الجزائر تكثف جهودها لإنقاذ «اتفاق السلام» في مالي من الانهيار

الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير خارجية مالي في 16 يناير الحالي (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير خارجية مالي في 16 يناير الحالي (الرئاسة الجزائرية)
TT

الجزائر تكثف جهودها لإنقاذ «اتفاق السلام» في مالي من الانهيار

الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير خارجية مالي في 16 يناير الحالي (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير خارجية مالي في 16 يناير الحالي (الرئاسة الجزائرية)

كثفت الجزائر جهودها لجمع أطراف النزاع في مالي فوق أرضها؛ بهدف إنقاذ «اتفاق السلام» الذي ترعاه منذ التوقيع عليه عام 2015 من الانهيار. غير أن الرئيس الانتقالي في مالي، العقيد أسيمي غويتا، رفض المقترح حسبما ذكرت مجلة «جون أفريك» الفرنسية.
وأكدت المجلة الأسبوعية، في عددها الأخير، أن حركات التمرد في شمال مالي سابقاً، راسلت الجزائر بصفتها رئيسة «الوساطة الدولية لتنفيذ اتفاق السلام في مالي»، تطلب منها «التحرك لإنقاذ الاتفاق، وذلك بعقد اجتماع طارئ على أرض محايدة».
وعلى هذا الأساس زار وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمارة باماكو في 10 يناير (كانون الثاني) الحالي، مرفوقاً بسفير الجزائر لدى مالي، الحواس رياش، والسفير بوجمعة ديلمي.
وبحسب «جون أفريك»، فقد التقى لعمامرة نظيره المالي عبد اللاي ديوب.
وتحدثت المجلة عن «تحرك جزائري للتأثير في الملف»، مبرزة أن السلطة الانتقالية رفضت مقترح المعارضة في الشمال تنظيم لقاء «فوق أرض محايدة»، من دون نقل الأسباب من وجهة نظر باماكو.
وأضافت المجلة أن اتفاق السلام «بات هشّاً أكثر من أي وقت مضى».
يشار إلى أن «مجموعة الوساطة الدولية حول مالي»، تضم ممثلين عن دول الجوار، والأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن الدولي، إلى جانب المنظمات الدولية والإقليمية المعنية، وخصوصاً الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، ومنظمة التعاون الإسلامي. كما يشار أيضاً إلى أن بين الجزائر ومالي حدوداً يفوق طولها 900 كيلومتر.
وفي 16 من الشهر الحالي، زار الوزير عبد اللاي الجزائر رفقة وزير المصالحة والسلم والتلاحم الوطني، العقيد الركن إسماعيل واق.
وقالت الرئاسة الجزائرية، عقب استقباله من طرف الرئيس عبد المجيد تبون، إنه «جاء حاملاً رسالة من رئيس الدولة المالي، العقيد أسيمي غويتا»، من دون توضيح فحوى «الرسالة»، بينما أكدت صحف مالية أن غويتا «شرح للسلطات الجزائرية سبب رفضه طلب المعارضة المسلحة في الشمال».
ونقلت عنه أنه «مستاء من مماطلة المتمردين سابقاً في تنفيذ أهم بنود الاتفاق، وخصوصاً دمج الميليشيات المسلحة في الشمال».
من جهته، صرح عبد اللاي، عقب هذا اللقاء، بأن حكومة بلاده «تسعى لإحلال السلم وتوحيد الصفوف، والتركيز على قضايا التنمية والأمن؛ لتمكين الشعب المالي من العيش في أمان».
وقال إنه نقل إلى تبون «التزام رئيس مالي، العقيد أسيمي غويتا، بمواصلة الجهود لدعم الدور الجامع، الذي تلعبه الجزائر في توحيد صفوف الماليين».
ولم يعلن دواعي طلب المعارضة عقد اجتماع مع الحكومة في الجزائر، بدل تنظيمه في باماكو كما درج عليه الطرفان المتنازعان. لكن مصادر جزائرية مهتمة بملف مالي رجحت أن مسلحي الشمال «باتوا يشعرون بأن غويتا يبحث عن ربح الوقت للتملص من بعض بنود الاتفاق، وأهمها توسيع الحكم الذاتي في الشمال، ودمج ممثلين عن المعارضة في البرلمان، والهيئات السياسية في البلاد؛ ضماناً لمشاركتهم في اتخاذ القرار السياسي».
وصرح آغ محمد آتاي، مسؤول «حركة أزواد» الطرقية المعارضة (طرف في الاتفاق)، لـ«إذاعة فرنسا الدولية» بأن لعمامرة «دعا كل التنظيمات المسلحة والحكومة المالية إلى عقد اجتماع داخلي في الجزائر. وقد وافقنا على الدعوة، وسنذهب إلى الجزائر حتى لو رفضت الحكومة، كما نرغب في أن تتحمل الوساطة مسؤولياتها باعتبارها جهة ضامنة لتنفيذ الاتفاق، وذلك بأن تعلن أن أحد الطرفين متسبب في حالة الانسداد التي يواجهها الاتفاق».
ومنذ الانقلابين العسكريين المتتاليين، اللذين شهدتهما مالي في أغسطس (آب) 2020 ومايو (أيار) 2021، أطلق العقيد غويتا، الحاكم الجديد في البلاد، «مساراً انتقالياً»، بعد عزل الرئيس باه نداو.
وكان من نتائج الوضع الجديد تعليق الاجتماعات التي كانت جارية بين أطراف النزاع. وأكثر ما تخشاه الجزائر هو عودة المواجهة المسلحة إذا تمسك كل طرف بموقفه، في ظل انعدام الثقة بين المعارضة والحكم الانتقالي.


مقالات ذات صلة

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

العالم العربي القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

كشفت مصادر ليبية ومصرية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» عن سلسلة اتصالات، ستجريها القاهرة مع السلطات في شرق ليبيا، بما في ذلك مجلس النواب و«الجيش الوطني»، لإطلاع المعنيين فيهما على نتائج زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى تركيا أخيراً. وأدرجت المصادر هذه الاتصالات «في إطار التنسيق والتشاور بين السلطات المصرية والسلطات في المنطقة الشرقية». ولم تحدد المصادر توقيت هذه الاتصالات، لكنها أوضحت أنها تشمل زيارة متوقعة إلى القاهرة، سيقوم بها عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني». وكان خالد المشري رئيس المجلس الأعلى الدولة الليبي، ناقش مساء السبت مع وزير الخارجية ا

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

أعلنت الحكومة الجزائرية عن «خطة عاجلة» لوقف نزيف الأطباء الذين يهاجرون بكثرة، كل عام، إلى أوروبا وبخاصة فرنسا، بحثاً عن أجور عالية وعن ظروف جيدة لممارسة المهنة. وتفيد إحصاءات «مجلس أخلاقيات الطب»، بأن 15 ألف طبيب يشتغلون في المصحات الفرنسية حالياً، وقد درسوا الطب في مختلف التخصصات في الجزائر. ونزل موضوع «نزيف الأطباء» إلى البرلمان، من خلال مساءلة لوزير الصحة وإصلاح المستشفيات عبد الحق سايحي، حول ما إذا كانت الحكومة تبحث عن حل لهذه المشكلة التي تتعاظم من سنة لأخرى.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

يبدأ وزير الخارجية السوري فيصل المقداد اليوم زيارة إلى تونس تستمر حتى الأربعاء بدعوة من نظيره التونسي نبيل عمار، لإعلان استكمال المراحل المؤدية إلى إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، والبحث في كثير من الملفات الشائكة والعالقة على رأسها ملف الإرهاب، واستقبال الساحة السورية لآلاف من الشباب التونسيين المنضوين في صفوف التنظيمات الإرهابية. وأوردت مختلف وسائل الإعلام التونسي أخباراً حول الزيارة، وبقراءات عدة، من بينها التأكيد على أنها «ترجمة للتوازنات الجيوسياسية الإقليمية التي تعرفها المنطقة العربية، ومن بينها السعي نحو عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية». وكانت مؤسسة الرئاسة التونسية صورت عودة ا

المنجي السعيداني (تونس)
العالم العربي المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

دعت «الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالمغرب» -أحد ممثلي ناشري الصحف في البلاد- أعضاء البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، إلى إسقاط مشروع قانون صادقت عليه الحكومة، يقضي بإنشاء لجنة مؤقتة لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» المنتهية ولايته، بدل إجراء انتخابات. وجاءت هذه الدعوة في وقت ينتظر فيه أن يشرع مجلس النواب في مناقشة المشروع قريباً. وذكر بيان لـ«الفيدرالية» مساء السبت، أنه تلقى «بارتياح، التصدي القوي والتلقائي لهذا المشروع من طرف الرأي العام المهني، والمجتمع المدني، وفاعلين جمعويين وسياسيين، وشخصيات مشهود لها بالنزاهة والكفاءة»، معتبراً: «إن هذا الموضوع لا يهم باستهداف منظمات مهن

«الشرق الأوسط» (الرباط)
العالم العربي باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

قال فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية، إنه باقٍ في منصبه «إلى أن تتفق الأطراف الليبية كافة على قوانين انتخابية يُرحب بها دولياً، والبدء في الإعلان عن مواعيد محددة للاستحقاق الانتخابي...

جاكلين زاهر (القاهرة)

انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)

أرغم الحوثيون جميع الموظفين في مناطق سيطرتهم، بمن فيهم كبار السن، على الالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن ما يقولون إنها استعدادات لمواجهة هجوم إسرائيلي محتمل.

