عودة الجدل في مصر بشأن تصدير «الكلاب الضالة»

المُقترح قُوبل بانتقادات قبل 5 سنوات

قرابة 6.5 مليون «كلب ضال» في شوارع مصر وفق إحصائية رسمية
قرابة 6.5 مليون «كلب ضال» في شوارع مصر وفق إحصائية رسمية
TT

عودة الجدل في مصر بشأن تصدير «الكلاب الضالة»

قرابة 6.5 مليون «كلب ضال» في شوارع مصر وفق إحصائية رسمية
قرابة 6.5 مليون «كلب ضال» في شوارع مصر وفق إحصائية رسمية

عادت أزمة «الكلاب الضالة» لتُطل من جديد في مصر، وثمة سجال يتصاعد بين فريقين: أحدهما ينادي بمقترح التصدير للخارج، والثاني يدحض الفكرة، ويرى فيها «اختلالاً بيولوجياً» للتوازن البيئي، و«خرقاً» لحقوق الحيوان في الوقت عينه.
وتقدمت النائبة رشا أبو شقرة، عضو البرلمان المصري، بمقترح إلى وزارتي التنمية المحلية والزراعة، بتصدير «الكلاب الضالة» إلى الدول التي تعتمد عليها في استخدامات عدة. وقالت في جلسة البرلمان، الاثنين، إن «الكلاب الضالة تجاوز عددها 12 مليوناً، ما يُثير الذعر بين المواطنين، إضافة إلى تسببها في نقل بعض الأمراض إلى البشر»، مقترحة: «تصديرها أو عمل حملات تطعيم وإقامة مستعمرات لإيوائها».
ودافعت رشا أبو شقرة عن اقتراحها، وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «المقترح يستهدف حق الحيوان والإنسان على حد سواء»، مشيرة إلى أن «أزمة الكلاب الضالة لها أكثر من جانب. ففي حين تسبب الذعر للمواطنين، وربما تعرض البعض للعقر أو الهجوم، ثمة آثار سلبية على السياحة أيضاً».
مقترح أبو شقرة ليس الأول؛ ففي عام 2018، صدر قرار حكومي من وزارة الزراعة بتصدير نحو 4100 كلب وقطة إلى عدد من دول العالم التي تسمح بتناول لحومها؛ غير أن القرار قُوبل بهجوم شديد، واعتبره المعنيون بحقوق الحيوان «منافياً للقيم الإنسانية والدينية»، كما أشار الخبراء وقتها لآثار بيئية «ضارة»، في حال تنفيذ مثل هذا القرار، ما أدى إلى تعطيل تنفيذه.
من جانبها، وصفت منى خليل، رئيسة اتحاد جمعيات الرفق بالحيوان، مقترح تصدير الكلاب بأنه «غير منطقي، ولا يعكس خطة واضحة»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «المقترح لم يوضح أغراض التصدير، ما يطرح من جديد فكرة التصدير لدول تتناول لحم الكلاب التي سبق رفضها». وتوضح كذلك أن «ثمة هجوماً داخلياً في الدول التي تتناول لحم الكلاب والقطط، وحملات لرفض هذا السلوك بغرض تصحيح المسار العام، لا سيما بعدما شهد العالم جائحة (كورونا) الناجمة عن ممارسات غذائية غير مألوفة»، على حد تعبيرها.
وتشير منى خليل إلى الخطة المصرية لحل أزمة «الكلاب الضالة» التي ربما تثير الذعر بين المواطنين، أو تعرّض البعض للعقر أو الهجوم، وهي خطة يقود مسارها النائب أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب (البرلمان)، تقوم على توجيهات علمية لحل الأزمة، وتشمل برنامج «التعقيم والتطعيم»، حسب منى خليل. وقالت إن «هذا البرنامج يأتي ضمن خطة (مصر 2030)؛ حيث تلتزم الدولة بالقضاء على مرض السعار، وفقاً لمعايير مشتركة وضعتها منظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، والمنظمة العالمية لصحة الحيوان».
ونفت منى خليل صحة الأرقام المتداولة عن عدد الكلاب الضالة، وقالت إن «ما تم الإعلان عنه رسمياً من قبل أيمن محروس، رئيس الإدارة المركزية للصحة العامة والمجازر بالهيئة العامة للخدمات البيطرية، يشير إلى وجود ما يقرب من 6.5 مليون كلب ضال في شوارع مصر».
وشهدت مصر عدداً من حوادث عقر وهجوم من كلاب ضالة أو مملوكة لأشخاص في مناطق مختلفة من أنحاء الجمهورية، كان آخرها وفاة طبيبة في حي حدائق الأهرام، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فزعاً، بعد هجوم من «كلاب ضالة». وتوضح تقديرات وزارة الصحة المصرية، أن «نحو مليوني مواطن تعرضوا للعقر خلال عام 2020»، في آخر تحديث رسمي، بينما أشار وزير الصحة المصري الدكتور خالد عبد الغفار، مطلع العام الجاري، إلى أن «هذا الرقم يزداد سنوياً بنسبة 20 في المائة».
من جانبها، ترى زينة عصام، مؤسسة ومنسقة مبادرة «شارع أليف»، وممثلة ملف التنوع البيولوجي في مؤتمر المناخ الأخير «كوب 27»، أن مقترح التصدير يعيدنا للوراء؛ حيث تم بالفعل التصدي له منذ 5 سنوات، وتوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «العالم يواجه أزمة تغير المناخ التي تسببت في تضاعف أعداد الزواحف والآفات التي تتغذى عليها الكلاب الضالة، ما يعني أن التخلص من الكلاب الضالة يتسبب لا محالة في اضطراب التوازن البيئي». لكن على الرغم من ذلك، لا ترفض زينة عصام التي شاركت من قبل في لجان لتقييم مشروع تصدير الكلاب والقطط، بالشراكة مع الأزهر والكنيسة، مقترح التصدير بشكل كامل؛ بل تضع شرطاً لتنفيذه، وقالت إن «لا مانع من تصدير الكلاب المصرية كسلالة بعد توثيق صفاتها، على أن يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لحفظ حقوقها».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


مدعي «الجنائية الدولية»: غالبية الأدلة تثبت التهم ضد «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم دارفور (موقع الجنائية الدولية)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم دارفور (موقع الجنائية الدولية)
TT

مدعي «الجنائية الدولية»: غالبية الأدلة تثبت التهم ضد «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم دارفور (موقع الجنائية الدولية)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم دارفور (موقع الجنائية الدولية)

مع بدء المرافعات الختامية ضد المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية في إقليم دارفور(غرب السودان)، علي عبد الرحمن، الشهير باسم «علي كوشيب»، أبلغ مدعي المحكمة الجنائية الدولية قضاة أن «غالبية الأدلة تظهر أن سلوك المتهم وأفعاله تثبت ارتكابه الجرائم المنصوص عليها».

وقال إن علي عبد الرحمن، المشتبه به في أول محاكمة تنظر جرائم الحرب في إقليم دارفور بالسودان قبل عقدين، كان زعيم ميليشيا مرهوب الجانب وأمر بارتكاب فظائع منها القتل والاغتصاب والنهب.

ودفع عبد الرحمن ببراءته من تهمة الإشراف على آلاف من مقاتلي «الجنجويد» الموالين للحكومة خلال ذروة القتال في عامي 2003 و2004. وقال دفاعه إنه ليس زعيم الميليشيا، المعروف أيضاً باسمه الحركي «علي كوشيب». ووصف الدفاع المتهم «كوشيب» في وقت سابق بأنه «كبش فداء» قدّمته الحكومة السودانية للتغطية على المتهمين الرئيسيين، منهم الرئيس المخلوع عمر البشير، ووزيرا الدفاع وقتها عبد الرحيم محمد حسين، والداخلية أحمد هارون.

الادعاء أثبت قضيته

وقال المدعي العام للمحكمة كريم خان، في بيانه الختامي، الأربعاء، إنه خلال المحاكمة التي استمرت عامين، قدّم شهود الادعاء «روايات مفصلة عن القتل الجماعي والتعذيب والاغتصاب واستهداف المدنيين وحرق ونهب قرى بأكملها»، وإن الادعاء أثبت قضيته بما لا يدع مجالاً للشك.

