توافق مصري ـ صيني على تطوير «الشراكة الاستراتيجية» بين البلدين

القاهرة أطلعت بكين على جهودها لحل قضية «سد النهضة» الإثيوبي

السيسي مستقبلاً وزير الخارجية الصيني في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي مستقبلاً وزير الخارجية الصيني في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

توافق مصري ـ صيني على تطوير «الشراكة الاستراتيجية» بين البلدين

السيسي مستقبلاً وزير الخارجية الصيني في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي مستقبلاً وزير الخارجية الصيني في القاهرة (الرئاسة المصرية)

أكدت مصر والصين حرصهما على تطوير «الشراكة الاستراتيجية» الشاملة التي تجمع البلدين، في شتى المجالات، مع دعم بكين للقاهرة في «جهود التنمية ومكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار الإقليميين».
والتقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في القاهرة، الأحد، وزير الخارجية الصيني تشين جانغ، الذي يقوم بجولة أفريقية تشمل 5 دول. ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، فإن السيسي أكد حرص مصر على «الاستمرار في التعاون المثمر في إطار الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي تجمع البلدين، في ظل المسار الممتد من التعاون والتنسيق النموذجي بين الجانبين في شتى المجالات، فضلاً عن الأداء المتميز للشركات الصينية المشارِكة في العملية التنموية في مصر».
في حين أبدى وزير الخارجية الصيني، في المقابل، حرص بلاده على «استمرار تطوير علاقاتها الاستراتيجية مع مصر كأولوية رئيسية ونهج ثابت»، وفقاً للمتحدث المصري الذي نقل عنه «احترام الصين وتقديرها لمصر في ظل دورها المحوري كركيزة أساسية لاستقرار منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي والقارة الأفريقية»، مع تأكيد «ثبات دعم الصين لمصر في جهود التنمية الشاملة ومكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار الإقليميين».
شهد اللقاء - كما ذكر المتحدث - استعراضاً لآفاق تعزيز أوجه التعاون الثنائي بين البلدين، وأكد وزير الخارجية الصيني الحرص على استمرار الصين في تطوير ودعم البرامج والأنشطة التنموية والمشروعات القومية في مصر، وكذلك البنية التحتية الحديثة التي باتت تتمتع بها مصر، والتي تتكامل مع المبادرة الصينية «الحزام والطريق».
من جهته شدّد الرئيس المصري على «موقف بلاده الثابت لاستعادة أمن واستقرار الدول التي تعاني من أزمات بالمنطقة، وتقوية مؤسساتها الوطنية ودعمها في مكافحة الإرهاب الذي يعتبر أداة لتدمير الدول».
وفي مؤتمر صحافي عقده وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره الصيني، في ختام مباحثاتهما بالقاهرة، قال شكري إنه عقد مع الوزير الصيني جلسة مباحثات منفردة وموسَّعة، بحضور وفدي البلدين، جرى فيهما مناقشة تفعيل التعاون على المستوى الثنائي سياسياً واقتصادياً وعلى المستوى المتعدد، مشيراً إلى التوافق في الرؤى والعلاقات الاستراتيجية بين البلدين.
وأضاف أن العلاقات الاقتصادية المتنامية بين القاهرة وبكين، خلال السنوات الأخيرة، أسهمت في جهود مصر التنموية، منوهاً بأن العلاقات بين البلدين تقوم على مبادئ أساسية من الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية والعمل على تحقيق المصالح المشتركة.
وأشار شكري إلى أن الصين أعربت عن استعدادها لاستمرار تعاونها مع مصر في مجال الصناعات ونقل التكنولوجيا والعمل على إدارة المنظومة الاقتصادية الدولية على أساس قواعد من العدالة ومراعاة مصالح الدول النامية.
وتمثل السياحة نطاقاً مهماً للتعاون بين الجانبين، وأعرب شكري عن تطلع مصر لزيادة أعداد السائحين الصينيين، موضحاً أن زيارة وزير الخارجية الصيني مصر تعكس الرغبة المشتركة لتوثيق العلاقات والارتقاء بها.
من جانبه قال الوزير الصيني إن الزيارة جاءت في إطار جولة أفريقية يقوم بها، مؤكداً أن العلاقات المصرية الصينية استراتيجية شاملة، لافتاً إلى أن السنوات الثلاث الأخيرة شهدت خلالها العلاقات بين الدولتين طفرة كبيرة في مجالات مختلفة، خصوصاً مكافحة جائحة كورونا. وأكد أن مباحثاته مع الوزير سامح شكري كانت مثمرة، وتطرقت إلى كل الموضوعات والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، مضيفاً أنه جرى التوصل إلى توافقات واسعة تجاه تلك القضايا، وعلى مستوى التعاون الثنائي.
ونوه بأن هناك حرصاً من الصين على التعاون الاقتصادي مع مصر، وتشجيع زيادة استيراد المنتجات المصرية، وأعلن زيادة رحلات الطيران المباشر بين المطارات المصرية والصينية لتعود تدريجياً إلى المستوى الذي كانت عليه قبل جائحة كورونا.
بدوره أوضح شكري أن المباحثات تطرقت كذلك إلى جميع القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، حيث جرى استعراض القضية الفلسطينية وتطوراتها، مشيراً إلى أن الصين كانت دائماً في طليعة الدول التي تدعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وحل الدولتين وتحقيق الاستقرار في المنطقة، لافتاً إلى أنه أطلع الوزير الصيني على آخِر تطورات قضية «سد النهضة» الإثيوبي، وجهود مصر للتوصل إلى اتفاق قانوني مُلزِم، مؤكداً أن هناك تفهماً من قِبل الصين في كل تلك القضايا، واستعداداً للإسهام في حل القضايا العالقة.
وأشار إلى أن الأزمة الروسية الأوكرانية وآثارها السياسية والإقليمية والاقتصادية من الموضوعات الرئيسية التي جرى تناولها خلال المباحثات.
ورداً على سؤال حول ما يشهده العالم من اضطرابات، ورؤية الصين تجاه قضايا الشرق الأوسط، قال وزير خارجية الصين إن «دول الشرق الأوسط تقوم في السنوات الأخيرة بجهود تنموية، ورغم ذلك هناك حالة من عدم الاستقرار تشهدها عدة دول نتيجة الاضطرابات والتدخلات الخارجية». ودعا الدول من خارج الشرق الأوسط إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية بالمنطقة، وإلى تقديم المزيد من الدعم الإنمائي لدول المنطقة لمساعدتها على مواجهة التحديات من الغذاء والطاقة ومكافحة الإرهاب، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وتطبيق تعددية الأطراف، واحترام تاريخ وثقافة الشرق الأوسط، بدلاً من صنع فوارق.
وأكد أن مصر ذات وزن كبير وتلعب دوراً مهماً في حفظ السلام والأمن الدوليين، مشدداً على المواقف المتطابقة لمصر والصين تجاه قضايا الشرق الأوسط.
وبشأن القضية الفلسطينية قال وزير خارجية الصين إن القضية الفلسطينية مسألة جوهرية تتعلق بالعدالة والإنصاف الدوليين. وأشار إلى أن «الظلم الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني لا يجوز أن يستمر، ويجب على المجتمع الدولي إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية».
وقال إن سبب تفاقم الأوضاع يعود إلى تعثر عملية السلام وعدم حل الدولتين، مشيراً إلى أهمية قيام المجتمع الدولي والدول الكبرى بدفع مفاوضات السلام، مشيداً بدور مصر المهم في دعم القضية الفلسطينية.
وضمن زيارته للقاهرة التقى وزير الخارجية الصيني، الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في إطار متابعة تنفيذ مقررات القمة العربية الصينية التي استضافتها السعودية، الشهر الماضي، وكذلك متابعة تنفيذ برامج الشراكة والتعاون في إطار منتدى التعاون العربي الصيني بكل قطاعاته المختلفة.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


الجيش السوداني يتقدم على جبهات القتال في ولاية الجزيرة

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يتقدم على جبهات القتال في ولاية الجزيرة

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

واصل الجيش السوداني، الخميس، تقدمه في المعارك الدائرة في ولاية الجزيرة وسط السودان، وسيطر على بلدة «الشبارقة»، بعد انسحاب «قوات الدعم السريع»، وفق مصادر محلية.

