أوروبا تتجه للنجاة من الركود العميق

التضخم بلغ ذروته... وتوقُّع زيادات كبيرة للأجور

شعار منطقة اليورو وفي الخلفية المبنى القديم لمقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت الألمانية (رويترز)
شعار منطقة اليورو وفي الخلفية المبنى القديم لمقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت الألمانية (رويترز)
TT

أوروبا تتجه للنجاة من الركود العميق

شعار منطقة اليورو وفي الخلفية المبنى القديم لمقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت الألمانية (رويترز)
شعار منطقة اليورو وفي الخلفية المبنى القديم لمقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت الألمانية (رويترز)

قال المفوض الأوروبي لشؤون الاقتصاد، باولو جينتيلوني، في مقابلة مع صحيفة «لي إيكو» الفرنسية، إنه من الواضح أن التضخم قد بلغ ذروته في الاتحاد الأوروبي، وإنه من المرجح تجنب حدوث حالة من الركود العميق.
ونقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء يوم الثلاثاء، عن جينتيلوني القول إن «الاحتمال هو تعرض الاقتصاد الأوروبي لانكماش طفيف خلال أشهر الشتاء؛ لكن ربما لا يحدث ركود عميق في حال عرفنا كيفية وضع السياسات الصحيحة في مكانها».
ويقول المفوض الأوروبي إنه من بين المؤشرات الإيجابية للاقتصاد، انخفاض أسعار الغاز الطبيعي إلى مستواها قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا، كما أن أرقام معدلات البطالة «مشجعة».
ومقابل الاطمئنان الذي عبَّر عنه جينتيلوني، قالت عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي، إيزابيل شنابل، يوم الثلاثاء، إنه تجب زيادة تكاليف الاقتراض إلى أبعد من ذلك بكثير، مع تراجع التضخم إلى خانة الآحاد فقط.
ونقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء عن شنابل القول: «ستظل هناك حاجة إلى رفع أسعار الفائدة بشكل كبير، وبوتيرة ثابتة، للوصول إلى مستويات مقيدة بما يكفي لضمان عودة التضخم إلى هدفنا، على المدى المتوسط، والذي يبلغ 2 في المائة».
وقالت شنابل في مؤتمر عقده بنك «ريكسبنك» في استوكهولم، تكريماً لستيفان إنجفيس، رئيس البنك المركزي السويدي على مدار 17 عاماً: «لن يهدأ التضخم من تلقاء نفسه».
وعلى الرغم من ارتفاع معدلات التضخم الأساسية خلال الأشهر الأخيرة، عن أعلى مستوياتها منذ تطبيق اليورو، يصر مسؤولو البنك المركزي الأوروبي على وجوب تشديد السياسة النقدية بشكل أكبر لمعالجة زيادة الأسعار الأساسية التي تسارعت إلى مستوى قياسي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وبالتزامن، يُتوقّع أن تكون زيادة الأجور في منطقة اليورو «قوية جداً» في العام المقبل، متجاوزة المعايير التاريخية، وفقاً لمقال نشره البنك المركزي الأوروبي، الاثنين.
وأكّد مؤلّفو المقال الذي نشر في النشرة الشهرية للبنك: «يُتوقّع أن تكون زيادة الأجور خلال الأرباع المقبلة قوية جداً، مقارنة بالاتجاهات التاريخية». وأوضحوا أن هذه الزيادة ستعكس «بعض الموازنة بين الأجور ومعدلات التضخم المرتفعة» التي لوحظت منذ عام 2021.
وفي منطقة اليورو، انخفض الارتفاع السنوي في أسعار المواد الاستهلاكية إلى ما دون العتبة الرمزية البالغة 10 في المائة في ديسمبر الماضي، بعد عام ونصف عام من الارتفاع المتواصل. لكن تقويض الأسعار للأجور يعني أن «الأجور الحقيقية أقل بكثير» حتى الآن، مما كانت عليه في عام 2019، قبل جائحة «كوفيد-19»، كما أوضح واضعو التقرير.
وفي الربع الثاني من عام 2022، كان المعدل السنوي الحقيقي لزيادة الأجور سلبياً عند -5.2 في المائة في منطقة اليورو، وفقاً للمقال. وهذا قد يدفع النقابات إلى «المطالبة بزيادات أكبر في الأجور في جولات المساومة المستقبلية»؛ خصوصاً في القطاعات المنخفضة الأجور، كما أضافوا.
وستعكس الزيادات القوية في الأجور في المستقبل أيضاً الوضع الجيّد لسوق العمل، على الرغم من التباطؤ في الاقتصاد، كما أوضح البنك المركزي الأوروبي.
وفي هذا السياق، بقي معدل البطالة في منطقة اليورو مستقراً في نوفمبر (تشرين الثاني) عند 6.5 في المائة من اليد العاملة الناشطة، وهو أدنى مستوى تاريخياً سُجّل للمرة الأولى في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وفقاً لبيانات «يوروستات» التي نُشرت الاثنين.
ويتوقع أن الأجور في منطقة اليورو ارتفعت بنسبة 4.5 في المائة في 2022، وسترتفع بنسبة 5.2 في المائة هذا العام، وفقاً لأحدث توقعات البنك المركزي الأوروبي.


