«دافوس» يختتم أعماله بتفاؤل اقتصادي حذر

رجل يوضب الكراسي خلال تنظيف قاعة المؤتمر في دافوس، أمس (أ.ب)
رجل يوضب الكراسي خلال تنظيف قاعة المؤتمر في دافوس، أمس (أ.ب)
TT

«دافوس» يختتم أعماله بتفاؤل اقتصادي حذر

رجل يوضب الكراسي خلال تنظيف قاعة المؤتمر في دافوس، أمس (أ.ب)
رجل يوضب الكراسي خلال تنظيف قاعة المؤتمر في دافوس، أمس (أ.ب)

اختتم المنتدى الاقتصادي العالمي أعماله، أمس (الجمعة)، على وقع تفاؤل حذر حيال تراجع مستويات التضخم وقرب استقرار الاقتصاد العالمي.
وفي تقريره الختامي، عدّ المنتدى تراجع مستويات التضخم، والإنفاق الاستهلاكي المرن، وأسواق العمل القوية، مؤشرات قوية على قرب انتعاش الاقتصاد العالمي. وقالت كريستالينا غورغيفا، المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي، إن الوضع الاقتصادي «أقل سوءاً مما كنا نخشاه قبل شهرين، لكن ذلك لا يعني أنه جيد».
وتراجع خطر ارتفاع التضخم في أجزاء كثيرة من العالم، بفضل قرارات البنوك المركزية رفع أسعار الفائدة. وحذر المنتدى القادة من الاستعجال في تخفيض معدلات الفائدة، لما يحمله من تهديد للاستقرار الاقتصادي.
وقال لورانس سامرز، الأستاذ في كلية هارفارد كينيدي للإدارة الحكومية، إن «ابتعاد البنوك المركزية عن التركيز على ضمان استقرار معدلات الفائدة قبل الأوان قد يحتم علينا خوض هذه المعركة مرتين».

خلاف الحلفاء
كرّس المنتدى عشرات الساعات لبحث جهود مكافحة تغير المناخ وسبل تسريعها. بيد أن خطة الولايات المتحدة التشريعية لدعم الطاقة الخضراء بمليارات الدولارات تسببت في خلاف علني نادر مع حلفائها الغربيين، وأثارت مخاوف من إطلاق «حرب مساعدات حكومية» بين أوروبا والصين والولايات المتحدة. وفي خطاب شديد اللهجة، نددت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الأربعاء، بـ«المحاولات الشرسة» و«الممارسات غير العادلة» الهادفة إلى جذب القدرات الصناعية الخضراء «إلى الصين وأماكن أخرى»، محذّرة من أن الاتحاد الأوروبي لن يتردد في «فتح تحقيقات».
وحملت فون دير لاين على بكين تحديداً لتشجيعها «علناً الشركات التي تستهلك نسبة كبيرة من الطاقة والمستقرّة في أوروبا وفي أماكن أخرى، على نقل إنتاجها كلياً أو جزئياً إلى أراضيها بوعود بسوق رخيصة ومنخفضة تكاليف اليد العاملة وبيئة تنظيمية أكثر مرونة». كما ذكّرت بـ«المخاوف» التي أثيرت في أوروبا بسبب خطة الاستثمار الرئيسية للمناخ التي قدّمها الرئيس الأميركي جو بايدن. وأكدت المسؤولة الأوروبية أن الاتحاد سيبحث التعاون مع الولايات المتحدة «لإيجاد حلول»، تشمل، على سبيل المثال، استفادة الشركات الأوروبية أو السيارات الكهربائية المصنعة في الاتحاد الأوروبي من قانون خفض التضخم الأميركي.

دعوة للحوار
هيمنت حرب أوكرانيا وتداعياتها على أعمال الدورة الـ53 من منتدى دافوس، بيد أن الزعماء المجتمعين في دافوس لم ينجحوا في انتزاع التزام ألماني بالموافقة على إرسال دبابات «ليوبارد» إلى جبهات القتال.
وفي غياب الوفد الروسي للعام الثاني على التوالي، جدّد المسؤولون الغربيون المشاركون دعمهم الثابت لكييف، فيما دعا بعضهم إلى إبقاء باب الحوار مفتوحاً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وحافظ ممثلو بكين ونيودلهي على الحياد.
واغتنمت سيدة أوكرانيا الأولى أولينا زيلينسكا فرصة المنتدى الاقتصادي في دافوس لمد يد الحوار إلى بكين، التي التزمت موقفاً محايداً تجاه الحرب ورفضت انتقاد موسكو.
وزيلينسكا، التي قادت وفد بلادها إلى المنتدى، سلمت رسالة من زوجها الرئيس فولوديمير زيلينسكي إلى وفد بكين إلى دافوس، يدعو فيها نظيره الصيني شي جينبينغ إلى «الحوار». وقالت زيلينسكا إنها «لفتة ودعوة للحوار»، مضيفة أنها «تأمل بصدق أن يكون هناك رد على هذه الدعوة».

التزام بالانفتاح
في الوقت الذي عبر خبراء الاقتصاد عن خشيتهم من عودة السياسات الحمائية، دافعت الصين أمام دافوس عن الانفتاح والتعاون.
وأكّد ليو هي، نائب رئيس الوزراء الصيني الذي قاد وفد بلاده إلى المنتدى، انفتاح بلاده على الاستثمارات الأجنبية، متوقعاً استعادة مستويات نمو «طبيعية» في العام الجديد.
وانتقد ليو، الثلاثاء، «عقلية الحرب الباردة»، معبّراً عن رفض بلاده للأحادية والحمائية، وداعياً إلى تحسين العلاقات الدبلوماسية لـ«حماية السلام العالمي». وقال: «علينا التخلي عن عقلية الحرب الباردة (...) والسعي لبناء مصير مشترك للبشرية، والتكاتف للاستجابة للتحديات العالمية». وتابع: «علينا جميعاً أن نحافظ على نظام اقتصادي دولي عادل».


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية السعودي يبحث تعزيز التعاون مع رئيس «دافوس»

الخليج وزير الخارجية يستقبل مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي (الشرق الأوسط)

وزير الخارجية السعودي يبحث تعزيز التعاون مع رئيس «دافوس»

 استقبل الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، في مقر الوزارة بالرياض، الاثنين، مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس» كلاوس شواب.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد 
جانب من انطلاق فعاليات المنتدى العالمي الاقتصادي في الرياض أمس (واس)

مشاركة دولية واسعة في «دافوس الرياض»

انطلقت في العاصمة السعودية الرياض، أمس (الأحد)، أعمال الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي، برعاية الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، وبمشاركة دولية واسعة.

هلا صغبيني ( الرياض) مساعد الزياني ( الرياض )
الخليج ولي العهد السعودي مستقبلاً أمير الكويت اليوم في الرياض (واس)

محمد بن سلمان يستعرض التطورات وتعزيز العلاقات مع مشعل الأحمد والسوداني

التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع أمير الكويت ورئيس الوزراء العراقي كل على حدة وذلك على هامش أعمال المنتدى الاقتصادي المنعقد في الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مشاركون في حلقة نقاش جانبية خلال الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض في 28 أبريل 2024 (أ.ف.ب)

حزمة مشاريع عراقية جاهزة للتنفيذ تعرض خلال المنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض

قال مصدر حكومي مطّلع إن العراق سيقدم خلال المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في الرياض حزمة من المشاريع الجاهزة للتنفيذ أمام كبريات الشركات المشاركة في المنتدى.

حمزة مصطفى (بغداد)
الاقتصاد وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي وعدد من المعنين بالتحضير للمنتدى (صفحة وزارة الاقتصاد والتخطيط على «إكس»)

تحضيرات اجتماع منتدى الاقتصاد العالمي في الرياض بين الإبراهيم وبرينده

ناقش وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم مع رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بورغي برينده، التحضيرات الجارية للاجتماع الخاص بالمنتدى الذي سيُعقد في المملكة في…

«الشرق الأوسط» (الرياض)

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».