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)

وتمثل المرافعات الختامية نهاية المحاكمة الأولى والوحيدة التي تجريها المحكمة الجنائية الدولية بشأن الجرائم المرتكبة في السودان منذ إحالة مجلس الأمن الدولي القضية إلى المحكمة في 2005، ولا تزال هناك أوامر اعتقال معلقة بحق مسؤولين سودانيين كبار في عهد الرئيس السابق عمر البشير.

واندلع الصراع في دارفور لأول مرة عندما حمل متمردون غير عرب السلاح في وجه حكومة السودان، متهمين إياها بتهميش المنطقة النائية الواقعة في غرب البلاد. وحشدت حكومة السودان آنذاك ميليشيات عربية في الأغلب تعرف باسم «الجنجويد» لقمع التمرد، ما أثار موجة من العنف وصفتها الولايات المتحدة وجماعات حقوق الإنسان بأنها تصل إلى حد الإبادة الجماعية.

ومنذ بدء المحاكمة التي تجريها المحكمة الجنائية الدولية، اندلع الصراع مرة أخرى في دارفور، وتحول الصراع الحالي المستمر منذ 20 شهراً بين الجيش و«قوات الدعم السريع» شبه العسكرية إلى صراع يزداد دموية مع تعثر جهود وقف إطلاق النار. وأعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في يونيو (حزيران) من هذا العام أنه يجري أيضاً تحقيقات عاجلة في مزاعم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية حالياً في دارفور.

ومن المقرر أن تستمر المرافعات الختامية إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بمقر المحكمة في مدينة لاهاي الهولندية.

حكومة السودان سلّحت «الجنجويد»

وذكر خان أن حكومة السودان وآخرين كانوا يقومون بتسليح ميليشيا «الجنجويد» من أجل مقاومة «التمرد»، إلا أن الضحايا في هذه القضية «لم يكونوا ثواراً، بل هم مدنيون. وقال في مرافعته إن المحكمة استمعت، في وقت سابق، إلى روايات 81 شاهداً «تحدثوا عن القتل الجماعي والاغتصاب والحرق والتدمير لقرى كاملة وتهجير أهاليها من شعب الفور الذين حتى لا يستطيعون العودة إلى مناطقهم حتى اليوم».

وأضاف أن مئات الرجال من قبيلة الفور تعرضوا للاعتقال والتعذيب في مكجر ودليج بوسط دارفور، وتم هذا على يد المتهم في هذه القضية «علي كوشيب». وتابع: «قدمنا للمحكمة أدلة على جرائم الاغتصاب التي ارتكبها (الجنجويد)، والتي كانت جزءاً من سياسة استراتيجية لـ(الجنجويد) وحكومة السودان ضد شعب الفور».

صورة من الدمار الذي خلّفه القتال في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال المدعي العام إن كل التهم المسؤول عنها جنائياً المتهم علي كوشيب «تم إثباتها أمام المحكمة، ونأمل أن تأخذ المحكمة بالأدلة الموثوقة من خلال محاكمة نزيهة». وأكد أن المتهم «مسؤول عن جرائم ارتكبت في مناطق كتم وبندسي ومكجر ودريج في أثناء الصراع بإقليم دارفور».

ووصف خان هذه المحاكمة بأنها تمثل بارقة أمل للذين فقدوا أقاربهم وممتلكاتهم، والذين ينتظرون العدالة لمدة 20 عاماً. ويواجه علي كوشيب 31 تهمة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يُزعم أنها ارتُكبت في إقليم دارفور بالسودان، خلال الفترة بين أغسطس (آب) 2003 وأبريل (نيسان) 2004 بمناطق مكجر وبندسي ودليج وكدوم بوسط دارفور.

وبدأت محاكمة كوشيب أمام الدائرة الابتدائية الأولى، في 5 أبريل 2022، على أثر تسليم نفسه للمحكمة في يونيو 2020، واستجوبت المحكمة، خلال التقاضي، 56 شاهداً، وأغلقت قضية الادعاء في 5 يونيو 2023.