طهران تعد خياراتها لمنع أوروبا من تصنيف «الحرس» إرهابياً

تلويح بالحد من حركة السفن في مضيق هرمز وتهديد أمن العسكريين الغربيين والانسحاب من «حظر انتشار النووي»

عبد اللهيان وسلامي في جلسة مغلقة بالبرلمان الإيراني أمس (إ.ب.أ)
عبد اللهيان وسلامي في جلسة مغلقة بالبرلمان الإيراني أمس (إ.ب.أ)
TT

طهران تعد خياراتها لمنع أوروبا من تصنيف «الحرس» إرهابياً

عبد اللهيان وسلامي في جلسة مغلقة بالبرلمان الإيراني أمس (إ.ب.أ)
عبد اللهيان وسلامي في جلسة مغلقة بالبرلمان الإيراني أمس (إ.ب.أ)

لم يستبعد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، لجوء طهران إلى أي إجراء للردّ على أوروبا، بما في ذلك الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، إذا أقدمت الكتلة الأوروبية على تصنيف «الحرس الثوري» كياناً إرهابياً، متحدثاً عن تلقي رسائل أوروبية تنفي نيات للقيام بذلك، وذلك في وقت هدّد رئيس البرلمان الإيراني الجيوش الأوروبية بأنها ستواجه رداً إيرانياً مماثلاً، ولن يكون منتسبوها آمنين في المنطقة.
وناقش البرلمان الإيراني قرار البرلمان الأوروبي الأخير بشأن وضع جهاز «الحرس الثوري» في سلة المنظمات الإرهابية، خلال جلسة مغلقة حضرها عبد اللهيان، وقائد «الحرس» حسين سلامي، وانضم إليهما لاحقاً الرئيس إبراهيم رئيسي.
وأصدر البرلمان الأوروبي، الخميس الماضي، قراراً بتصويت الأغلبية، وطالب السلطات الإيرانية بإنهاء انتهاك حقوق الإنسان وإعدام المتظاهرين وقمع المعارضة، وطلب من التكتل القاري إدراج «الحرس» على قائمة «المنظمات الإرهابية»، بما يشمل «فيلق القدس» ذراع عمليات التجسس الخارجية، وقوات التعبئة (الباسيج).
وحذّر رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، الأحد، من أنه «في حال اتخاذ أي إجراءات ضد (الحرس الثوري) الإيراني، فإننا سنعتبر جيوش الدول الأوروبية جماعة إرهابية».
وقال عضو هيئة رئاسة البرلمان، النائب علي رضا سليمي، إن وزير الخارجية وقائد «الحرس» أدليا بتصريحات تشدد على أن «أي خطأ لا يغتفر من الأوروبيين ستردّ عليه إيران بخطوة مماثلة». وقال: «إيران ستعلن أن جميع المؤسسات العسكرية الأوروبية إرهابية، ومن الآن فصاعداً لن تكون أي من المؤسسات العسكرية الأوروبية آمنة في المنطقة، حتى مستشاروها لن يشعروا بأمان في سفاراتهم».

رئيسي يلقي خطاباً بينما يستمع إليه قاليباف في البرلمان أمس (إ.ب.أ)

وأشار سليمي إلى تلقي إيران رسائل أميركية وأوروبية. وقال «الأوروبيون وجّهوا رسائل بأنهم لا ينوون القيام بمثل هذا الإجراء، وطلبوا من إيران عدم القيام بإجراءات مماثلة، كذلك وجّه الأميركيون رسائل إلى إيران وطلبوا التفاوض».
- رسائل أوروبية
كتب عبد اللهيان، على «تويتر»، إن البرلمان الإيراني «يعتزم وضع أطراف من جيوش الدول الأوروبية على قائمة الإرهاب»، مضيفاً أن «الرد (سيكون) بالمثل»، مكرراً أن «البرلمان الأوروبي أطلق النار على نفسه» بالتصويت ضد «الحرس»، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال عبد اللهيان، في تصريحات لموقع البرلمان الإيراني (خانه ملت)، إنه تلقى «تطمينات» من مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، ومن السويد التي ترأس الاتحاد الأوروبي بأن «الاتحاد الأوروبي لا يسعى وراء تنفيذ القرار الذي أقره البرلمان الأوروبي»، لكن عبداللهيان حذر من أن «إذا لم يعدل الموقف الأوروبي فإن أي إجراء مضاد يبقى وارداً»، مضيفاً أن القرار «يعبّر عن مشاعر بعض المشرعين في البرلمان الأوروبي».
ورداً على سؤال حول احتمال انسحاب إيران من معاهدة حظر الانتشار النووي، ومنع دخول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قال: «عدد قليل من الزعماء السياسيين الأوروبيين ليست لديهم أي خبرة في المجال الدبلوماسي، واليوم يترأسون الجهاز الدبلوماسي، بما في ذلك وزير الخارجية الألماني، لهذا إذا لم يتحركوا في مسار العقلانية، ولم يصلحوا مواقفهم، فأي احتمال ممكن».
وقال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، لدى دفاعه عن مشروع الموازنة الجديدة في البرلمان، إن الخطوة الأوروبية «محاولة بائسة». وأضاف: «مثل حساباتهم الأخرى؛ محكومة بالفشل».
- تهديد الملاحة
وقال رسول سنايي راد، نائب الشؤون السياسية في المكتب العقائدي والسياسي، التابع للمرشد الإيراني، إن «تصنيف الجيوش الأوروبية على قائمة الإرهاب سيعطل حركتهم في المياه الإقليمية، وهذا الأمر يعرض الأمن الإقليمي والدولي للخطر».
في هذا الصدد، قال النائب محمد حسن أصفري: «نسعى وراء مشروع لتقييد حركة السفن الأوروبية في مضيق هرمز». ونقلت وكالة «إيلنا» الإصلاحية عن النائب قوله: «إذا لم يتراجع البرلمان الأوروبي عن قراره، فإننا سنتبع الإجراءات في برلماننا، وسنحدّ من حركة سفنهم في مضيق هرمز بموجب قرار طارئ، لهذا من الأفضل أن يتراجع البرلمان الأوروبي ويتحلى بالعقلانية قبل فوات الأوان».
وذهب أبعد من ذلك، عندما قال: «من المؤكد أن فرض العقوبات على (الحرس) لن يكون منفصلاً عن نهاية الاتفاق النووي، وهذا ليس في مصلحة الأوروبيين».
من جانبه، تحدث وزير الاستخبارات الإيراني، إسماعيل خطيب، في بيان عن «الرد المتماثل»، وقال: «الرد المتماثل ضد أي عمل يتعارض مع الأمن الوطني للجمهورية الإسلامية حق مشروع للبلاد».
- أزمة المشروعية
طلبت صحيفة «كيهان» الرسمية تعليق التبادلات مع الدول التي وقّعت على قرار البرلمان الأوروبي، في إشارة إلى القرار الذي أصدره البرلمان.
واتهمت الصحيفة، التابعة لمكتب المرشد الإيراني، الدول «التي وقّعت على ورقة تسمية (الحرس الثوري) منظمة إرهابية»، بأنها «في الواقع لا تعترف بالجمهورية الإسلامية». في إشارة إلى التحذيرات الداخلية من العزلة الإيرانية، وكذلك أزمة المشروعية التي تواجه المؤسسة الحاكمة.
وأضافت الصحيفة: «إلى أن تعترف عملياً وبالكامل بإيران دولةً مستقلةً وتقبل بأنه لا ينبغي التدخل في شؤونها الداخلية، فإنها لا تستطيع الدخول في علاقات. وإلى أن تعترف بالكامل بإيران دولةً مستقلةً وتقبل أنه لا ينبغي لها التدخل في شؤونها الداخلية، فإنها لا تستطيع الدخول في مراودات أخرى. من هنا يجب تعليق المراودات السياسية والاقتصادية بين إيران وهذه الدول، وإغلاق ممثليات الطرفين في العواصم».
وأضافت: «سيتحمل الأوروبيين قريباً تكاليف بشرية ومالية باهظة بحيث يندمون على قرار برلمانهم آلاف المرات». وقالت: «الأوروبيون في المنطقة التابعة لإيران، وبقية دول المنطقة لديها وجود عسكري وأمني في إطار حلف الناتو... لا يمكنهم بسهولة الحفاظ على قواعدهم وقواتهم العسكرية والأمنية». وقالت: «من اللافت أن القوات العسكرية - الأمنية للدول الغربية، بما فيها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، تلقت ضربات مفاجئة من القوات العسكرية والأمنية الإيرانية».
وأشارت الصحيفة إلى اعتقال الدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي، المدان في بلجيكا بالسجن 20 عاماً بتهمة التخطيط لهجوم بقنابل كان سيستهدف التجمع السنوي الكبير في فرنسا لمنظمة «مجاهدي خلق» المعارضة في 30 يونيو (حزيران) 2018.
وقالت: «لو اتخذنا إجراءات مضادة ضد اعتقال دبلوماسيّينا في أوروبا، لما وقعت اعتداءات أوروبية على إيران بعد ذلك».
وسبق للولايات المتحدة أن أدرجت «الحرس» الإيراني على قائمة المنظمات «الإرهابية» عام 2019. وأوروبياً، يعود هذا الإجراء المعقّد قانونياً إلى المجلس الأوروبي، المخول الوحيد بتطبيق العقوبات.
وأيّدت غالبية الدول الأعضاء نصّ البرلمان. ويبحث الاجتماع المقبل لوزراء الخارجية في 23 يناير (كانون الثاني) فرض حزمة رابعة من العقوبات على إيران، على خلفية «قمع» الاحتجاجات التي أعقبت وفاة الشابة مهسا أميني بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق، ودعم إيران لروسيا بالمعدات العسكرية.
ونشأ «الحرس» بعيد العام 1979، كقوة عسكرية عقائدية، مهمتها الأساسية الدفاع عن الثورة، بعد إعلان تبني «ولاية الفقيه» أصلاً للنظام السياسي في إيران. وتوسّع دوره على مدى العقود الماضية بشكل جعل منه لاعباً أساسياً في السياسة والاقتصاد.
ويعد «الحرس الثوري» الخاضع لأوامر المرشد الإيراني موازياً للجيش النظامي الإيراني بوحداته البرية والبحرية والجو - فضائية، ولديه جهاز استخباراتي موازٍ لوزارة الاستخبارات الإيرانية، كما أن لديه أجهزة موازية تنافس المنظمات الحكومية في المجالات الاقتصادية.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».