المصريون والعقارات... أحلام الشراء تواجه كابوس تراجع الجنيه

ارتفاع تكلفة البناء... وشركات تجمّد خطط البيع والإنشاء

العاصمة الإدارية أحد المشروعات العقارية الكبرى التي تنفذها الدولة المصرية (الصفحة الرسمية للعاصمة الإدارية)
العاصمة الإدارية أحد المشروعات العقارية الكبرى التي تنفذها الدولة المصرية (الصفحة الرسمية للعاصمة الإدارية)
TT

المصريون والعقارات... أحلام الشراء تواجه كابوس تراجع الجنيه

العاصمة الإدارية أحد المشروعات العقارية الكبرى التي تنفذها الدولة المصرية (الصفحة الرسمية للعاصمة الإدارية)
العاصمة الإدارية أحد المشروعات العقارية الكبرى التي تنفذها الدولة المصرية (الصفحة الرسمية للعاصمة الإدارية)

على مدار الأسابيع الماضية، كانت ربة المنزل المصرية الأربعينية، شيماء منصور، تسعى لحفظ قيمة مدخرات أسرتها في شراء وحدة سكنية جديدة، بناء على نصيحة صديقاتها، وذلك بعدما استبعدت فكرة شراء الذهب الذي يشهد انخفاضات وارتفاعات متلاحقة. تقول شيماء: «كانت فكرتي ببساطة هي شراء شقة جديدة ثم تأجيرها، والانتظار لحين ارتفاع أسعار العقارات وبيعها وتحقيق مكسب»، لكن أحلام شيماء، وربما غيرها ممن جمعوا مدخراتهم بالعملة المحلية، تبددت على كابوس انخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار بعدما اعتمدت البلاد سعر صرف مرناً فيما يُعرف بـ«التعويم الجديد» لتسجل العملة الأميركية من فئة الدولار الواحد نحو 30 جنيهاً بعدما ظلت تساوي 24.6 جنيه قبل نحو شهرين. معدلات التضخم كذلك سجلت وفق أحدث إحصاء نحو 21 في المائة خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وهو المعدل الأعلى منذ 5 سنوات.
تشرح السيدة شيماء لـ«الشرق الأوسط»، أن ارتفاع أسعار الشقق السكنية لدى مطوري القطاع الخاص جعلها تتمهل في خطوتها، حتى جاء إعلان الحكومة عن أكبر طرح للوحدات السكنية الاجتماعية في عام 2023، فحسمت قرارها بشراء إحداها؛ إلا أن الأسعار المرتفعة للوحدات أصابتها بـ«الصدمة والحيرة»، وفق وصفها.
وانعكس تراجع الجنيه المصري أمام الدولار الأميركي، وعدم استقرار سعر الصرف، على قطاع العقارات؛ إذ تشهد السوق في البلاد حالياً «تراجعاً في نسب المبيعات»، بالإضافة إلى «تجميد شركات لخططها البيعية والإنشائية إلى حين وضوح الرؤية»، بحسب خبراء في قطاع العقارات، رصدت «الشرق الأوسط» آراءهم. في المقابل طرحت الحكومة المصرية، ممثلة في وزارة الإسكان، وحدات سكنية فوق متوسطة وفاخرة بمشروعات «جنة - دار مصر - سكن مصر»، بعدد من المدن الجديدة، لكن أسعار الوحدات بدت مرتفعة بالنسبة لبعض المتقدمين، لكن الاستشاري العقاري، أحمد عبد العزيز، يرى أن «إعلان الحكومة عن بدء الحجز لـ20044 وحدة سكنية بمثابة حجر لتحريك الماء الراكد»، شارحاً: «هذه الوحدات تشهد إقبالاً كبيراً من جانب المواطنين بشكل دائم، فهم يرونها فرصة جيدة للغاية للتملك، لكونها تحت مظلة الحكومة المصرية، وهو ما يحقق عنصر الأمان الفائق لدى المواطن، فضلاً عن أنها وحدات قائمة وجاهزة للسكن بشكل فوري، أو للتسلّم القريب».
وبشأن تقييمه لثمن الوحدات المطروحة من الحكومة، يقول: «هي مناسبة لقطاع من المواطنين، من خلال آلية التقسيط على مدار سنوات، مما يجعلها في متناول شريحة كبيرة، وحتى إن زادت أسعارها مقارنة بالماضي، فستظل أقل من شركات القطاع الخاص التي ضاعفت سعر وحداتها لثلاثة أضعاف السعر المعلن حالياً على أقل تقدير».
وبحسب الاستشاري العقاري، فإن حركة البيع والشراء في سوق العقار تأثرت بما يحدث من تراجع لقيمة الجنيه المصري، مضيفاً: «تغير الإقبال على سوق العقارات مع حلول شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حيث ارتفاع قيمة الدولار، ثم عدم ثباته، ثم ارتفاع أسعار الذهب وتراجعها، مما غيّر من توجهات المواطن الاستثمارية، وفضّل البعض ترك أمواله كما هي دون استثمار؛ لأن هناك حالة من التشكك».
بدوره، قال المهندس محمد البستاني، رئيس جمعية مطوري القاهرة الجديدة والعاصمة الإدارية، لـ«الشرق الأوسط»: «يواجه القطاع العقاري والمطورون العقاريون أزمة نتيجة ارتفاع أسعار خامات مواد البناء بنحو 50 في المائة جراء انخفاض سعر الجنيه أمام الدولار، مما جعل الأمر صعباً في تنفيذ الوحدات؛ لذا فغالبية الشركات، إن لم يكن كلها، رفعت الأسعار بنسبة كبيرة، رغم أن ذلك لا يضاهي التكلفة الحقيقية أو التضخم في الأسعار، ولكن جاء كحل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؛ لذا كانت النتيجة إحجام المواطن عن الشراء نتيجة الصدمة من السعر».
وفي رأي البستاني، فقد «ساهم في هذا الإحجام عوامل أخرى، في مقدمتها طرح الشهادات الادخارية من البنوك أخيراً بفائدة 25 في المائة؛ إذ تمكن هذا الطرح من جذب استثمار العديد من المصريين، الذي كان يمكن أن يوجه لسوق العقارات».
وأعلن البنك الأهلي المصري، اليوم (الاثنين)، أن حصيلة شهادات 25 في المائة سجلت نحو 200 مليار جنيه، مُحققة المستهدف منها، ويتم دراسة إيقاف إتاحة الشهادتين خلال الأيام المقبلة، وقبل نهاية الشهر الحالي.
ويتابع: «أمام ذلك الوضع جمدت عدة شركات خططها البيعية والإنشائية، خاصة مع زيادة تكلفة الإنشاءات، والتغير المتواصل في أسعار مدخلات البناء، كخطوة لحين استقرار أسعار الدولار، ووضوح ملامح وصورة السوق».
ورغم هذا الإحجام، فإن الخبير العقاري يرى أن قيام الحكومة المصرية بالإعلان عن بدء حجز وحدات الإسكان، «سيجد إقبالاً من المواطنين؛ لأنها وحدات كاملة التجهيز»، لافتاً إلى أن «ارتفاع أسعار الوحدات الحكومية هو أمر طبيعي بسبب ما تشهده السوق».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


الجيش السوداني يتقدم على جبهات القتال في ولاية الجزيرة

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يتقدم على جبهات القتال في ولاية الجزيرة

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

واصل الجيش السوداني، الخميس، تقدمه في المعارك الدائرة في ولاية الجزيرة وسط السودان، وسيطر على بلدة «الشبارقة»، بعد انسحاب «قوات الدعم السريع»، وفق مصادر محلية.

وكانت البلدة أحد أبرز أهداف الجيش في هذه الجبهة، لأنها تمكنه من الناحية العسكرية من التقدم نحو عاصمة الولاية، مدينة ود مدني.

وحقق الجيش السوداني تقدماً كبيراً في جنوب الجزيرة، يوم الأربعاء، حيث سيطر بالكامل على مدينة «الحاج عبد الله»، وعدد من القرى المجاورة لها، فيما تحدث شهود عيان عن توغله في أكثر من قرية قريبة من ود مدني باتجاه الجنوب.

عناصر من «الدعم السريع» في منطقة قريبة من الخرطوم (رويترز)

وقالت «لجان المقاومة الشبارقة»، وهي تنظيم شعبي محلي، «إن القوات المسلحة بسطت سيطرتها الكاملة على البلدة بعد معارك طاحنة».

وأفادت في بيان على موقع «فيسبوك»، بأن الطيران الحربي التابع للجيش «لعب دوراً كبيراً في إسناد الهجوم البري، بتنفيذ ضربات جوية على مواقع قوات الدعم السريع لمنعها من التقدم».

ووفقاً للجان، فقد «استولت القوات المسلحة على كميات من الأسلحة والذخائر كانت مخبأة داخل المنازل في البلدة».

وأظهر مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، عناصر من قوات الجيش أمام لافتة على مدخل الشبارقة، فيما قالت مصادر أخرى، إن اشتباكات عنيفة سجلت بين قوات مشتركة من الميليشيات المسلحة المتحالفة مع الجيش ضد «قوات الدعم السريع» في الأجزاء الشرقية من بلدة «أم القرى» شرق الجزيرة، على بعد نحو 30 كيلومتراً من ود مدني.

وحسب المصادر، فإن القوات المهاجمة، تتقدمها ميليشيا «درع السودان» التي يقودها القائد المنشق عن «الدعم السريع» أبو عاقلة كيكل، فشلت في استعادة البلدة خلال المعارك الشرسة التي دارت الأربعاء.

وقال شهود عيان لــ«الشرق الأوسط»، إن المضادات الأرضية لقوات «الدعم السريع» تصدت لغارات جوية شنها الطيران الحربي للجيش على ارتكازاتها الرئيسية في وسط البلدة.

وتوجد قوات الجيش والفصائل التي تقاتل في صفوفه، على بعد عشرات الكيلومترات من مدينة ود مدني، لكن قوات «الدعم» لا تزال تنتشر بكثافة في كل المحاور المؤدية إلى عاصمة الولاية.

دورية لـ«الدعم السريع» في إحدى مناطق القتال بالسودان (رويترز)

ولم يصدر أي تصريح رسمي من «الدعم السريع»، التي يقودها محمد حمدان دقلو «حميدتي» بخصوص المعارك في ولاية الجزيرة التي جاءت بعد أشهر من التخطيط من قبل الجيش الذي شنّ هجوماً برياً يعد الأوسع والأعنف، وتمكن للمرة الأولى، من التوغل بعمق والسيطرة على عدد من المواقع التي كانت بقبضة «الدعم السريع».

ومنذ ديسمبر (كانون الأول) 2023، سيطرت قوات «الدعم» على 6 محليات في ولاية الجزيرة، ولم يتبق للجيش سوى محلية المناقل التي ما زالت تحت سيطرته، ويسعى عبر محورها لاستعادة الولاية كاملة.

ولكن رغم تقدم الجيش عسكرياً خلال الأشهر الماضية في وسط البلاد والخرطوم، لا تزال «الدعم السريع» تسيطر على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد ومناطق شاسعة في إقليم دارفور، إضافة إلى جزء كبير من كردفان في الجنوب... وفي حال فرض الجيش سيطرته الكاملة على ولاية الجزيرة، فإنه بذلك سيحاصر «الدعم» في العاصمة الخرطوم من الناحية الجنوبية.

واندلعت الحرب منذ أكثر من 21 شهراً، وأدت إلى مقتل أكثر من 188 ألف شخص، وفرار أكثر من 10 ملايين من منازلهم.