مقاضاة رئيس موريتانيا السابق... حرب على الفساد أم مجرد محاكمة سياسية؟

سياسيون اعتبروها «تصفية حسابات»... وآخرون عدوها «حرباً بين ضفتي نظام فاسد»

محمد ولد عبد العزيز (أ.ف.ب)
محمد ولد عبد العزيز (أ.ف.ب)
TT

مقاضاة رئيس موريتانيا السابق... حرب على الفساد أم مجرد محاكمة سياسية؟

محمد ولد عبد العزيز (أ.ف.ب)
محمد ولد عبد العزيز (أ.ف.ب)

(تحليل سياسي)
تابع جل الموريتانيين خلال اليومين السابقين مثول الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز أمام محكمة مختصة في مكافحة الفساد، لكن الآراء تظل متباينة بشكل كبير حول هذه المحاكمة التي تعد الأولى من نوعها، إذ لم يسبق أن شاهد الموريتانيون أياً من رؤساء البلد، المستقل منذ أزيد من ستة عقود، في قفص الاتهام بتهم لها علاقة بالفساد.
وإلى جانب هذا الحدث الاستثنائي، هناك معطيات كثيرة تشوش أذهان الموريتانيين وهم يتابعون جلسات المحاكمة، فالملف الذي يعرفونه باسم «ملف العشرية»، في إشارة إلى فترة حكم ولد عبد العزيز للبلاد (2009 – 2019)، بدأته لجنة تحقيق شكلها البرلمان، الذي اختار ولد عبد العزيز أكثر من ثلثي أعضائه حينما كان رئيساً للبلاد عام 2018. كما أن المحاكم المختصة في مكافحة الفساد شكلت خلال حكمه، وقانون محاربة الفساد الذي يحاكم به الآن سنه البرلمان عام 2016 باقتراح من حكومة ولد عبد العزيز، كما أن القضاة الذين مر عليهم الملف خلال العامين الأخيرين، وصولاً إلى رئيس المحكمة الحالية، تم تعيينهم جميعهم من طرف ولد عبد العزيز حينما كان رئيساً للمجلس الأعلى للقضاء.
لكن هذا الرجل، الذي حكم موريتانيا لعشر سنوات بقبضة من حديد، يجد نفسه اليوم في مواجهة منظومة هو من وضعها، حتى أنه قال في آخر تصريح صحافي له بأنه هو من أجلس الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني على كرسي الرئاسة قبل ثلاث سنوات. فكيف انقلبت الأمور بهذه السرعة؟
يقول السعد ولد لوليد، رئيس حزب الرباط الوطني المتحالف مع ولد عبد العزيز، إن سبب كل ذلك «هو الخوف من استمراره في العمل السياسي»، قبل أن يضيف في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن النظام الحالي «يخاف ولد عبد العزيز... إنهم يخشونه لدرجة لا يمكن تصورها، ومجرد فكرة استمراره في العمل السياسي تقض مضاجعهم».
ويوضح ولد لوليد أن الملف الذي حركه البرلمان ضد ولد عبد العزيز بدأ بعد خلافات داخل الأغلبية الحاكمة، حينما حاول ولد عبد العزيز نهاية 2019، أي بعد مغادرته للسلطة بأشهر قليلة، أن يسيطر على الحزب الحاكم الذي أسس عام 2009 وأدار به دفة البلاد طيلة فترة حكمه، لكن جهات داخل الحزب رفضت ذلك، وطلبت من ولد عبد العزيز الابتعاد والاكتفاء بموقعه كرئيس سابق، لكنه رفض ذلك، وتحالف مع حزب «الرباط الوطني» الذي يرأسه ولد لوليد.
وتعليقاً على المحاكمة، قال ولد لوليد: «إنها محاكمة ظالمة من أساسها، ومبنية على الكيد وتصفية الحسابات السياسية... مبنية على الإقصاء والتهميش، فهل تتذكرون حين كان الرئيس الحالي يصف حكم ولد عبد العزيز بأنه عشرية النماء».
في المقابل، يقول أنصار النظام الحاكم إن ولد عبد العزيز هو من يحاول إضفاء صبغة سياسية على المحاكمة، ويتهرب من الرد على التهم الموجهة إليه بالفساد، والإثراء غير المشروع واستغلال النفوذ، وهو ما يؤكده علي ولد عيسى، الأمين التنفيذي المكلف بالإعلام في حزب الإنصاف الحاكم، في حديث مع «الشرق الأوسط».
يقول ولد عيسى في سياق رده على أن المحاكمة مجرد تصفية حسابات سياسية: «هذه ادعاءات لا تستقيم، ولا تستند إلى برهان، وللتذكير فإن المعارضة الموريتانية في البرلمان هي من طالبت بالتحقيق الذي أفضى إلى هذه المحاكمة، وعليه فإن القول بتسييس الملف باطل، لأن طلب التحقيق البرلماني لم يأتِ من عند أغلبية النظام البرلمانية». مضيفا أن «السلطات العليا في هذا البلد تؤمن إيمانا راسخا بأهمية فصل السلطات، ومن هذا المنطلق فإنها لم تعترض على التحقيق البرلماني، لكونه في صلب الرقابة البرلمانية على عمل الحكومة، وهذا أمر يحسب للنظام الحالي وليس عليه».
ودافع ولد عيسى عن القضاء الموريتاني، ووصفه بأنه «مستقل وعادل»، قبل أن يؤكد أنه «نفس القضاء الذي كان عند الرئيس السابق، وحاكم في عهده متهمين بالفساد وآخرين، وعليه فهو لا يستطيع التشكيك في نزاهته، وإن كان بريئا فسيتم تأكيد ذلك، وإن كان مذنبا فعليه إرجاع أموال الشعب»، وأضاف في السياق ذاته أن ولد عبد العزيز «صرح في بداية مأموريته الأولى بأنه لا يمتلك أموالا، ثم صرح بعد مغادرته للسلطة بأنه ثري، فمن أين له ذلك؟ وما هي مصادر هذه الأموال؟».
كان ذلك هو السؤال الرئيسي الذي يطرحه الشارع الموريتاني، دون أن يجد أي جواب لدى ولد عبد العزيز، الذي يكتفي في خرجاته الإعلامية بالقول إن أمواله ليست من ضمنها «أوقية واحدة» من خزينة الدولة، مؤكدا في أكثر من مرة أن الرئيس الحالي يعرف مصدر الأموال.
ووسط كل هذا الجدل، بدأت ترتفع أصوات داخل المعارضة، تقول إن اختزال الملف في محاكمة الرئيس السابق وحده يتنافى مع مضمون التحقيق البرلماني، الذي جرى عام 2020. وهي وجهة نظر النائب البرلماني محمد الأمين ولد سيدي مولود، الذي كان عضواً في لجنة التحقيق البرلماني، التي كشفت ملفات فساد أسست عليها المحاكمة. يقول ولد سيدي مولود: «لا يمكنني الاحتفاء بمحاكمة أي مفسد، أو متهم بالفساد في إطار ملف أشهد على ازدواجية مقيتة طبعته بعيد ميلاده، فمنحت الثقة لبعض أخطر ركائزه، وتم التنكيل بالبعض قبل كلمة القضاء». ووصف النائب المعارض المحاكمة بأنها «حرب بين ضفتي نظام فاسد»، قبل أن يضيف أنه كان شاهداً على جدية التحقيق الذي أجراه البرلمان، ثم صوت عليه بالإجماع، «لكن فور خروج الملف من البرلمان نحو العدالة، ذبح الملف قبل أن يصل إلى القاضي، وما بقي منه مجرد تصفية حسابات».
ويؤكد ولد سيدي مولود أن «المحاكمة لا علاقة لها بمحاربة الفساد، ولا علاقة لها بملف العشرية الذي اختطفته الأغلبية الحاكمة فأخرجت منه المتهمين الذين ترضى عنهم، وها هي تحاكم من هم محل سخطها، وهذا لا علاقة له بالملف الذي خرج من عندنا في البرلمان، ولا علاقة له أيضاً بمحاربة الفساد».
كما أشار ولد سيدي مولود إلى أن التقرير، الذي أحاله البرلمان إلى العدالة الموريتانية قبل أكثر من عامين، تضمن أكثر من 200 شخصية مشمولة في ملفات الفساد، لم يقدم منهم إلى المحاكمة سوى 12 شخصية فقط، فيما تقلدت بعض الشخصيات التي ذكرت في تحقيق البرلمان مناصب سامية في الحكومة. لكن مصادر رسمية ترفض هذه الاتهامات، وتقول إن التحقيقات التي أشرفت عليها شرطة مكافحة الجرائم الاقتصادية طيلة عامين، أثبتت براءة الشخصيات التي وردت في تقرير البرلمان، وعدم كفاية الأدلة لملاحقتها أمام القضاء، وبالتالي أصبحت خارج دائرة المتابعة.


مقالات ذات صلة

الرئيس الموريتاني السابق يؤكد استهدافه لـ«أسباب سياسية»

العالم العربي الرئيس الموريتاني السابق يؤكد استهدافه لـ«أسباب سياسية»

الرئيس الموريتاني السابق يؤكد استهدافه لـ«أسباب سياسية»

قال الرئيس الموريتاني السابق، محمد ولد عبد العزيز، الذي يحاكم بتهم فساد، إنه «مستهدف لأسباب سياسية بحتة». وأضاف ولد عبد العزيز خلال استجوابه أمام المحكمة المختصة بجرائم الفساد أمس، أنه «مستهدف لأنه سياسي ويعمل ضده سياسيون ورجال أعمال، كانوا يستفيدون من الدولة قبل توليه الرئاسة»، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الألمانية. وأوضح الرئيس السابق في أول حديث له حول أصل التهم الموجهة إليه، ومتابعته من قبل القضاء، أنه سجن انفرادياً لستة أشهر، وسجن بعد ذلك مع عائلته ثمانية أشهر في بيته. ويمثل الرئيس السابق أمام المحكمة المختصة بالفساد منذ 25 من يناير (كانون الثاني) الماضي بتهم تتعلق بالفساد وسوء استغلال ال

«الشرق الأوسط» (نواكشوط)
العالم 25 حزباً موريتانياً تتنافس في انتخابات «توافقية» مبكرة

25 حزباً موريتانياً تتنافس في انتخابات «توافقية» مبكرة

انطلقت فجر اليوم (الجمعة) الحملة الانتخابية للاستحقاقات التشريعية والجهوية والمحلية، التي تنظم بشكل متزامن في موريتانيا يوم 13 مايو (أيار) المقبل، والتي يتنافسُ فيها 25 حزباً سياسياً ضمن أكثر من ألفي لائحة انتخابية، لنيل ثقة 1.7 مليون ناخب موريتاني. وكان من المفترض أن تنظم الانتخابات في شهر أغسطس (آب) المقبل، لكن جرى تعجيلها إلى شهر مايو، بموجب اتفاق سياسي بين أحزاب الموالاة والمعارضة، تفادياً لتنظيمها في موسم الأمطار، حين تكثر الفيضانات والعواصف، ما يمنع الوصول إلى مناطق نائية من البلاد، وهو ما تسبب في مشكلات كبيرة خلال الانتخابات السابقة (2018). وبموجب الاتفاق السياسي نفسه الذي أشرفت عليه وز

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا وزير الخارجية الجزائري في مالي بعد موريتانيا

وزير الخارجية الجزائري في مالي بعد موريتانيا

بحث وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، أمس، بمالي، مع المسؤولين الحكوميين وممثلين عن حركات التمرد في الشمال، حل خلافاتهم السياسية بشكل عاجل والتقيد بـ«اتفاق السلام» المتعثر، وفق مصادر تتابع الموضوع، وذلك بهدف قطع الطريق أمام الجماعات المتطرفة، التي عادت إلى واجهة الأحداث الأمنية في الأيام الأخيرة، باغتيال مسؤول بارز في السلطة الانتقالية. وبحسب المصادر نفسها، حل عطاف بباماكو مساء الثلاثاء آتيا من موريتانيا، بغرض تسليم رسالة من الرئيس عبد المجيد تبون، لرئيس الحكم الانتقالي العقيد عاصيمي غويتا، تتضمن «أهمية الخروج من المأزق السياسي الذي يتخبط فيه هذا البلد الحدودي مع الجزائر، وتشدد على تطبيق اتفاق ال

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا وزير خارجية الجزائر يبحث في موريتانيا أمن التجارة عبر الحدود

وزير خارجية الجزائر يبحث في موريتانيا أمن التجارة عبر الحدود

يبحث وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، منذ يومين في نواكشوط التبادل التجاري النشط عبر المركز الحدودي منذ عام، والوضع الأمني بالمناطق الحدودية، حيث تعرضت قوافل تجار جزائريين لاعتداءين بين نهاية 2021 ومطلع 2023، أسفرا عن قتلى، وتدمير شاحناتهم، وتسببا في نشر حالة من الخوف. وذكرت «الخارجية» الجزائرية، في بيان، أن لقاء جمع عطاف بالرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، «وفر فرصة لاستعراض التقدم المحرز، ضمن متابعة وتنفيذ التوجيهات السامية لقائدي البلدين، ومخرجات مشاوراتهما بمناسبة زيارة الدولة التي قام بها الغزواني إلى الجزائر في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2021، والتي أعطت انطلاقة لحقبة جديدة في تا

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي رئيس موريتانيا السابق ينفي تورطه في «أي فساد»

رئيس موريتانيا السابق ينفي تورطه في «أي فساد»

نفى الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز، خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية المختصة في جرائم الفساد، جميع التهم الموجهة إليه، التي من أبرزها تهمة الفساد وغسل الأموال والإثراء غير المشروع واستغلال النفوذ. وقال ولد عبد العزيز، الذي تحدث للمرة الأولى أمام هيئة المحكمة، مساء أول من أمس، إنه حكم موريتانيا عشر سنوات وغير وضعيتها من الأسوأ إلى الأحسن، مشيراً إلى أن السياسة التي تبناها لا يمكن أبدا أن يتورط صاحبها في أي نوع من «تبديد الأموال العمومية».

الشيخ محمد (نواكشوط)

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.