بوادر «عصيان مدني» في القدس بمواجهة «حملة الهدم» الإسرائيلية

إغلاق طرق وإضرابات ومواجهات

الطريق الرئيسية في جبل المكبر صباح الثلاثاء (أ.ف.ب)
الطريق الرئيسية في جبل المكبر صباح الثلاثاء (أ.ف.ب)
TT

بوادر «عصيان مدني» في القدس بمواجهة «حملة الهدم» الإسرائيلية

الطريق الرئيسية في جبل المكبر صباح الثلاثاء (أ.ف.ب)
الطريق الرئيسية في جبل المكبر صباح الثلاثاء (أ.ف.ب)

بدأت في القدس بوادر عصيان مدني بعدما أغلق السكان مداخل حي جبل المكبر في المدينة، أمام السلطات الإسرائيلية، وأعلنوا إضراباً يشمل مناحي الحياة كافة؛ احتجاجاً على حملة هدم المنازل التي أطلقتها حكومة بنيامين نتنياهو، بذريعة الانتقام من العملية التي نفذها الشاب خيري علقم (21 عاماً) الخميس الماضي في قلب القدس وقتل فيها 7 إسرائيليين.
وأغلق شبان غاضبون مداخل جبل المكبر بالحجارة والإطارات المشتعلة، بعدما سكبوا الزيوت على جميع المداخل؛ لمنع وصول القوات الإسرائيلية إلى المكان، قبل أن تنفجر مواجهات عنيفة على أبواب الحي رشق خلالها الشبان بالحجارة والزجاجات القوات الإسرائيلية التي ردّت بالرصاص وقنابل الغاز.
واندلعت المواجهات في حين عمّ الإضراب الشامل البلدة الواقعة إلى الجنوب الشرقي من المدينة، وشمل ذلك كل مناحي الحياة بما فيها المدارس.
وأُعلن الإضراب الشامل في الحي، من خلال بيان أصدرته «عشائر عرب السواحرة»، والحراك الشبابي في البلدة، في وقت نادت جهات مقدسية بتحويل المعركة إلى «معركة عصيان مدني في مواجهة مخططات الحكومة اليمينية المتطرفة الهادفة إلى تهجير المقدسيين من منازلهم والاستيلاء على ممتلكاتهم».
وجاء في البيان «تطل علينا سلطات الاحتلال بقرارات جائرة ضاربة بجبروتها عرض الحائط غير مكترثة لأي أحد، تهدم البيوت وتشرد الأطفال والنساء في العراء».
وأعلن البيان الإضراب بما يشمل كل مناحي الحياة في البلدة «العمال، المخابز، المحال التجارية، المطاعم، والمدارس»؛ احتجاجاً على قرارات الهدم. وانضمت مدارس قرية الشيخ سعد في القدس، إلى الإضراب الذي يتوقع أن يتصاعد مع نية الحكومة الإسرائيلية هدم المزيد من منازل الفلسطينيين في المدينة.
وكان وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، أصدر تعليمات بالشروع وتسريع عمليات هدم المنازل في القدس الشرقية؛ بحجة عدم الترخيص، وبناءً عليه، بدأت إسرائيل حملة الهدم على قاعدة تدفيع عائلات منفذي العمليات وداعميها «الثمن»... ووصلت القوات الإسرائيلية الأحد مع جرافات إلى منطقة جبل المكبر، وهدمت منزلاً يعود للمقدسي محمد مطر، ثم انتقلت إلى مناطق وأحياء أخرى في المدينة التي تحولت إلى ثكنة عسكرية بعد استنفار قوات الشرطة ودفع كتائب من الجيش إليها.
وأبلغت السلطات الإسرائيلية عائلات أخرى في جبل المكبر، أنها ستهدم منازلها فوراً.
وجاءت خطوة هدم المنازل بعد قرارات اتخذها المجلس الأمني والسياسي المصغر «الكابنيت»، ونصّت على هدم منازل منفذي العمليات وسحب حقوق «التأمين الوطني» وامتيازات أخرى من عائلاتهم وأي عائلات داعمة للعمليات، ودفع مشروع سحب الجنسية قدماً من أفراد هذه العائلات، إلى جانب تسريع إجراءات استصدار رخص حمل السلاح للمدنيين، واتخاذ سلسلة خطوات لتعزيز الاستيطان.
وعلق بن غفير قائلاً «إن هذه خطوة واحدة من سلسلة خطوات، لمحاربة الإرهاب وتعزيز الحوكمة في إسرائيل. الجميع سواسية أمام القانون، ولن يكون هناك قانون واحد للسكان اليهود وآخر للسكان العرب».
لكن مركز «عدالة القانوني» لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل، وجّه رسالة عاجلة إلى بن غفير، والمستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف - ميارا، طالب فيها بوقف عمليات الهدم في شرق القدس المحتلة باعتبار تعليمات الوزير بهدم المنازل بزعم مخالفتها قوانين التخطيط والبناء «غير قانونية؛ لأنها جاءت من جهة غير مخولة قانونياً بإصدارها، ولا تملك الصلاحية لذلك، وهي سياسية تعسفية لا تستند لأي أساس قانوني».
وأكدت الرسالة «إن هذه التعليمات تندرج تحت خانة العقاب الجماعي للفلسطينيين في شرق القدس المحتلة، والعقاب الجماعي غير قانوني». واعتبرت «أن توقيت إصدار هذه التعليمات ومباشرة عمليات الهدم، يؤكدان بما لا يدع مجالاً للشك، أن دوافعها انتقامية بسبب ما يحدث في المنطقة في الأيام الأخيرة، وأنها جاءت من أجل تحقيق مكسب سياسي على حساب الحقوق الأساسية للمدنيين».
وتضمنت الرسالة تذكيراً «بأن البناء غير المنظم في القدس الشرقية، هو نتيجة لسياسة منهجية ومتعاقبة للسلطات الإسرائيلية منذ الاحتلال عام 1967 والضم غير القانوني الذي أعقب ذلك، والتي اعتمدت سياسات عنصرية ضد الفلسطينيين ومنعتهم من البناء كجزء من خطط التضييق عليهم ومحاولات ترحيلهم واقتلاعهم من أرضهم ومنازلهم منذ الاحتلال عام 1967».
وتمنع السلطات الإسرائيلية التخطيط والبناء في المناطق التي يسكنها الفلسطينيون بما يتلاءم مع حاجاتهم ومتطلباتهم؛ وذلك بهدف خدمة المصالح السياسية غير المشروعة لإسرائيل كقوة محتلة في المنطقة.
وقال مركز «عدالة»، إن «التعليمات المذكورة من شأنها إلحاق الضرر بالممتلكات؛ ما سيعود بعواقب وخيمة على العائلات الفلسطينية المالكة لها ولتلك التي تسكنها. كما أن التعليمات تنتهك حقوق الإنسان الأساسية، وبخاصة حق الإنسان في الكرامة، فهي تستهدف السكان الفلسطينيين بشكل انتقائي وعلى أساس عنصري».
وأكد المركز «أن التعليمات المذكورة، في حالة تنفيذها، ستشكل أيضاً انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي. ومن بين أمور أخرى، سيكون هذا الهدم مخالفاً لبند (G23) من أنظمة لاهاي، التي تحظر هدم الممتلكات في ظل الظروف المذكورة أعلاه».


مقالات ذات صلة

غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

شؤون إقليمية غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

في اليوم الذي استأنف فيه المتظاهرون احتجاجهم على خطة الحكومة الإسرائيلية لتغيير منظومة الحكم والقضاء، بـ«يوم تشويش الحياة الرتيبة في الدولة»، فاجأ رئيس حزب «المعسكر الرسمي» وأقوى المرشحين لرئاسة الحكومة، بيني غانتس، الإسرائيليين، بإعلانه أنه يؤيد إبرام صفقة ادعاء تنهي محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بتهم الفساد، من دون الدخول إلى السجن بشرط أن يتخلى عن الحكم. وقال غانتس في تصريحات صحافية خلال المظاهرات، إن نتنياهو يعيش في ضائقة بسبب هذه المحاكمة، ويستخدم كل ما لديه من قوة وحلفاء وأدوات حكم لكي يحارب القضاء ويهدم منظومة الحكم. فإذا نجا من المحاكمة وتم تحييده، سوف تسقط هذه الخطة.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

سادَ هدوء حذِر قطاع غزة، صباح اليوم الأربعاء، بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، على أثر وفاة المعتقل خضر عدنان، أمس، مُضرباً عن الطعام في السجون الإسرائيلية، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وكانت وسائل إعلام فلسطينية قد أفادت، فجر اليوم، بأنه جرى التوصل لاتفاق على وقف إطلاق النار بين فصائل فلسطينية والجانب الإسرائيلي، وأنه دخل حيز التنفيذ. وقالت وكالة «معاً» للأنباء إن وقف إطلاق النار في قطاع غزة «مشروط بالتزام الاحتلال الإسرائيلي بعدم قصف أي مواقع أو أهداف في القطاع».

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية بعد 75 عاماً على قيامها... إسرائيل بين النجاح الاقتصادي والفروقات الاجتماعية الصارخة

بعد 75 عاماً على قيامها... إسرائيل بين النجاح الاقتصادي والفروقات الاجتماعية الصارخة

بعد مرور 75 عاماً على قيامها، أصبح اقتصاد إسرائيل واحداً من أكثر الاقتصادات ازدهاراً في العالم، وحقّقت شركاتها في مجالات مختلفة من بينها التكنولوجيا المتقدمة والزراعة وغيرها، نجاحاً هائلاً، ولكنها أيضاً توجد فيها فروقات اجتماعية صارخة. وتحتلّ إسرائيل التي توصف دائماً بأنها «دولة الشركات الناشئة» المركز الرابع عشر في تصنيف 2022 للبلدان وفقاً لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، متقدمةً على الاقتصادات الأوروبية الأربعة الأولى (ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا)، وفقاً لأرقام صادرة عن صندوق النقد الدولي. ولكن يقول جيل دارمون، رئيس منظمة «لاتيت» الإسرائيلية غير الربحية التي تسعى لمكافحة ا

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية مكارثي يتعهد دعوة نتنياهو إلى واشنطن في حال استمر تجاهل بايدن له

مكارثي يتعهد دعوة نتنياهو إلى واشنطن في حال استمر تجاهل بايدن له

أعلن رئيس مجلس النواب الأميركي، كيفين مكارثي، في تل أبيب، امتعاضه من تجاهل الرئيس الأميركي، جو بايدن، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو وامتناعه عن دعوته للقيام بالزيارة التقليدية إلى واشنطن. وهدد قائلاً «إذا لم يدع نتنياهو إلى البيت الأبيض قريباً، فإنني سأدعوه إلى الكونغرس». وقال مكارثي، الذي يمثل الحزب الجمهوري، ويعدّ اليوم أحد أقوى الشخصيات في السياسة الأميركية «لا أعرف التوقيت الدقيق للزيارة، ولكن إذا حدث ذلك فسوف أدعوه للحضور ومقابلتي في مجلس النواب باحترام كبير. فأنا أرى في نتنياهو صديقاً عزيزاً.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية المواجهة في إسرائيل: شارع ضد شارع

المواجهة في إسرائيل: شارع ضد شارع

بدأت المواجهة المفتوحة في إسرائيل، بسبب خطة «التعديلات» القضائية لحكومة بنيامين نتنياهو، تأخذ طابع «شارع ضد شارع» بعد مظاهرة كبيرة نظمها اليمين، الخميس الماضي، دعماً لهذه الخطة، ما دفع المعارضة إلى إظهار عزمها الرد باحتجاجات واسعة النطاق مع برنامج عمل مستقبلي. وجاء في بيان لمعارضي التعديلات القضائية: «ابتداءً من يوم الأحد، مع انتهاء عطلة الكنيست، صوت واحد فقط يفصل إسرائيل عن أن تصبحَ ديكتاتورية قومية متطرفة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

إسرائيليون يعبرون الحدود إلى غزة مطالبين بإعادة احتلال القطاع

إسرائيليون من حركات يمينية يقفون على تلة تشرف على غزة للمطالبة بإعادة احتلال القطاع (أ.ب)
إسرائيليون من حركات يمينية يقفون على تلة تشرف على غزة للمطالبة بإعادة احتلال القطاع (أ.ب)
TT

إسرائيليون يعبرون الحدود إلى غزة مطالبين بإعادة احتلال القطاع

إسرائيليون من حركات يمينية يقفون على تلة تشرف على غزة للمطالبة بإعادة احتلال القطاع (أ.ب)
إسرائيليون من حركات يمينية يقفون على تلة تشرف على غزة للمطالبة بإعادة احتلال القطاع (أ.ب)

دخل العديد من الإسرائيليين إلى قطاع غزة، الخميس، رغم حظر الجيش، حيث رفعوا العلم الإسرائيلي في مستوطنة سابقة، مطالبين بإعادة احتلال القطاع الفلسطيني المدمر.

ونشرت حسابات تابعة لليمين الإسرائيلي على مواقع التواصل الاجتماعي، صورة تُظهر نحو عشرين رجلاً وامرأة وطفلاً تجمّعوا حول علم إسرائيلي رفع في قطعة أرض خالية، مشيرين إلى أنّها التُقطت في كفار داروم، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وكان أُخلي هذا الكيبوتس السابق في وسط قطاع غزة، إلى جانب 20 مستوطنة أخرى، إبان الانسحاب الإسرائيلي الأحادي الجانب في عام 2005.

ومنذ ذلك الحين، تدعو فئة من اليمين الإسرائيلي إلى معاودة إقامة مستوطنات إسرائيلية في غزة. واتسع نطاق هذه الدعوة بعد الهجوم الذي نفذته حركة «حماس» على الدولة العبرية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وأشعل فتيل الحرب في القطاع.

وفي أعقاب ذلك أيضاً، دعا العديد من المسؤولين الإسرائيليين إلى إجلاء الفلسطينيين من غزة واستعادة السيطرة الإسرائيلية على القطاع.

إسرائيليون مؤيدون لإعادة الاستيطان في غزة يشاركون في مسيرة تطالب الجيش بالسماح لهم بالاحتفال بعيد «الحانوكا» داخل القطاع (رويترز)

والخميس، أعلن الجيش الإسرائيلي أنّ الأشخاص الذين دخلوا قطاع غزة «أُعيدوا إلى الأراضي الإسرائيلية»، مشيراً إلى منع «عشرات» آخرين من التسلل عبر نقطة حدودية أخرى، رغم أنّ البعض تمكّنوا من عبور الحواجز الأمنية.

وأضاف أنّ «أي دخول إلى منطقة قتال ممنوع، ويعرّض المدنيين للخطر ويعطّل عمليات الجيش في المنطقة».

وفي تجمّع في مدينة سديروت الحدودية مع غزة، قالت دانييلا فايس، التي تعدّ من الشخصيات المعروفة في الحركة الاستيطانية، لنحو مائة من المؤيدين: «بعون الله، سيمثّل رفع هذا العلم بداية عهد جديد، عهد سنعود خلاله إلى غزة».

وأضافت: «لن يحكم غزة الإندونيسيون ولا الأتراك أو المصريون ولا أي دولة أخرى، فقط شعب إسرائيل سيحكم غزة»؛ وذلك في إشارة إلى الدول التي من المحتمل أن تشارك في قوة استقرار دولية من المتوقع أنه تُنشر في القطاع بموجب اتفاق وقف إطلاق النار.

والأسبوع الماضي، أعلنت حركة «نحالا» الاستيطانية القومية المتطرّفة التي شاركت فايس في تأسيسها، في رسالة، نيّتها تنظيم رفع العلم الإسرائيلي في غزة بمبادرة مدعومة من وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، ومن عشرة وزراء آخرين وأكثر من عشرين عضواً في الكنيست.


الاستخبارات العراقية تعتقل «هدفين» داخل الأراضي السورية بالتعاون مع «التحالف الدولي»

عناصر من قوات الأمن العراقية في بغداد (أ.ب - أرشيفية)
عناصر من قوات الأمن العراقية في بغداد (أ.ب - أرشيفية)
TT

الاستخبارات العراقية تعتقل «هدفين» داخل الأراضي السورية بالتعاون مع «التحالف الدولي»

عناصر من قوات الأمن العراقية في بغداد (أ.ب - أرشيفية)
عناصر من قوات الأمن العراقية في بغداد (أ.ب - أرشيفية)

أفاد بيان عسكري عراقي، اليوم (الجمعة)، بأن قوات استخبارية عراقية تمكنت، بالتنسيق مع قوات الأمن السورية و«التحالف الدولي»، من اعتقال هدفين مهمين مطلوبين للقضاء العراقي بإنزال جوي في شمال شرقي سوريا وإلقاء القبض عليهما.

وذكر بيان لخلية الإعلام الأمني في قيادة العمليات المشتركة العراقية، أن خلية «الصقور» الاستخبارية في وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية في وزارة الداخلية، تمكنت عبر قوة محمولة جواً، بالتنسيق مع قوات الأمن السورية وبإسناد فني ودعم من «التحالف الدولي»، من تنفيذ إنزال جوي على هدفين مهمين مطلوبين للقضاء العراقي في شمال شرقي سوريا داخل الأراضي السورية، والقبض عليهما.


اجتماع باريس: تفهم لوضع لبنان وتحديد موعد لمؤتمر دعم الجيش

قافلة من الآليات العسكرية اللبنانية قرب الحدود مع إسرائيل في بلدة علما الشعب بجنوب لبنان (أرشيفية - أ.ب)
قافلة من الآليات العسكرية اللبنانية قرب الحدود مع إسرائيل في بلدة علما الشعب بجنوب لبنان (أرشيفية - أ.ب)
TT

اجتماع باريس: تفهم لوضع لبنان وتحديد موعد لمؤتمر دعم الجيش

قافلة من الآليات العسكرية اللبنانية قرب الحدود مع إسرائيل في بلدة علما الشعب بجنوب لبنان (أرشيفية - أ.ب)
قافلة من الآليات العسكرية اللبنانية قرب الحدود مع إسرائيل في بلدة علما الشعب بجنوب لبنان (أرشيفية - أ.ب)

النتيجة الأولى والرئيسية للاجتماع الذي حصل في قصر الإليزيه بحضور قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل، الذي قام بأول زيارة رسمية له لفرنسا، في إطار مساعي دعم الجيش المهمة الموكلة إليه بحصر السلاح بيد الدولة، وتنفيذ مضمون القرار «1701»، تمثلت في اتفاق فرنسا والولايات المتحدة الأميركية والمملكة السعودية على عقد المؤتمر الرئيسي الدولي الموعود لمساندة القوات المسلحة اللبنانية في شهر فبراير (شباط) من العام المقبل.

بيد أن البيان الذي وزعه قصر الإليزيه، عقب انتهاء الاجتماع لم يأت على ذكر العاصمة التي ستستضيف المؤتمر الذي تأخر انعقاده، فيما يدور الحديث حوله منذ التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي. كذلك فإن الناطق باسم الخارجية، لم يوفر أية معلومات إضافية عندما سئل عن هذا الملف في مؤتمره الصحافي الأسبوعي.

جنود من الجيش اللبناني أمام مبنى استُهدف بغارة جوية إسرائيلية في قرية دير كيفا جنوب لبنان الشهر الماضي (أ.ف.ب)

وثمة مستجد رئيسي يعكس جدية الاتفاق على المؤتمر الدولي والسعي، أخيراً، لالتئامه، أن بيان الإليزيه أشار إلى أن ممثلي الدول الثلاث المعنية اتفقوا، في إطار سعيهم إلى توفير الدعم للبنان لجهوده الرامية إلى تنفيذ وقف الأعمال العدائية الصادر في 26 نوفمبر 2024 وخطة «درع الوطن»، على إنشاء فريق عمل ثلاثي للتحضير للمؤتمر الدولي لدعم القوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي، المقرر عقده في فبراير من عام 2026.

ما كان لهذا القرار أن يصدر من غير التقييم الإيجابي لما يقوم به الجيش اللبناني حتى اليوم في عملية حصر السلاح في منطقة جنوب الليطاني برغم بروز الحاجة إلى تطوير أدائه. فالأطراف الثلاثة التي استمعت للعماد هيكل شارحاً ما قام به الجيش اللبناني في إطار تنفيذ خطة «درع الوطن» أثنت على إنجازاته. وجاء في البيان المشار إليه سابقاً، أن الموفدين الخاصين للأطراف الثلاثة «أعربوا عن دعمهم للقوات المسلحة اللبنانية وللتضحيات التي تقدمها».

وفي السياق عينه، قال باسكال كونفافرو، إن الأطراف الثلاثة «عبّرت وبشكل جماعي عن تقييم إيجابي بخصوص انخراط القوات المسلحة اللبنانية» في تنفيذ المهمات الموكلة إليها.

قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل (مديرية التوجيه)

وأفاد مصدر مواكب، بأن هذا التقييم يعد عاملاً مهماً في دعم السلطات اللبنانية التي تواجه انتقادات إسرائيلية يومية تتهم الجيش بعدم تنفيذ مضمون القرار المنوط به، والخطة التي عرضها والمشكلة من خمس مراحل، حيث يتم تناول نزع سلاح «حزب الله» في منطقة جنوب الليطاني.

وفي هذا الخصوص، قالت الخارجية الفرنسية، إن الأطراف المعنية (في إشارة إلى اللجنة الخماسية التي تشرف على احترام وتنفيذ آلية وقف إطلاق النار، المسماة الميكانيزم)، تعود إليها صلاحية تمديد المرحلة الأولى لما بعد نهاية العام الحالي.

رغم الثناء المشار إليه، فإن تحسين آلية عمل اللجنة، كان جزءاً من المناقشات التي حصلت قبل ظهر الخميس في القصر الرئاسي. وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا التي تستشعر الأخطار التي تحيط بلبنان، والتهديدات الإسرائيلية المتواترة بالعودة إلى الحرب المتوقفة نظرياً منذ ما يزيد على العام بسبب ما تعده تل أبيب مساعي لـ«حزب الله» لإعادة تسلحه، وترميم بناه التحتية العسكرية، تريد أن يوثق الجيش اللبناني ويظهر ما يقوم به.

قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل يتفقّد موقع تفجير منشأة «حزب الله» في الجنوب (مديرية التوجيه)

وقالت الخارجية إن «ثمة حاجة إلى توفير الوسائل الضرورية ميدانياً لآلية الميكانيزم لإبراز التقدم الذي تحرزه الوحدات العسكرية اللبنانية» في عملية نزع سلاح «حزب الله». وقد أفادت بأن محادثات الخميس «ركزت على كيفية إظهار إحراز تقدم ملموس فيما يتعلق بنزع سلاح (حزب الله). وترى باريس في ذلك حجة لدرء الأخطار». وأفاد مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط»، بأن من بين المطلوب من الوحدات العسكرية اللبنانية «سد الثغرات» التي تتسلل منها إسرائيل لاتهام الجيش بالتقصير، ومن ذلك الضغوط التي تمارسها من أجل تفتيش المنازل التي تدعي أنها تستخدم لتكديس سلاح «حزب الله».

كذلك ثمة مطلب آخر يتمثل بمواكبة «اليونيفيل» للوحدات العسكرية اللبنانية عند قيامها بمهامها. بيد أن هذا الأمر لم يحسم بعد، علماً بأن ثمة تساؤلات عما سيؤول إليه الوضع بعد بدء انسحاب قوات الأمم المتحدة من جنوب لبنان مع بداية عام 2026، وطبيعة القوة التي سوف تحل مكانها، والدور المنوط بها. بيد أن هذه المسألة سيعود البت بها لمجلس الأمن الدولي، إن لجهة سرعة ووتيرة انسحاب «اليونيفيل» أو الصورة التي سيرسو عليها تشكيلها.

غير أن مسألة تفتيش المنازل كما تطالب بذلك إسرائيل قد تثير مشاكل وخلافات مع الأهالي فيما يسمى «بيئة حزب الله». وسبق أن اعترض عدد منهم أكثر من مرة على هذا الأمر. وأفادت الأنباء الورادة من الجنوب بأن دورية لـ«اليونيفيل» تعرضت للمضايقة، الخميس في بلدة كفركلا الجنوبية.

آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

وتكمن أهمية اجتماع باريس، في أنه جاء قبل يوم واحد من اجتماع هيئة «الميكانيزم» التي من المفترض أن يشارك فيها المبعوث الرئاسي الفرنسي الوزير السابق جان إيف لودريان والمبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس، والمفترض أن يكونا شاركا في اجتماع الخميس. وسبق لمصادر فرنسية، أن توقفت عند المخاوف مما قد تقدم عليه إسرائيل، وما سيقرره رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ربطاً بوضعه الداخلي ونزوعه إلى مواصلة حروبه ومنها حربه في لبنان.

كذلك تتخوف باريس من قراءة «حزب الله» لمضمون اتفاق وقف إطلاق النار، وهي تعد أن المراحل اللاحقة ستكون أكثر تعقيداً مما كانت عليه المرحلة الأولى. وفي هذا السياق، يبرز تعليق رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري الذي رأى في الهجمات التي قامت بها المسيرات الإسرائيلية يوم الخميس «رسالة» إلى المجتمعين في باريس، وللجنة مراقبة وقف إطلاق النار.

الرئيس اللبناني جوزيف عون (يمين) مجتمعاً مع المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان يوم 8 ديسمبر في قصر بعبدا (الرئاسة اللبنانية)

ولاكتمال الصورة، تتعين الإشارة إلى أن أحد الملفات المطروحة، يتناول عمل الآلية بعد أن ضُم إليها مدنيان من لبنان وإسرائيل، والمدى الذي ستصل إليه فيتناول المسائل الخلافية بين البلدين.

وفي أي حال، فإن اجتماع باريس يعد مثمراً، لأنه أتاح من جهة لقائد الجيش أن يعرض من جهة، حاجات قواته من السلاح والعتاد والتمويل، ومن جهة ثانية ما حققته ميدانياً. كذلك، فإن تحديد تاريخ للمؤتمر الدولي لدعم الجيش، وحتى من غير تعيين مكان التئامه، يعد أيضاً تقدماً ملموساً إضافة إلى أن الاجتماع وفّر للبنان ولجيشه دعماً معنوياً هما بحاجة ماسة إليه، في الوقت الذي يتعرض لضغوط من الداخل والخارج.