الحب والفن سبيلان وحيدان لتجاوز شقاء العالم

علوية صبح في روايتها الأخيرة «افرح يا قلبي»

الحب والفن سبيلان وحيدان لتجاوز شقاء العالم
TT

الحب والفن سبيلان وحيدان لتجاوز شقاء العالم

الحب والفن سبيلان وحيدان لتجاوز شقاء العالم

«هل المنفى مقولة الجغرافيا – مقولة التعبير في المكان – فحسب؟ أم هو التباس قسري على مستوى السيكولوجيا، وشرخ في الوعي، ومن ثم تحول في الرؤية إلى الذات والعالم؟». بهذا السؤال الشائك الذي يطرحه المفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد عن طرحه على نفسه وعلى الآخرين، تستهل الكاتبة اللبنانية علوية صبح روايتها الأخيرة «افرح يا قلبي»، التي تتصدى فيها لمسألتين بالغتي الأهمية، تتصل أولاهما بمأزق الهوية والتباساتها المعقدة، فيما تتصل الثانية بالعلاقة بين الحياة والفن، وبما إذا كان هذا الأخير المظلة الشاهقة التي تساعدنا على التحليق فوق جغرافيا العصبيات والكيانات السياسية المتصارعة. وليس على القارئ أن يجهد كثيراً لكي يتبين التناغم القائم بين طروحات سعيد حول المكان والهوية والفن والمنفى، وبين ما تطرحه صبح من أسئلة مماثلة تتصل بالانتماء والذات المثلومة والتوق إلى الحرية.
والواقع أن الأسئلة التي تطرحها صاحبة «مريم الحكايا» في عملها الجديد، ذي اللغة المشرقة والحبكة البارعة، ما تزال مطروحة باستمرار منذ أطلق كيبلينغ مقولته المعروفة «الشرق شرق والغرب غرب ولا يلتقيان»، وليس انتهاء بحديث فوكوياما عن نهاية التاريخ، أو مناداة هنتنغتون بصدام الحضارات، أو تحذير أمين معلوف من الفوالق العنصرية الزلزالية للهويات المركبة. أما الغزو الغربي الاستعماري للشرق، فقد واجهه العديد من الكُتاب العرب برد فعل رمزي مضاد يقوم على غزو الفحل الشرقي للغرب الأنثى. وهو ما عكسته بتفاوت في الرؤية والأسلوب، روايات «الحي اللاتيني» لسهيل إدريس، و«عصفور من الشرق» لتوفيق الحكيم، و«موسم الهجرة إلى الشمال» للطيب صالح، ومعظم أعمال الحبيب السالمي، وما قاربه على المستوى الفكري جورج طرابيشي في كتابه الشهير «شرق وغرب، ذكورة وأنوثة».
تبدأ علوية صبح روايتها الأخيرة «افرح يا قلبي» بتتبع الوضع النفسي المتصدع لبطلها غسان الذي يستعيد على طريق هجرته القسرية إلى نيويورك، فصولاً ووقائع قاسية من حياته في قريته اللبنانية الشمالية «دار العز»، حيث تتداخل أشلاء بلاده الممزقة، بأوصال عائلته التي تفرق أبناؤها أيدي سبأ. فمقابل الصورة الزاهية لجد غسان، الشغوف بالموسيقى والمحب لزوجته، هنالك صورة الأب العسكري القاسي الذي يمعن في ضرب زوجته وتعنيف أبنائه، بما يحول المنزل العائلي إلى ساحة مفتوحة لصراع «الإخوة الأعداء». وعبر تلك المساحة الزمنية الممتدة لثلاثة أجيال، تعرض الكاتبة لصور متقطعة من مرحلة المد القومي الناصري التي انعكست تجلياتها الموسيقية والغنائية المثلى عبر أصوات أم كلثوم وعبد الوهاب وفريد الأطرش وعبد الحليم حافظ، مروراً بحروب لبنان الطاحنة، ووصولاً إلى ثورة الأرز المجهضة، وإلى الانفجار الأبوكالبسي لمرفأ بيروت.
ولم يكن للعنف المستشري الذي تربى في مناخاته الأبناء الستة، الشبيهون بالإخوة كارامازوف في رواية دوستويفسكي الشهيرة، أن يمر مرور الكرام، بل كانت نتائجه السلبية شديدة الوطأة عليهم جميعا. إذ تحول المنزل العائلي، إلى مسرح للكراهية والتنابذ بلغت مفاعيله حدود التصفية الجسدية، حيث لم يتردد عفيف المنخرط في إحدى المنظمات المتطرفة، في قتل أخيه الأكبر جمال، ذي الميول اليسارية التنويرية. وعفيف نفسه، الذي يعيش حالة من الفصام التام بين العفة الظاهرة والفجور الخبيء، يتسبب في مقتل الفتاة الجميلة هبة، على يد أبيها المستشيط غضباً، بعد أن سرب الأول كاذباً، خبر علاقته المزعومة بها على الملأ. كما نتعرف إلى شخصية محمود الذي لا يتردد في الزواج من جيهان، رغم معرفته الأكيدة بالعلاقة الغرامية التي تربطها بأبيه، المغتر بفحولته رغم خيانة زوجته له مع رجل آخر. وفي حين لم يجد سليم ذو الطبيعة الجندرية الملتبسة، من حل لمعاناته مع محيطه سوى الاختفاء، يقرر طارق، الذي اختار التصوير مهنة له، الانتقال إلى العراق لتغطية وقائع الحرب، قبل أن تطيح هذه الأخيرة بأعصابه وتتركه فريسة للتهيؤات والكوابيس السوداء.
