بيدرسن: السوريون منقسمون بشدة حول مستقبلهم... ولا تقدم في العملية السياسية

قدم 6 أولويات للشروع في حلّ لأزمة «ذات أبعاد ملحمية»

غير بيدرسن مجتمعاً بوزير الخارجية السوري فيصل المقداد بدمشق في 7 ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
غير بيدرسن مجتمعاً بوزير الخارجية السوري فيصل المقداد بدمشق في 7 ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

بيدرسن: السوريون منقسمون بشدة حول مستقبلهم... ولا تقدم في العملية السياسية

غير بيدرسن مجتمعاً بوزير الخارجية السوري فيصل المقداد بدمشق في 7 ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
غير بيدرسن مجتمعاً بوزير الخارجية السوري فيصل المقداد بدمشق في 7 ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)

أكد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن الأربعاء أن السوريين «منقسمون بشدة» حول مستقبل بلدهم، معتبراً أن الأزمة بلغت «أبعاداً ملحمية» بعد أكثر من عشر سنوات من الحرب. لكنه وضع ست أولويات للمضي في عملية سياسية تستند إلى القرار 2254 تقودها المنظمة الدولية وتحتاج إلى وحدة من كل أطراف المجتمع الدولي.
وكان بيدرسن يخاطب أعضاء مجلس الأمن المجتمعين في نيويورك لمناقشة الوضعين السياسي والإنساني في سوريا، فقال إن «الشعب السوري لا يزال محاصراً في أعماق أزمة إنسانية وسياسية وعسكرية وأمنية واقتصادية بالغة التعقيد بنطاق لا يمكن تصوره تقريباً»، مضيفاً أن «السوريين لا يزالون منقسمين بشدة حول مستقبلهم». وأقر بأنه «لا يحرز تقدماً جوهرياً لبناء رؤية سياسية مشتركة لذلك المستقبل عبر عملية سياسية حقيقية».
وكرر أن «البلد يبقى بحكم الأمر الواقع مقسماً إلى أجزاء عدة»، تنتشر فيه خمسة جيوش أجنبية وجماعات مسلحة وقائمة من الإرهابيين الناشطين. وإذ ذكر باستمرار «الإساءات والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان في كل أنحاء سوريا»، اعتبر أن «أكثر من عقد من الدمار والحرب والفساد وسوء الإدارة والعقوبات والانهيار المالي اللبناني و(جائحة كوفيد) والحرب في أوكرانيا» ساهم في أزمة «ذات أبعاد ملحمية». وأوضح أن نحو نصف السوريين لا يزالون نازحين، محذراً من أن هذا الوضع «محرك لعدم الاستقرار في كل أنحاء المنطقة، بما في ذلك على خلفية التقارير المتزايدة عن تجارة المخدرات غير المشروعة». وأسف لأن «الحل ليس وشيكاً»، لكنه أكد مواصلته التركيز على «إجراءات ملموسة يمكن أن تبني بعض الثقة وتنشئ عملية حقيقية لتنفيذ» القرار 2254.
وعرض بيدرسن لاجتماعاته مع الأطراف السورية، مشيراً إلى أنه سيعود إلى دمشق في فبراير (شباط) المقبل لعقد اجتماعات مع وزير الخارجية فيصل المقداد والرئيس المشارك للجنة الدستورية الذي رشحته الحكومة أحمد الكزبري. وأوضح أنه اجتمع سابقاً مع كل من رئيس هيئة التفاوض السورية بدر جاموس والرئيس المشارك للجنة الدستورية هادي البحرة في جنيف. ولفت إلى أنه اجتمع كذلك مع كل من وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان ونظيره التركي مولود جاويش أوغلو وغيرهما من المبعوثين، موضحاً أن لديه أولويات تشمل أولاً «الحاجة إلى التراجع عن التصعيد»، مؤكداً أن وقف النار على الصعيد الوطني «لا يزال ضرورياً لحل النزاع»، وتضم ثانياً «تجديد الإطار في مجلس الأمن هذا على الجبهة الإنسانية»، شاكراً لأعضاء المجلس إصدارهم بالإجماع القرار 2672 مما سمح باستمرار المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة عبر الحدود للملايين في سوريا. وتتمثل الأولوية الثالثة في «استئناف عمل اللجنة الدستورية وتحقيق المزيد من التقدم الموضوعي في جنيف»، معبّراً عن «حرصه على إعادة عقد اجتماعات الهيئة الدستورية المصغرة في جنيف من دون تأخير». وتشمل الرابعة «الاستمرار في دفع ملف المعتقلين والمفقودين والمخطوفين»، آملاً في «إحراز تقدم» عبر إنشاء مؤسسة لتحديد الأشخاص المفقودين تكون «قادرة على تقديم تقدم ملموس». أما الأولوية الخامسة فهي «تحقيق بناء الثقة الأولى خطوة بخطوة»، داعياً إلى اتخاذ «خطوات قابلة للتحقق يمكن أن تؤثر بشكل إيجابي على حياة السوريين». والسادسة تتمثل في «التعامل مع السوريين في كل المجالات». وخلص إلى أن «الجهد الدبلوماسي يستوجب إشراك جميع ذوي الصلة السوريين والجهات الفاعلة الدولية»، داعياً إلى «جهد مشترك للاتحاد خلف عملية يملكها ويديرها السوريون بتيسير من الأمم المتحدة».
وبالنيابة عن وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارتن غريفيث، تحدثت المسؤولة عن قسم العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية غادة الطاهر مضوي، فعرضت للوضع الإنساني في سوريا التي «تعد واحدة من أكثر حالات الطوارئ الإنسانية والحماية تعقيداً في العالم»، موضحة أن «المزيد من الناس يحتاجون إلى المساعدة أكثر من أي وقت مضى منذ عام 2011». وقالت: «نحن بحاجة إلى التزام متجدد من كل الأطراف. نحن بحاجة إلى وصول أفضل. نحن بحاجة إلى مانح دائم الكرم والتعهدات السريعة»، معتبرة أن «مثل هذه الاستثمارات ستكون حاسمة لتوسيع البرمجة المنقذة للحياة والتعافي المبكر». وأملت في ألا يكون 2023 «عاماً قاتماً آخر للناس في سوريا».
- المبعوثون الغربيون
وبالتزامن مع إحاطة بيدرسن أمام أعضاء مجلس الأمن في نيويورك، اجتمع ممثلو كل من الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وفرنسا على مستوى المبعوثين في جنيف مع المبعوث الأممي، وأصدروا بياناً مشتركاً كرروا فيه «دعمنا الثابت لجهود» بيدرسن من أجل «التوصل إلى حل سياسي للنزاع السوري بما يتماشى وقرار مجلس الأمن رقم 2254»، بما يشمل «وقف النار، وإطلاق أي محتجزين تعسفاً، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وضرورة تهيئة الظروف لعودة آمنة وكريمة وطوعية للاجئين والنازحين، طبقاً لمعايير الأمم المتحدة». وشددوا على أن هذا القرار «لا يزال الحل الوحيد القابل للتطبيق». وقالوا: «نتطلع إلى العمل مع الشركاء في المنطقة والمعارضة للمشاركة بشكل كامل في هذا الإطار، بما في ذلك عملية خطوة بخطوة المتبادلة، عبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة، لضمان أن لا يزال الحل السياسي الدائم في المتناول».


مقالات ذات صلة

مخاوف «توطين» المهاجرين غير النظاميين تطلّ على ليبيا

شمال افريقيا خلال ضبط مهاجرين غير نظاميين في صحراء الكفرة الليبية (جهاز مكافحة الهجرة)

مخاوف «توطين» المهاجرين غير النظاميين تطلّ على ليبيا

قالت وزارة الحكم المحلي بحكومة الدبيبة إنها رصدت تداول «معلومات مغلوطة» تتحدث عن أنها بصدد «توطين» مهاجرين غير نظاميين في ليبيا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي فلسطينيون يسيرون على الطريق أثناء انقطاع الكهرباء في بيت لاهيا شمال قطاع غزة... 12 يناير 2017 (رويترز)

الأمم المتحدة تحذّر من «تداعيات خطيرة» لوقف إمداد غزة بالكهرباء والوقود

حذّرت الأمم المتحدة من «تداعيات خطيرة» على السكان المدنيين في غزة إثر قيام إسرائيل بوقف إمداد القطاع المدمر بالكهرباء.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شؤون إقليمية فلسطينيون يصطفون للحصول على مساعدات غذائية من مركز توزيع «الأونروا» في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة 3 مارس 2025 (أ.ف.ب)

إسرائيل تشجع وكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة على تولي مهام «الأونروا» في غزة

قال مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة إن إسرائيل تشجع وكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الأخرى على تولِّي عمل وكالة «الأونروا» في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا احتفال سابق في ليبيا بـ«ثورة 17 فبراير» (البعثة الأممية)

​البعثة الأممية تدعو لتعزيز وصول المرأة الليبية إلى مراكز القيادة

قالت البعثة الأممية إلى ليبيا إن «عدم وجود تشريعات شاملة تحمي حقوق المرأة يؤدي إلى تفاقم التحديات ويمنع المجتمع من الاستفادة من مساهماتها القيمة»

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)

أول مصنع إثيوبي للمسيّرات... «رسائل ردع» بمنطقة القرن الأفريقي المأزومة

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال افتتاح شركة «سكاي وين» للصناعات الجوية (وكالة الأنباء الإثيوبية)
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال افتتاح شركة «سكاي وين» للصناعات الجوية (وكالة الأنباء الإثيوبية)
TT

أول مصنع إثيوبي للمسيّرات... «رسائل ردع» بمنطقة القرن الأفريقي المأزومة

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال افتتاح شركة «سكاي وين» للصناعات الجوية (وكالة الأنباء الإثيوبية)
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال افتتاح شركة «سكاي وين» للصناعات الجوية (وكالة الأنباء الإثيوبية)

إعلان إثيوبيا افتتاح شركة لتصنيع الطائرات من دون طيار للاستخدام المدني والعسكري، جاء وسط أتون صراع أهلي متكرر، وخلافات مع جيران بمنطقة القرن الأفريقي ودول المصب بالنيل مصر والسودان.

تلك الخطوة رأى رئيس الوزراء، آبي أحمد، أنها ليست لتأجيج الصراع بل لمنعه، وأكد ذلك برلماني إثيوبي تحدث لـ«الشرق الأوسط»، الاثنين، بالقول إن «أديس أبابا تحفظ أمنها، وتعزز تقدمها وازدهارها دون أن تجور على أي من دول الجوار، أو تهدد مصر والسودان».

بالمقابل، يرى خبير في منطقة القرن الأفريقي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن ذلك التصنيع يحمل رسالة ردع وتخويف لدول أعداء مثل إريتريا وجماعات متمردة داخلية، مستبعداً أن تسمح أسمرة لإثيوبيا بالتقدم بهذه الصناعة؛ ما يزيد من التوترات بمنطقة القرن الأفريقي.

وافتتح آبي أحمد، شركة «سكاي وين» للصناعات الجوية، وهي «شركة تصنع المركبات الجوية من دون طيار للاستخدام المدني والعسكري»، حسبما نقلته «وكالة الأنباء الإثيوبية»، السبت، لافتة إلى أن «هذه الصناعة هي جزء من جهود إثيوبيا الأوسع لتحقيق الاعتماد الذاتي التكنولوجي في قطاع الأمن».

آبي أحمد قال في هذه المناسبة إن إثيوبيا طورت القدرة ليس فقط على إنتاج واستخدام الطائرات من دون طيار، ولكن أيضاً على تصديرها، مؤكداً أن قدرتنا على إنتاج طائرات من دون طيار ذات قدرات متنوعة - مصممة ومبنية من قبل محترفي شبابنا - هي علامة فارقة مهمة.

وأكد رئيس الوزراء أن الهدف من تطوير مثل هذه القدرات - جنباً إلى جنب مع التطورات في صناعة هندسة الذخيرة في هوميتشو - ليس تأجيج الصراع، بل منعه. ومن خلال الردع، نسعى إلى تأمين السلام والاستقرار في مواجهة الجهات المتحاربة.

