«المبادرات المجتمعية» بوابة حوثية أخرى لنهب أموال اليمنيين

يمنيون في إب يعملون في المبادرات المجتمعية أخضعهم الانقلابيون لدورات تعبئة وتطييف (إعلام حوثي)
يمنيون في إب يعملون في المبادرات المجتمعية أخضعهم الانقلابيون لدورات تعبئة وتطييف (إعلام حوثي)
TT

«المبادرات المجتمعية» بوابة حوثية أخرى لنهب أموال اليمنيين

يمنيون في إب يعملون في المبادرات المجتمعية أخضعهم الانقلابيون لدورات تعبئة وتطييف (إعلام حوثي)
يمنيون في إب يعملون في المبادرات المجتمعية أخضعهم الانقلابيون لدورات تعبئة وتطييف (إعلام حوثي)

تنبهت الميليشيات الحوثية أخيراً إلى بوابة جديدة لنهب أموال اليمنيين، وهي «المبادرات المجتمعية»، التي تتشكل عادة في القرى والمدن من أجل تنفيذ مبادرات تعاونية تشمل إنشاء الطرق أو إصلاحها أو توفير الخدمات والمدارس، حيث رأت الميليشيات في ذلك وسيلة أخرى للهيمنة وكسب المال من التبرعات المقدمة.
وبحسب ما ذكرته مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، بدأت الميليشيات الحوثية منذ أسبوعين، في إخضاع مئات الأشخاص من منتسبي الكيانات المجتمعية في عموم المدن والمناطق تحت سيطرتها، لتلقي دورات تعبوية وطائفية، وكذا تدريبهم على طرق وآليات الضغط على السكان في مناطقهم؛ لإجبارهم على المشاركة قسراً في المبادرات، وتقديم الدعم المالي لها.
وقالت المصادر إن الميليشيات شرعت مطلع يناير (كانون الثاني) الحالي، عبر منظمات تابعة لها، في تنظيم دورات وورش (ثقافية وتعبوية) طالت مئات الأشخاص المنتسبين لتلك الكيانات؛ لغرض تمكينهم من الاستيلاء على أموال التبرعات بمناطق سيطرتهم بزعم إعادة تأهيل المشروعات الخدمية والطرقات، أو تنفيذ مزيد منها.
المصادر أكدت أن قادة الجماعة، فيما تسمى «الدائرة الاجتماعية»، أصدروا تعليمات تحض على إخضاع الكيانات المجتمعية التعاونية جميعها لدورات تعبئة؛ من أجل ضمان ولائهم للميليشيات، والإشراف على الأموال التي يجمعها السكان.
وتهدف الميليشيات الحوثية، من وراء إخضاع هذه الكيانات التعاونية، إلى ضمان ولاء الأشخاص لها وتغيير أفكارهم طائفياً، وكذلك من أجل السطو المعنوي على الإنجازات التي تحققها هذه التعاونيات، والتنصل من الواجبات المنوط بها تنفيذها باعتبارها سلطة انقلابية، وإلقائها على عاتق الأهالي ليتحمّلوا مسؤولية إعادة إصلاح المشروعات.
وأوكلت الجماعة الحوثية - بحسب المصادر- إلى مؤسستي «بنيان»، التي يديرها القيادي المدعو محمد المداني، شقيق القيادي الحوثي المطلوب على قائمة التحالف المدعو يوسف المداني، و«التكافل»، التي يرأسها القيادي في الجماعة خالد المرتضى، تولي مهام تنظيم تلك الدورات التعبوية في المناطق الموجودة تحت سيطرتها.
وبموجب تلك التعليمات أقامت مؤسسة «بنيان» الحوثية، التي باتت الذراع الأبرز للجماعة في السطو على المساعدات الإنسانية الدولية، عشرات الدورات لاستهداف اليمنيين من مختلف الفئات في مديريات ومحافظات عدة.
