نتنياهو ينطلق في تنفيذ أجندة متشددة

تأجيج الانقسامات في الداخل وصدام مع الفلسطينيين وحلفاء إسرائيل

الرئيس الإسرائيلي يتسحق هرتسوغ يفوض نتنياهو بتشكيل حكومة جديدة في نوفمبر (رويترز)
الرئيس الإسرائيلي يتسحق هرتسوغ يفوض نتنياهو بتشكيل حكومة جديدة في نوفمبر (رويترز)
TT

نتنياهو ينطلق في تنفيذ أجندة متشددة

الرئيس الإسرائيلي يتسحق هرتسوغ يفوض نتنياهو بتشكيل حكومة جديدة في نوفمبر (رويترز)
الرئيس الإسرائيلي يتسحق هرتسوغ يفوض نتنياهو بتشكيل حكومة جديدة في نوفمبر (رويترز)

سارعت الحكومة الإسرائيلية الجديدة بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى تنفيذ أجندة قومية متطرفة، تتضمن حظر استعراض العلم الفلسطيني، علاوة على زعزعة أسس الديمقراطية داخل إسرائيل من خلال هجوم قانوني مقترح ضد المحكمة العليا.
وبعد أسبوعين فقط في السلطة، شرعت أكثر حكومة متشددة وذات صبغة دينية في تاريخ إسرائيل، في تأجيج الانقسامات في الداخل والتحرك نحو الصدام مع الفلسطينيين وحلفاء إسرائيل في الخارج، بحسب تقرير وكالة «أسوشييتد برس».
وفي غضون أيام من توليه رئاسة الوزراء، زار وزير الأمن القومي إيتمار ين غفير، أكثر الأماكن المقدسة حساسية داخل القدس. واعتبر الكثيرون الزيارة في حد ذاتها استفزازاً، بالنظر إلى دعواته السابقة لمنح المصلين اليهود قدرة أكبر على دخول المكان.
وأثارت الزيارة تنديدات من الجانب الفلسطيني وبيانات غاضبة من الولايات المتحدة وحلفاء إسرائيل من العرب. واستهدف نتنياهو كذلك القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة المعترف بها دولياً. وفد نجح الفلسطينيون في حشد الجمعية العامة للأمم المتحدة للسعي خلف استصدار رأي قانوني من محكمة العدل الدولية، بخصوص السياسات الإسرائيلية في الضفة والقدس الشرقية المحتلتين.
واستجابت إسرائيل بسلسلة من الإجراءات العقابية. وقد أضرت بعض هذه الإجراءات بالفلسطينيين بشدة، مثل حجب عوائد ضريبية بقيمة 40 مليون دولار. بجانب ذلك، هناك خطط لوقف تطوير قرى فلسطينية داخل أجزاء خاضعة للسيطرة الإسرائيلية بالضفة الغربية. وحظر استعراض العلم الفلسطيني داخل إسرائيل، بل وفضت السلطات الإسرائيلية اجتماعاً لعدد من أولياء الأمور الفلسطينيين، في القدس الشرقية، كانوا يناقشون أوضاع أبنائهم في المدارس.
وادعت إسرائيل أن الاجتماع موّلته السلطة الفلسطينية، دون توفير دليل يدعم هذا الادعاء. ومن جهته، اتهم رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد أشتية، الاثنين، إسرائيل بمحاولة «إسقاط السلطة ودفعها نحو الحافة، مالياً ومؤسسياً».
داخلياً، كشف نتنياهو وحلفاؤه خطة كبرى لإصلاح منظومة العدالة داخل البلاد. ويتمثل المقترح المحوري في منح البرلمان سلطة إلغاء أحكام صادرة عن المحكمة العليا من خلال أغلبية بسيطة.
وقال نقاد إن هذا من شأنه تدمير النظام الديمقراطي القائم على الضبط والتوازن. وخرج آلاف الإسرائيليين في مظاهرة خلال عطلة نهاية الأسبوع ضد الإصلاح القانوني المقترح، وحذر الرئيس السابق للمحكمة العليا، أهارون باراك، من أن الخطة ستحول إسرائيل إلى «ديمقراطية خاوية». ونبّه بيني غانتز، وزير الدفاع السابق، والموجود في صفوف المعارضة حالياً، إلى أن نتنياهو يدفع البلاد باتجاه «حرب أهلية».
