جنوب سوريا يقتات على تحويلات مغتربيه

قوافل عاطلين عن العمل... والأزمة الاقتصادية آخذة في الاشتداد

حركة خفيفة في سوق الشهداء بمدينة درعا المحطة (الشرق الأوسط)
حركة خفيفة في سوق الشهداء بمدينة درعا المحطة (الشرق الأوسط)
TT

جنوب سوريا يقتات على تحويلات مغتربيه

حركة خفيفة في سوق الشهداء بمدينة درعا المحطة (الشرق الأوسط)
حركة خفيفة في سوق الشهداء بمدينة درعا المحطة (الشرق الأوسط)

لم يجد الشاب السوري إسماعيل بعد تخرجه في الجامعة قبل سنوات، سوى الانضمام إلى قوافل العاطلين عن العمل في ظل الأزمة الخانقة التي يعانيها جنوب سوريا، كما معظم مناطق البلاد. فإسماعيل، وهو من ريف درعا الغربي، يعيش على مساعدات مالية يرسلها إليه إخوة له يعيشون خارج سوريا. ومعظم سكان الجنوب السوري (مناطق درعا والسويداء) البالغ عددهم نحو 1.5 مليون نسمة يعتمدون في معيشتهم على أحد هذه المصادر: القطاع الزراعي، والمساعدات المقدمة من الجمعيات الخيرية، وتحويلات من المغتربين، وهي الفئة الأكبر.
إسماعيل لم يجد فرصة عمل بينما الأوضاع الاقتصادي تزداد صعوبة، كما أنه لم ينتظر عناء البحث عن وظيفة في إحدى المؤسسات الحكومية، خاصة بعد أن باتت الرواتب الشهرية للموظفين لا تكفي لأيام الشهر الأولى فقط، ولا يمكن الاعتماد عليه كوسيلة للاستمرار بالحياة وتحقيق متطلباتها.
فتكلفة المعيشة للشهر الواحد في سوريا بالحد الأدنى من الخدمات والأساسيات المعيشية تتجاوز المليون ليرة سورية (الدولار الواحد يساوي نحو 6 آلاف ليرة في السوق السوداء)، وراتب الموظف لا يتجاوز 150 ألف ليرة سورية في أحسن الأحوال، كل شيء ارتفع ثمنه وخاصة في الأشهر الأخيرة من عام 2022 حتى اليوم بعد أن شحت المحروقات بالأسواق وباتت بأسعار خالية، حيث وصل سعر الليتر الواحد من مادة البنزين إلى 12 ألف ليرة سورية والديزل (المازوت) وصل سعر الليتر الواحد منه إلى 6 آلاف ليرة سورية في السوق السوداء التي يتوفر فيها المادة؛ ما انعكس على كل جوانب الحياة بالغلاء الفاحش، سواء بالمواد الغذائية والأدوية والزراعة. أما التجارة الخارجية وحركة التصدير عبر معبر نصيب جنوب سوريا مع الأردن، فهي على حالها نسبياً باعتبارها تعتمد على العملات الأجنبية وليس العملة المحلية. وباتت ظواهر جديدة تخترق المجتمع، وأهمها حالات التسرب التعليمي، أعداد كبيرة من الطلاب أُجبروا على ترك مقاعد الدراسة والتوجه إلى سوق العمل لإعالة أسرهم وذويهم وإدخال راتب جديد وإضافي لأهله لمساعدتهم في تأمين مقومات الحياة.
ويقول الصحافي ريان معروف، من السويداء، لـ«الشرق الأوسط»، تكاد تصرفات الناس في الجنوب السوري تعلن عن انهيار اقتصاد الدولة السورية؛ فهذا الركود التام لحركة الشراء والبيع والشكوى المرّة من ضنك الحياة التي تسمع في كل مكان، بين المحال والناس وفي الطرقات تدفعك للتفكير إلى أي حد وصل التردي الاقتصادي والمعيشي في البلاد، مشيراً إلى أن الجنوب في صورته العامة يبدو بأنه وصل إلى درجة الغليان وبدا على شكل الاعتراض والاحتجاج والتظاهر، الذي تجسد على شكل إقفال المحال وعطلات طويلة لموظفين حكوميين وحركة سير معدومة بين المدينة وبلداتها إلى احتجاج صارخ ومظاهرات بمطالب سياسية ومعيشية والإفراج عن المعتقلين، وبالوقت نفسه تتقاسم الجارتان في الجنوب السوري، درعا والسويداء، الخوف نفسه من المستقبل في المنطقة من استمرار هذا الواقع مع تجاهل وانعدام أي تحقيق لمطالبهم من قِبل الدولة السورية، وكأنهم تحت نظرية الدولة القائلة، هذا الحال هو الموجود فافعلوا ما شئتم، خاصة مع تحفظ مناطق سورية أخرى بموقفها الموالي، أو أن ظروفها الأمنية المتشددة تمنعها من التعبير والمطالبة بالحقوق، ومناطق منشغلة بالتجاذبات عند حدودها بين تركيا والنظام السوري، وأخرى تسعى إلى كسب الوجود الأميركي قربها لتنفيذ مشاريعها. ويقول «صديقتا النظام السوري، روسيا وإيران، لا تتدخلان بالوضع الاقتصادي والمعيشي، أضف إليه سوء الإدارة والفساد المستشري في الدولة السورية».
