تبون: تطابق وجهات النظر مع ميلوني حول السلم في «المتوسط»

الغاز والصناعة الميكانيكية محور خريطة طريق للتعاون بين الجزائر وإيطاليا

تبون وميلوني (الرئاسة الجزائرية)
تبون وميلوني (الرئاسة الجزائرية)
TT

تبون: تطابق وجهات النظر مع ميلوني حول السلم في «المتوسط»

تبون وميلوني (الرئاسة الجزائرية)
تبون وميلوني (الرئاسة الجزائرية)

أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني، عن ترسيم اتفاق بين البلدين لإطلاق أنبوب جديد لنقل الغاز والأمونياك والكهرباء إلى إيطاليا، ومنها إلى كامل أوروبا، أنه «سيتم إنجازه قريباً». فيما قالت ميلوني، إنها تتطلع إلى «شراكة جديدة مع الجزائر تتعدى الطاقة، إلى البنية التحتية والاتصالات».
وأنهت رئيسة الوزراء الإيطالية، الاثنين، زيارة للجزائر دامت يومين، توجت بالتوقيع على حزمة اتفاقات للتعاون الفني في مجال فض انبعاثات الغاز، وتطوير شبكة الربط الطاقوي، علماً بأن التبادل التجاري البيني يجسده منذ سنوات طويلة، أنبوب الغاز العابر للبحر المتوسط. كما تم التوقيع على اتفاق حول التعاون في المجالات الاقتصادية، يخص الصناعة الميكانيكية (إنتاج السيارات والدراجات النارية). وأكد تبون بهذا الخصوص أن إنتاج أول سيارة إيطالية بالجزائر، سيكون في مارس (آذار) المقبل، وستكون كهربائية من تصنيع عملاق صناعة السيارات الإيطالي «فيات».
وأوضح تبون أن الجزائريين يستهلكون بكثرة المنتجات الصناعية الإيطالية، ومنذ زمن بعيد، «فإيطاليا اختارت الطريق السليم للوصول إلى ما هي عليه اليوم كقوة اقتصادية، أقصد بذلك خاصة الصناعات المتوسطة والصغيرة، والميكانيك ونشاط التركيب». وبلغت قيمة المبادلات التجارية بين البلدين 16 مليار دولار عام 2022، حسب تبون، الذي عبَّر عن ارتياح بلاده لـ«تطابق وجهات النظر حول ضرورة المساهمة في إحلال السلم في منطقة المتوسط، وبخاصة التوصل إلى حل في ليبيا أساسه تنظيم الانتخابات ودعم المصالحة بين الفرقاء في هذا البلد، في إطار الحوار تحت إشراف الأمم المتحدة».
وأشار من جهة أخرى إلى «تأكيدنا على موقف الجزائر الثابت والمبدئي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، في إقامة دولته وعاصمتها القدس، وانصياع إسرائيل للوائح الأمم المتحدة ووقف اعتداءاتها المستمرة على الفلسطينيين». وقال إن وجهات نظر البلدين «متطابقة حول دعم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية، وتمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير مصيره عبر الاستفتاء».
وأكدت ميلوني من جهتها أن روما «متمسكة بحل الدولتين عن طريق التفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين»، مبرزة أن إيطاليا «أقامت جسراً مهماً للتعاون بينها وبين الجزائر في السنوات الأخيرة، نأمل أن يستفيد منه كامل أوروبا». وقالت: «نريد اختبار علاقاتنا في مجالات جديدة... ننوي تحقيق شراكة تسمح لبلدينا بمستقبل زاهر من خلال بناء جسور بين ضفتي المتوسط، ونريد تحويل الأزمات في منطقتنا إلى فرص للاستقرار». وأضافت: «لدينا أحلام مشتركة كثيرة، وكمرحلة أولى نركز على منطقة المتوسط، والجزائر لديها الأولوية، من جانبنا، ضمن هذا التوجه، لأنها الشريك الأكثر استقراراً».
وفي السياق ذاته، صرَّح الرئيس التنفيذي للمجموعة النفطية الإيطالية «إيني»، كلاوديو ديسكالتسي، على هامش زيارة ميلوني، بأن الجزائر تعهدت برفع إمداداتها من الغاز إلى إيطاليا، لتصل إلى 28 مليار متر مكعب في 2024، وعدَّ الجزائر «شريكاً استراتيجياً يحترم التزاماته التعاقدية». وأوضح ديسكالتسي أن تدفق الغاز الجزائري إلى إيطاليا بلغ 3 مليارات متر مكعب في 2022، وسيتم ضخ ضعف هذه الكمية في 2023 إلى أن تصل إلى 28 مليار متر مكعب، في 2024.
وأفادت الإذاعة الحكومية الجزائرية بأن زيارة ميلوني «تعكس متانة العلاقات التاريخية بين الجزائر وإيطاليا، كما تعكس الإرادة المشتركة لتطوير التعاون الثنائي أكثر فأكثر»، مشيرة إلى أنها ثالث زيارة لرئيس وزراء إيطالي إلى الجزائر، في ظرف سنة واحدة، بعد زيارتي رئيس الوزراء الإيطالي السابق ماريو دراغي في أبريل (نيسان) ويوليو (تموز) 2022.