بوجه عام، يهيمن على الائتلاف الحكومي متشددون يمقتون الفلسطينيين ويعارضون فكرة عقد محادثات سلام ويرفضون قيام دولة فلسطينية مستقلة. على سبيل المثال، يعتبر بن غفير من أتباع حاخام راحل متشدد كان يدعو لطرد جماعي للفلسطينيين من البلاد. وإلى جانب ذلك، نجد بن غفير الذي أدين قبل عقد باتهامات تتعلق بالتحريض والإرهاب الداخلي، يتولى حالياً منصب وزير ويتولى الإشراف على جهاز الشرطة. أما شريكه المتشدد، بيتسلايل سموتريش، فهو زعيم استيطاني تولى مسؤولية أعمال بناء المستوطنات في الضفة الغربية.
وقد أبدى نتنياهو، الذي تجري محاكمته بناءً على اتهامات بالفساد، استعداده لأن يفوّض إلى شركائه السلطة، لأنهم يشاركونه كراهيته للنظام القانوني الذي يرون أنه نخبوي ومعادٍ لهم. وثمة اعتقاد واسع النطاق، أن الإصلاح القانوني الذي يقوده وزير العدل ياريف ليفين، الصديق المقرب من نتنياهو، سيؤدي في نهاية الأمر إلى إسقاط الاتهامات الموجهة لرئيس الوزراء. وفي هذا الصدد، أعرب ناداف إيفال، المعلق الإسرائيلي ومؤلف كتاب «التمرد» (حول صعود الشعبوية والقومية عالمياً)، عن اعتقاده بأن «هذه أكثر الحكومات الإسرائيلية تطرفاً على الإطلاق. وإن ما نعاينه الآن هو تطبيق لأفكارهم وهم بصورة أساسية ينفذون ما وعدوا به»، مضيفاً: «إلى حد كبير، لم يدرك المجتمع الدولي والكثير من الإسرائيليين أنهم مصممون على تنفيذ تعهداتهم بالفعل، وليس أمامهم ما يمكنه التصدي لهم على الصعيد السياسي».
وقال ناحوم بارنيا، كاتب الرأي المخضرم لدى صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إن نتنياهو، على ما يبدو، «يختبر الأوضاع» من خلال السماح لشركائه بالترويج لسياسات متشددة، بينما يحاول تجنب التعرض لانتقادات دولية. إلا أن نتنياهو سيواجه مشكلات في كبح جماح شركائه في الائتلاف الحاكم «لعدم وجود شركاء في ما يخص السياسات الأكثر اعتدالاً». وأعرب بارنيا عن اعتقاده بأنه ليست هناك مصلحة لنتنياهو في الدخول بصدام مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن. وفي الأسبوع الماضي، قال ليفين إن خططه لإضعاف المحكمة العليا لا تعدو كونها «المرحلة الأولى من العمل».
وتدعو الإرشادات التي نشرتها الحكومة إلى بناء مزيد من المستوطنات في الضفة الغربية، وتقنين أوضاع العشرات من الوحدات التي بنيت على نحو غير قانوني، وأخيراً ضم المنطقة كلها. ومن شأن هذه المقترحات ضمان الدخول في صدام مع الولايات المتحدة والفلسطينيين والمجتمع الدولي، على نطاق واسع.
وتعرف الضفة الغربية بالفعل أسوأ موجة أعمال عنف منذ قرابة عقدين. وحتى اليوم، أصدرت إدارة بايدن سلسلة من البيانات التحذيرية التي تشدد على عمق الروابط مع إسرائيل، مع التأكيد في الوقت ذاته على التزام واشنطن بحل الدولتين. ومن الممكن أن تزداد النبرة الأميركية حدة، عندما يزور مسؤولون بارزون، بينهم مستشار الأمن الوطني جيك سوليفان ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، إسرائيل قريباً.


