تونس: إضراب عشرات المعتقلين عن الطعام تنديداً بـ«تعسفات»

اشتكوا الظروف غير الإنسانية والإهمال الطبي ومنع دخول الأدوية

الرئيس التونسي قيس سعيد (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي قيس سعيد (أ.ف.ب)
TT

تونس: إضراب عشرات المعتقلين عن الطعام تنديداً بـ«تعسفات»

الرئيس التونسي قيس سعيد (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي قيس سعيد (أ.ف.ب)

كشف مرصد الحقوق والحريات في تونس (مستقل) تلقيه عدّة شكاوى من عائلات أكدت دخول ذويهم المعتقلين في سجن المرناقية (غربي العاصمة التونسية) في إضراب مفتوح عن الطعام منذ 31 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، احتجاجاً على الظروف غير الإنسانية التمييزية الممنهجة ضدهم داخل هذا السجن، الذي غالباً ما يؤوي سجناء الحق العام، والموقوفين على ذمة قضايا إرهابية.
وتحدث «المرصد»، الذي زار رئيسه السجن مع عدد من المحامين في الأسبوع الأول من شهر يناير (كانون الثاني)، عن خطورة وضع هؤلاء المساجين، مشيراً إلى حرمان أغلب الموقوفين من الحق في الاستحمام والمطالعة، وممارسة الأنشطة الرياضية أو الثقافية، خاصة الموقوفين «المصنفين» على ذمة قضايا إرهابية، علاوة على ضيق وقت الزيارة، وحرمان عائلات الموقوفين والمساجين «المصنفين» منذ سنوات من الزيارة المباشرة التي تتم دون حاجز.
وقال أنور أولاد علي، رئيس مرصد الحقوق والحريات بتونس، إن العشرات من الموقوفين بسجن المرناقية دخلوا في إضراب مفتوح عن الطعام، «احتجاجاً على الظروف اللاإنسانية أو التمييزية الممنهجة ضدهم داخل السجن، والمتمثلة خاصة في ظروف الإقامة السيئة، والظروف غير الإنسانية، واستمرار الإهمال الطبي ومنع دخول الأدوية، والاعتداءات المادية واللفظية المتزايدة على المساجين، والمعاقبة بالسجن الانفرادي، والتنقيل التعسفي الانتقامي لكل من يطالب بحق، أو يعترض على مظلمة»، موضحاً أن «حالة بعضهم خطيرة».
ودعا «المرصد» المنظمة التونسية للوقاية من التعذيب، والهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، وبقية المنظمات والجمعيات المخول لها زيارة السجون، للتدخل العاجل، والمساهمة الفعالة «من أجل إيجاد حلول عاجلة وآجلة للوضع المأساوي واللاإنساني، الذي تعيشه السجون التونسية بصفة عامة، وسجن المرناقية بصفة خاصة».
يذكر أن وزارة العدل سبق أن وعدت خلال سنة 2016 ببناء سجن يخصص فقط للموقوفين في قضايا إرهابية، بعيداً عن المتهمين في قضايا حق عام، حتى لا يتم استقطابهم من قبل العناصر المتطرفة، واقترحت حينها تشييده في منطقة باجة (شمال غربي تونس). غير أن المشروع لم ير النور لعدة أسباب، أبرزها من بينها الانتقادات التي قدمتها منظمات حقوقية محلية وأجنبية له.
على صعيد آخر، تجمع أمس عدد من المحامين ورؤساء الأحزاب السياسية وممثلي المنظمات الوطنية أمام قصر العدالة بالعاصمة التونسية، للتعبير عن تضامنهم مع المحامي والحقوقي العياشي الهمامي، تزامناً مع مثوله أمام التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس، وذلك على خلفية شكوى رفعتها ضده وزيرة العدل. وتقدم نحو 150 محامياً تونسياً بإنابة للدفاع عن العياشي، من بينهم أعضاء عمادة المحامين ورئيسهم حاتم المزيو.
وقال الهمامي في تصريح إعلامي إنه يواجه تهماً تتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، مشدداً على أن التهمة الموجهة له «أساسها سياسي، وهي قضية رأي بامتياز، تأتي في سياق سياسي وتوجه من السلطة في التعامل مع المعارضة والأصوات الحرة بالقوانين الجائرة، وسياسة العصا الغليظة»، على حد تعبيره.
وأضاف الهمامي موضحاً أنه يواجه عقوبة قد تصل مدتها إلى 10 سنوات سجناً، وغرامة بـ100 ألف دينار تونسي (نحو 30 ألف دولار). مبرزاً أن التهم الموجهة إليه تتمثل أساساً في «نشر إشاعات، ونسبة أمور غير حقيقية من شأنها الإضرار بالأمن العام والأشخاص»، وذلك على خلفية حوار قال إنه كشف فيه عن التعسف الذي تعرض له القضاة المعفيون من قبل رئيس الجمهورية، البالغ عددهم 57 قاضياً، في شهر يونيو (حزيران) الماضي.


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

الجيش السوداني يستعيد السيطرة على بلدات في الجزيرة

سودانيون فارُّون من المعارك في منطقة الجزيرة داخل مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من المعارك في منطقة الجزيرة داخل مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يستعيد السيطرة على بلدات في الجزيرة

سودانيون فارُّون من المعارك في منطقة الجزيرة داخل مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من المعارك في منطقة الجزيرة داخل مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

شن الجيش السوداني، الأربعاء، هجوماً برياً كبيراً من عدة محاور على أطراف ولاية الجزيرة وسط البلاد، استعاد على أثرها، السيطرة على عدد من البلدات والقرى على تخوم العاصمة ودمدني، من سيطرة «قوات الدعم السريع»، حسب مصادر تابعة للجيش.

وأفادت المصادر بأن الجيش حرر بالكامل بلدة الحاج عبد الله جنوب مدني، فيما تقدمت قواته وأحكمت سيطرتها على القرى المجاورة لها. وبثت عناصر من الجيش السوداني مقاطع فيديو على موقع «فيسبوك» من داخل السوق الرئيسية للبلدة. ولم يتسنَّ الـتأكد من هذه الأنباء من مصدر مستقل، فيما لم تنف أو تؤكد مصادر من «الدعم السريع».

وفي محور أم القرى شرق الجزيرة، دارت معارك شرسة بين «قوات درع السودان»، المتحالفة مع الجيش، بقيادة أبو عاقلة كيكل، و«قوات الدعم السريع»، ولا تزال الاشتباكات جارية بين الطرفين حتى كتابة هذا التقرير، مساء الأربعاء. وقالت «درع السودان» في بيان على موقعها بـ«فيسبوك»، إن قواتها طوقت بلدة (أم القرى) حيث تتمركز «قوات الدعم السريع» في المنازل والأعيان وسط المدينة. وأشارت إلى أن الطيران الحربي التابع للجيش السوداني تدخل وشن غارات جوية لقطع طرق إمداد «الدعم السريع» بالأسلحة والقوات من الناحية الغربية للمدينة، حيث تجري المعركة في منطقة مكشوفة. وأكدت «درع السودان» سقوط عدد من القتلى والجرحى وسط قواتها.

نازحون في مدينة بورتسودان (شرق) في طريق عودتهم إلى مناطقهم التي استعادها الجيش السوداني (أ.ف.ب)

وجاء الهجوم الذي يعد الأكبر منذ أشهر، بعد يومين من تفقد مساعد القائد العام للجيش السوداني، شمس الدين كباشي، الخطوط الأمامية لقوات الجيش في المحاور المتقدمة باتجاه بولاية الجزيرة. وأطلق الجيش السوداني والفصائل المتحالفة بعد أشهر من الاستعدادات والتحشيد، فجر الثلاثاء، عملية واسعة النطاق على المناطق المحيطة بعاصمة الجزيرة، وتمكنت قواته للمرة الأولى من التوغل في العمق والسيطرة على مواقع عدة.

ومنذ أواخر ديسمبر (كانون الأول) 2023، سيطرت «قوات الدعم السريع» على 6 محليات في ولاية الجزيرة، ولم يتبق للجيش سوى محلية المناقل التي ما زالت تحت سيطرته، ويسعى لاستعادة الولاية كاملة.

قصف جوي جنوب الخرطوم

وقتل 7 أشخاص وأصيب 17 آخرون في غارات جوية للجيش السوداني جنوب العاصمة الخرطوم خلال 24 ساعة الماضية، وفق ما أعلنته غرفة طوارئ جنوب الحزام الأخضر بالعاصمة. وقالت الغرفة: «لليوم الثاني يستهدف القصف الجوي الأحياء المأهولة بالسكان، مأ أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من المدنيين». وأضافت في بيان على موقعها على «فيسبوك»: «فجر الأربعاء، قتل أيضاً 6 أشخاص، من بينهم أطفال، وأصيب العشرات في سلسلة غارات جوية نفذها الطيران الحربي للجيش السوداني».

وقال سكان في المنطقة لـ«الشرق الأوسط» إنهم سمعوا دوي انفجارات قوية هزت أرجاء المدينة. وأضافوا أن «الطيران الحربي ظل منذ اندلاع الحرب يشن غارات جوية بالبراميل المتفجرة على عدد من مناطق جنوب الحزام الأخضر، ما أوقع ضحايا بالمئات بين قتيل وجريح». ونُقل بعض المصابين والجثامين إلى مستشفى بشائر الوحيد الذي يعمل في منطقة جنوب الحزام.

وأطلق متطوعون نداءات للكوادر الطبية للتوجه إلى المستشفى لإسعاف عشرات الجرحى بإصابات متفاوتة بعضها خطرة. وتعد المرة الخامسة خلال أقل من شهر تتعرض فيها الأحياء السكنية في مناطق جنوب الحزام الأخضر لضربات جوية من الجيش. ومنذ أبريل (نيسان) 2023، أسفرت الحرب الدائرة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» عن مقتل عشرات الآلاف في العاصمة.