مقالات ذات صلة

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

شمال افريقيا الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

أكد وزيران جزائريان استعداد سلطات البلاد لتجنب سيناريو موسم الحرائق القاتل، الذي وقع خلال العامين الماضيين، وسبّب مقتل عشرات الأشخاص. وقال وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجزائري، عبد الحفيظ هني، في ندوة استضافتها وزارته مساء أمس، إن سلطات البلاد أعدت المئات من أبراج المراقبة والفرق المتنقلة، إضافة لمعدات لوجيستية من أجل دعم أعمال مكافحة الحرائق، موضحاً أنه «سيكون هناك أكثر من 387 برج مراقبة، و544 فرقة متنقلة، و42 شاحنة صهريج للتزود بالمياه، و3523 نقطة للتزود بالمياه، و784 ورشة عمل بتعداد 8294 عوناً قابلاً للتجنيد في حالة الضرورة القصوى».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

التمست النيابة بمحكمة بالجزائر العاصمة، أمس، السجن 12 سنة مع التنفيذ بحق وزير الموارد المائية السابق، أرزقي براقي بتهمة الفساد. وفي غضون ذلك، أعلن محامو الصحافي إحسان القاضي عن تنظيم محاكمته في الاستئناف في 21 من الشهر الحالي، علماً بأن القضاء سبق أن أدانه ابتدائياً بالسجن خمس سنوات، 3 منها نافذة، بتهمة «تلقي تمويل أجنبي» لمؤسسته الإعلامية. وانتهت أمس مرافعات المحامين والنيابة في قضية الوزير السابق براقي بوضع القضية في المداولة، في انتظار إصدار الحكم الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقر القصر الرئاسي بالجزائر، الثلاثاء، الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي الذي يقوم بزيارة رسمية؛ تلبية للدعوة التي تلقاها من رئيس مجلس الأمة الجزائري. وشدد آل الشيخ على «تبادل الخبرات لتحقيق المصالح التي تخدم العمل البرلماني، والوصول إلى التكامل بين البلدين اللذين يسيران على النهج نفسه من أجل التخلص من التبعية للمحروقات، وتوسيع مجالات الاستثمار ومصادر الدخل»، وفق بيان لـ«المجلس الشعبي الوطني» الجزائري (الغرفة البرلمانية). ووفق البيان، أجرى رئيس المجلس إبراهيم بوغالي محادثات مع آل الشيخ، تناولت «واقع وآفاق العلاقات الثنائية الأخوية، واس

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

قضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، أمس، بسجن سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل، 12 سنة مع التنفيذ، فيما تراوحت الأحكام بحق مجموعة رجال الأعمال المقربين منه ما بين ثماني سنوات و15 سنة مع التنفيذ، والبراءة لمدير بنك حكومي وبرلماني، وذلك على أساس متابعات بتهم فساد. وأُسدل القضاء الستار عن واحدة من أكبر المحاكمات ضد وجهاء النظام في عهد بوتفليقة (1999 - 2019)، والتي دامت أسبوعين، سادها التوتر في أغلب الأحيان، وتشدد من جانب قاضي الجلسة وممثل النيابة في استجواب المتهمين، الذي بلغ عددهم 70 شخصاً، أكثرهم كانوا موظفين في أجهزة الدولة في مجال الاستثمار والصفقات العمومية، الذين أشارت التحقيقات إلى تو

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مطالب بالتحقيق في «وقائع فساد» كشفها «المحاسبة» الليبي

الدبيبة وشكشك رئيس ديوان المحاسبة في ليبيا (ديوان المحاسبة)
الدبيبة وشكشك رئيس ديوان المحاسبة في ليبيا (ديوان المحاسبة)
TT

مطالب بالتحقيق في «وقائع فساد» كشفها «المحاسبة» الليبي

الدبيبة وشكشك رئيس ديوان المحاسبة في ليبيا (ديوان المحاسبة)
الدبيبة وشكشك رئيس ديوان المحاسبة في ليبيا (ديوان المحاسبة)

فتح تقرير ديوان المحاسبة الليبي لعام 2023، الذي تم تسريبه قبل صدوره رسمياً، باباً جديداً من الانتقادات الموجهة للسلطة التنفيذية في طرابلس والمؤسسات التابعة لها، بعدما كشف عن «وقائع فساد»، وسط مطالب سياسية ومجتمعية بفتح تحقيق فيما تضمنه من تجاوزات.

وتنوعت أشكال الإنفاق و«التجاوزات المالية»، التي أوردها تقرير الديوان، الذي يعدّ أكبر جهاز رقابي في ليبيا، بين رواتب قطاع السفارات والقنصليات والبعثات الليبية لـ3478 موظفاً، منهم 1923 دبلوماسياً، و1555 عمالة محلية، والإنفاق ببذخ على شراء سيارات فارهة للمسؤولين، واستئجار طائرات خاصة.

المنفي والدبيبة في لقاء سابق (المجلس الرئاسي الليبي)

وأفاد التقرير بأن رواتب قطاع السفارات والقنصليات والبعثات وصل إلى 1.5 مليار دينار. (الدولار يساوي 4.8 دينار في السوق الرسمية)، كما أظهر تخصيص قرابة 50 مليون دينار لبند «سيارات»، وقرابة نصف مليار دينار للتدريب ضمن نفقات المؤسسة الوطنية للنفط.

ورغم ما كشف عنه التقرير من «تجاوزات مالية» أثارت حفيظة جل الليبيين الذين يعانون في صرف رواتبهم الشهرية، فقد قال عضو مجلس النواب، جبريل أوحيدة: «ما نتوقعه من فساد وهدر للمال العام أكبر مما ورد في تقرير ديوان المحاسبة».

شكشك رئيس ديوان المحاسبة في ليبيا (ديوان المحاسبة)

كما رصد التقرير إنفاق نفقات بدل سكن موظفي ديوان مجلس الوزراء ما مجموعه 847 ألف دينار، وسداد الحكومة 316.44 ألف دينار مقابل حجوزات فندقية لفترات طويلة لأشخاص، دون توضيح صفاتهم أو تبعيتهم، إلى جانب صرف 717 ألف دينار لشركة (ر. ال) التموينية، مقابل خدمات إعاشة استمرت بالوتيرة نفسها حتى في شهر رمضان.

وأرجع أوحيدة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ازدياد حجم التجاوزات المالية إلى «غياب المتابعة والمحاسبة، وشرعنة الأجسام التنفيذية من الخارج، والصرف بترتيبات مالية خارج قوانين الميزانية، وما إلى ذلك من انقسام وفوضى».

