بدأ في الخرطوم أمس (الثلاثاء) مؤتمر «اتفاق جوبا لسلام السودان واستكمال السلام»، امتداداً لسلسلة الورشات والمؤتمرات التي أعلنها الموقعون على الاتفاق الإطاري من المدنيين والعسكريين، وذلك رغم مقاطعة حركتي «العدل والمساواة» و«تحرير السودان»، أكبر الموقعين على اتفاق جوبا للسلام، والذين ينتظر أن يغادروا اليوم (الأربعاء) إلى مصر، استجابة للمبادرة المصرية. وتستمر أعمال المؤتمر عدة أيام، لبحث التحديات التي واجهت الاتفاق، وآليات إكمال تنفيذه.
ويناقش المؤتمر اتفاقية السلام الموقعة في عاصمة جنوب السودان جوبا، أكتوبر (تشرين الأول) 2020، بين حركات مسلحة والحكومة الانتقالية، ومراجعة أسباب تعثر تنفيذ الاتفاقية، عبر عدد من الجلسات التي تستمر 3 أيام، والتعقيدات التي لازمت التنفيذ، وخطط استئناف مفاوضات السلام مع الحركتين غير الموقعتين: «الحركة الشعبية لتحير السودان– عبد العزيز الحلو، وحركة تحرير السودان– عبد الواحد النور».
وخاطب المؤتمر كلاً من الاتحاد الأوروبي ومجموعة الترويكا (النرويج، وبريطانيا، والولايات المتحدة) والآلية الدولية الثلاثية (الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، والإيغاد)، إضافة إلى ممثل عن الدول الضامنة لاتفاق السلام، وشهود الاتفاق، وعضو مجلس السيادة الطاهر حجر ممثلاً عن القوى الموقعة، وبمشاركة واسطة من القوى الموقعة وغير الموقعة والنساء والشباب، وآخرين.
وأعلن ممثلو المجتمعين الدولي والإقليمي في كلماتهم للجلسة الافتتاحية، دعهم الكامل للمؤتمر، وما يتوصل إليه، واعتبروه استكمالاً للاتفاق الإطاري والوصول به إلى اتفاق نهائي ينهي الأزمات السودانية.
وقال ممثل الأمين العام، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان «يونتامس»، في كلمة، إن «المؤتمر جزء من العملية الرامية للوصول لاتفاق نهائي شامل، وإنه لا يهدف إلى تعديل أو إلغاء الاتفاقية؛ بل يهدف استكشاف دوافع النزاعات وسبل تنفيذ الاتفاق، والوصول لأفكار لاستكمال عملية السلام مع الحركات المسلحة غير الموقعة على اتفاق جوبا (الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو، وحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد النور)».
وقال عضو مجلس السيادة، وأحد الموقعين على الاتفاق عن حركة «تجمع قوى تحرير السودان»، إن «توقيع الاتفاق الإطاري يعد مدخلاً سليماً للوصول للدولة المدنية»، كاشفاً عن «تفاهمات» مع الرافضين للاتفاق الإطاري: «حركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، وحركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي».
وأرجع حجر تعثر تنفيذ الاتفاقية إلى أسباب سياسية واقتصادية نجمت عن الانقسام بين شركاء الانتقال، وهي إشارة إلى الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش في أكتوبر 2021، واعتبرتها القوى المدنية «انقلاباً عسكرياً»، وأكد أن تنفيذ الاتفاقية رهين بتكوين حكومة مدنية تضع في أولوياتها صناعة السلام، ودعا المجتمع الدولي لدعم السودان والانتقال المدني الديمقراطي، من أجل تحقيق السلام والاستقرار.
ووفقاً للقيادي في حزب الأمة، محمد عادل، ينتظر أن يغادر اليوم (الأربعاء) وفد من كل من: «تحالف التراضي الوطني» بقيادة مبارك المهدي، والحزب القومي السوداني، وحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، وحركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، والمحامي نبيل أديب، وعضو مجلس السيادة مالك عقار أير، وكتلة التراضي الوطني بقيادة التجاني السيسي، وقادة الجبهة الثورية، وآخرين، إلى العاصمة المصرية القاهرة، استجابة للمبادرة المصرية التي رفضتها قوى إعلان الحرية والتغيير.
وكانت الآلية الدولية الثلاثية التي تتولى تسيير العملية السياسية، قد وزعت الدعوات للقوى الموقعة على الاتفاق الإطاري وقوى اتفاق جوبا، وأصحاب المصلحة والتنظيمات المدنية والنسوية والشبابية، ولجان المقاومة، وكافة شرائح المجتمع من ولايات البلاد كافة، بما يضمن أكبر مشاركة في العملية، لا سيما بين المتأثرين بالحروب مباشرة.
ورفضت حركتا: العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، وتحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، توقيع الاتفاق الإطاري، وأعلنتا مبكراً عدم مشاركتهما في الورشة التي انطلقت أمس (الثلاثاء)، واشترطتا لذلك أن تشاركا ضمن كتلة سياسية انضوتا لها مؤخراً، تحمل اسم «الكتلة الديمقراطية»، وهو الأمر الذي يرفضه تحالف الحرية والتغيير، ويتمسك بتوقيع الحركتين منفردتين.
بيد أن تطوراً لافتاً حدث أول من أمس، إذ أعلن سليمان صندل -وهو قيادي في «الكتلة الديمقراطية»- أن اجتماعاً بين قادة الكتلة ونائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو «حميدتي» استطاع إذابة كثير من الجليد، وأنهم توصلوا لاتفاق على ما أطلق عليه 95 في المائة من القضايا الخلافية؛ لكن بياناً صدر باسم الكتلة قلل من تصريحات صندل، واعتبرها غير مجمع عليها.
وكان رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، قد أعلن انسحابه من محاولة التوفيق بين الموقِّعين والرافضين للتوقيع، إثر فشله في تحقيق قدر من التوافق يسمح بتوقيع الرافضين، واستطاع نائبه «حميدتي» كسر الجمود الذي شاب تلك المفاوضات.
وقبيل انطلاقة الورشة، قال المتحدث باسم العملية السياسية خالد عمر يوسف، في تصريحات، إن الآلية الثلاثية التي تتولى تيسير العملية أبلغت تحالفه «الحرية والتغيير» اعتذار الحركتين عن المشاركة في الورشة، وأكد المضي قدماً في ورشات العمل بغض النظر عن مشاركة أو عزوف الحركتين عن المشاركة في الورشة، وأن المناقشات معهما لن تتوقف.
وغداة توقيع الاتفاق الإطاري بين المدنيين والعسكريين في 5 ديسمبر (كانون الأول) 2022 الماضي، أعلن عن تنظيم 5 ورشات لتوسيع المشاركة في قضايا حساسة، هي: «قضايا السلام، وقضايا الإصلاح الأمني والعسكري، وقضية العدالة والعدالة الانتقالية، ووضع شرق السودان، فضلاً عن تطوير عملية تفكيك نظام الثلاثين من يونيو (حزيران)»، وينتظر أن تكون لجان الصياغة قد أكملت صياغة توصيات الورشة الأولى، والمتعلقة بتفكيك نظام الإسلاميين.
ويناقش المؤتمر في عدد من الجلسات التي بدأت أمس، وتستمر حتى الجمعة المقبل: «تعريف مضامين اتفاقية جوبا، واتفاقيات السلام السابقة، وأسباب الحروب، ومكاسب النوع الاجتماعي من السلام، والقضايا الإنسانية التي تواجه النازحين واللاجئين، ونظام الحكم وفقاً لنصوص اتفاقية جوبا، ودور المجتمع الدولي والإقليمي في دعم السلام».
دعم دولي وإقليمي لتطوير «الاتفاق الإطاري» السوداني
بدء مناقشة «سلام جوبا» في الخرطوم... ووفد إلى القاهرة اليوم
دعم دولي وإقليمي لتطوير «الاتفاق الإطاري» السوداني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة