الأسرى». ولفت التقرير إلى أن نتنياهو يصر على عدم مناقشة هذه الملفات الجوهرية بالنسبة لحركة «حماس» إلا في منتصف المرحلة الأولى من الصفقة المحتملة، وبالتالي سيكون بإمكانه أن يقول لشركائه في اليمين المتطرف إنه «لم يكن ينوي المضي إلى ما بعد المرحلة الأولى».

فلسطينيات ينعين أقارب لهن قُتلوا بالقصف الإسرائيلي خارج «مستشفى شهداء الأقصى» في دير البلح وسط قطاع الأحد (أ.ف.ب)

اجتماع حكومي مصغر

لكن نتنياهو، بحسب مصدر سياسي مقرب من الحكومة الإسرائيلية، دعا إلى اجتماع مصغر مع شركائه في الائتلاف، للبحث في التطورات الجديدة، على أن يضم الاجتماع كلاً من «وزير الدفاع يسرائيل كاتس، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ورئيس حزب شاش أرييه درعي». وفي ضوء هذه المداولات يسافر رئيس الموساد ديفيد برنياع، الذي يعد كبير المفاوضين ورئيس الفريق الأعلى للمفاوضات. ويفترض أن يقدم الرد الإسرائيلي الأخير على مسودة اتفاق.

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن وزير الثقافة والرياضة، ميكي زوهار، قوله إنه والوزراء من حزب الليكود سيؤيدون صفقة تبادل أسرى «التي يقودها رئيس الحكومة نتنياهو»، ودعا باقي الوزراء إلى تأييدها، وأضاف أن «هذا واجبنا الأخلاقي ولا توجد فريضة أهم من افتداء الأسرى».

وكان نتنياهو قد تحدث إلى والدي الجندية الإسرائيلية الأسيرة لدى «حماس»، ليري الباغ، التي ظهرت في شريط بثته الحركة، وقال إنه يعمل بكل قوته حتى يحررها مع بقية الرهائن. لكن عائلة أخرى قالت إنها التقت أحد أعضاء فريق التفاوض الذي قال لها إن «الرهائن ليسوا على رأس سلم الأولويات لدى الحكومة». وأضاف: «نحن نعرف هذه الحقيقة المرة ونصعق كل مرة من جديد ونحن نشاهد كيف تهمل حكومتنا الأبناء. لكن أن يؤكد لنا هذه الحقيقة مسؤول في وفد المفاوضات، فذلك يزعزعنا ويطير النوم من عيوننا».