مقالات ذات صلة

الحوار الداخلي في إسرائيل يصل إلى باب مسدود

شؤون إقليمية الحوار الداخلي في إسرائيل يصل إلى باب مسدود

الحوار الداخلي في إسرائيل يصل إلى باب مسدود

في الوقت الذي تدب فيه خلافات داخلية بين كل معسكر على حدة، أكدت مصادر مشاركة في الحوار الجاري بإشراف رئيس الدولة، يتسحاك هيرتسوغ، أن الطرفين المعارضة والحكومة «وصلا إلى باب مسدود». وأكد هذه الحقيقة أيضاً رئيس كتلة «المعسكر الرسمي» المعارضة، بيني غانتس، الذي يعد أكثر المتحمسين لهذا الحوار، فقال: «لا يوجد أي تقدم في المفاوضات».

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي حلفاء نتنياهو يحذرون من سقوط حكومته إذا تراجع عن خطته «الانقلابية»

حلفاء نتنياهو يحذرون من سقوط حكومته إذا تراجع عن خطته «الانقلابية»

في ظل تفاقم الخلافات في معسكر اليمين الحاكم في إسرائيل، ما بين القوى التي تصر على دفع خطة الحكومة لإحداث تغييرات جوهرية في منظومة الحكم وإضعاف الجهاز القضائي، وبين القوى التي تخشى مما تسببه الخطة من شروخ في المجتمع، توجه رئيس لجنة الدستور في الكنيست (البرلمان)، سمحا روتمان، إلى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، (الأحد)، بالتحذير من إبداء أي نيات للتراجع عن الخطة، قائلا إن «التراجع سيؤدي إلى سقوط الحكومة وخسارة الحكم». وقال روتمان، الذي يقود الإجراءات القضائية لتطبيق الخطة، إن «تمرير خطة الإصلاح القضائي ضروري وحاسم لبقاء الائتلاف».

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي إسرائيل: «حزب الله» وراء انفجار قنبلة شمال البلاد الشهر الماضي

إسرائيل: «حزب الله» وراء انفجار قنبلة شمال البلاد الشهر الماضي

قال مستشار الأمن الوطني الإسرائيلي تساحي هنجبي أمس (الجمعة) إن «حزب الله» اللبناني كان وراء هجوم نادر بقنبلة مزروعة على جانب طريق الشهر الماضي، مما أدى إلى إصابة قائد سيارة في شمال إسرائيل، وفقاً لوكالة «رويترز». وقال الجيش الإسرائيلي إن قوات الأمن قتلت رجلا كان يحمل حزاما ناسفا بعد أن عبر على ما يبدو من لبنان إلى إسرائيل وفجر قنبلة في 13 مارس (آذار) بالقرب من مفترق مجيدو في شمال إسرائيل. وأوضح مسؤولون في ذلك الوقت أنه يجري التحقيق في احتمال تورط «حزب الله» المدعوم من إيران في الانفجار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية إسرائيل تعتقل نائباً أردنياً بتهمة تهريب سلاح وذهب

إسرائيل تعتقل نائباً أردنياً بتهمة تهريب سلاح وذهب

أكدت مصادر أردنية، اليوم (الأحد)، اعتقال نائب حالي في إسرائيل بتهمة تهريب كميات كبيرة من السلاح والذهب بسيارته التي تحمل رقم مجلس النواب ورخصته، إلى الداخل الفلسطيني عبر الحدود، وسط تقديرات رسمية بأن تأخذ القصة أبعاداً سياسية. وفيما تحفظت المصادر عن نشر اسم النائب الأردني، إلا أنها أكدت صحة المعلومات المتداولة عن ضبط كميات من السلاح والذهب في سيارته التي كانت تتوجه إلى فلسطين عبر جسر اللنبي، وسط مخاوف من استغلال الجانب الإسرائيلي للقصة قضائياً، في وقت تشهد فيه العلاقات الأردنية الإسرائيلية توتراً أمام التصعيد الإسرائيلي، والانتهاكات المستمرة من قبل متطرفين للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس

«الشرق الأوسط» (عمّان)
المشرق العربي لبنان يعلن تقديم شكوى لمجلس الأمن بعد «الاعتداءات الإسرائيلية جوا وبرا وبحراً»

لبنان يعلن تقديم شكوى لمجلس الأمن بعد «الاعتداءات الإسرائيلية جوا وبرا وبحراً»

عقد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي اجتماعا مع وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب، صباح اليوم (السبت)، لمتابعة البحث في الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب وموضوع الصواريخ التي أطلقت من الأراضي اللبنانية، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وأعلن بوحبيب، حسبما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» أنه تقرر توجيه رسالة شكوى إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، عبر بعثة لبنان لدى الأمم المتحدة. ووفق الوكالة، «تتضمن الرسالة تأكيد التزام لبنان بالقرار الدولي 1701، كما تشجب الرسالة الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان جوا وبرا وبحرا».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

عائلات جنود إسرائيليين تناشد نتنياهو إنهاء الحرب في غزة

نتنياهو يلتقي مجندين في الجيش (إكس)
نتنياهو يلتقي مجندين في الجيش (إكس)
TT

عائلات جنود إسرائيليين تناشد نتنياهو إنهاء الحرب في غزة

نتنياهو يلتقي مجندين في الجيش (إكس)
نتنياهو يلتقي مجندين في الجيش (إكس)

دعت مجموعة من عائلات الجنود الإسرائيليين الخميس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة حفاظاً على حياة أبنائهم، متّهمين إياه بإطالة أمد هذا النزاع دون جدوى.

وتضم مجموعة «أهالي الجنود يصرخون كفى» أكثر من 800 من أهالي جنود ومجندين وقوات احتياط يخدمون في وحدات قتالية في غزة، وبينهم مَن يواصل القتال من دون توقف تقريباً منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ومنذ أشهر، يتعرض نتنياهو لاتهامات من منتقديه بإطالة أمد الحرب ضد حركة «حماس» لأسباب سياسية ومن دون جدوى. وشنّت الدولة العبرية هذه الحرب رداً على الهجوم غير المسبوق الذي شنته الحركة الفلسطينية على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

وفي رسالة وجّهتها مجموعة «أهالي الجنود يصرخون كفى» إلى نتنياهو كررت المجموعة هذه الاتهامات.

وجاء في الرسالة «نتّهمك بحرب بلا أفق، غير مسبوقة في تاريخ بلادنا. وهذا فقط لأسباب تتعلق ببقائك السياسي الشخصي».

وأضافت الرسالة «نتّهمك بالتخلي عن الرهائن والجنود! ونناشدك: أَنهِ الحرب!».

واعتبر أهالي الجنود أنّ «الجميع يعلمون، بمن فيهم هم (الجنود)، أن الحرب مستمرة بلا هدف وأن الرهائن لن يعودوا إلا في إطار اتفاق» يجري التفاوض عليه حالياً في قطر وهي إحدى الدول الثلاث الوسيطة إلى جانب الولايات المتحدة ومصر في محادثات السلام.

جنود إسرائيليون يقتحمون مقر «الأونروا» في غزة (أ.ب)

وتابعت مجموعة أهالي الجنود «لا يوجد لدى الجيش الإسرائيلي أيّ سبب للبقاء في غزة، سوى لتحقيق الرغبات المسيحانية (لبعض أعضاء اليمين المتطرف) في الاستيطان هناك».

واختتم الأهالي رسالتهم بالقول لنتنياهو «لن نسمح لك بمواصلة التضحية بأبنائنا كبارود للمدافع».

ولم يعلّق مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي على الرسالة بشكل فوري.

منذ بدء الهجوم العسكري الإسرائيلي في 7 أكتوبر 2023 قُتل 399 جندياً في قطاع غزة.