هل تنجح الدول الأفريقية في تحقيق الأمن الغذائي؟

مؤسسات بالقارة تعهدت بدعم الزراعة بـ30 مليار دولار

قادة أفارقة في أثناء حضورهم قمة «داكار 2 لإطعام أفريقيا» في السنغال (حساب «بنك التنمية الأفريقي» على تويتر)
قادة أفارقة في أثناء حضورهم قمة «داكار 2 لإطعام أفريقيا» في السنغال (حساب «بنك التنمية الأفريقي» على تويتر)
TT

هل تنجح الدول الأفريقية في تحقيق الأمن الغذائي؟

قادة أفارقة في أثناء حضورهم قمة «داكار 2 لإطعام أفريقيا» في السنغال (حساب «بنك التنمية الأفريقي» على تويتر)
قادة أفارقة في أثناء حضورهم قمة «داكار 2 لإطعام أفريقيا» في السنغال (حساب «بنك التنمية الأفريقي» على تويتر)

دفعت تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية المخاوف بخصوص الأمن الغذائي العالمي إلى الواجهة بشكل أكبر، وفي ظل تفشي مشكلات نقص الغذاء في عدد من الدول الأفريقية، تسعى مؤسسات بالقارة إلى تأمين احتياجات شعوبها من الغذاء، خصوصاً في ظل امتلاك رقعة هائلة من الأراضي الصالحة للزراعة.
وتعهد «بنك التنمية الأفريقي»، وشركاء التنمية بتخصيص مبلغ 30 مليار دولار لتمويل الأغذية والأعمال التجارية الزراعية في القارة في السنوات الخمس المقبلة، وذلك خلال قمة «داكار 2 لإطعام أفريقيا»، التي اختُتمت أعمالها (الجمعة)، ومن المبلغ المعلن، تعهد «البنك الأفريقي للتنمية» بتوفير 10 مليارات دولار.
واتخذت القمة التي حضرها 34 رئيس دولة وحكومة أفريقية، وقادة منظمات في مجال التنمية الدولية، وممثلون من القطاع الخاص، شعار «إطعام أفريقيا: السيادة الغذائية والقدرة على الصمود». واستهدفت «تعبئة الموارد الحكومية وشركاء التنمية والقطاع الخاص من أجل استغلال إمكانات أفريقيا الزراعية لتحقيق الأمن الغذائي».
وحسب «بنك التنمية الأفريقي»، تسببت الحرب الروسية - الأوكرانية في نقص حاد يقدر بنحو 30 مليون طن من المواد الغذائية خصوصاً القمح والذرة وفول الصويا في أنحاء أفريقيا، كما ارتفعت أسعار القمح بنحو 40% في بعض الدول الأفريقية. وارتفعت أيضاً أسعار الأسمدة من ثلاث إلى أربع مرات عن مستويات عام 2020، ما أدى إلى وجود فجوة في الإمداد تبلغ مليوني طن.
وقال البنك إن «828 مليون شخص يعانون الجوع على الصعيد العالمي، ثلثهم من الأفارقة تقريباً، في الوقت الذي تمتلك فيه القارة الأفريقية 65% من الأراضي الصالحة للزراعة في العالم».
وتستطيع القارة السمراء إطعام 9 مليارات شخص بحلول 2050، إذا زادت من رقعة أراضيها الزراعية البالغة 400 مليون هكتار، تزرع منها حالياً 40 مليون هكتار فقط، وفقاً لبيانات البنك.
ويتوقع البنك «ارتفاع حجم الإنتاج الزراعي الأفريقي من 280 مليار دولار سنوياً إلى تريليون دولار عام 2050، إذا تم التغلب على العقبات التي تعترض التنمية الزراعية»، وقال إن «العقبة الأساسية أمام تنمية المشاريع الزراعية هي شح التمويل في القطاع الخاص، إذ يحتاج المزارعون إلى قروض تصل إلى 65 مليار دولار سنوياً، لإنتاج ما يكفي من الغذاء محلياً».
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» رأى زكي أبو مدين، الخبير الاقتصادي الموريتاني أنه «في ظل الكثير من العوامل الدولية والإقليمية وعلى رأسها الحرب الروسية - الأوكرانية، زاد وعي القادة الأفارقة بخطورة الموقف».
ويعتقد أبو مدين أن قمة داكار جاءت في هذا السياق، وقال: «في الوقت الحالي يبني القائمون على الشأن الأفريقي سياساتهم الاقتصادية على إبراز المقدرات الخاصة بكل بلدٍ ومزاياه التنافسية والتكامل الاقتصادي بين البُلدان والتعاون فيما بينها وإدخال التكنولوجيا الحديثة في مجال الزراعة، من أجل الرفع من مستوى الإنتاجية».
وأضاف: «لكن كل هذه الجهود تبقى حبراً على ورق ما لم يتم الالتزام باتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة الفساد الاقتصادي والإداري وخلق مناخ استثماري ملائم لتطوير المجال وإشراك القطاع الخاص بصفة أكثر فاعلية وتهيئة الإطار القانوني والتشريعي لمواكبة التطور».
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» رأى رامي زهدي الخبير في الشؤون الأفريقية، أن «تحدي تحقيق الأمن الغذائي للقارة صار الأكبر لكل دول القارة».
وقال إن «القارة مرت طوال الوقت بمجاعات وأزمات في توفير الغذاء، لكن للمرة الأولى تواجه كل دول القارة دون استثناء وبمستويات متفاوتة أزمة في هذا السياق».
ورأى زهدي أن «قادة القارة تأخروا للغاية في اتخاذ إجراءات لتجنب الوضع الحالي الذي كان يمكن تجنبه، لكن ما توصلت إليه القمة جيد كبداية». شارحاً أن «المجاعات وانعدام الأمن الغذائي قد يتسببان في نشوب حروب وتفشٍ أكبر للإرهاب في القارة، بالإضافة إلى إمكانية تحول النزاعات الحدودية التي تزخر بها القارة إلى نزاعات مسلحة».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