النائب العام المستشار الصديق الصور (المكتب الإعلامي للنائب العام)

ولم يستثن التقرير أي جهاز من الأجهزة الليبية، حيث رصد إنفاق 10 آلاف دولار مقابل إقامة وفود رئاسية لليلة الوحدة في جناح فندقي خلال زيارتها إلى نيويورك، رغم وجود مقر ليبي لضيافة الشخصيات المرموقة. كما تضمن التقرير صرف 720 ألف دينار، مقابل توفير طائرة لنقل نائب رئيس المجلس الرئاسي إلى دولة غينيا مؤخراً.

وأظهر التقرير أيضاً توسع حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، في الإنفاق بشكل كبير، بداية من الصرف على «رحلات الطيران» قيمتها أكثر من مليوني ونصف مليون، وصولاً إلى إنفاقها 665 ألف دينار على «إحياء ليلة القدر» خلال شهر رمضان الماضي، بالإضافة إلى تخصيص نحو نصف مليون دينار لإقامة ندوة تتعلق بالانتخابات.

وقال الباحث والمحلل السياسي الليبي، محمد إمطيريد، إن هذه المخالفات ستتطلب إجراء تحقيقات موسعة ضد حكومة الدبيبة، متوقعاً أن يبدأ خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، في التحرك، وكذلك النائب العام المستشار الصديق الصور.

إمطيريد توقع أن يبدأ خالد المشري في التحرك للتحقيق في التجاوزات التي أبرزها التقرير (المكتب الإعلامي للمجلس)

ورأى إمطيريد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن ظهور هذه التقارير عادة ما يستهدف إزاحة الحكومة، وهو ما يقصد به راهناً الدبيبة، وذكّر بالتقارير التي أصدرها الديوان في الأعوام السابقة ضد حكومة فائز السراج السابقة، والصديق الكبير، محافظ المصرف المركزي المقال.

ويعتقد إمطيريد أن الولايات المتحدة «تقف وراء صدور مثل هذه التقارير. وديوان المحاسبة يبدأ في الضغط عندما يأخذ الضوء الأخضر منها ومن لندن، ويعمل على تحقيق رغبات المجتمع الدولي بالضغط، الذي يكون ربما لإنهاء حالة الخمول السياسي في ليبيا، وتحقيق الاستقرار».

لكن «الديوان» استبق تلك الاتهامات، وحذر من «الانحراف بالتقرير عن مساره المهني والموضوعي، واستغلاله في الصراعات السياسية أو لتحقيق أغراض خاصة». ودافع عن نفسه قائلاً إنه يمارس مهامه، وفقاً للقانون والمعايير الدولية، وأوضح أنه يهدف إلى تعزيز الشفافية والمساءلة والنزاهة في بيئة القطاع العام، ومعالجة أوجه عدم الالتزام، أو القصور والضعف في الأنظمة والسياسات المعمول بها، بما يضمن حسن إدارة المال العام وتوجيهه بالشكل الصحيح.

يشار إلى أن تقرير 2022 تضمن أيضاً «وقائع فساد» كثيرة، بداية من «اختلاس المال العام عن طريق عقود وهمية»، «والتوسع في إبرام عقود للتوريد»، بالإضافة إلى إنفاق الملايين على شراء سيارات، فضلاً عن إقامة أشخاص لا تربطهم علاقة وظيفية بديوان الحكومة في فنادق خارج البلاد.

وإلى جانب ما رصده التقرير من «تضخم الرواتب في وزارة الداخلية، والإسراف في التكليف المباشر والتعاقدات غير الضرورية»، تحدث أيضاً عن «سوء إدارة الموارد والمخصصات المالية في وزارة الدفاع»، بالإضافة إلى «الانحراف في توجيهها عن التوجيه السليم بما يخدم بناء وتنظيم المؤسسة العسكرية».

وأمام استفحال التجاوزات ووقائع الفساد، تساءل أوحيدة: «مَن سيحاسب من في ظل هذا النهب للمال العام؟».

وللعلم، فإن مكتب النائب العام فتح تحقيقات عديدة فيما تضمنه تقرير الديوان لعام 2022.