اسمه محمود مرادخاني. وأخته فريدة مرادخاني، الناشطة في مجال حقوق الإنسان، التي اعتقلت في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وحكمت عليها «محكمة رجال الدين الخاصة» الإيرانية في شهر ديسمبر (كانون الأول) بالسجن 15 عاماً، تم تخفيضها في محكمة الاستئناف إلى 3 أعوام، وفق محاميها محمد حسين أقاسي. وسبب مأساتها أنها وصفت، في مقطع فيديو، النظام الإيراني بـ«النظام المجرم وقاتل الأطفال». والده الشيخ علي مرادخاني طهراني الذي كان من أوائل رجال الدين المنتقدين للنظام الجديد، وقد لجأ إلى العراق لاحقاً، وبعد رجوعه إلى إيران زج به في السجن. والأهم أن محمود مرادخاني هو ابن بدري حسني خامنئي، شقيقة المرشد على خامنئي التي لم تسجن رغم أنها أعلنت براءتها من شقيقها ومن النظام الذي وصفته بـ«الخلافة الاستبدادية»، وذلك في رسالة مفتوحة نشرتها بداية ديسمبر.
وبالنظر لتاريخه العائلي، فكان من الطبيعي أن يصطف محمود مرادخاني في صف المعارضة الإيرانية الداعية لسقوط النظام ولم يذق طعم السجن؛ لأنه ترك إيران في عام 1986 وهو يعيش في شمال فرنسا، حيث يمارس مهنة الطب.
خلال لقائه أمس في باريس، بدا مرادخاني بالغ التأثر بعائلته، وهو يكثر الحديث عن والده الذي قال عنه إنه كان «تلميذ الخميني». وكأمه وأخته، لا يتردد محمود مرادخاني في انتقاد النظام الإيراني الحالي، وعلى رأسه خامنئي الذي يعتبره «عديم الشرعية الدينية والمدنية وغير متمكن في العلوم الدينية»، لا بل إنه لا يتردد في وصفه بـ«جزار الشعب الإيراني»، والشخصية «الأكثر كرهاً» من الشعب. ويؤكد ابن شقيقة خامنئي أنه «طلب منه مراراً العودة إلى إيران»، لكنه لم يفعل نظراً للمصير الذي سيكون بانتظاره في حال عودته. ولا يتردد الأخير في الدعوة إلى سقوط النظام سريعاً. إلا أنه لا يتردد، من جهة أخرى، في توجيه انتقادات لاذعة للمعارضة التي يعتبر أنها «ليست فاعلة في الداخل وعلى الأرض». والمشكلة، في نظره، كامنة في غياب للرؤية بالنسبة لـ«المرحلة التي يمكن أن تلي سقوط النظام خصوصاً». وفي هذا السياق، فإن «الثورة» التي تعرفها إيران منذ أربعة أشهر، بحسب مرادخاني، لم تفرز شخصيات ذات برنامج واضح وشخصيات متميزة.
يصف الأخير النظام الإيراني بأنه نظام «ديني – آيديولوجي»، ولأنه كذلك «فلا أمل في إصلاحه من الداخل، وبالتالي لا بديل عن العمل للإطاحة به»، مضيفاً أن خامنئي «لا يستطيع التراجع خطوة واحدة إلى الوراء». لذا، فإن خطته هي اللجوء الدائم إلى القمع بحيث يتبدى للجميع أن العنف «مصدره النظام، ولذا لا يجد الشعب بديلاً عن الدفاع عن نفسه سوى المقاومة». وبالنظر لمسار الحركة الاحتجاجية، فإن الدرس الرئيسي الذي يمكن استخلاصه منها هو أن الشعب الإيراني «أسقط الخوف من حساباته»، ما يفسر استمرار المظاهرات رغم خفوتها النسبي في الأيام الأخيرة. بيد أن مرادخاني ليس متشائماً بالنسبة لاستمرارها، رغم القمع الأعمى الذي تمارسه السلطات ضد الحركة الاحتجاجية.