والبيانات والتقارير الصادرة عن الدول والوكالات تنذر بالوضع الاقتصادي والأمني المتردي في سوريا، وكان آخرها ما نسب لصحيفة «وول ستريت جورنال» التي قالت في تقرير لها صدر مؤخراً، إن إيران تحدّ من كميات النفط إلى سوريا وترفع سعره، وإن الإيرانيين طلبوا من سوريا سداد ثمن النفط المطلوب مُقدماً؛ ما يضاعف اضطرابات الاقتصاد السوري الذي يعتمد على إيران في أكثر من نصف احتياجاته النفطية. وتحدثت وكالة «أسوشييتد برس» حول عجز حكومة النظام عن دفع مستحقات الرواتب للموظفين والمتقاعدين خلال أشهر مقبلة، وأن روسيا ردت بالرفض على طلب القرض الذي قدمه المصرف المركزي في سوريا.
ويقول خبير اقتصادي في درعا، رفض الكشف عن اسمه الصريح، لـ«الشرق الأوسط»: «رغم نفي مصرف سوريا المركزي نفياً قاطعاً حول احتمالية التأخر بتسديد رواتب العاملين في الدولة الأشهر المقبلة، ومع عدم إصدار بيان رسمي ينفي ما تداولته وسائل الإعلام بأن إيران تحدّ من كميات النفط إلى سوريا وترفع سعره مع الدفع مقدماً، يتخوف أبناء الجنوب السوري من الإغلاقات المتكررة لجهات حكومية، ووقف جميع أنشطتها أو تعليقها لعدم توفير المحروقات اللازمة للعمل أو للتنقل، كان آخرها إيقاف الدوام في جميع برامج التعليم المفتوح للجامعات إلى وقت لاحق، وإيقاف التكليف بساعات العمل الإضافي لجميع العاملين في الدولة، وعدم طرح البنك المركزي حلولاً اقتصادية ومعيشية للموظفين في الدولة، مع نفيه العجز عن تسديد رواتب الموظفين والمتقاعدين، بعد أن بات أعلى سقف راتب شهري للموظف في سوريا يساوي 50 دولاراً أميركياً. بالإضافة إلى أن اعتمادات الموازنة العامة للدولة السورية لسنة 2023 بمبلغ إجمالي يعادل 5.4 مليار دولار وفق سعر الصرف الرسمي للبنك المركزي الذي كان يحدد 3015 ليرة سورية للدولار الواحد في وقت إصدار هذه الموازنة، لكن الموازنة بقسمة سعر الصرف في السوق السوداء للدولار والتي هي القيمة الحقيقة للدولار مقابل الليرة السورية التي وصلت إلى 6000 ليرة سورية للدولار الواحد، تعدّ الأدنى منذ اندلاع الاحتجاجات المناهضة للنظام في عام 2011 حتى عام 2022؛ مما يشكل دليلاً ملموساً على أن الاقتصاد السوري منهك وقد يصل في أي لحظة إلى الانهيار.
أضف إليه، أن جميع السوريين يعانون ظروفاً معيشية صعبة وتفشياً للبطالة وانعدام الفرص وانقطاع للمحروقات، مع إصرار أميركي على العقوبات الاقتصادية على الأسد والمتعاونين معه، والتمسك بالحل السياسي في سوريا، بالوقت الذي لا تعطي روسيا اهتماماً لصيحات الوضع الاقتصادي والمعيشي المتردي في سوريا، بقدر سعيه للحفاظ على مصالحه المرتبطة مع نظام دمشق، بينما إيران منشغلة بمشاكلها الداخلية والتضخم الاقتصادي لديها.
ويقول مصدر حكومي في نقابة العمال، إن شح المحروقات في سوريا وغلائها أثّر على معظم القطاعات الحكومية والخاصة وعلى المواطنين، حيث ازدادت ساعات تقنين الكهرباء ووصلت في بعض المناطق إلى 20 ساعة من القطع الكهربائي في اليوم، وارتفعت أجور النقل والمواصلات؛ ما زاد أعباء الموظفين بعد أن تساوى الراتب الشهري مع قيمة المواصلات في الشهر، وتأخير بحصول المواطنين على حصصهم من مادة المازوت للتدفئة من شركة تكامل المقدرة بـ200 ليتر من المازوت توزع على مراحل خلال فصل الشتاء لكل عائلة، مضيفاً، لا يمكن توفير إحصائية رسمية لعدد الموظفين في القطاع العام في جنوب سوريا؛ وذلك نتيجة الاستقالات والتسرب الوظيفي لأعداد كبيرة من الموظفين، نتيجة عوامل عدة، أبرزها المدخول الشهري للموظف الذي لا يتناسب مع تكاليف الحياة، فمنهم من فضّل الحصول على الاستقالة بشكل قانوني؛ للبحث عن سبيل أفضل لتحقيق الدخل، ومعظمهم اختار السفر خارج البلاد، وآخرون من الذين وجدوا صعوبة في الحصول على الاستقالة اختاروا الهروب والتغيب غير القانوني.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.