الحكومة المصرية تتعهد بعدم اللجوء إلى «تخفيف أحمال الكهرباء»

TT

الحكومة المصرية تتعهد بعدم اللجوء إلى «تخفيف أحمال الكهرباء»

تعهّدت الحكومة المصرية بعدم اللجوء إلى خطة «تخفيف أحمال الكهرباء»، أي قطع الخدمة مدة محددة يومياً، الصيف المقبل، وقالت إنها «وفّرت الوقود الكافي لتشغيل المحطات»، إلى جانب «التوسع في إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة».

وافتتح رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، محطة «أبيدوس 1» للطاقة الشمسية في مدينة كوم أمبو، بمحافظة أسوان (جنوب مصر)، ضمن خطوات للحكومة المصرية للتوسع في مشروعات الطاقة المتجددة لإنتاج الكهرباء.

ولجأت الحكومة المصرية لخطة تُسمى «تخفيف الأحمال»، تقضي بقطع التيار عن مناطق عدة خلال الصيف الماضي لمدة وصلت إلى ساعتين يومياً، وذلك لتقليل الضغط على شبكات الكهرباء، بسبب زيادة الاستهلاك، في حين اشتكى مواطنون من تجاوز فترات انقطاع الكهرباء أكثر من ساعتين.

وتعهّد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، بـ«عدم اللجوء إلى تخفيف أحمال الكهرباء مرة أخرى»، وقال في كلمته خلال افتتاح محطة «أبيدوس 1» للطاقة الشمسية، السبت، إن «حكومته خصصت التمويل لتوفير الوقود اللازم لاستقرار إنتاج الشبكة القومية للكهرباء»، مشيراً إلى «وضع خطة عاجلة لإضافة 4 آلاف ميغاواط من الطاقة المتجددة لتأمين الاستهلاك في صيف 2025».

رئيس الوزراء المصري خلال افتتاح محطة أبيدوس للطاقة الشمسية - (مجلس الوزراء المصري)-

وأوضح مدبولي أن «وزارة الكهرباء تمكّنت من حل مشكلة الانقطاعات بالتنسيق، وتحسين الإنتاجية»، إضافة إلى «وضع خطة لتأمين التغذية الكهربائية لصيف 2025 مع وزارة البترول، تقوم على سد فجوة متوقعة في الإنتاج في حدود من 3 إلى 4 آلاف ميغاواط إضافية، بتكلفة استثمارية تقارب 4 مليارات دولار»، مشيراً إلى أنه «سيتم الاعتماد على الطاقة الجديدة والمتجددة لسد فجوة الإنتاج والاستهلاك في الصيف المقبل، وتجنّب اللجوء لتخفيف الأحمال، وتقليل استيراد المواد البترولية».

