شاشة الناقد: ثلاثة أفلام من مهرجان «البحر الأحمر» تكسر المعتاد

«العميل السري» (مهرجان البحر الأحمر)
«العميل السري» (مهرجان البحر الأحمر)
TT

شاشة الناقد: ثلاثة أفلام من مهرجان «البحر الأحمر» تكسر المعتاد

«العميل السري» (مهرجان البحر الأحمر)
«العميل السري» (مهرجان البحر الأحمر)

THE SECRET AGENT ★★★★

إخراج: ‪ كلايبر مندوزا فيلو‬

البرازيل | تشويق سياسي

عروض 2025: مهرجان «البحر الأحمر»

يتألّف هذا الفيلم الذي شهد عرضه الأول في مهرجان «ڤينيسيا» هذا العام واستُقبل جيداً في مهرجان البحر الأحمر قبل أيام من 3 أقسام، كل منها بعنوان مختلف، لكن ليس بغرض سرد 3 حكايات مختلفة، بل لربط أحداث كل فصل وشخصياته بخيط واحد يتناول، بالإيحاء غالباً، الجريمة السياسية في البرازيل سنة 1977. وسواء تحدّث القسم الأول عن جرائم قتل ارتكبها نظام تلك الفترة ضد المواطنين، أو رغبة بطل الفيلم مارسيلو (واغنر مورا) في البحث في أرشيف الدولة عن تاريخ عائلته (القسم الثاني)، أو لجوئه للتخفي بعيداً عن أعين مطارديه في محاولته لإعادة فهم وتقييم الواقع المُعاش (عموم الأقسام الثلاثة)، فإنه يوفّر من خلال شخصية بطله نظرة جامعة لأثر الاضطهاد السياسي على حياته فرداً وحياة الآخرين مجموعةً. وهو يفعل ذلك بدراية كاملة وبحرية فنية تجعل الفيلم أكثر إشباعاً لمحبي السينما وتمنح المُشاهد معالجة تبدو كما لو كانت مستقاة من خطوط أحداث لا نراها، بل نعايشها كما نعايش الماثل أمامنا. هذا كان شغل فيلو منذ فيلمه الأول «أصوات مجاورة» (Neighboring Sounds) وما زال شغله الآن، حيث ما نراه وما لا نراه يتساويان في الإيحاء والأهمية.

يستخدم فيلو السينما مرآة تعكس ذاكرة تقض المضاجع. مارسيلو يعيش في ماضيه كما في واقعه الحالي. يلجأ إلى بلدة تعيش طقوساً احتفالية لا يأبه لها كثيراً، إذ إن غايته إعادة الوصل بينه وبين ابنه الذي يعيش في الخيال. كل هذا والشعور بأن السلطة والعاملين فيها أو متعاملين معها موجودون عن قرب، حتى وإن لم نرَ لهم حضوراً فعلياً.

يتحرك الفيلم بحرية بين موضوعاته وأقسامه، غير مرتبط بمنهج سرد معيّن، ولكثرة مشاغله وما يود البحث فيه هناك تطويل يطغى، لكنه يبقى قادراً على جذب الاهتمام طوال الوقت. ما يتبلور على الشاشة هو عمل يجمع بين سيرة شبه شخصية لرجل يرفض نسيان الأمس وبين حب السينما كلغة تعبير، وثقة المخرج بالكيفية التي ينجز فيها مفرداته هذه.

BLACK RABBIT‪,‬ WHITE RABBIT ★★★

إخراج: شهرام مقري

طاجيكستان/ الإمارات العربية

المتحدة | دراما

عروض 2025: مهرجان «البحر الأحمر»

هذا فيلم غريب يُقدّر لحريّة المخرج في معالجته المبنية، بوضوح، على الخروج من شروط السرد المعتمد عادةً إلى آخر يتطلّب من المُشاهد التحرك بالاتجاه نفسه، متجاوزاً بدوره ما اعتاد عليه.

«أرنب أسود، أرنب أبيض» (مهرجان البحر الأحمر)

يدور في أرض تعود إلى استوديو حيث يُصوَّر فيلمان معاً في رقعة واحدة. رغبة المخرج مقري تعتمد على الإكثار من استخدام حريّته في رصف الفيلم الذي يريد كما يريده. هذا يخلق وضعاً تتكرر فيه المشاهد والحوارات، كما الحال عادةً خلال صنع الأفلام. نرى المشهد نفسه مع تغيير طفيف أكثر من مرة، تبعاً لرؤية مخرج يهوى التجريب ويراه مدخلاً مناسباً لسينماه. امرأتان ورجل ومسدس قديم هم محور ما يدور، لكن في وسط ما يبدو تكراراً، حضور لطبقات جديدة تتوالى الظهور.

من حسنات الفيلم التصوير (لمرتضى غايدي)، الذي يؤسس لنظام عمل متكامل يتواكب مع رغبة المخرج في تشغيل مخيلة المُشاهد وتعزيز أسلوبه. في أحيان كثيرة، يؤدي ذلك، ولو بالقصد، إلى الخلط بين الحدث الذي يقع في الفيلم الذي نراه، وذلك الحدث الآخر الذي ينطوي عليه الفيلم داخل الفيلم.

LOST LAND ★★★

إخراج: أكيو فوجيموتو

اليابان/ ماليزيا/ فرنسا

دراما عن الهجرة

عروض 2025: مهرجان «البحر الأحمر»

لا بد أن الشعور الإنساني في صميمه هو ما يدفع مخرجاً يابانياً للانتقال إلى بنغلاديش لتصوير موضوع محلي الحدث مع شخصيات محلية بدورها.

«أرض مفقودة» (مهرجان البحر الأحمر)

في «أرض مفقودة» متابعة لمصير صبي في الرابعة من العمر وشقيقته ابنة التاسعة، وقد قررا الاشتراك في رحلة تبدأ في حافلة تقل عشرات الأشخاص وتنتهي بهما بعد أيام من المشاق، وقد أصبحا وحيدين. مما يتبدى أن غاية المخرج فوجيموتو هي الحديث عن الهجرة غير الشرعية عموماً، مع تمهيد للشخصيتين قبل التحوّل عنهما لتصوير آخرين يؤمّون الهدف نفسه ويعيشون مصاعبه. سيعود المخرج للصبي شافي وأخته سميرة لاحقاً بعد أن يؤسس صورة عامة.

رغبة هذين الولدين هي ترك بنغلاديش في محاولة للقاء والديهما اللذين كانا قد هاجرا إلى ماليزيا. ليس هناك كثيراً لتداوله حول ظروف ما قبل قرارهما بالهجرة، لكن الحكاية تنتهي بهما وقد وجدا نفسيهما في تايلاند. على ذلك، يلتقي هذا المنهج مع حقيقة أن الشخصيات المحيطة تهاجر من دون القدرة على اتخاذ قرارات صائبة. في عموم الفيلم، هم آملون بمستقبل أفضل في عالم لا أمل فيه بالنسبة إليهم على الأقل.

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز


مقالات ذات صلة

السينما في 2025... عام مفصلي لتطور تقنيات الإبهار

سينما «سريع وغاضب» واللامعقول (يوينڤرسال)

السينما في 2025... عام مفصلي لتطور تقنيات الإبهار

في مجمله، كان عام 2025 نقطةً مفصلية في مسار السينما على أكثر من صعيد. بدقّة عالية يمكن تحديد العام الحالي على أساس نقطة تفصل بين ما قبله وما بعده.

محمد رُضا (جدّة)
يوميات الشرق جمانا الراشد مع النجمتين الفائزتين وهيلين هوني وشيفاني باندايا - مالهوترا (غيتي - بإذن المهرجان)

هند صبري وعليا بات تُتوَّجان في «البحر الأحمر» بجوائز «غولدن غلوب» العالمية

الجائزتان تُضيئان على إنجازات ألمع المواهب الإبداعية في منطقة الشرق الأوسط وآسيا وشمال أفريقيا

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق مُلصق الفيلم من بطولة يعقوب الفرحان وسارة طيبة (البحر الأحمر)

«مسألة حياة أو موت»... حين يضع الحبّ يده على حافة العبث

يشكّل «البحر الأحمر» محطة أساسية في مسار الفيلم، لا سيما أنّ المهرجان دعم العمل في مرحلتَي التطوير والإنتاج...

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الممثل البريطاني أنتوني هوبكنز على مسرح المهرجان (تصوير: إيمان الخطاف)

أيقونة السينما أنتوني هوبكنز في «البحر الأحمر»: حياتي تتجاوز ما توقعته

بعد مسيرة سينمائية حافلة قاربت الـ6 عقود، اعتلى أسطورة التمثيل العالمي أنتوني هوبكنز خشبة مسرح مهرجان البحر الأحمر السينمائي بجدة، مساء الأربعاء.

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق من كواليس تصوير الفيلم (الشرق الأوسط)

حسين المطلق: اعتمدت على المفارقات النفسية في فيلم «حفل افتتاح»

قال المخرج السعودي حسين المطلق إن فيلمه القصير «حفل افتتاح» لم يكن مجرد تجربة فنية يسعى من خلالها لتقديم عمل جديد.

أحمد عدلي (القاهرة)

السينما في 2025... عام مفصلي لتطور تقنيات الإبهار

«سريع وغاضب» واللامعقول (يوينڤرسال)
«سريع وغاضب» واللامعقول (يوينڤرسال)
TT

السينما في 2025... عام مفصلي لتطور تقنيات الإبهار

«سريع وغاضب» واللامعقول (يوينڤرسال)
«سريع وغاضب» واللامعقول (يوينڤرسال)

في مجمله، كان عام 2025 نقطةً مفصلية في مسار السينما على أكثر من صعيد. بدقّة عالية يمكن تحديد العام الحالي على أساس نقطة تفصل بين ما قبله وما بعده، تماماً كما حدث عندما داهم وباء «كورونا» العالم قبل 5 سنوات، فوجدت السينما، كغيرها من القطاعات، نفسها في موقع التحدي والمواجهة.

لكنّ ما يحدث هذه المرّة يختلف؛ فالسينما تدخل عصراً جديداً تبلورت ملامحه في الأعوام السابقة، ثم تجسّد عام 2025 بوصفه واقعاً ثابتاً وقوة مؤثرة في مختلف عناصر الصناعة. الإحاطة بهذه التطورات تكشف حجم تأثير دخول التقنيات إلى عمق البنية الصناعية للسينما.

«بوليت» المطاردة تبدو واقعية لليوم (وورنر)

استبدال شامل

حتى سنوات قليلة مضت، ظلّ إنتاج الأفلام يجري بالطريقة التقليدية: الموافقة على المشروع، ومن ثَم تطويع كل الإمكانات الفنية والتقنية لخدمته وفق موضوعه ونوعه. وكان من المعتاد اللجوء إلى تقنيات الكمبيوتر غرافيكس لإتمام ما يصعب تحقيقه واقعياً، مثل مشاهد مطاردات السيارات في أفلام مثل «بولِت» (Bullitt) 1968، و«ذَ فرنش كونكشن» (The French Connection) 1971، و«رونَن» (Ronin) 1998، التي كانت تُنجز بجهود بشرية شاقة وبمخاطر حقيقية.

اليوم تغيّر القاموس التنفيذي بالكامل. بات في الإمكان تصوير ممثل يركض في «شوارع باريس»، وهو في الحقيقة واقف داخل ستوديوهات «يونيڤرسال»، أمام شاشة خضراء. ويكفي عقد مقارنة بين تلك الأفلام الكلاسيكية وأي فيلم من سلسلة «Fast and Furious» للتأكد من حجم التحوّل.

لكن المدّ لا يتوقف هنا. فالاعتماد على الذكاء الاصطناعي شهد هذا العام قفزة جديدة. صار من الممكن، تنفيذ الفيلم من السيناريو إلى الشاشة عبر منظومة غير بشرية بالكامل: كتابة، إخراج، تصوير، مونتاج، بل وحتى أداء الممثلين.

دافع رئيس

قبل أسبوعين، اعتلى المخرج غييرمو دل تورو منصّة «أميركان فيلم إنستتيوت» لتسلُّم جائزته عن فيلمه الجديد «فرانكنستين»، ونال تصفيقاً حاراً حين أعلن: «فيلمي فني في كل لقطة. خالٍ بنسبة 100 في المائة من الذكاء الاصطناعي».

وعلى الرغم من هذه المواقف، يبقى الدافع الأساسي لاعتماد التقنية واضحاً: تقليص الميزانيات الضخمة للأفلام التجارية. فالذكاء الاصطناعي قادر على خفض التكاليف إلى النصف تقريباً، بحيث تبقى الرواتب هي العبء الأكبر وحدها.

وهذا يتقاطع مع استعداد جمهور واسع لقبول كل ما يقدّم له ما دام يحتوي على جرعات عالية من الأكشن والخيال، دون الاكتراث بما إذا كان الفيلم «بشرياً» أم مُنتجاً آلياً.