في هذا السياق، قامت المنظمة الحوثية بتنظيم دورة ثقافية وتدريبية لأكثر من 19 شخصاً في عزلة «الجعافرة» بمديرية حبيش بمحافظة إب، تحت لافتة «حث الأهالي على المشاركة بالمبادرات والعمل الطوعي».
كما قامت المؤسسة الحوثية بتنظيم فعالية أخرى مماثلة طالت بالتطييف والتحريض على جمع الأموال، أكثر من 30 مشاركاً في مديرية الصافية بالعاصمة صنعاء تحت شعار: «تنفيذ مشروع بنيان لتعزيز المبادرات».
ويقول ناشطون في المبادرات المجتمعية، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، إن هدف الميليشيات الحوثية من التدخل في العمل الطوعي هو تمكين عناصرها من مراقبة التبرعات والاستيلاء عليها، والإشراف على إنجاز هذه المشروعات، لكي تبدو الجماعة كأنها من قامت بها.
ويكشف محمد، وهو اسم مستعار لأحد الناشطين المجتمعين لـ«الشرق الأوسط»، عن أنه تم استدعاؤه قبل أيام من قبل مشرفين حوثيين للمشاركة في دورة، قال إن ظاهرها «التدريب على أساسيات العمل الطوعي وتنمية المبادرات المجتمعية»، أما باطنها فهو «الاستماع لخطب ومحاضرات تحريضية لزعيم الميليشيا وقراءة ملازم مؤسس الجماعة» حسين الحوثي.
وأكد أن أفراد الميليشيات ظلوا يحثون المشاركين، على مدى الأيام التي أُقيمت خلالها الدورة، على أهمية تحشيد المواطنين وتحفيزهم بشتى الطرق والأساليب، على تقديم الدعم المالي لصالح الجماعة.
وتابع قائلاً: «الميليشيات بهذا التوجه تريد منا إجبار الأهالي، على مستوى مناطقنا، على تقديم المال بزعم (المشاركات المجتمعية)، لكن ما سيتم جمعه من مبالغ سيذهب في النهاية إلى جيوب كبار قادة الجماعة، ولن تصرف تلك المبالغ لجهة تنفيذ أية مشروعات تنموية».
وكانت الجماعة ابتكرت حيلة جديدة مكّنتها من سرقة مزيد من أموال اليمنيين بمناطق سطوتها، وذلك عبر بوابة تشكيل كيانات مجتمعية محلية تقوم بالسطو على المساهمات المالية التي يقدمها الأهالي لغرض إصلاح بعض المشروعات التي تعرضت للتدمير طيلة السنوات الماضية.
جاء ذلك في وقت حذرت فيه الأوساط الإنسانية من مغبة الانخراط في أية مبادرات تشرف على تأسيسها وإدارتها الجماعة الحوثية، إذ إن مصير تلك المبادرات سيكون الفشل، إلى جانب أن قادة الميليشيات سيكونون المستفيدين من جمع هذه الأموال بالمقام الأول.
وكانت مصادر حقوقية يمنية اتهمت الميليشيات الحوثية باستخدامها مختلف الأساليب لتضييق الخناق على المؤسسات والجمعيات والمبادرات الإنسانية والخيرية، وعمدت في المقابل إلى إغلاق المئات منها بمناطق سيطرتها، واستحدثت أخرى تابعة لها لتحكم قبضتها على الفعاليات والأنشطة الخيرية والإنسانية كافة.
تزامن ذلك مع شكاوى عدة تقدمت بها مبادرات وجمعيات مجتمعية طوعية وإنسانية وخيرية من تدخلات الانقلابيين في أنشطتها، ومحاولة فرض أجندة خاصة بهم أثناء عملية توزيع المساعدات، مع ممارسة الابتزاز المالي، الأمر الذي دفع كثيراً من هذه الجمعيات إلى التوقف عن العمل في ظل الأوضاع المأساوية التي لا يزال يعيشها اليمنيون بمناطق السيطرة الحوثية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يحشدون لـ«يوم الغدير» وتأييد إيران

العالم العربي شاشة عملاقة نصبتها الجماعة في إحدى الساحات بصنعاء لمتابعة التصعيد بين إسرائيل وإيران (إكس)

الحوثيون يحشدون لـ«يوم الغدير» وتأييد إيران

حشد الحوثيون أنصارهم وأجبروا الأهالي على حضور احتفالات «يوم الولاية» واستغلوا الاحتفالات لتأييد إيران في مواجهة إسرائيل، في ظل أوضاع معيشية صعبة يعيشها السكان.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي السعدي مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة (إعلام حكومي)

غروندبرغ: توافق إقليمي واسع للحلّ التفاوضي في اليمن

أمام مجلس الأمن الدولي، أعلن المبعوث الأممي إلي اليمن عن وجود توافق إقليمي واسع للحلّ التفاوضي في اليمن، في حين اتهم مندوب اليمن الحوثيين بعرقلة جهود السلام.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا أدان عدم امتثال إيران لالتزاماتها (رويترز)

اليمن يطالب إيران بالكف عن زعزعة أمنه واستقراره

بالتزامن مع إدانتها لعدم الامتثال لالتزاماتها، طالب اليمن إيران بالكف عن زعزعة استقراره، في حين تشهد مناطق سيطرة الحوثيين تحركات موازية للتوترات في المنطقة

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي جانب من عملية إتلاف مواد مخدرة ضُبطت سابقاً على الحدود اليمنية - السعودية (سبأ)

إحباط تهريب ما يزيد على مليون و500 ألف قرص مخدر كانت متجهة من صنعاء نحو السعودية

أعلنت سلطات الحدود اليمنية إحباط تهريب كمية كبيرة من الحبوب المخدرة، كانت متجهة من صنعاء إلى المملكة العربية السعودية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي ركود كبير تشهده الأسواق في مناطق سيطرة الحوثيين (أ.ف.ب)

مركز أميركي: حرمان اليمنيين من رواتبهم جريمة ضد الإنسانية

وصف مركز حقوقي أميركي حرمان الموظفين العموميين في اليمن من رواتبهم بـ«جريمة ضد الإنسانية»، في حين وزعت الجماعة الحوثية أوراقاً نقدية تالفة تحت مسمى «نصف راتب».

وضاح الجليل (عدن)

4 قضايا تتصدر «المشاورات الوطنية» في الصومال

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

4 قضايا تتصدر «المشاورات الوطنية» في الصومال

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود (وكالة الأنباء الصومالية)

يُعقد منتدى التشاور الوطني في الصومال، بدعوة من رئيس البلاد حسن شيخ محمود، في ظل وضع أمني غير مستقر وتواصُل تسجيل الناخبين أسماءهم استعداداً لانتخابات مصيرية العام المقبل، تُعقد بنظام الاقتراع المباشر لأول مرة منذ عقود.

ذلك المنتدى الذي احتضنته العاصمة الصومالية مقديشو، الاثنين، يبحث 4 قضايا رئيسية هي: «الوحدة، والأمن، والدستور، وعملية الانتخابات»، ويرى خبير في الشأن الأفريقي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن غياب المعارضة، وعلى رأسها رئيسا بونتلاند سعيد عبد الله دني، وغوبالاند أحمد مدوبي، يشكل تحديات كبيرة أمام القضايا لأنها لن تكون بنتائج محل توافُق ستحتاج إلى تدخل إقليمي ودولي؛ لإيجاد تقارب بين الفرقاء لا سيما قبل الانتخابات المقبلة.

والمنتدى التشاوري الذي أعلنت مقديشو رسمياً انعقاده «بمشاركة أطياف المجتمع المدني المختلفة من داخل البلاد وخارجها»، أُجِّل يوماً بعدما كان مقرراً منتصف يونيو (حزيران).

ولم توضح وكالة الأنباء الصومالية الرسمية سبب تأخير الانعقاد، إلا أنها قالت: «تُجري اللجنة المعنية الاستعدادات اللازمة لانعقاد المنتدى»، لافتةً إلى أنه «يناقش القضايا ذات الأولوية الوطنية، و(استكمال) الدستور و(الاستعداد) لعملية الانتخابات، والوحدة (ترسيخ النظام الفيدرالي) والأمن (في مواجهة حركة الشباب الإرهابية)».

الرئيس الصومالي خلال لقاء سابق مع منظمات المجتمع المدني تمهيداً لمنتدى التشاور الوطني (وكالة الأنباء الصومالية)

وأعلن الرئيس الصومالي، مطلع يونيو (حزيران) الجاري، أن انطلاق منتدى «المشاورات الوطنية» لقادة المجتمع السياسي والمدني في مقديشو يهدف إلى مناقشة تلك الملفات ذات الأولوية، قائلاً: «نسعى لبناء توافق واسع النطاق حول الأولويات الرئيسية لبناء الدولة، بما في ذلك الأمن الوطني، ومكافحة الإرهاب، والعمليات الانتخابية، واستكمال الدستور، والوحدة الوطنية، والمصالحة». وكان الهدف من إعلان تدشين تلك المنطقة في 29 مارس (آذار) الماضي -حسب إعلان حسن شيخ محمود وقتها- ضمان أن تكون آراء وجهود القادة جزءاً من الجهود الوطنية لمكافحة الإرهاب، وتعزيز بناء نظام ديمقراطي وفيدرالي في البلاد عبر الانتخابات المباشرة.

وتلك الملفات الأربعة هي محل نقاشات مستمرة منذ سنوات، وفي مقدمتها قضية استكمال الدستور المؤقت في 2012، قبل أن يوافق برلمان الصومال أواخر مارس (آذار) 2024، على تعديلات دستورية تشمل تغيير نظام الحكم من البرلماني إلى الرئاسي، واعتماد نظام الاقتراع العام المباشر، وتمديد الفترة الرئاسية من 4 إلى 5 سنوات، ورفضت ذلك القرارَ ولايتا بونتلاند وغوبالاند.

وبينما يشتد الجدل داخل البلاد بشأن الانتخابات المباشرة المرتقب عقدها في البلاد عام 2026 بعد 57 عاماً من آخر اقتراع أُجري عام 1968، بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000 التي تعتمد بشكل رئيسي على المحاصصة القبلية، في ولاياته الخمس التي جرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية»، يعد انفصال إقليم أرض الصومال والخلافات المتصاعدة مع رئيسَي بونتلاند سعيد عبد الله دني، وغوبالاند أحمد مدوبي، أبرز تحديات الوحدة وترسيخ النظام الفيدرالي، بخلاف القضية الرابعة المتعلقة بـ«حركة الشباب» التي تصاعدت هجماتها في الأشهر الأخيرة، وأبرزها في 18 مارس (آذار)، حين أعلنت مسؤوليتها عن تفجير قنبلة كادت تصيب موكب الرئيس. وفي مطلع أبريل (نيسان)، أطلقت عدة قذائف قرب مطار العاصمة.

ووفق الخبير في الشؤون الأفريقية، مدير «مركز دراسات شرق أفريقيا» في نيروبي، الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم، فإن تلك القضايا تمثل أولوية وطنية كبيرة ومهمة، وتأتي في ظرف تاريخي للبلاد، مستدركاً: «لكن لن تنجح نقاشات ذلك المنتدى في تلك القضايا من طرف واحد وهو الحكومة مع موالين لها، في ظل غياب المعارضة، مما يجعل الأمور أشبه بمسرحية سياسية لا أكثر ولا أقل».

والمعارضة الغائبة، حسب مصدر مطلع تحدث إلى «الشرق الأوسط»، الأحد، لديها اعتراضات واضحة بشأن ملفين رئيسيين هما: الانتخابات والدستور، وسبق أن صرح وزير العدل في بونتلاند محمد عبد الوهاب، بأن الولاية «لن تُجري أي محادثات مع الحكومة الفيدرالية إلا بعد تنفيذ عدة شروط؛ منها عودة الحكومة إلى الدستور المتفق عليه في أغسطس (آب) 2012، وإجراء انتخابات وطنية متفق عليها وشاملة».

كما اشترط منتدى «إنقاذ الصومال»، المعارض، في بيان سابق لحضور المشاورات الوطنية أن «تشمل جميع الأطراف، بمن فيهم قادة الولايات والسياسيون المعارضون، مع التركيز على القضاء على الجماعات الإرهابية، وحل الخلافات السياسية (الانتخابات) والدستورية».

واشتدت الخلافات بين الرئيس الصومالي والمعارضة بعد تأسيس حسن شيخ محمود في 13 مايو (أيار) الماضي «حزب العدالة والتضامن» وتسميته مرشحاً له في الانتخابات المباشرة المقبلة، برفقة قيادة الحكومة الفيدرالية، وقادة الولايات الإقليمية، باستثناء رئيس بونتلاند سعيد عبد الله دني، وغوبالاند أحمد مدوبي، اللذين غابا عن اجتماع المجلس الاستشاري للبلاد قبل تأسيس الحزب بأيام.

ولاقى الحزب الجديد رفضاً من ولايتَي بونتلاند وغوبالاند وقتها في مواقف رسمية منفصلة، تلاها إصدار 15 شخصية سياسية بارزة في الصومال بياناً دعوا خلاله إلى عقد مشاورات عاجلة لإنقاذ البلاد.

وبرأي الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم، فإن غياب المعارضة يؤثر في مستقبل تلك المحادثات «بوصفهم جزءاً مهماً لمستقبل البلد خصوصاً في القضايا ذات الأولوية الوطنية؛ كالأمن وعمليات الانتخابات، ومن دونهم من الصعب التقدم إلى الأمام»، معتقداً أنه سيكون هناك تدخل دولي لحسم الأمر وتقريب وجهات النظر وإنهاء تلك الخلافات؛ للتركيز أكثر على مواجهة إرهاب «حركة الشباب».

عاجل إطلاق صفارات الإنذار في حيفا والجليل الأعلى إثر رصد إطلاق صواريخ من إيران