هكذا بدا قرار غسان الحاسم بالهجرة إلى أميركا والإقامة في نيويورك، نوعاً من الإشاحة بالوجه عن تلك الطاحونة الهائلة من التخلف والجهل والعنف، التي ما فتئت تدور حول نفسها في عالم طفولته وصباه، والتطلع إلى نمط حياة بديل يقوم على الصدق والمكاشفة واحترام الإنسان. أما زواجه من المرأة الأميركية كيرستن التي تكبره بخمسة عشر عاماً، فقد بدا بمثابة الترجمة الملموسة لرغبته في الانصهار الكامل بالمجتمع الغربي. وخلافاً لما كان حال مصطفى سعيد في رواية الطيب صالح الشهيرة، فإن غسان لم ير إلى علاقته بكيرستن، من منظور الغزو الفحولي الشرقي للغرب الأنثى، بل إن ما ساد بين الاثنين هو علاقة عاطفية تصالحية، يحكمها الحب والحدب والحرية والصدق مع الآخر.
أما إيمان الكاتبة الراسخ بمبدأ التكامل والتفاعل الخلاق بين الحضارات، فيجد ترجمته الواضحة عبر إعجاب كيرستن بالفكر الصوفي وتعلقها بروحانية الشرق وشعره وموسيقاه، وعبر تعلق غسان بالمقابل بعقلانية الغرب وكشوفاته العلمية وإعلائه للحرية وحقوق الإنسان. ومع ذلك فإن رياح الغرب لم توفر لسفن غسان الوجهة والمستقر النهائيين لرحلة عذاباته. ذلك أن موت أبيه واضطراره لحضور مراسم دفنه، كانا بمثابة الفخ الذي أوقعه في مصيدة الحنين إلى الجذور، واللعنة الطوطمية التي لم يمتلك دفعاً لها. هكذا بدأت دفاعاته بالتصدع بمجرد عودته إلى الوطن، فتزوج من رلى، حبه القديم المغوي، بعد أن تراجعت نور، حبه الآخر الأفلاطوني، إلى خانة الوعد المؤجل والظلال المجردة. وبتوالي الأعوام يعجز غسان عن مفاتحة كيرستن بشأن زواجه الثاني خشية تخليها عنه، فيما راحت زوجته الأخرى تتحمل مشقات غيابه، كما لو أنها جزء لا يتجزأ من أقدار النساء في هذه المنطقة من العالم. وبتوالي السنوات تنجب له رلى ابنة شبيهة به يسميانها آية، قبل أن تقضي الزوجة نحبها برصاصة طائشة في إحدى مناسبات الهرج الاجتماعي المنفلت من ضوابطه.
وفي وقوفه المأزوم على المفترقات الحاسمة للمصائر، كان بطل رواية صبح المغادر عبر الطائرة باتجاه نيويورك، معنياً بتحديد الوجهة النهائية لخياراته الشكسبيرية الدراماتيكية. فهل يعود إلى الوطن الأم ليرعى بكلفة عالية ابنته وامتداده السلالي؟ أم يترك كل شيء وراءه ويواصل مع كيرستن طريق البحث عن هويته الجديدة؟ أم يصارح زوجته الأميركية بحقيقة ما حدث له؟ وماذا لو لم تغفر له كيرستن كذبه الخياني وقررت هجره إلى الأبد؟
وحيث كان من الصعب على غسان أن يعثر على إجابات حاسمة عن أسئلة وجوده المؤرقة، فإن الحيلة الروائية التي اعتمدتها صبح، بتركه يواجه مصيره المجهول على متن الطائرة التي تتقاذفها مطبات الهواء فوق جبال الألب، بدت وكأنها تصيب باحتمالاتها المفتوحة أكثر من هدف. فهي إذ تمنح القارئ نصيبه من التشويق والإثارة، تجعله شريكاً للكاتبة في الوصول بالعمل إلى خواتيم بعيدة عن الوصفات التعليمية الجاهزة، كما تجعله بالمقابل شريكاً للبطل في وقوفه التراجيدي أمام مأزق الكينونة والهوية الملتبسة والأنوجاد الصعب في العالم.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)
المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)
TT

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)
المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

أسدل مهرجان «القاهرة السينمائي الدولي» الستار على دورته الـ45 في حفل أُقيم، الجمعة، بإعلان جوائز المسابقات المتنوّعة التي تضمّنها. وحصدت دول رومانيا وروسيا والبرازيل «الأهرامات الثلاثة» الذهبية والفضية والبرونزية في المسابقة الدولية.

شهد المهرجان عرض 190 فيلماً من 72 دولة، كما استحدث مسابقات جديدة لأفلام «المسافة صفر»، و«أفضل فيلم أفريقي»، و«أفضل فيلم آسيوي»، إلى جانب مسابقته الدولية والبرامج الموازية.

وكما بدأ دورته بإعلان تضامنه مع لبنان وفلسطين، جاء ختامه مماثلاً، فكانت الفقرة الغنائية الوحيدة خلال الحفل لفرقة «وطن الفنون» القادمة من غزة مع صوت الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، وهو يُلقي أبياتاً من قصيدته «على هذه الأرض ما يستحق الحياة».

وأكد رئيس المهرجان الفنان حسين فهمي، أنّ «الفنّ قادر على سرد حكايات لأشخاص يستحقون الحياة»، موجّهاً الشكر إلى وزير الثقافة الذي حضر حفلَي الافتتاح والختام، والوزارات التي أسهمت في إقامته، والرعاة الذين دعّموه. كما وجّه التحية إلى رجل الأعمال نجيب ساويرس، مؤسِّس مهرجان «الجونة» الذي حضر الحفل، لدعمه مهرجان «القاهرة» خلال رئاسة فهمي الأولى له.

المخرجة السعودية جواهر العامري وأسرة فيلمها «انصراف» (إدارة المهرجان)

وأثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعالياته؛ فقالت الناقدة ماجدة خير الله إنّ «عدم حضوره قد يشير إلى وقوع خلافات»، مؤكدةً أنّ «أي عمل جماعي يمكن أن يتعرّض لهذا الأمر». وتابعت لـ«الشرق الأوسط» أنّ «عصام زكريا ناقد كبير ومحترم، وقد أدّى واجبه كاملاً، وهناك دائماً مَن يتطلّعون إلى القفز على نجاح الآخرين، ويعملون على الإيقاع بين أطراف كل عمل ناجح». وعبَّرت الناقدة المصرية عن حزنها لذلك، متمنيةً أن تُسوَّى أي خلافات خصوصاً بعد تقديم المهرجان دورة ناجحة.

وفي مسابقته الدولية، فاز الفيلم الروماني «العام الجديد الذي لم يأتِ أبداً» بجائزة «الهرم الذهبي» لأفضل فيلم للمخرج والمنتج بوجدان موريشانو، كما فاز الفيلم الروسي «طوابع البريد» للمخرجة ناتاليا نزاروفا بجائزة «الهرم الفضي» لأفضل فيلم، وحصل الفيلم البرازيلي «مالو» للمخرج بيدرو فريري على جائزة «الهرم البرونزي» لأفضل عمل أول.

وأيضاً، حاز لي كانغ شنغ على جائزة أفضل ممثل عن دوره في الفيلم الأميركي «قصر الشمس الزرقاء»، والممثل الروسي ماكسيم ستويانوف عن فيلم «طوابع البريد». كما حصلت بطلة الفيلم عينه على شهادة تقدير، في حين تُوّجت يارا دي نوفايس بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في الفيلم البرازيلي «مالو»، وحصل الفيلم التركي «أيشا» على جائزة أفضل إسهام فنّي.