مقالات ذات صلة

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

الاقتصاد خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

يتجه المصرف المركزي الأوروبي الخميس إلى إقرار رفع جديد لمعدلات الفائدة، وسط انقسام بين مسؤوليه والمحللين على النسبة التي يجب اعتمادها في ظل تواصل التضخم والتقلب في أداء الأسواق. ويرجح على نطاق واسع أن يقرّر المصرف زيادة معدلات الفائدة للمرة السابعة توالياً وخصوصاً أن زيادة مؤشر أسعار الاستهلاك لا تزال أعلى من مستوى اثنين في المائة الذي حدده المصرف هدفاً له.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

واجه وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، اقتراحا من قبل المفوضية الأوروبية لمنح دول التكتل المثقلة بالديون المزيد من الوقت لتقليص ديونها، بردود فعل متباينة. وأكد وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر أن مقترحات المفوضية الأوروبية لمراجعة قواعد ديون الاتحاد الأوروبي «ما زالت مجرد خطوة أولى» في عملية الإصلاح.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنسبة بلغت 0,1 % في الربع الأول من العام 2023 مقارنة بالربع السابق، بعدما بقي ثابتا في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2022، وفق أرقام مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات). بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي برمّته، انتعش نمو الناتج المحلي الإجمالي بزيادة بلغت نسبتها 0,3 % بعد انخفاض بنسبة 0,1 % في الربع الأخير من العام 2022، وفق «يوروستات». وفي حين تضررت أوروبا بشدة من ارتفاع أسعار الطاقة عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما يغذي تضخما ما زال مرتفعا للغاية، فإن هذا الانتعاش الطفيف للنمو يخفي تباينات حادة بين الدول العشرين التي تشترك في العملة الموحدة. وخلال الأش

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد «النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

«النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

قال مدير صندوق النقد الدولي لمنطقة أوروبا اليوم (الجمعة)، إنه يتعين على البنوك المركزية الأوروبية أن تقضي على التضخم، وعدم «التوقف» عن رفع أسعار الفائدة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». وأوضح ألفريد كامر، خلال إفادة صحافية حول الاقتصاد الأوروبي في استوكهولم، «يجب قتل هذا الوحش (التضخم).

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

من المقرر أن تحصل دول الاتحاد الأوروبي المثقلة بالديون على مزيد من الوقت لتقليص الديون العامة، لتمكين الاستثمارات المطلوبة، بموجب خطط إصلاح اقترحتها المفوضية الأوروبية يوم الأربعاء. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين: «نحتاج إلى قواعد مالية ملائمة لتحديات هذا العقد»، وأضافت «تمكننا الموارد المالية القوية من الاستثمار أكثر في مكافحة تغير المناخ، ولرقمنة اقتصادنا، ولتمويل نموذجنا الاجتماعي الأوروبي الشامل، ولجعل اقتصادنا أكثر قدرة على المنافسة». يشار إلى أنه تم تعليق قواعد الديون والعجز الصارمة للتكتل منذ أن دفعت جائحة فيروس «كورونا» - حتى البلدان المقتصدة مثل ألمانيا - إلى الا

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

«الفيدرالي» يُخفّض الفائدة مجدداً... وعودة ترمب ترفع الضغوط عليه

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» ينعكس على سيارة في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» ينعكس على سيارة في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» يُخفّض الفائدة مجدداً... وعودة ترمب ترفع الضغوط عليه

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» ينعكس على سيارة في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» ينعكس على سيارة في واشنطن (رويترز)

خفّض «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 25 نقطة أساس؛ استجابةً للتباطؤ المستمر في ضغوط التضخم، التي أثارت استياء كثير من الأميركيين، وأسهمت في فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية.

وكعادته، يكتسب اجتماع «الاحتياطي الفيدرالي» أهمية؛ حيث يترقبه المستثمرون والأسواق لمعرفة مقدار الخفض الذي سيطال الفائدة لما تبقى هذا العام والعام المقبل، لكن أهميته هذه المرة كانت مضاعفة، كونها تأتي غداة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة التي أفضت إلى فوز الجمهوري دونالد ترمب، المعروف بانتقاداته للسياسة النقدية المتبعة عموماً، ولرئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، خصوصاً.

ونقلت «سي أن أن» عن مستشار كبير لترمب أنه من المرجح أن يسمح الأخير لباول بقضاء بقية فترة ولايته التي تنتهي في مايو (أيار) 2026، بينما يواصل سياسته في خفض أسعار الفائدة.

وجاء خفض 25 نقطة أساس إلى نطاق 4.5 في المائة - 4.75 في المائة، بعدما خفّض في سبتمبر (أيلول) الماضي سعر الفائدة بمقدار بواقع 50 نقطة أساس.

وبعد نتائج الانتخابات، عزز المستثمرون رهاناتهم على الأصول التي تستفيد من فوز المرشح الجمهوري، أو ما يعرف باسم «تجارة ترمب»، التي تستند إلى توقعات بنمو اقتصادي أسرع، لكنها قد تؤدي أيضاً إلى تضخم أعلى.

وقفزت عوائد السندات الأميركية طويلة الأجل بنحو 20 نقطة أساس، في حين سجلت الأسهم الأميركية مستويات قياسية، وارتفع الدولار.

وقد باتت تحركات «الاحتياطي الفيدرالي» المستقبلية غامضةً بعد الانتخابات؛ نظراً لأن مقترحات ترمب الاقتصادية يُنظر إليها، على نطاق واسع، على أنها قد تسهم في زيادة التضخم.

كما أن انتخابه أثار احتمالية تدخل البيت الأبيض في قرارات السياسة النقدية لـ«الاحتياطي الفيدرالي»؛ حيث صرّح سابقاً بأنه يجب أن يكون له صوت في اتخاذ قرارات البنك المركزي المتعلقة بسعر الفائدة.

ويُضيف الوضع الاقتصادي بدوره مزيداً من الغموض؛ حيث تظهر مؤشرات متضاربة؛ فالنمو لا يزال مستمراً، لكن التوظيف بدأ يضعف.

على الرغم من ذلك، استمرّ إنفاق المستهلكين في النمو بشكل صحي، ما يُثير المخاوف من أن خفض سعر الفائدة قد لا يكون ضرورياً، وأن القيام به قد يؤدي إلى تحفيز الاقتصاد بشكل مفرط، وربما إلى تسارع التضخم من جديد.

وفي هذا الوقت، ارتفع عدد الأميركيين الذين قدّموا طلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل طفيف الأسبوع الماضي، ما يشير إلى عدم وجود تغييرات ملموسة في ظروف سوق العمل، ويعزز الآراء التي تشير إلى أن الأعاصير والإضرابات تسببت في توقف نمو الوظائف تقريباً في أكتوبر (تشرين الأول).

وقالت وزارة العمل الأميركية، يوم الخميس، إن الطلبات الأولية للحصول على إعانات البطالة الحكومية ارتفعت 3 آلاف طلب لتصل إلى 221 ألف طلب، معدَّلة موسمياً، للأسبوع المنتهي في 2 نوفمبر (تشرين الثاني).

وكان الاقتصاديون الذين استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا 221 ألف طلب للأسبوع الأخير، وفق «رويترز».

وتباطأ نمو الوظائف بشكل حاد في الشهر الماضي؛ إذ ارتفعت الوظائف غير الزراعية بواقع 12 ألف وظيفة فقط، وهو أقل عدد منذ ديسمبر (كانون الأول) 2020.