«فرانكنستين» 100 في المائة سينما (نتفليكس)

تفكير بالنيابة

يرى المدافعون عن الذكاء الاصطناعي (AI) أنّه يطوّر بصريات الفيلم ويجوّد مؤثراته، لكن هذا صحيح بقدر محدود. فالسينما بلغت قممها على أيدي فنانين أكفّاء صنعوا روائع مثل «ووترلو»، أو «بوني وكلايد»، أو «لورنس العرب»، أو «صنست بوليڤارد»، أو «القيامة الآن».

ما يطلبه الذكاء الاصطناعي ببساطة هو: «لا تفكّر... سأفكّر نيابةً عنك».

وهو ما يشبه ما حدث مع الهواتف الذكية وخرائط «غوغل»: استبدال الجهد الذهني بالاعتماد التام على التقنية.

ولا يعمل الذكاء الاصطناعي وحده في هذا المسار. فعام 2025 هو الامتداد الأكثر شراسة لما بدأ قبل سنوات مع المنصّات المنزلية، التي توفّر عليك مهمّة الانتقال إلى صالات السينما. غايتها ليست راحتك ولا حتى مساعدتك على الحد من النفقات (لم ترتفع أسعار التذاكر إلى المستوى الحالي إلا كرد فعل على انخفاض الإقبال) بل مد أصابعها إلى محفظتك كل شهر. أنت بالتالي، وعلى عكس روعة الحضور الفعلي لصالة السينما، لست أكثر من رقم محفوظ ومصمم لكي تُفيد جهة لن تقوم مطلقاً بتوفير أفلام فنية أو تعالج موضوعات جادّة بفاعلية طالما إنها ليست مطلب الجمهور.

وفي هذا السياق جاء هجوم «نتفليكس» الأخير لشراء «وورنر»، في خطوة توسّع رقعة هيمنة المنصّات. بينما جاء دخول «باراماونت» على خط الاستحواذ لعرقلة هذا التفرّد وإعادة بعض التوازن إلى المنافسة.

لكن السينما المناوئة لم تُهزم بعد وتجد في المهرجانات الفنية مساحة كبيرة للمقاومة كما في مواقف مخرجين يدركون جيّداً أن عليهم الصمود في وجه هذه التيارات.


شهد أمين لـ«الشرق الأوسط»: «هجرة» يكسر نموذج المرأة الواحدة

شهد أمين في حوار معها من داخل مهرجان البحر الأحمر (المهرجان)
شهد أمين في حوار معها من داخل مهرجان البحر الأحمر (المهرجان)
TT

شهد أمين لـ«الشرق الأوسط»: «هجرة» يكسر نموذج المرأة الواحدة

شهد أمين في حوار معها من داخل مهرجان البحر الأحمر (المهرجان)
شهد أمين في حوار معها من داخل مهرجان البحر الأحمر (المهرجان)

بين حضور دولي، بدأ مع فيلم «سيدة البحر» عام 2019، وصولاً إلى اختيار فيلمها الجديد «هجرة» لتمثيل السعودية في سباق الأوسكار 2026، تبدو المخرجة السعودية شهد أمين أكثر وضوحاً في صياغة رؤيتها السينمائية، خاصة أن الفيلمين يتقاطعان في السرد النسوي، حيث يقدمان نظرة لأحوال المرأة ومعالجة عميقة لقصصها.

وفي حوار أجرته معها لـ«الشرق الأوسط» من داخل مهرجان البحر الأحمر السينمائي بجدة، حيث يشارك فيلمها في المسابقة الرسمية، جاء السؤال الأول عن هذا التقاطع، لتجيب: «كنتُ واعية تماماً وأنا أعمل على (هجرة)، فأنا لا أريد تكرار نفسي، ولا تقديم فيلم يشبه (سيدة البحر)... أردتُ أن أكتب من نقطة مختلفة، من اللحظة التي نعيشها الآن، ومن السؤال الذي يشغلني شخصياً: ما الذي أريد قوله للعالم اليوم؟».

نساء الأجيال الثلاثة

أمين، التي تقدم في «هجرة» رحلة المرأة السعودية عبر 3 أجيال، تشير إلى انزعاجها من الفكرة الدارجة اليوم حول تصوير «المرأة المعاصرة» بوصفها النسخة الوحيدة الصحيحة، وكأنها جاءت لتُصحّح أخطاء الأجيال السابقة من الأمهات والجدات وكل النساء السابقات، مضيفة: «شعرتُ أن هذه النظرة فيها قدر من النرجسية». وتتابع: «نحن نرى الحياة اليوم من منظور معاصر ومختلف جذرياً، لكن هذا لا يعني أن تفكيرنا هو الصحيح وتفكيرهنّ هو الخطأ... كنتُ أريد أن أعطي حقاً للنساء اللواتي جئن قبلنا».

وتمضي لشرح رؤيتها التي تشكلت في «هجرة» قائلة: «أردتُ أن أقدم أجيال النساء من دون أحكام... نعم، هناك صراع بين الأجيال، لكنه صراع ينتهي بتفاهم، وبإدراك أن اختلافنا طبيعي وليس تهديداً. اليوم، العالم كلّه يضغط ليجعلنا نموذجاً واحداً، وفكرة واحدة... بمعنى: إذا لم تشبهني فأنت مخطئ أو شرير أو مريض. بينما الحقيقة أننا يمكن أن نختلف، ونظل نتقبّل بعضاً».

فيلم هجرة يتناول العلاقات المتشابكة بين أجيال من النساء (الشرق الأوسط)فيلم «هجرة» يتناول العلاقات المتشابكة بين أجيال من النساء (الشرق الأوسط)

«هجرة»... الحكاية العميقة

حضرت «الشرق الأوسط» عرض فيلم «هجرة» في المهرجان، حيث شهد إقبالاً كبيراً وبيعت التذاكر بالكامل، والفيلم الذي يأتي من بطولة خيرية نظمي ونواف الظفيري والوجه الصاعد لمار فادن، تعود قصته لعام 2001، حين تقرر الجدة اصطحاب اثنتين من حفيداتها لأداء فريضة الحج، وبعد أن تتوه واحدة منهما، تقرر الجدة في لحظة صعبة أن تترك الحج وتبحث عن حفيدتها الضائعة، وخلال الرحلة يتكشف الكثير من الأسرار.

شهد أمين حرصت على إظهار واقعية العلاقة الإنسانية بين الجدة والحفيدة، بعيداً عن الحوارات المطولة والتعابير المبالغ بها، حيث برزت لغة العيون والإيماءات بشكل أكبر في أداء كل شخصية، كما أظهرت تفاصيل ما يحدث حول رحلة الحج ذاتها، والشخصيات الهامشية التي تعيش على بيع السبح وماء زمزم وتوصيل الحجاج، والطقوس التي تعصف بالمكان في تلك الفترة الغنيّة بالقصص والأحداث، ما يجعله فيلماً ينحاز للعمق وصدق التجربة.

الأوسكار... الواقعية قبل الحلم

وبواقعية شديدة، تجيب أمين حول سؤالها عن فرص فيلم «هجرة» في الوصول إلى القائمة القصيرة ومن ثم النهائية للأوسكار، قائلة، «دعينا نقول إن الوصول إلى القائمة القصيرة هو الخطوة الأهم... وبصراحة، كل مخرج يكون لديه قدر من التفاؤل في هذه المرحلة، لكن يجب أن نكون واقعيّين؛ لأن الوصول إلى الأوسكار لا يعتمد فقط على جودة الفيلم، بل يحتاج أيضاً إلى حملة إعلامية ضخمة في لوس أنجليس».

وتستكمل حديثها: «نتمنى الوصول إلى القائمة القصيرة، لكني أرى أن الوصول إلى القائمة النهائية صعب جداً... ومع ذلك، لم لا؟ نقول إن شاء الله... في هذا العام أفلام عربية جميلة وقوية، وجودتها عالية، وأتوقع أن يصل أحدها إلى الأوسكار... نتمنى أن نكون نحن، لكن قد يكون فيلماً عربياً آخر، لا أحد يعلم!».

أحدث جلسة تصوير لشهد أمين في مهرجان البحر الأحمر (المهرجان)

أفلام المهرجانات أم السينما التجارية؟

ولأن أفلام شهد أمين دائماً حاضرة في المهرجانات السينمائية بخلاف دور العرض التجارية، تحتم علينا سؤالها إن كانت مخرجة لأفلام المهرجانات، لترد: «بصراحة، نعم. أفلامي تُصنَّف عادة ضمن أفلام المهرجانات، صحيح أن (سيدة البحر) عُرض في صالات السينما، لكن حضوره كان أفضل في المهرجانات».

وترى أمين أن هناك فرقاً كبيراً بين أفلام شباك التذاكر والأفلام التي تُقدَّم للمهرجانات، وعن ذلك تقول: «الأفلام التجارية تستهدف السوق مباشرة، وتُبنى على فورمات معروفة تشبه ما اعتدنا عليه في السينما الأميركية أو نوع الأفلام الخفيفة التي يعرف الجمهور شكلها مسبقاً، بحيث يدخل المشاهد الفيلم وهو يعرف تقريباً الإيقاع المتوقع، والنهاية المحتملة، والمشاعر التي سيخرج بها».

وتضيف: «أفلام المهرجانات شيء آخر... فهي أفلام تحاول أن تأخذ الجمهور في رحلة مختلفة، بتجربة بصرية أو سردية غير مألوفة. ليست مصممة لاسترضاء الجميع، وقد لا تحظى بقبول واسع، لكنها دائماً تحمل طبقات وعمقاً وتجريباً أكبر من الأفلام التجارية، ولهذا السبب نجد المهرجانات تبحث عن هذا النوع من الأعمال؛ لأنها تضيف صوتاً جديداً وشكلاً جديداً للسينما».

وبالسؤال عن طرح «هجرة» في صالات السينما السعودية، تكشف أمين عن أن الموعد «قريب جداً»، وقد يكون «في مطلع عام 2026 تقريباً»، لكنها تؤكد أن القرار يعود للموزّعين والمنتجين. وتضيف: «الحلم الحقيقي لأي صانع أفلام هو تحقيق المعادلة الصعبة: فيلم يحمل عمقاً فكرياً وشاعرية، وفي الوقت نفسه يمنح الجمهور تجربة ممتعة ومؤثرة... إذا نجح (هجرة) في ذلك فسأكون ممتنّة جداً».

المخرجة العربية... خارج القوالب

وعند الحديث عن حضور المخرجات العربيات، من هيفاء المنصور إلى كوثر بن هنية ونادين لبكي وشيرين دعيبس، في المهرجانات الدولية، ترى أمين أن الصورة أكثر تعقيداً مما يبدو، قائلة: «في الغرب، وخصوصاً في أميركا، تعمل المخرجات غالباً في مساحة السينما المستقلة؛ لأن السينما التجارية ما زالت ذكورية... القصص يكتبها رجال، ويُنتجها رجال، وتُساق ضمن قوالب مألوفة».

وتشير إلى أن السينما المستقلة تمنح المخرجات مساحة أكبر لتقديم رؤية مختلفة، مضيفة: «في العالم العربي اليوم، عدد المخرجات الشابات أكبر من عدد المخرجين، ولهذا نراهن كثيراً في المهرجانات العالمية... البعض يظن أن وجود المرأة في هذه المنصات هو مجرد (مجاملة)، وهذا غير صحيح إطلاقاً... كل الأسماء التي نراها - من الخليج إلى شمال أفريقيا - قدّمت أفلاماً تستحق مكانتها».

وتختم المخرجة شهد أمين حديثها بالقول: «دائماً ما يُسألني الناس: ما الصعوبات التي واجهتها لأنك امرأة؟ الحقيقة أن المخرجات السعوديات والعربيات اليوم أكثر حضوراً من نظيراتهن في أوروبا... وأنا فخورة جداً بذلك».


جوائز غولدن غلوبز تعلن ترشيحاتها لعام 2026

من «آثمون» (وورنر)
من «آثمون» (وورنر)
TT

جوائز غولدن غلوبز تعلن ترشيحاتها لعام 2026

من «آثمون» (وورنر)
من «آثمون» (وورنر)

انتزعت المخرجة التونسية كوثر بن هنية نجاحاً تضيفه إلى سلسلة نجاحاتها هذا العام بدخولها الترشيحات الرسمية لجوائز غولدن غلوبز في دورتها الثالثة والثمانين بفيلم «صوت هند رجب» كما ورد في إعلان ترشيحات هذه الجائزة يوم أمس الثلاثاء.

صوت أجنبي

«صوت هند رجب» الفيلم الذي يسرد حادثة مقتل الطفلة هند رجب، والذي شهد للآن نجاحات عديدة نقدية من خلال العروض الدولية التي بدأت في مهرجان ڤينيسيا في سبتمبر (أيلول) هذا العام، ينافس خمسة أفلام أخرى في قسم «أفضل فيلم أجنبي» ما يعزز احتمالات دخولها ترشيحات الأوسكار المقبلة التي سيُعلن عنها في الشهر المقبل.

أما الأفلام الخمسة الأخرى المنافسة فهي:

• «مجرد حادثة» (Just an Accident) لجعفر بناهي (فرنسا).

• «لا اختيار آخر» (No Other Choice) لبارك تشان ووك (كوريا الجنوبية).

• «العميل السري» (The Secret Agent) لكليبر مندوزا فيلو (البرازيل).