الفنانة كندة علوش شاركت في لجنة تحكيم أفلام «المسافة صفر» (إدارة المهرجان)

وأنصفت الجوائز كلاً من فلسطين ولبنان، ففاز الفيلم الفلسطيني «حالة عشق» بجائزتَي «أفضل فيلم» ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية»، ولجنة التحكيم الخاصة. وأعربت مخرجتاه منى خالدي وكارول منصور عن فخرهما بالجائزة التي أهدتاها إلى طواقم الإسعاف في غزة؛ إذ يوثّق الفيلم رحلة الطبيب الفلسطيني غسان أبو ستة داخل القطاع. ورغم اعتزازهما بالفوز، فإنهما أكدتا عدم شعورهما بالسعادة في ظلّ المجازر في فلسطين ولبنان.

وكانت لجنة تحكيم «أفلام من المسافة صفر» التي ضمَّت المنتج غابي خوري، والناقد أحمد شوقي، والفنانة كندة علوش؛ قد منحت جوائز لـ3 أفلام. وأشارت كندة إلى أنّ «هذه الأفلام جاءت طازجة من غزة ومن قلب الحرب، معبِّرة عن معاناة الشعب الفلسطيني». وفازت أفلام «جلد ناعم» لخميس مشهراوي، و«خارج التغطية» لمحمد الشريف، و«يوم دراسي» لأحمد الدنف بجوائز مالية قدّمتها شركة أفلام «مصر العالمية». كما منح «اتحاد إذاعات وتلفزيونات دول منظمة التعاون الإسلامي»، برئاسة الإعلامي عمرو الليثي، جوائز مالية لأفضل 3 أفلام فلسطينية شاركت في المهرجان، فازت بها «أحلام كيلومتر مربع»، و«حالة عشق»، و«أحلام عابرة».

ليلى علوي على السجادة الحمراء في حفل الختام (إدارة المهرجان)

وحصد الفيلم اللبناني «أرزة» جائزتين لأفضل ممثلة لبطلته دياموند بو عبود، وأفضل سيناريو. فأكدت بو عبود تفاؤلها بالفوز في اليوم الذي يوافق عيد «الاستقلال اللبناني»، وأهدت الجائزة إلى أسرة الفيلم وعائلتها.

وفي مسابقة الأفلام القصيرة التي رأست لجنة تحكيمها المخرجة ساندرا نشأت، فاز الفيلم السعودي «انصراف» للمخرجة جواهر العامري بجائزة لجنة التحكيم الخاصة. وقالت جواهر، في كلمتها، إن المهرجان عزيز عليها، مؤكدة أنها في ظلّ فرحتها بالفوز لن تنسى «إخوتنا في فلسطين ولبنان والسودان». أما جائزة أفضل فيلم قصير فذهبت إلى الصيني «ديفيد»، وحاز الفيلم المصري «الأم والدب» على تنويه خاص.

كذلك فاز الفيلم المصري الطويل «دخل الربيع يضحك» من إخراج نهى عادل بـ4 جوائز؛ هي: «فيبرسي» لأفضل فيلم، وأفضل إسهام فنّي بالمسابقة الدولية، وأفضل مخرجة، وجائزة خاصة لبطلته رحاب عنان التي تخوض تجربتها الأولى ممثلةً بالفيلم. وذكرت مخرجته خلال تسلّمها الجوائز أنها الآن فقط تستطيع القول إنها مخرجة.

المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

كما فاز الفيلم المصري «أبو زعبل 89» للمخرج بسام مرتضى بجائزة أفضل فيلم وثائقي طويل، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة، بالإضافة إلى تنويه خاص ضمن مسابقة «أسبوع النقاد». ووجَّه المخرج شكره إلى الفنان سيد رجب الذي شارك في الفيلم، قائلاً إنّ الجائزة الحقيقية هي في الالتفاف الكبير حول العمل. وأكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «النجاح الذي قُوبل به الفيلم في جميع عروضه بالمهرجان أذهلني»، وعَدّه تعويضاً عن فترة عمله الطويلة على الفيلم التي استغرقت 4 سنوات، مشيراً إلى قُرب عرضه تجارياً في الصالات. وحاز الممثل المغربي محمد خوي جائزة أفضل ممثل ضمن «آفاق السينما العربية» عن دوره في فيلم «المرجا الزرقا».

بدوره، يرى الناقد السعودي خالد ربيع أنّ الدورة 45 من «القاهرة السينمائي» تعكس السينما في أرقى عطائها، بفضل الجهود المكثَّفة لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا، وحضور الفنان حسين فهمي، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أنّ «الدورة حظيت بأفلام ستخلّد عناوينها، على غرار فيلم (هنا) لتوم هانكس، والفيلم الإيراني (كعكتي المفضلة)، و(أبو زعبل 89) الذي حقّق معادلة الوثائقي الجماهيري، وغيرها... وكذلك الندوات المتميّزة، والماستر كلاس الثريّة».