«حرب باردة» صينية ـ أميركية يحلم الأفارقة بالاستفادة منها

دبلوماسية الاقتصاد سلاح واشنطن لمواجهة نفوذ بكين في القارة السمراء

وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين مع نائب رئيس الوزراء الصيني ليو هي، في زيورخ، أول من أمس (أ.ف.ب)
وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين مع نائب رئيس الوزراء الصيني ليو هي، في زيورخ، أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

«حرب باردة» صينية ـ أميركية يحلم الأفارقة بالاستفادة منها

وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين مع نائب رئيس الوزراء الصيني ليو هي، في زيورخ، أول من أمس (أ.ف.ب)
وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين مع نائب رئيس الوزراء الصيني ليو هي، في زيورخ، أول من أمس (أ.ف.ب)

تبدأ وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، اليوم الجمعة، من السنغال، جولة أفريقية تشمل أيضاً زامبيا وجنوب أفريقيا، في إطار خطة أميركية لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية مع دول القارة السمراء، بدأت تتضح ملامح هذه الخطة الجديدة حين احتضنت واشنطن، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قمة أميركية أفريقية هيمنت عليها ملفات الاقتصاد، وكانت الصين هي الحاضر الغائب فيها.
الوزيرة الأميركية ستلتقي، في دكار، الرئيس السنغالي ماكي صال، وهو الذي يتولى حالياً الرئاسة الدورية لـ«الاتحاد الأفريقي»، كما ستحضر نشاطاً اقتصادياً في العاصمة السنغالية، حيث من المتوقع أن تلقي خطاباً تشرح فيه الخطة الأميركية لتعزيز مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدان الأفريقية والولايات المتحدة.
ويتوقع أن تتحدث الوزيرة الأميركية عن الخطة الأميركية لمواجهة الصعود القوي للصين في أفريقيا، خلال العقود الأخيرة، حين نجحت بكين في تصدُّر قائمة المستثمرين ومانحي القروض للدول الأفريقية.
وتشير الأرقام إلى أن حجم التبادل التجاري بين الصين والدول الأفريقية تجاوز 254 مليار دولار في عام 2021، في حين لم يتجاوز التبادل التجاري مع الولايات المتحدة 63.3 مليار دولار.
وتسعى الولايات المتحدة إلى القفز بمستوى التعاون مع الدول الأفريقية من خلال «زيادة مستوى تدفق الاستثمارات والتبادل التجاري»، وفق ما أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، وهو ما يتوقع أن تشرحه الوزيرة باستفاضة أكثر، خلال جولتها الأفريقية. ومن أبرز ما ستشير إليه يلين 11 مليار دولار التزمت بها شركة تمويل التنمية الدولية الأميركية، و3 مليارات ستخصَّص لبرنامج تحدي الألفية الأميركي، الموجَّه إلى 14 دولة أفريقية، بالإضافة إلى 600 مليون دولار ستخصصها مجموعة الدول الصناعية السبع لمشروعات البنية التحتية بأفريقيا، خلال السنوات الخمس المقبلة.
وأمام الخطة الأميركية الجديدة لضخ الاستثمارات في أفريقيا، لا يبدو أن الصين ستبقى مكتوفة الأيدي، وهي التي أوفدت وزير خارجيتها تشين جانغ إلى أفريقيا، الأسبوع الماضي، حيث زار 5 دول مهمة هي إثيوبيا ومصر والغابون وأنغولا وبنين.
وتعليقاً على هذه الجولة، قالت «الخارجية» الصينية إن الهدف منها «تعميق الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وبلدان أفريقيا».
وتبدو الصين غير مستعدّة للتنازل عن هيمنتها على الأسواق الأفريقية، خصوصاً حين عيّنت تشين جانغ وزيراً للخارجية، أواخر شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وهو سفيرها السابق في واشنطن وأحد العارفين بدهاليز الإدارة الأميركية، بل سبق له أن دخل في معارك إعلامية مع مسؤولين أميركيين حول أفريقيا.
وقبيل تعيينه وزيراً للخارجية، وهو آنذاك سفيراً للصين في واشنطن، انتقد جانغ بشدة اتهامات الأميركيين لبلاده باستخدام الديون فخاً للإطاحة بدول القارة. وقال، على هامش القمة الأميركية الأفريقية التي انعقدت في واشنطن، ديسمبر الماضي، إن «استثماراتنا ومساعداتنا لأفريقيا ليست فخاً، بل منفعة».
ويصف مراقبون هذه التطورات الأخيرة بأنها ستكون شبيهة بـ«حرب باردة جديدة» بين الولايات المتحدة والصين على الأراضي الأفريقية، عنوانها الأبرز هو النفوذ الاقتصادي والبحث عن موارد أفريقيا الهائلة، لكن البلدان الأفريقية التي تعاني من أزمات اقتصادية خانقة ترحب بهذا التنافس ما دامت غير ملزَمة بالاختيار بين أحد طرفيه.
بل إن بعض الدول الأفريقية تحاول أن تترجم هذا الاهتمام الاقتصادي إلى نفوذ سياسي، من خلال المطالبة بمراجعة هيكلة «مجلس الأمن الدولي» من أجل منح أفريقيا مقعداً دائماً في المجلس، وهو المطلب الذي أصبح يحضر بقوة في خطابات أغلب القادة الأفارقة.
وعلى الرغم من صمت الأميركيين حيال المطلب الأفريقي، فإن الرئيس جو بايدن، خلال قمة واشنطن، الشهر الماضي، عبّر عن دعمه لمنح الاتحاد الأفريقي عضوية «مجموعة العشرين» التي تضم أبرز اقتصادات العالم.


مقالات ذات صلة

بايدن يستضيف رئيس الفلبين لمواجهة تصاعد التوترات مع الصين

الولايات المتحدة​ بايدن يستضيف رئيس الفلبين لمواجهة تصاعد التوترات مع الصين

بايدن يستضيف رئيس الفلبين لمواجهة تصاعد التوترات مع الصين

في تحول كبير نحو تعزيز العلاقات الأميركية - الفلبينية، يستضيف الرئيس الأميركي جو بايدن، الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس جونيور، في البيت الأبيض مساء الاثنين، في بداية أسبوع من اللقاءات رفيعة المستوى، تمثل تحولاً في العلاقة بين البلدين التي ظلت في حالة من الجمود لفترة طويلة. زيارة ماركوس لواشنطن التي تمتد 4 أيام، هي الأولى لرئيس فلبيني منذ أكثر من 10 سنوات.

هبة القدسي (واشنطن)
العالم الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

من التداعيات المباشرة والأساسية للحرب في أوكرانيا عودة أجواء الحرب الباردة وبروز العقلية «التناحرية» التي تسود حالياً العلاقة بين الولايات المتحدة والصين. ومع كل ما يجري في العالم، نلمح الكثير من الشرارات المحتملة التي قد تؤدي إلى صدام بين القوتين الكبريين اللتين تتسابقان على احتلال المركز الأول وقيادة سفينة الكوكب في العقود المقبلة... كان لافتاً جداً ما قالته قبل أيام وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين وشكّل انعطافة كبيرة في مقاربة علاقات واشنطن مع بكين، من حيّز المصالح الاقتصادية الأميركية إلى حيّز الأمن القومي.

أنطوان الحاج
الاقتصاد الشركات الأميركية في الصين  تخشى مزيداً من تدهور علاقات البلدين

الشركات الأميركية في الصين تخشى مزيداً من تدهور علاقات البلدين

تخشى الشركات الأميركية في الصين بشكل متزايد من مزيد من التدهور في العلاقات بين البلدين، وفقاً لدراسة استقصائية أجرتها غرفة التجارة الأميركية في الصين. وأعرب 87 في المائة من المشاركين في الدراسة عن تشاؤمهم بشأن توقعات العلاقة بين أكبر الاقتصادات في العالم، مقارنة بنسبة 73 في المائة في استطلاع ثقة الأعمال الأخير. ويفكر ما يقرب من ربع هؤلاء الأشخاص، أو بدأوا بالفعل، في نقل سلاسل التوريد الخاصة بهم إلى دول أخرى.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد دعوات أميركية للحد من اعتماد الدول الغنية على السلع الصينية

دعوات أميركية للحد من اعتماد الدول الغنية على السلع الصينية

من المتوقع أن يبحث قادة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى في قمتهم المقررة باليابان الشهر المقبل، الاتفاق على تحديد رد على التنمر الاقتصادي من جانب الصين.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الصين تنتقد «الإكراه الاقتصادي» الأميركي