وكان رئيس الوزراء المصري قد بحث خلال اجتماع حكومي، الخميس، مع وزراء الكهرباء والبترول والمالية، «ضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من الوقود في فصل الصيف المقبل»، وأكد «ضمان الجاهزية، وعدم وجود انقطاعات في الكهرباء، واستدامة واستقرار التغذية بالكهرباء بمختلف المحافظات»، وفق إفادة لمجلس الوزراء المصري.

ولجأت الحكومة المصرية في شهر يونيو (حزيران) الماضي، لاستيراد 300 ألف طن مازوت، و20 شحنة من الغاز لضخ كميات كافية من الوقود لإنتاج الكهرباء، ووقف خطة انقطاع الكهرباء، في حين قدرت وزارة الكهرباء المصرية حجم الاحتياج اليومي لإنهاء انقطاعات الكهرباء بنحو 135 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، و10 آلاف طن من المازوت.

وعدّ مدبولي افتتاح محطة «أبيدوس» للطاقة الشمسية، «تحولاً نوعياً» في استثمار الموارد الطبيعية في بلاده، وتوظيفها بشكل «أكثر كفاءة بما يغطي الاحتياجات».

وتقام محطة «أبيدوس 1» لإنتاج الطاقة الشمسية على مساحة 10 آلاف متر مربع، وتضم أكثر من مليون لوح شمسي، بقدرة إنتاجية تصل إلى 560 ميغاواط، ما يجعلها ثاني أكبر محطة للطاقة الشمسية في أفريقيا بعد محطة «بنبان» في أسوان

وتضاف المحطة لمشروعات الطاقة الشمسية في محافظة أسوان؛ حيث سبق أن افتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في يوليو (تموز) 2018، محطة «الطاقة الشمسية في بنبان» بأسوان، والتي تصنف الأكبر في أفريقيا والشرق الأوسط، بطاقة إنتاجية 2000 ميغاواط من الكهرباء، حسب مجلس الوزراء المصري.

ويعتقد خبير الطاقة المصري، علي عبد النبي، أن توسع الحكومة المصرية في مشروعات الطاقة المتجددة «خطوة ضرورية لمواجهة عجز الإنتاج في فترات ذروة الاستهلاك»، وشدد على «ضرورة اتخاذ الحكومة حزمة من الإجراءات لتحقيق أمن الطاقة، من بينها الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء».

ووضعت الحكومة المصرية استراتيجية وطنية للطاقة المتجددة، تستهدف إنتاج 42 في المائة من الكهرباء، من مصادر الطاقة الجديدة بحلول عام 2030، وفق مجلس الوزراء المصري.

وطالب عبد النبي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بـ«ضرورة استثمار موارد مصر الطبيعية في إقامة مزيد من مشروعات الطاقة الجديدة، مثل التوسع في محطات الطاقة الشمسية في أسوان، ومحطات الرياح في محافظتي البحر الأحمر والسويس»، مشيراً إلى «ضرورة إقامة محطات لتخزين الكهرباء للاستفادة من إنتاج مشروعات الطاقة الجديدة».

محطة أبيدوس للطاقة الشمسية - (مجلس الوزراء المصري)

من جهته، يرى أستاذ الطاقة بالجامعة الأميركية بالقاهرة، جمال القليوبي، أن الحكومة المصرية «تتخذ 3 إجراءات استباقية لتأمين إنتاج الكهرباء في الصيف المقبل»، مشيراً إلى أن «أولى تلك الخطوات التوسع في مشروعات الطاقة الشمسية والرياح لإنتاج نحو 4 آلاف ميغاواط من الكهرباء».

وأوضح القليوبي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الحكومة المصرية تتجه لإبرام صفقات لاستيراد الغاز والوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء، مع التوسع في عمليات البحث والتنقيب والاستكشافات المحلية»، مشيراً إلى أن القاهرة «تستهدف تقليل فاتورة استيراد الطاقة من الخارج، بالاعتماد على مصادر الإنتاج المحلية».

وعلى هامش افتتاح محطة «أبيدوس»، شهد رئيس الوزراء المصري، توقيع اتفاقين لتنفيذ مشروع محطة رياح، بقدرة 500 ميغاواط في منطقة خليج السويس، بين وزارة الكهرباء المصرية وشركة «إيميا باور» الإماراتية.