•«صراط» (Sirat) لأوليفز لاكس (إسبانيا).

• «قيمة عاطفية» (Sentimental Value) ليواكيم تراير (نرويج).

هذه منافسة قوية بين أعمال فنية جيدة سبقتها سمعة قوية منذ عروض هذه الأفلام في مهرجاني «كان» وڤينيسيا (كل من «صراط» و«صوت هند رجب» و«العميل السري» موجودة في عروض مهرجان البحر الأحمر حالياً).

سباق الأفلام

كالعادة تنقسم الأفلام المتنافسة على هذه الجائزة القيّمة إلى خمس مسابقات، ليست مسابقة أفضل فيلم أجنبي (أو «غير ناطق بالإنجليزية» كما يُعرف رسمياً) سوى واحدة منها. المسابقات الأربع الأخرى هي «أفضل فيلم درامي»، و«أفضل فيلم موسيقي أو كوميدي»، و«أفضل فيلم رسوم»، ومسابقة أفضل «إنجاز سينمائي وتجاري» (Cinematic and Box Office Achievement).

يقود الفيلم النيّر «معركة بعد أخرى» (One Battle After Another) مجموعة الأفلام المتسابقة للفوز بأفضل فيلم كوميدي أو موسيقي، والأفلام التي تنافسه في هذه البقعة من الجوائز هي:

• «بوغونيا» (Bugoonia) ليورغوس لانتيموس.

• «موجة جديدة» (Nouvelle Vague) لرتشارد لينكلاتر.

•«بلو مون» (Blue Moon) وهو فيلم للينكلاتر.

• «لا اختيار آخر» لبارك تشان ووك.

في مسابقة أفضل فيلم درامي ستة أفلام أيضاً هي:

• «فرانكنستين» (Frankenstein) لغييرمو دل تورو.

• «هامنت» (Hamnet) لكليو زاو.

• «مجرد حادثة» لجعفر بناهي.

• «العميل السري» لكلايبر مندوزا فيلو.

•«قيمة عاطفية» ليواكيم ترايير.

•«آثمون» (Sinners) لرايان كوغلر.

جسي بكلي كما تبدو في «هامنت»

احتمالات

وجود أفلام غير أميركية (مثل «مجرد حادثة»، و«العميل السري»، و«لا اختيار آخر» في هاتين المسابقتين يعكس أمراً من ثلاثة: إما الافتقار إلى ما يكفي من أفلام أميركية صالحة للمنافسة، أو اتباع تقليد جوائز الأوسكار التي باتت -منذ سنوات- توفر كماً ملحوظاً من الأفلام غير الناطقة بالإنجليزية، أو غير أميركية الإنتاج في سياق مسابقاتها الرئيسة، أو ربما الحالتان معاً.

هذه الأفلام المذكورة كانت عرضت في مهرجاني ڤينيسيا و«كان» ما يؤكد الصلة المشار إليها في مقال سابق لهذا الناقد حول العلاقة المتمادية بين مهرجانات السينما وجوائز الموسم الأميركي الذي يبدأ عملياً بهذه الجائزة.

الأفلام الكرتونية هي أيضاً ستّة، وهي:

• «إليو» (Elio).

• «دايمون سلاير» (Damon Slayer).

•«كبوب ديمون هنترز» (Kpop‪: Demon Hunters ).

• «ليتل أميلي» (Little Emelie).

• «زوتوبيا» (Zootopia).

هذه الأفلام وفّرتها أربعة مصادر هي اليابان، ومهرجان أنيسي الفرنسي، وشركتا «وولت ديزني»، ونتفليكس» الأميركيّتان.

«بوب: ديمون هنتر» (نتفليكس)

أما قسم «أفضل إنجاز سينمائي وتجاري» (وهو تقليد أطلقته هذه الجائزة قبل ثلاثة أعوام، فيحفل بثمانية أفلام بينها ما هو تكرار ترشيح ورد في مسابقات أخرى. هذه الأفلام هي:

• «أڤاتار: نار ورماد» (Avatar‪: Fire and Ashes) خيال علمي لجيمس كاميرون.

• F1 أكشن ودراما رياضية لجوزيف كوزينسكي.

• «بوب دايمون هنترز» أنيميشن من كريس أبلهانز.

• «مهمّة: مستحيلة-الحساب الأخير» (Mission‪: Impossible‪ - Final Reckoning 2) من إخراج كريستوفر ماكوايري.

• «آثمون» أكشن لرايان كوغلر.

‫• «أسلحة» (Weapons) رعب من زاك كريغر.

‫•«أشرار للأبد» (Wicked For Good) فأنتازياً لجون أم شو.

• «زوتوبيا2» وهو رسوم من إخراج جارد بوش.

إذا ما كان هناك فائز على صعيد تعدد الترشيحات فهو «معركة بعد أخرى» لتوماس بول أندرسن. هذا الفيلم الممتاز يتحدّث عن أميركا التي تدخل وتخرج من معاركها السياسية المستمرة. في وجه منه هو عن ثورات السبعينات، وآخر عن أحوال أميركا اليوم، ومن خلال تداعيات، وأبعاد.

تدخل بطلته تشاس إنفينتي سباق أفضل ممثلة في فيلم كوميدي أو درامي لجانب كل من:

• روز بيرن عن «لو كان عندي ساقان لرفستك».

• جسي بكلي: «هامنت».

• جنيفر لورنس: «مت يا حبي» (Die My Love).

• رينات رايسنڤ: «قيمة عاطفية».

• جوليا روبرتس: «بعد الصيد» (After the Hunt).

• تيسا تومسون: «هيدا» (Hedda).

• إيڤا ڤكتور: «آسفة، حبيبي» (Sorry‪, Baby).

على الصعيد الكوميدي لأفضل ممثلة:

• روز بيرن: «لو كان عندي ساقان لرفستك».

• سينثيا إريڤو: «أشرار للأبد».

• كيت هدسون: «سينغ، سنغ بلو» (Sing Sung Blue).

• تشايس إنفينيتي: «معركة بعد أخرى».

• أماندا سايفرايد: «شهادة آن لي» (The Testament of Ann Lee.

• إيما ستون: «بوغونيا».

ليوناردو ديكابريو في «معركة بعد أخرى» (وورنر)

«معركة بعد أخرى» مشترك أيضاً في مسابقة أفضل ممثل في فيلم كوميدي أو موسيقي، والاختيار هنا رسا على ليوناردو ديكابريو كونه قاد بطولة هذا الفيلم. المنافسون الآخرون هم:

• جورج كلوني عن «جاي كَلي» (Jay Kelly).

• إيثان هوك عن «بلو مون».

• لي بايونغ هَن عن «لا اختيار آخر»).

• جسي بليمونز عن «بوغونيا».

• تيموثي شالامات عن «مارتي سوبريم».

على الصعيد الدرامي هناك نخبة أخرى لا بأس بها:

• جووَل إدغرتون: «أحلام قطار» (Train Dreams).

• أوسكار أيزاك: «فرنكنستين».

• دواين جونسون: «آلة مدمّرة» (Smaching Machine).

• مايكل ب. جوردان: «آثمون».

• واغنر مورا «العميل السري».

• جيريمي ألان وايت: «سبرينغستير خلّصني من لا مكان» (Sprignsteen Deliver Me From Nowhere).

في قسم أفضل تمثيل رجالي في دور مساند يبرز اسم بنيثيو دل تورو عن «معركة بعد أخرى» كذلك شون بن عن الفيلم ذاته. الباقون:

• جاكوب إلرودي عن دوره في «فرنكستاين».

• بول مسكال عن «هامنت».

• أدام ساندلرفي «جاي كَلي».

• ستيلان سكارغارد عن دوره في «قيمة عاطفية».

أما مسابقة أفضل ممثلة مساندة فنجد فيها:

• إميلي بلنت: آلة مدمّرة».

• إيل فانينغ: «قيمة عاطفية».

• أريانا غراند: «أشرار للأبد».

• إنغا إبسادوتر ليليانس: «قيمة عاطفية».

• آمي ماديغن: «أسلحة».

• تيانا تايلور: «معركة بعد أخرى».

واحدة من أصعب المعارك التي ينتظرها فيلم توماس أندرسن تكمن في مسابقة الإخراج، إذ يشترك عبر «معركة بعد أخرى». المنافسون:

• رايان كوغلر: «آثمون».

• غييلرمو دل تورو: «فرانكنستين».

• جعفر بناهي: «مجرد حادثة».

• يواكيم تراير: «قيمة عاطفية».

• كليو زاو: «هامنت».

المسابقتان الباقيتان اللتان تحملان اشتراكاً لفيلم «معركة بعد أخرى» هما مسابقة السيناريو، ومسابقة أفضل موسيقى.

تعلن النتائج في الحادي عشر من الشهر المقبل يناير (كانون الثاني) 2026.