آبي أحمد يرى أن الخطوة الإثيوبية ليست لتأجيج الصراع بل لمنعه (وكالة الأنباء الإثيوبية)

ومعلقاً على ذلك التصنيع غير المسبوق بإثيوبيا، أكد نائب رئيس الوزراء تمسجن تيرونه، الأحد، أن أديس أبابا تنفذ خططاً لتحقيق هدفها المتمثل في الاعتماد على الذات في جميع القطاعات، متوقعاً أن تنفيذ الخطط يحقق النجاح بوتيرة غير متوقعة، بحسب وكالة الأنباء الإثيوبية.

وحسب معلومات مدير مركز دراسات شرق أفريقيا في نيروبي، الخبير في الشؤون الأفريقية الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم، فإن «المصنع يتجه لتصنيع المسيَّرات التجارية وليست العسكرية أو الهجومية في هذه المرحلة على أن تتطور إلى «درونز» عسكرية على المدى البعيد، خصوصاً أن إثيوبيا لديها مصانع للأسلحة؛ ما يجعل هذه الخطوة تطوراً لمشروعها التسليحي».

ويعتقد أن هدف آبي أحمد هو نشر «رسائل ردع وتخويف لدول الأعداء مثل إريتريا وجماعات متمردة مثل فانوا».

وبالمقابل، ينفي البرلماني الإثيوبي محمد نور أحمد، تلك الرسائل، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، الاثنين، إن «الهدف من هذا التصنيع ليس تهديد أحد، وتاريخ إثيوبيا بالماضي والحاضر لا تتدخل في شؤون أحد، وهي حريصة على العيش في سلام مع جيرانها»، مؤكداً أن تلك الخطوة الإثيوبية، بداية لتقدم تكنولوجي في صناعة «الدرونز»، والتنويع في تسليح البلاد.

ويرى أن تلك الخطوة تأتي استكمالاً أيضاً لجوانب التقدم والازدهار التي تمضي إليها إثيوبيا، مجدداً التأكيد على أن هدفها حفظ البلاد وتطوير إمكانياتها، ولا تعني إطلاقاً فتح حرب مع دول الجوار.

وتأتي تلك الخطوة وسط صراعات مسلحة داخلية بإثيوبيا، وأزمات خارجية لا سيما في ظل العداء التاريخي مع إريتريا، وخلافات استمرت لنحو عام مع الصومال، بسبب محاولتها الاستحواذ على ميناء بإقليم أرض الصومال الانفصالي، فضلاً عن خلافات مع مصر والسودان منذ نحو عقد بسبب رفض أديس أبابا إبرام اتفاق بشأن «سد النهضة»، الذي ترى دولتا المصب أنه يهدد أمنهما المائي، وهو ما تنفيه أديس أبابا، وتؤكد أنه يستهدف تنمية البلاد.

ولعبت المسيّرات دوراً لافتاً في سنوات حكم آبي أحمد، خصوصاً ضد متمردي جبهة تحرير شعب تيغراي في 2021، وأسهمت الطائرات المسيرة التي حصل عليها من الصين وتركيا وإيران، في إجبار مقاتلي تيغراي على التراجع، وفق ما نقلته هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» عن مصادر إثيوبية وقتها.

ويتوقع إبراهيم أن تكون إريتريا الدولة الوحيدة في هذا الوقت التي يهمها أن توقف ذلك المشروع في ضوء العداء التاريخي بينهما ونزاعاتهما المتكررة، متوقعاً أن تندلع مواجهات بين الدولتين قبل تصنيع أديس أبابا أي طائرة «درون» عسكرية؛ ما يزيد التوترات بمنطقة القرن الأفريقي، مستبعداً أن تشهد تلك المنطقة في هذا الوقت سباق تسليح جديداً بعد المصنع الإثيوبي لأسباب بعضها اقتصادي.

ويختلف البرلماني الإثيوبي مع من يرى خطورة ذلك الإعلان على منطقة القرن الأفريقي المتأزمة، مؤكداً أن بلاده تسعى لتعاون وأخذ وعطاء وليس حرباً، لافتاً إلى أن أديس أبابا اختارت المفاوضات مع مقديشو برعاية تركية حالياً لإنهاء أزمة الميناء البحري بأرض الصومال، ولم تذهب لصراع، ولم تقم بأي أضرار لمصر والسودان من سد «النهضة» رغم ما يتم ترديده كل فترة بخلاف ذلك.