جاء ذلك في وقت انضم فيه موظفون بمدينة تعز (جنوب غرب) الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى إضراب المعلمين، مطالبين بزيادة في الرواتب.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين، وعلى الرغم من أنهم لا يصرفون الرواتب لمعظم الموظفين، فإنهم وجّهوا بإلزامهم، حتى من بلغوا سن الإحالة إلى التقاعد، بالالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن الإجراءات التي تتخذها الجماعة لمواجهة ما تقول إنه هجوم إسرائيلي متوقع، يرافقه اجتياح القوات الحكومية لمناطق سيطرتهم.

وبيّنت المصادر أن هناك آلاف الموظفين الذين لم يُحالوا إلى التقاعد بسبب التوجيهات التي أصدرها الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي بوقف الإحالة إلى التقاعد، إلى حين معالجة قضايا المبعدين الجنوبيين من أعمالهم في عهد سلفه علي عبد الله صالح، وأن هؤلاء تلقوا إشعارات من المصالح التي يعملون بها للالتحاق بدورات التدريب على استخدام الأسلحة التي شملت جميع العاملين الذكور، بوصف ذلك شرطاً لبقائهم في الوظائف، وبحجة الاستعداد لمواجهة إسرائيل.

تجنيد كبار السن

ويقول الكاتب أحمد النبهاني، وهو عضو في قيادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، إنه طلب شخصياً إعادة النظر في قرار تدريب الموظفين على السلاح، لأنه وحيد أسرته، بالإضافة إلى أنه كبير في العمر؛ إذ يصل عمره إلى 67 عاماً، واسمه في قوائم المرشحين للإحالة إلى التقاعد، بعد أن خدم البلاد في سلك التربية والتعليم واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم لما يقارب الأربعين عاماً.

ومع تأكيده وجود الكثير من الموظفين من كبار السن، وبعضهم مصابون بالأمراض، قال إنه من غير المقبول وغير الإنساني أن يتم استدعاء مثل هؤلاء للتدريب على حمل السلاح، لما لذلك من مخاطر، أبرزها وأهمها إعطاء ذريعة «للعدو» لاستهداف مؤسسات الدولة المدنية بحجة أنها تؤدي وظيفة عسكرية.

حتى كبار السن والمتقاعدون استدعتهم الجماعة الحوثية لحمل السلاح بحجة مواجهة إسرائيل (إ.ب.أ)

القيادي في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ذكر أنه لا يستبعد أن يكون وراء هذا القرار «أطراف تحمل نيات سيئة» تجاه المؤسسات المدنية، داعياً إلى إعادة النظر بسرعة وعلى نحو عاجل.

وقال النبهاني، في سياق انتقاده لسلطات الحوثيين: «إن كل دول العالم تعتمد على جيوشها في مهمة الدفاع عنها، ويمكنها أن تفتح باب التطوع لمن أراد؛ بحيث يصبح المتطوعون جزءاً من القوات المسلحة، لكن الربط بين الوظيفة المدنية والوظيفة العسكرية يُعطي الذريعة لاستهداف العاملين في المؤسسات المدنية».

توسع الإضراب

وفي سياق منفصل، انضم موظفون في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى الإضراب الذي ينفّذه المعلمون منذ أسبوع؛ للمطالبة بزيادة الرواتب مع تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار وارتفاع أسعار السلع.

ووفقاً لما قالته مصادر في أوساط المحتجين لـ«الشرق الأوسط»، فقد التقى محافظ تعز، نبيل شمسان، مع ممثلين عنهم، واعداً بترتيب لقاء مع رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك؛ لطرح القضايا الحقوقية المتعلقة بالمستحقات المتأخرة وهيكلة الأجور والمرتبات وتنفيذ استراتيجية الأجور، لكن ممثلي المعلمين تمسكوا بالاستمرار في الإضراب الشامل حتى تنفيذ المطالب كافّة.

المعلمون في تعز يقودون إضراب الموظفين لتحسين الأجور (إعلام محلي)

وشهدت المدينة (تعز) مسيرة احتجاجية جديدة نظّمها المعلمون، وشارك فيها موظفون من مختلف المؤسسات، رفعوا خلالها اللافتات المطالبة بزيادة المرتبات وصرف جميع الحقوق والامتيازات التي صُرفت لنظرائهم في محافظات أخرى.

وتعهّد المحتجون باستمرار التصعيد حتى الاستجابة لمطالبهم كافّة، وأهمها إعادة النظر في هيكل الأجور والرواتب، وصرف المستحقات المتأخرة للمعلمين من علاوات وتسويات وبدلات ورواتب وغلاء معيشة يكفل حياة كريمة للمعلمين.