الصين تنتقد «الإكراه الاقتصادي» الأميركي

انتقدت بكين الجمعة، عزم واشنطن فرض قيود جديدة على استثمارات الشركات الأميركية في نظيرتها الصينية، معتبرة أن خطوة كهذه هي أقرب ما يكون إلى «إكراه اقتصادي فاضح وتنمّر تكنولوجي». وتدرس إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، برنامجاً لتقييد استثمارات خارجية أميركية، بما يشمل بعض التقنيات الحسّاسة التي قد تكون لها آثار على الأمن القومي. وتعاني طموحات الصين التكنولوجية أساساً من قيود تفرضها الولايات المتحدة ودول حليفة لها، ما دفع السلطات الصينية إلى إيلاء أهمية للجهود الرامية للاستغناء عن الاستيراد في قطاعات محورية مثل أشباه الموصلات. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ونبين، إن «الولايات المتحد

«الشرق الأوسط» (بكين)

الجيشان الروسي والصيني ينفّذان دورية جوية مشتركة فوق بحر اليابان

تظهر هذه الصورة التي التقطتها قوات الدفاع الجوي اليابانية قاذفة صينية من طراز «H  -6» تحلق فوق بحر الصين الشرقي في 24 مايو 2022 (رويترز)
تظهر هذه الصورة التي التقطتها قوات الدفاع الجوي اليابانية قاذفة صينية من طراز «H -6» تحلق فوق بحر الصين الشرقي في 24 مايو 2022 (رويترز)
TT

الجيشان الروسي والصيني ينفّذان دورية جوية مشتركة فوق بحر اليابان

تظهر هذه الصورة التي التقطتها قوات الدفاع الجوي اليابانية قاذفة صينية من طراز «H  -6» تحلق فوق بحر الصين الشرقي في 24 مايو 2022 (رويترز)
تظهر هذه الصورة التي التقطتها قوات الدفاع الجوي اليابانية قاذفة صينية من طراز «H -6» تحلق فوق بحر الصين الشرقي في 24 مايو 2022 (رويترز)

قال التلفزيون المركزي الصيني (سي سي تي في)، اليوم (الجمعة)، إن الجيشَين الصيني والروسي نفَّذا الدورية الجوية الاستراتيجية المشتركة التاسعة في المجال الجوي فوق بحر اليابان.

وجاءت الدورية ضمن خطة التعاون السنوية بين البلدين، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

من جهته، قال الجيش الكوري الجنوبي إن 11 طائرة حربية صينية وروسية دخلت منطقة الدفاع الجوي للبلاد، اليوم (الجمعة)، على مدى 4 ساعات؛ مما دفع سيول إلى إرسال طائرات مقاتلة. وقالت هيئة الأركان المشتركة، في رسالة إلى الصحافيين، إن الطائرات الروسية والصينية دخلت المنطقة بالتتابع، وخرجت جميعها دون وقوع حوادث أو اختراق المجال الجوي لكوريا الجنوبية. وأضافت أن الجيش الكوري الجنوبي حدَّد هوية الطائرات قبل دخولها المنطقة، ونشر طائرات تابعة للقوات الجوية ردَّت بإجراء مناورات تكتيكية.

تظهر هذه الصورة القاذفة الاستراتيجية الروسية «تو - 95» تحلّق خلال تدريبات جوية عسكرية روسية - صينية مشتركة في مكان غير محدد في 24 مايو 2022 (رويترز)

دأبت طائرات صينية وروسية على دخول منطقة الدفاع الجوي لكوريا الجنوبية في السنوات القليلة الماضية والخروج منها دون أي وقائع. ولا تعترف الصين وروسيا بمنطقة الدفاع الجوي لكوريا الجنوبية. وأعلن عدد من البلدان عن مناطق تحديد الدفاع الجوي؛ بهدف مراقبة الطائرات التي تقترب من المجال الجوي لأغراض تتعلق بالأمن الوطني.

نفّذ الجيشان الصيني والروسي دوريةً جويةً مشتركةً في يوليو (تموز) باستخدام قاذفات استراتيجية قادرة على حمل رؤوس نووية بالقرب من ولاية ألاسكا الأميركية في شمال المحيط الهادئ والقطب الشمالي؛ مما دفع الولايات المتحدة وكندا إلى نشر طائرات مقاتلة.