«بداية مربكة وباهتة» لحملة انتخابات البرلمان التونسي

اختفاء الدعاية للمرشحين في الشوارع... وانتقال المنافسات لصفحات التواصل الاجتماعي

فاروق بوعسكر رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات خلال مؤتمر صحافي حول تفاصيل حملة انتخابات البرلمان التونسي في 16 يناير (إ.ب.أ)
فاروق بوعسكر رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات خلال مؤتمر صحافي حول تفاصيل حملة انتخابات البرلمان التونسي في 16 يناير (إ.ب.أ)
TT

«بداية مربكة وباهتة» لحملة انتخابات البرلمان التونسي

فاروق بوعسكر رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات خلال مؤتمر صحافي حول تفاصيل حملة انتخابات البرلمان التونسي في 16 يناير (إ.ب.أ)
فاروق بوعسكر رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات خلال مؤتمر صحافي حول تفاصيل حملة انتخابات البرلمان التونسي في 16 يناير (إ.ب.أ)

بعد مرور 4 أيام من انطلاق الدور الثاني من حملة الانتخابات البرلمانية التي ستفرز برلماناً تونسياً جديداً بداية شهر مارس (آذار) المقبل، والتي تراقب عدة منظمات حقوقية محلية ودولية طريقة سيرها، لاحظت «الشرق الأوسط» خلال جولة ميدانية داخل بعض شوارع العاصمة التونسية والأحياء المجاورة لها اختفاء أي أنشطة دعائية للمرشحين، مثل نشر صورهم والإعلان عن برامجهم الانتخابية، وهي المرة الأولى التي تدور فيها حملة انتخابية بهذا الشكل، بعد أن تغير نظام التصويت، من اقتراع على القائمات الانتخابية، إلى التصويت على الأفراد.
وللوقوف على أسباب هذا التغيير الجذري، قال ناجي العباسي، المختص في مجال التواصل الاجتماعي، لـ«الشرق الأوسط» إن الحملة الانتخابية الفعلية «تدور على صفحات التواصل الاجتماعي، وهي حرب ضروس تستعمل فيها كل الأسلحة». مؤكداً أن نتائج هذه المنافسات «تظل غير معروفة لأن اللجوء إلى العالم الافتراضي أصبح أكثر انتشاراً مما عرفته الانتخابات البرلمانية والرئاسية السابقة، لذلك فإن الحملات الانتخابية التقليدية التي عرفتها تونس خلال انتخابات 2014 و2019 باتت من الماضي؛ لأنها ارتبطت أساساً بنشاط مجموعة من الأحزاب الكبرى ذات الثقل الانتخابي، أما الانتخابات الحالية فتقوم على التصويت على الأفراد، ولذلك يسعى كل مرشح إلى التأثير على غيره من الأفراد، وكل صوت له أهميته، خاصة في الدور الثاني من هذه الانتخابات البرلمانية».
في السياق ذاته، أكدت جميلة الشطيطي، رئيسة الهيئة الفرعية للانتخابات بولاية (محافظة) المنستير (وسط شرق)، أنها لم تسجل تنظيم أي نشاط انتخابي دعائي في اليوم الأول من الحملة الانتخابية للدور الثاني من الانتخابات داخل ثمانية دوائر انتخابية.
بدوره، أكد مرصد (شاهد) لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية، المختص في متابعة الشأن الانتخابي، أن عدد الأنشطة الدعائية خلال اليومين الأولين من الحملة الانتخابية لم يتجاوز 50 نشاطاً، فيما لم تسجل دوائر انتخابية في أكثر من ولاية أي نشاط يذكر، وفي مقدمتها ولاية المنستير، وبن عروس، ومنوبة، بينما توزعت أغلب الحملات الدعائية في دوائر سوسة وصفاقس وسيدي بوزيد والقصرين. واعتبر المرصد أن رزنامة هيئة الانتخابات للدّور الثاني المعلن عنها في 15 يناير (كانون الثاني) الحالي، «كانت مربكة وأدّت إلى بداية باهتة ومتعثّرة للحملات الانتخابية للمترشّحين»، على حد قوله.
كما أكد المرصد عدم احترام هيئة الانتخابات لشرط إتاحة 48 ساعة للمترشحين لإعلامها بأنشطة حملاتهم الانتخابيّة، وقال إنّ الهيئة «ما زالت تمارس الرقابة على النشر من خلال اشتراط التأشير المسبق على المعلقات، وبيانات المترشحين في مخالفة صريحة للقانون الانتخابي، وهو ما أدّى إلى تعطيل حملات بعض المترشحين في اليوم الأوّل للحملة الانتخابية»، داعياً إلى إلغاء هذا الإجراء الذي اعتبره ماسّاً بحرية التعبير والنشر.
في سياق ذلك، أكد المرصد نشر ملاحظين لمتابعة الحملات الانتخابية للمترشحين، ورصد المخالفات والجرائم الانتخابية في كافة الدوائر الانتخابية المعنية بالدور الثاني للانتخابات. موضحاً أنّه لم يسجّل مخالفات خطيرة خلال الأيام الأولى من الحملة، غير أنّه أكد وجود صعوبات في متابعة الأنشطة، وسجل وجود نحو 33 بالمائة من الأنشطة الانتخابية دون إعلام الهيئات الفرعية المعنية، إضافة إلى وجود إعلامات كثيرة للهيئات، دون أن يقوم المترشحون بأي نشاط فعلي، على حد تعبيره.
على صعيد غير متصل، كشف المحامي سمير ديلو عن استدعاء شيماء عيسى، عضو الهيئة السياسية لـ«جبهة الخلاص الوطني»، من قبل الإدارة الفرعيّة للقضايا الجرمية في بن عروس، القريبة من العاصمة التونسية. وقال إن شيماء متهمة بتحريض العسكريّين على عدم إطاعة الأوامر، وإتيان «أمر عدواني ضدّ رئيس الدّولة، وترويج ونشر أخبار وإشاعات كاذبة، عبر شبكات وأنظمة معلومات واتّصال، بهدف الإضرار بالأمن العامّ والدّفاع الوطني، وذلك إثر حوار إذاعي أجرته في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وأكد ديلو أن شيماء، وبعد التّشاور مع هيئة الدفاع، رفضت الجواب عن أسئلة المحقّق و«الانخراط في هذه المحاكمة السياسية الكيدية» التي تستهدف معارضي الرئيس، ومحاولة توظيف القضاء العسكري في الصراع السياسي، على حد تعبيره.
يذكر أن «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة التي تدعمها حركة النهضة، سبق أن أعلنت عن إحالة عدد من أعضائها على التحقيق، ومن بينهم أحمد نجيب الشابي ورضا بالحاج.


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

الجيش السوداني يستعيد السيطرة على بلدات في الجزيرة

سودانيون فارُّون من المعارك في منطقة الجزيرة داخل مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من المعارك في منطقة الجزيرة داخل مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يستعيد السيطرة على بلدات في الجزيرة

سودانيون فارُّون من المعارك في منطقة الجزيرة داخل مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من المعارك في منطقة الجزيرة داخل مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

شن الجيش السوداني، الأربعاء، هجوماً برياً كبيراً من عدة محاور على أطراف ولاية الجزيرة وسط البلاد، استعاد على أثرها، السيطرة على عدد من البلدات والقرى على تخوم العاصمة ودمدني، من سيطرة «قوات الدعم السريع»، حسب مصادر تابعة للجيش.

وأفادت المصادر بأن الجيش حرر بالكامل بلدة الحاج عبد الله جنوب مدني، فيما تقدمت قواته وأحكمت سيطرتها على القرى المجاورة لها. وبثت عناصر من الجيش السوداني مقاطع فيديو على موقع «فيسبوك» من داخل السوق الرئيسية للبلدة. ولم يتسنَّ الـتأكد من هذه الأنباء من مصدر مستقل، فيما لم تنف أو تؤكد مصادر من «الدعم السريع».

وفي محور أم القرى شرق الجزيرة، دارت معارك شرسة بين «قوات درع السودان»، المتحالفة مع الجيش، بقيادة أبو عاقلة كيكل، و«قوات الدعم السريع»، ولا تزال الاشتباكات جارية بين الطرفين حتى كتابة هذا التقرير، مساء الأربعاء. وقالت «درع السودان» في بيان على موقعها بـ«فيسبوك»، إن قواتها طوقت بلدة (أم القرى) حيث تتمركز «قوات الدعم السريع» في المنازل والأعيان وسط المدينة. وأشارت إلى أن الطيران الحربي التابع للجيش السوداني تدخل وشن غارات جوية لقطع طرق إمداد «الدعم السريع» بالأسلحة والقوات من الناحية الغربية للمدينة، حيث تجري المعركة في منطقة مكشوفة. وأكدت «درع السودان» سقوط عدد من القتلى والجرحى وسط قواتها.

نازحون في مدينة بورتسودان (شرق) في طريق عودتهم إلى مناطقهم التي استعادها الجيش السوداني (أ.ف.ب)

وجاء الهجوم الذي يعد الأكبر منذ أشهر، بعد يومين من تفقد مساعد القائد العام للجيش السوداني، شمس الدين كباشي، الخطوط الأمامية لقوات الجيش في المحاور المتقدمة باتجاه بولاية الجزيرة. وأطلق الجيش السوداني والفصائل المتحالفة بعد أشهر من الاستعدادات والتحشيد، فجر الثلاثاء، عملية واسعة النطاق على المناطق المحيطة بعاصمة الجزيرة، وتمكنت قواته للمرة الأولى من التوغل في العمق والسيطرة على مواقع عدة.

ومنذ أواخر ديسمبر (كانون الأول) 2023، سيطرت «قوات الدعم السريع» على 6 محليات في ولاية الجزيرة، ولم يتبق للجيش سوى محلية المناقل التي ما زالت تحت سيطرته، ويسعى لاستعادة الولاية كاملة.

قصف جوي جنوب الخرطوم

وقتل 7 أشخاص وأصيب 17 آخرون في غارات جوية للجيش السوداني جنوب العاصمة الخرطوم خلال 24 ساعة الماضية، وفق ما أعلنته غرفة طوارئ جنوب الحزام الأخضر بالعاصمة. وقالت الغرفة: «لليوم الثاني يستهدف القصف الجوي الأحياء المأهولة بالسكان، مأ أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من المدنيين». وأضافت في بيان على موقعها على «فيسبوك»: «فجر الأربعاء، قتل أيضاً 6 أشخاص، من بينهم أطفال، وأصيب العشرات في سلسلة غارات جوية نفذها الطيران الحربي للجيش السوداني».

وقال سكان في المنطقة لـ«الشرق الأوسط» إنهم سمعوا دوي انفجارات قوية هزت أرجاء المدينة. وأضافوا أن «الطيران الحربي ظل منذ اندلاع الحرب يشن غارات جوية بالبراميل المتفجرة على عدد من مناطق جنوب الحزام الأخضر، ما أوقع ضحايا بالمئات بين قتيل وجريح». ونُقل بعض المصابين والجثامين إلى مستشفى بشائر الوحيد الذي يعمل في منطقة جنوب الحزام.

وأطلق متطوعون نداءات للكوادر الطبية للتوجه إلى المستشفى لإسعاف عشرات الجرحى بإصابات متفاوتة بعضها خطرة. وتعد المرة الخامسة خلال أقل من شهر تتعرض فيها الأحياء السكنية في مناطق جنوب الحزام الأخضر لضربات جوية من الجيش. ومنذ أبريل (نيسان) 2023، أسفرت الحرب الدائرة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» عن مقتل عشرات الآلاف في العاصمة.