ورغم الوهن الذي أصابها بسببه، فإن المعارض الإيراني لا يستبعد أن تخبو الثورة. لكنه بالمقابل، يبدو واثقاً من أنها ستعود؛ «لأن الأسباب التي يمكن أن تفضي إليها موجودة دائماً». أما بالنسبة لاحتمال قيام تحرك عسكري من الداخل للإطاحة بالنظام، فإن مرادخاني يستبعده تماماً؛ «لأن وظيفة الحرس الثوري هي حماية النظام، ووظيفة النظام المحافظة على الحرس الثوري، وهما بالتالي كيانان يسند أحدهما الآخر».
في كل لقاء يحصل مع معارض إيراني يطرح السؤال التالي: من سيخلف علي خامنئي في منصب المرشد؟
يعتبر مرادخاني أن لا خليفة لعلي خامنئي خارج الدائرة المقربة منه والمحيطة به. وعندما يطلب منه المزيد من الشرح، يرجح بقوة أن يكون خليفة المرشد ابنه مجتبى خامنئي، أي ابن خاله الذي «يتمتع بدعم الحرس الثوري» الذي يعتبره القوة الفاعلة والمؤثرة في اختيار الخلَف. وأفادت وثيقة سربت في إطار تسريبات «ويكيليكس» الشهيرة بـ«أن خامنئي يحضِّر ابنه الذي تلقى تعليماً دينياً ليخلفه في منصب المرشد الأعلى».
ومعروف أن دور مجتبى قد تنامى في السنوات الأخيرة داخل المؤسسات الفاعلة والقوية في إيران، وأنه كان له الدور الأول في وصول أحمدي نجاد إلى رئاسة إيران في عام 2005، وإعادة انتخابه في عام 2009. وأثناء الاحتجاجات، خرجت مظاهرات في المدن الإيرانية تندد بدوره في تمكين أحمدي نجاد من البقاء رئيساً للجمهورية لولاية ثانية. والمعروف أن هناك شروطاً يتعين توافرها في المرشد الإيراني، وهي: الكفاءة العلمية اللازمة للإفتاء في مختلف أبواب الفقه، والعدالة والتقوى اللازمتان لقيادة الأمة، والرؤية السياسية الصحيحة، والكفاءة الاجتماعية والإدارية، والتدبير والشجاعة، والقدرة الكافية للقيادة. ويناط بمجلس الخبراء انتخاب المرشد الجديد، ويغلب عليه راهناً الجناح المتشدد.
يروج محمود مرادخاني لرؤية مفادها أن «النظام بعد خامنئي سوف يندثر». إلا أنه لا يوفر المعلومات والحجج التي تجعله متيقناً من رحيله، خصوصاً بعد الذي قاله عن التداخل والتعاضد بين النظام و«الحرس الثوري» الذي يضع يده على ما لا يقل عن خمسين بالمائة من الاقتصاد، وله الشركات الخاصة به في كافة القطاعات الاقتصادية، فضلاً عن التسلح والبرنامج النووي. وبخصوص «الحرس الثوري»، لا يرى المعارض الإيراني فرقاً بين وضعه على اللائحة الأوروبية للمنظمات الإرهابية، وبقائه خارجها، وذلك بفضل العلاقات الوثيقة التي بناها النظام مع روسيا والصين والهند ودول كثيرة أخرى. أما عن دور الخارج في دعم الثورة الإيرانية فيؤكد مرادخاني أنه «موجود ولكنه غير حاسم، وأن الشعب الإيراني هو من سيغير النظام، وليس العقوبات المفروضة عليه من الغرب، والدليل على ذلك أن العقوبات لم تسقط نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، بل الثورة التي قادها نيلسون مانديلا».
ابن شقيقة المرشد: خامنئي عديم الشرعية الدينية والمدنية
محمود مرادخاني توقع أن يكون خليفته ابنه مجتبى
ابن شقيقة المرشد: خامنئي عديم الشرعية الدينية والمدنية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة