غلاء الأسعار يدفع مصريين إلى «مقاطعة» السلع

دعوات «الاستغناء» عن الدواجن تنتشر إلكترونياً

أسعار الدواجن في مصر تسجل زيادات تاريخية (وزارة الزراعة المصرية)
أسعار الدواجن في مصر تسجل زيادات تاريخية (وزارة الزراعة المصرية)
TT

غلاء الأسعار يدفع مصريين إلى «مقاطعة» السلع

أسعار الدواجن في مصر تسجل زيادات تاريخية (وزارة الزراعة المصرية)
أسعار الدواجن في مصر تسجل زيادات تاريخية (وزارة الزراعة المصرية)

فوجئت الأربعينية دعاء عبد الغفار بالأسعار المُعلنة لدى أحد أصحاب محلات بيع الدواجن بالقاهرة، عندما قصدته لشراء «دجاجتين»، مثلما تفعل في كل مرة تتردد عليه، حيث قفزت أسعارها بـ«طريقة جنونية»، وفق وصفها لـ«الشرق الأوسط».
ولفتت الموظفة الحكومية إلى أنها أمام تلك الأسعار الجديدة، قررت الاكتفاء بشراء دجاجة واحدة، والاستغناء عن شراء شرائح صدور الدجاج التي يفضلها أبناؤها، على أمل أن تتراجع الأسعار، و«يهدأ جشع التجار»، بحسب قولها.
وتزايدت حدة «موجة الغلاء» التي تضرب مصر منذ أسابيع، مع ما شهدته الأسواق من ارتفاعات ملحوظة في أسعار العديد من المنتجات والسلع منذ بداية الأسبوع الحالي، حيث سُجلت زيادات في أسعار السلع الأساسية، والدواجن والبيض، ومواد البناء، والألبان، إلى جانب توقعات بامتداد الارتفاعات لأسواق أخرى مثل الهواتف المحمولة.
ويأتي صعود هذه الأسعار بالتزامن مع ارتفاع سعر الدولار خلال الأيام الماضية (الدولار الأميركي يساوي 27.50 جنيه مصري في المتوسط)، وفي ظل الانخفاض غير المسبوق الذي تشهده قيمة الجنيه المصري أمام العملات الأخرى.
وقبل أيام من نهاية عام 2022، أعلن البنك المركزي المصري ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي، ليبلغ مستوى 21.5 في المائة خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مقارنة بنحو 19 في المائة خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) السابق له، ووسط توقعات بأن يرتفع معدل التضخم خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) المنتظر الإعلان عنه قريباً، وامتداده إلى الربع الأول من العام الحالي.
وعلى نحو لافت، قفزت أسعار الدواجن منذ السبت الماضي لتسجل «أكبر زيادة في تاريخ صناعة الدواجن في مصر»، بحسب تأكيدات عبد العزيز السيد، رئيس شعبة الدواجن باتحاد الغرف التجارية في مصر، لـ«الشرق الأوسط».
وارتفعت أسعار الدواجن البيضاء في محلات الدواجن ليسجل سعر بيع الكيلوغرام للمستهلك بحد أدنى 60 جنيهاً، وصعدت أسعار الدواجن البلدية لتباع بسعر 75 جنيهاً للكيلوغرام، فيما قفز سعر الكيلوغرام «البانيه» (شرائح صدور الدجاج) ما بين 130 و160 جنيهاً. كما امتد ارتفاع الأسعار إلى البيض، في ظل عدم توافر الأعلاف وارتفاع أسعارها.
ونالت أسعار الدواجن اهتماماً كبيراً بشكل خاص بسبب اعتماد جل الأسر المصرية من طبقات اجتماعية مختلفة عليها بشكل يومي، كما تصدر «كيلو البانيه» تريند موقع «تويتر» خلال الساعات الماضية.
وتداول عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي فيما بينهم منشوراً يفيد بإغلاق بعض التجار وأصحاب محلات الدواجن محلاتهم بسبب ارتفاعها.
وهو ما يلفت إليه رئيس شعبة الدواجن، مشيراً إلى رصد بعض هذه الإغلاقات والقيام بالخروج من منظومة صناعة الدواجن بالفعل، إلا أنه «حمل بعض التجار المسؤولية عن جانب من الأزمة، إلى جانب أسباب ارتفاع مدخلات الإنتاج، وذلك من خلال قيامهم بزيادة السعر على المستهلك عما هو مُعلن، وذلك بحثاً عن الربح، وهو ما يُحدث خللاً بالمنظومة».
وأمام ارتفاع الأسعار، تفاعلت المنصات الإعلامية المصرية مع تلك الزيادات، وانتشرت حملة إلكترونية لمقاطعة شراء الدجاج حتى تنخفض أسعارها، حيث تم تدشينها تحت هاشتاغ (#مقاطعة_الفراخ_لمدة_شهر)، التي تدعو إلى مقاطعة الدجاج لمدة شهر، كنوع من الضغط على التجار لخض الأسعار وكنوع من العقاب لهم على جشعهم.
وأرجع مشاركون أهمية الحملة إلى ضرورة فرض الرقابة على الأسعار والأسواق. كما روج آخرون للمقاطعة، ومواجهة الغلاء بالاستغناء.
إلا أن رئيس شعبة الدواجن باتحاد الغرف التجارية، قلل من جدوى تلك الحملات، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «في رأيي الشخصي أنه لا جدوى اقتصادية من تلك الحملات، في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية التي لا تتناسب مع معدلات التضخم، وهو ما انعكس على القوة الشرائية، وبالتالي فهناك استغناء في الأصل عن بعض المنتجات، كما أن حملات مماثلة خرجت من قبل ولم يكن لها جدوى»، مضيفاً: «الحل ليس في المقاطعة، ولكن بمنع الاستغلال للحفاظ على المواطن والمُنتِج، وتفعيل الضوابط».
ويستطرد «السيد»: «لتجاوز الأزمة الحالية، لا بد من وجود الضوابط، متمثلة في تحركات إيجابية من الجهات الرقابية، فقد رأينا مؤخراً وجود إفراجات جمركية عن مستلزمات صناعة الدواجن عبر الإفراج عن كميات من الذرة والصويا من الموانئ، ورغم ذلك فأزمة ارتفاع الأسعار مستمرة، وذلك يعود لعدم المتابعة والرقابة، حيث يجب مع الإفراجات الإعلان للجميع عن السعر والتكلفة الفعلية، ثم تفعيل الرقابة لضبط السوق وتحقيق السعر العادل للمنتَج».


مقالات ذات صلة

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

الاقتصاد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

قال مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، إن مصر وقطر ستتعاونان خلال المرحلة المقبلة في مشروع استثماري عقاري «مهم للغاية» في منطقة الساحل الشمالي المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد مقر البنك المركزي المصري بالعاصمة الإدارية الجديدة (رويترز)

تحويلات المصريين بالخارج زادت بأكثر من 100 % في سبتمبر

أظهرت بيانات البنك المركزي المصري، اليوم الاثنين، أن تحويلات المصريين بالخارج ارتفعت لأكثر من مثليها على أساس سنوي في سبتمبر (أيلول) الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

قال وزير البترول المصري كريم بدوي إن أعمال البحث والاستكشاف للغاز الطبيعي في البحر المتوسط مع الشركات العالمية «مبشرة للغاية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد ناقلة غاز طبيعي مسال تمر بجانب قوارب صغيرة (رويترز)

مصر تُجري محادثات لإبرام اتفاقيات طويلة الأجل لاستيراد الغاز المسال

تجري مصر محادثات مع شركات أميركية وأجنبية أخرى لشراء كميات من الغاز الطبيعي المسال عبر اتفاقيات طويلة الأجل، في تحول من الاعتماد على السوق الفورية الأكثر تكلفة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«المركزي الروسي»: الاقتصاد آمن بأسعار النفط الحالية ومهدد دون 60 دولاراً

العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
TT

«المركزي الروسي»: الاقتصاد آمن بأسعار النفط الحالية ومهدد دون 60 دولاراً

العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)

قال البنك المركزي الروسي إن مستويات أسعار النفط الحالية لا تشكل تهديداً لاستقرار الاقتصاد الروسي، لكنها قد تتحول إلى تحدٍّ خطير إذا انخفضت الأسعار دون الهدف الذي حُدد في الموازنة والذي يبلغ 60 دولاراً للبرميل.

وتشكل عائدات النفط والغاز نحو ثلث إيرادات الموازنة الروسية، وعلى الرغم من التوقعات بتراجع هذه النسبة في السنوات المقبلة، فإن إيرادات السلع الأساسية تظل تلعب دوراً محورياً في الاقتصاد الروسي، كما أن سعر النفط بالروبل يعد عنصراً مهماً في الحسابات المالية للموازنة.

ووفقاً لحسابات «رويترز»، فإن سعر مزيج النفط الروسي «أورال» في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) قد تجاوز السعر المُستخدم في حسابات موازنة الدولة لعام 2024، وذلك بفضل الانخفاض الحاد في قيمة الروبل. وأكد البنك المركزي أن سعر النفط «أورال» بلغ 66.9 دولار للبرميل بداية من 15 نوفمبر.

وفي مراجعته السنوية، قال البنك المركزي: «لا تشكل مستويات أسعار النفط الحالية أي مخاطر على الاستقرار المالي لروسيا»، لكنه حذر من أنه «إذا انخفضت الأسعار دون المستوى المستهدف في الموازنة، البالغ 60 دولاراً للبرميل، فإن ذلك قد يشكل تحديات للاقتصاد والأسواق المالية، بالنظر إلى الحصة الكبيرة التي تمثلها إيرادات النفط في الصادرات الروسية».

كما أشار البنك إلى أن روسيا قد خفضت إنتاجها من النفط بنسبة 3 في المائة ليصل إلى 9.01 مليون برميل يومياً في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول)، وذلك في إطار التزامها باتفاقات مجموعة «أوبك بلس». وأضاف أن الخصم في سعر النفط الروسي مقارنة بسعر المؤشر العالمي قد تقلص إلى 14 في المائة في أكتوبر، مقارنة بـ 16-19 في المائة في الفترة من أبريل (نيسان) إلى مايو (أيار).

الإجراءات لدعم الروبل فعّالة

من جانبه، قال نائب محافظ البنك المركزي الروسي، فيليب جابونيا، إن البنك سيواصل اتباع سياسة سعر صرف الروبل العائم، مؤكداً أن التدابير التي اتخذها لدعم قيمة الروبل كافية وفعالة.

ووصل الروبل إلى أدنى مستوى له منذ مارس (آذار) 2022، إثر فرض أحدث جولة من العقوبات الأميركية على القطاع المالي الروسي. وفي خطوة لدعم العملة الوطنية، تدخل البنك المركزي، وأوقف شراء العملات الأجنبية بداية من 28 نوفمبر.

وفي مؤتمر صحافي، صرح جابونيا: «نعتقد أن التدابير المتبعة حالياً كافية، ونحن نلاحظ وجود مؤشرات على أن الوضع بدأ في الاستقرار». وأضاف: «إذا كانت التقلبات قصيرة الأجل الناجمة عن مشكلات الدفع تشكل تهديداً للاستقرار المالي، فنحن نمتلك مجموعة من الأدوات الفعّالة للتعامل مع هذا الوضع».

وأكد جابونيا أن سعر الفائدة القياسي المرتفع، الذي يبلغ حالياً 21 في المائة، يسهم في دعم الروبل، من خلال تعزيز جاذبية الأصول المقومة بالروبل، وتهدئة الطلب على الواردات.

وكانت أحدث العقوبات الأميركية على القطاع المالي الروسي قد استهدفت «غازبروم بنك»، الذي يتولى مدفوعات التجارة الروسية مع أوروبا، ويعد المصدر الرئيسي للعملات الأجنبية في السوق المحلية. وقد أدت هذه العقوبات إلى نقص حاد في سوق العملات الأجنبية الروسية، ما تَسَبَّبَ في حالة من الهلع واندفاع المستثمرين نحو شراء العملات الأجنبية. ورغم هذه التحديات، أصر المسؤولون الروس على أنه لا توجد أسباب جوهرية وراء تراجع قيمة الروبل.

النظام المصرفي يتمتع بمرونة عالية

وفي مراجعة للاستقرار المالي، يوم الجمعة، قال المركزي الروسي إن الشركات الصغيرة فقط هي التي تواجه مشكلات في الديون في الوقت الحالي، في وقت يشكو فيه بعض الشركات من تكاليف الاقتراض المرتفعة للغاية مع بلوغ أسعار الفائدة 21 في المائة.

وأضاف أن نمو المخاطر الائتمانية قد أدى إلى انخفاض طفيف في نسبة كفاية رأس المال للبنوك الروسية في الربعين الثاني والثالث، لكنه وصف القطاع المصرفي بأنه يتمتع بمرونة عالية. كما نصح البنوك بإجراء اختبارات ضغط عند تطوير منتجات القروض، بما في ذلك سيناريوهات تتضمن بقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترات طويلة.