أخبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان أنه بصدد اتخاذ إجراءات غير مسبوقة ردا على التصعيد الإسرائيلي، حتى لو كلف الأمر دفع أثمان أخرى.
وقالت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» إن عباس قال لسوليفان الذي التقاه في مقر الرئاسة في رام الله، إنه لا يستطيع القبول بالوضع الحالي: قتل واستيطان وتصعيد وعقوبات ضد السلطة بلا أي تدخل دولي ولا أفق سياسي.
وشرح عباس كيف أن المؤسسات الفلسطينية اتخذت جملة قرارات بانتظار تحويلها إلى حيز التنفيذ، ردا على السياسات الإسرائيلية تجاه السلطة والقضية والشعب الفلسطيني.
وعبر عباس أيضاً عن غضبه وإحباطه من عدم اتخاذ الأميركيين أي خطوات على الأرض تجاه وقف الاقتحامات الإسرائيلية لمناطق السلطة، والإمعان في إضعافها على كل المستويات سياسيا وأمنيا وماليا، كما عبر عن غضبه لعدم دفع الإدارة الأميركية أي أفق سياسي وعدم تنفيذها كل ما يخص الوعودات التي قدمتها سابقا للفلسطينيين، باعتبار أنها مسألة مشتركة غير مرتبطة بإسرائيل، مثل إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس وإعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وطالب بتنفيذ ذلك بأسرع وقت.
وجاء في بيان فلسطيني أن عباس قال لسوليفان إن ما تتخذه حكومة الاحتلال الإسرائيلية الجديدة من إجراءات، تهدف لتدمير حل الدولتين والاتفاقات الموقعة وإنهاء ما تبقى من فرص تحقيق السلام.
وطالب عباس الإدارة الأميركية بالتدخل الفوري قبل فوات الأوان، مؤكدا «أننا لن نقبل باستمرار هذه الجرائم الإسرائيلية وسنتصدى لها وسندافع عن حقوق شعبنا وأرضنا ومقدساتنا».
وينسجم حديث عباس مع إعلان مسبق لأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، الذي قال إن سوليفان سيسمع بأن القيادة الفلسطينية تتدارس الآن اتخاذ جملة من الإجراءات ردا على التصعيد الإسرائيلي المتواصل».
ولم يوضح الشيخ ما هي جملة الإجراءات التي تدرسها القيادة الفلسطينية، لكن الحديث يدور عن قرارات المجلس المركزي التي تم اتخاذها بداية العام الماضي، ونوقشت مراراً في الأسابيع القليلة الماضية وتشمل تعليق الاعتراف بإسرائيل إلى حين اعترافها بدولة فلسطينية على حدود 4 يونيو (حزيران) 1967، عاصمتها القدس الشرقية والاستمرار في الانتقال من مرحلة السلطة إلى الدولة وإنهاء التزامات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية بكافة الاتفاقيات مع سلطة الاحتلال، ووقف التنسيق الأمني بأشكاله المختلفة.
وهذه ليست أول مرة تلوح فيها السلطة بتنفيذ هذه القرارات في السنوات القليلة الماضية، لكن الثمن المقابل الذي يتوقع أن تجبيه إسرائيل وقد يكلف السلطة الانهيار، يجعل التطبيق مسألة بالغة التعقيد.
وكان سوليفان قد وصل إلى إسرائيل، الأربعاء، والتقى فورا بالرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، ثم استكمل لقاءاته الخميس مع البقية بما في ذلك رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية إيلي كوهين.
وقالت قناة «كان» إن نتنياهو وسوليفان عقدا اجتماعاً عاماً ثم آخر على انفراد. وتطرق اللقاءان إلى وقف البرنامج الإيراني النووي وأهمية العلاقات الاستراتيجية بين الدولتين والخطوات التي يجب اتخاذها لضم المزيد من الدول إلى اتفاقيات إبراهيم.
فيما يخص الملف الفلسطيني قال نتنياهو إن الإجراءات التي يتخذها الفلسطينيون في الحلبة الدولية بمثابة هجوم، وإنهم نفذوا هجوما بتحركهم الأخير في الأمم المتحدة لجلب رأي استشاري من محكمة لاهاي حول ماهية الوضع في الأراضي الفلسطينية، وقد استوجب ذلك ردا إسرائيليا.
وحتى مغادرة سوليفان رام الله في وقت متأخر الخميس، لم يكن هناك أي بوادر تغيير في الموقف الإسرائيلي الذي تجاهل إلى حد كبير الأزمة مع الفلسطينيين رغم محاولة المستشار الأميركي تبريد الأجواء وهذا هدف زيارته.
وقال مسؤولون أميركيون وإسرائيليون تحدثوا إلى موقع «واللا» الإخباري، إن سوليفان يسعى إلى التوصل لتفاهمات بشأن سياسة الحكومة الإسرائيلية الجديدة حول عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها السياسة تجاه القضية الفلسطينية والملف الإيراني، وملف التطبيع العربي.
وأعاد سوليفان على مسامع نتنياهو وكذلك عباس، التزام الولايات المتحدة بحل الدولتين وأوضح لنتنياهو التوقعات الأميركية من حكومته، «ما تفعله وما تريدها أن تمتنع عنه».
ووصل سوليفان في وقت يتنامى فيه القلق الأميركي من سياسات الحكومة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، فيما يتعلق بالعقوبات الأحادية ضد السلطة وتوسيع البناء الاستيطاني وتسوية بؤر عشوائية، والمس بالوضع القائم في المسجد الأقصى، وتبني سياسات تقود عمليا إلى ضم أجزاء من الضفة الغربية. لكن لم تكن تطمينات سوليفان مقنعة للفلسطينيين. وقال الشيخ الذي حضر الاجتماع مع عباس إن على الإدارة الأميركية أن تأخذ دورها بشكل جدي وليس من خلال التصريحات.
من جهة أخرى، قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية أثناء لقائه وفدا من مجلس الشيوخ الأميركي، في رام الله، أمس، إن حل الدولتين بحاجة إلى حماية عبر وقف الإجراءات الإسرائيلية والاعتراف بدولة فلسطين.
وتحدث اشتية عن أهمية تعزيز العلاقات الثنائية بشكل مباشر ما بين فلسطين والولايات المتحدة، وليس عبر إسرائيل، من خلال إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس، وإعادة الدعم الأميركي المقدم لدولة فلسطين لمواجهة الأزمة المالية. وقال اشتية «الإدارة الأميركية حتى الآن لم تقدم مبادرة للسلام، ولم تقم بتعيين مبعوث خاص من أجل إعادة إحياء عملية السلام، ويجب العمل أكثر لمواجهة الأوضاع الصعبة المتدهورة والتي تشكل تحديا لكافة الأطراف، من أجل الحفاظ على حل الدولتين قبل فوات الأوان».
عباس يعبر لسوليفان عن إحباط الفلسطينيين من واشنطن
الإسرائيليون ركزوا على ملفات أخرى أثناء لقاء المستشار الأميركي
عباس يعبر لسوليفان عن إحباط الفلسطينيين من واشنطن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة