بعد عامين عكسا أزمة مهرجان برلين مع نفسه والعالم، تنطلق الدورة الـ73 منه، ما بين 16 و26 من الشهر المقبل حاملة الوعد بالعودة إلى مكانته السابقة كأحد أهم ثلاثة مهرجانات دولية إلى جانب كل من «فينيسيا» و«برلين».
في عام 2020 اضطر المهرجان إلى إغلاق أبوابه والاتكال على العروض الإلكترونية بديلاً. في عام 2021 عاد للعروض الفعلية، لكن على نحو غير متكامل ولا يشبه ما كان عليه وضعه في السنوات السابقة لوباء «كورونا» ومشتقاته.
جهد المهرجان العام الحالي لتفعيل نشاطاته على نحو كامل: 18 فيلماً في المسابقة، مئات المدعوين بأفلامهم في جميع الأقسام المعهودة وفوقها تظاهرتان جديدتان. سوق أوروبية واسعة ولجنة تحكيم بقيادة الممثلة كريستين ستيوارت.
هذا إلى جانب انغماسه في السياسة عبر محورين: هناك وقفتا تضامن، واحدة مع أوكرانيا، والثانية مع إيران. الأولى تحمل في طيّاتها فيلماً من إخراج الأميركي شون بن بعنوان «سوبرباور». جلس بن والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وأجرى معه حواراً مصوّراً ومدعوماً بمشاهد للحياة تحت القصف وبموقف الممثل - المخرج حولها.
شون بن يجالس زيلينسكي في «سوبرباور»
لا يُخفى أن بن كان أول هوليوودي أعلن تأييده لأوكرانيا في هذه المواجهة، وعليه وُضع على القائمة الروسية السوداء.
بعده توالى المهتمّون فزارت كل من أنجلينا جولي وجيسيكا شستين (كل منفردة)، العاصمة كييف للقاء مع زيلينسكي، وجمع الممثل ليف شرايبر (المولود في أوكرانيا) 30 مليون دولار للمساعدات الإنسانية. كذلك أعلن الممثل الكوميدي بن ستيلر تأييده السياسي لحاكم كييف.
تأييد المهرجان المطلق لأوكرانيا يتبدّى بتغيير لون الدب الألماني، الذي داوم المهرجان على إعلانه شعاراً منذ بداياته في الخمسينات، من اللون الأزرق كاملاً إلى اللونين الأزرق (النصف الأعلى) والأصفر تشابهاً مع اللون الأوكراني.
الفيلم الياباني «سوزومي» مشاركاً
رقعة كبيرة
وقفة عند هذا الحد تذكرنا بأن المهرجان في معظم سنواته السابقة لم يتأخر عن احتواء السياسة في عصب تأسيسه. سنة 1951 كانت الحرب العالمية انتهت قبل سنوات قليلة. ألمانيا منقسمة. أوروبا تداوي جروحها أيضاً، كان كل من مهرجان «فينيسيا» ومهرجان «كان» انطلق قبل سنوات. «فينيسيا» الذي سبق الحرب العالمية الثانية ببضع سنوات، ومن ثم «كان» الذي تلاها ببضع سنوات.
كلاهما كان قراراً سياسياً، فالمهرجان الإيطالي سار قبيل الحرب، وخلالها، في ركب سياسة الدولة الإيطالية وانتخب أفلامه من الدول الحليفة ومنع عنه أفلام الدول المعادية ومن بينها فرنسا، مما دفع الحكومة لإطلاق مهرجان مضاد يشتغل على رقعة أكبر وكل هذا قبل نهاية الحرب العالمية الثانية، وتقويم المهرجانين اتجاههما بحيث ما عادت هناك أهمية إلا لمنافسة شريفة وخالية من السياسة استمرت حتى يومنا هذا.
«برلين» يدخل في الصلب، من حيث إنه البلد الذي خرج جريحاً من الحرب والنية كانت، آنذاك، المشاركة في تعافي السينما الألمانية والصورة الألمانية كذلك. أريد له أن يكون منبراً مفتوحاً من دون أن يعني ذلك نبذ السياسة. الموقف الذي ارتاح إليه المهرجان الألماني هو أن يتوسط الشرق الأوروبي وغربه (حينها كانت أوروبا انقسمت إلى شرق وغرب)، وهذا التوسط كان فاعلاً بحيث إن المعسكرين (الشرقي والغربي) استخدماه لنشر الآيديولوجيات طوال السنوات التي سبقت توحيد ألمانيا.
في السنوات الثلاثين الأخيرة دفع المهرجان حثيثاً باتجاه التوسع والانتقال من الخانة الثالثة بعد «كان» و«فينيسيا» إلى الأولى أو الثانية. ما نجح فيه هو تشديد دوره وحضوره كضلع ثالث في هذا المثل، بحيث إن نجاح أي ضلع منه يتوقف على عدد الأفلام المهمّة، والمخرجين الكبار الذي يستطيع كل منهم تأمينه.
الحاصل العام الحالي، هو العودة لهذه السنوات النضرة، والتأكيد على دور المهرجان ونشاطه في الحياة السينمائية.
أفلام ودول
للإحاطة بهذا الجانب، فإن أفلام المسابقة تتضمن أفلاماً من الولايات المتحدة (بعدد محدود داخل المسابقة وخارجها) ومن كوريا الجنوبية، وإسبانيا، وإيطاليا، واليابان، وفرنسا، وبالطبع ألمانيا (لجانب التظاهرة الخاصة بالأفلام الألمانية الجديدة ككل سنة).
هناك، كما تقدم، 18 فيلماً في المسابقة من بينها 15 فيلماً تشهد عرضها العالمي الأول. من بينها كذلك 6 أفلام من إخراج نساء، ومن بين المخرجين جميعاً يوجد 11 سبقاً لهم، وإن ترددوا على المهرجان الألماني سابقاً. 8 من هؤلاء سيعرضون أفلامهم في المسابقة والباقي خارج المسابقة.
3 من المخرجين المشتركين في المسابقة يقدّمون أولى أعمالهم.
فيلم الافتتاح سيكون للمخرجة ريبيكا ميلر «هي التي جاءت إليّ» (She Came to Me) الذي سيعرض خارج المسابقة، وهو من بطولة بيتر دنكلاج، وماريسا توماي، وآنا هاذاواي.
الأوسكار... العنصر الخفي
> مسعى المهرجان الألماني لاسترداد مكانته قد يكلَّل بالنجاح إذا ما ارتفعت أفلامه داخل المسابقة (خصوصاً) إلى مستوى لا يمكن معه إلا اعتبار الدورة ناجحة من دون استثناءات تُذكر. لكن هناك عنصراً خفياً يعمل ضد هذا المهرجان في وسط عالم ما عادت تحكمه النجاحات الفنية على النحو الذي كان الأمر عليه قبل ولولوجنا العقدين السابقين من هذا القرن.
إنه عنصر «الأوسكار» الذي يستند إليه مهرجانا «كان» و«فينيسيا» للتأكيد على دورهما الفاعل في ترويج السينما. فالفيلم الواصل إلى سدّة الأوسكار (كما هي حالة «مثلث الحزن» الذي ربح ذهبية «كان» في العام الماضي ودخل ترشيحات الأوسكار العام الحالي) يشجّع المنتجين والمخرجين على اعتماد هذين المهرجانين سبيلاً لوضع قدم لأفلامهم في السوق الأميركية ودخول المسابقة السنوية الكبرى.
ما لا يستطيع «برلين» توفيره على نحو دائم هو التأكيد على أن أفلامه (أو بعضها بالأحرى) تستطيع دخول السباق الأميركي الكبير؛ هذا بسبب أن المدة التي تفصل بين «برلين» و«الأوسكار» تبلغ نحو سنة كاملة، في حين أنها بين «كان» و«الأوسكار» تبلغ نحو 8 أشهر، وبين «فينيسيا» و«الأوسكار» نحو 4 أشهر ونيف.
أفلام المسابقة تتوزع حسب بلدانها على النحو التالي:
فرنسا
< «ديسكو بوغ»
(Disco Boy)
لجياكومو أبروتزيزي
< «المحراث»
(The Plough)
لفيليب غارل
ألمانيا
< «مشتعل» (Afire) لكريستيان بيتزولد
< «رحلة إلى الصحراء» (Journey into the Desert) لمارغريت فون تروتا
< «يوماً ما سنخبر بعضنا كل شيء»
(Someday We›ll Tell Each Other Everything) < لأنيلي عاطف
«حتى نهاية الليل»
(Till the End on the Night)
لكريستوف هوشباوزلر
فرنسا ـ ألمانيا
< «موسيقى» (Music) لأنجيلا شانيلك.
< «إصرار» (Adamant) لنيكولاس فيلبرت
اليابان
< «سوزومي» (Suzume) لماكوتو شنكاي
المكسيك
< «توتم» (Totem)
ليلى أفيليس.
الصين
< «البرج الذي لا ظل له»
(The Shadowless Tower) لجانغ لو
إسبانيا
< «20 ألف فصيل
من النحل»
(20. 000Species of Bees) لاستباليتز سولاغورن.
كندا
< «توت أسود»
(Black Berry)
لمات جونسون
أستراليا
< «فراغ» (Limbo)
لإيفان سن.
< «ديمومة الطيبة»
(The Survial of
Kindness)
لرولف د هير
البرتغال
< «عيش سيىء»
(Bad Living)
لخاو كانيو
بريطانيا
< «مانددروم»
(Manodrome)
لجون ترنغوف
الولايات المتحدة
< «حيوات سابقة»
(Past Lives)