وكانت البلدة أحد أبرز أهداف الجيش في هذه الجبهة، لأنها تمكنه من الناحية العسكرية من التقدم نحو عاصمة الولاية، مدينة ود مدني.

وحقق الجيش السوداني تقدماً كبيراً في جنوب الجزيرة، يوم الأربعاء، حيث سيطر بالكامل على مدينة «الحاج عبد الله»، وعدد من القرى المجاورة لها، فيما تحدث شهود عيان عن توغله في أكثر من قرية قريبة من ود مدني باتجاه الجنوب.

عناصر من «الدعم السريع» في منطقة قريبة من الخرطوم (رويترز)

وقالت «لجان المقاومة الشبارقة»، وهي تنظيم شعبي محلي، «إن القوات المسلحة بسطت سيطرتها الكاملة على البلدة بعد معارك طاحنة».

وأفادت في بيان على موقع «فيسبوك»، بأن الطيران الحربي التابع للجيش «لعب دوراً كبيراً في إسناد الهجوم البري، بتنفيذ ضربات جوية على مواقع قوات الدعم السريع لمنعها من التقدم».

ووفقاً للجان، فقد «استولت القوات المسلحة على كميات من الأسلحة والذخائر كانت مخبأة داخل المنازل في البلدة».

وأظهر مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، عناصر من قوات الجيش أمام لافتة على مدخل الشبارقة، فيما قالت مصادر أخرى، إن اشتباكات عنيفة سجلت بين قوات مشتركة من الميليشيات المسلحة المتحالفة مع الجيش ضد «قوات الدعم السريع» في الأجزاء الشرقية من بلدة «أم القرى» شرق الجزيرة، على بعد نحو 30 كيلومتراً من ود مدني.

وحسب المصادر، فإن القوات المهاجمة، تتقدمها ميليشيا «درع السودان» التي يقودها القائد المنشق عن «الدعم السريع» أبو عاقلة كيكل، فشلت في استعادة البلدة خلال المعارك الشرسة التي دارت الأربعاء.

وقال شهود عيان لــ«الشرق الأوسط»، إن المضادات الأرضية لقوات «الدعم السريع» تصدت لغارات جوية شنها الطيران الحربي للجيش على ارتكازاتها الرئيسية في وسط البلدة.

وتوجد قوات الجيش والفصائل التي تقاتل في صفوفه، على بعد عشرات الكيلومترات من مدينة ود مدني، لكن قوات «الدعم» لا تزال تنتشر بكثافة في كل المحاور المؤدية إلى عاصمة الولاية.

دورية لـ«الدعم السريع» في إحدى مناطق القتال بالسودان (رويترز)

ولم يصدر أي تصريح رسمي من «الدعم السريع»، التي يقودها محمد حمدان دقلو «حميدتي» بخصوص المعارك في ولاية الجزيرة التي جاءت بعد أشهر من التخطيط من قبل الجيش الذي شنّ هجوماً برياً يعد الأوسع والأعنف، وتمكن للمرة الأولى، من التوغل بعمق والسيطرة على عدد من المواقع التي كانت بقبضة «الدعم السريع».

ومنذ ديسمبر (كانون الأول) 2023، سيطرت قوات «الدعم» على 6 محليات في ولاية الجزيرة، ولم يتبق للجيش سوى محلية المناقل التي ما زالت تحت سيطرته، ويسعى عبر محورها لاستعادة الولاية كاملة.

ولكن رغم تقدم الجيش عسكرياً خلال الأشهر الماضية في وسط البلاد والخرطوم، لا تزال «الدعم السريع» تسيطر على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد ومناطق شاسعة في إقليم دارفور، إضافة إلى جزء كبير من كردفان في الجنوب... وفي حال فرض الجيش سيطرته الكاملة على ولاية الجزيرة، فإنه بذلك سيحاصر «الدعم» في العاصمة الخرطوم من الناحية الجنوبية.

واندلعت الحرب منذ أكثر من 21 شهراً، وأدت إلى مقتل أكثر من 188 ألف شخص، وفرار أكثر من 10 ملايين من منازلهم.