حذّر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية من أن سيناريو انهيار السلطة بات وشيكاً، بعد سلسلة من العقوبات التي فرضتها الحكومة الإسرائيلية عليها، آخرها قرار اقتطاع 139 مليون شيكل (40 مليون دولار) من عائدات الضرائب الفلسطينية.
وقال أشتية في حديث مع صحيفة «هآرتس» العبرية، إن قرار اقتطاع الأموال لصالح عائلات قتلى العمليات، بالإضافة إلى مواصلة اقتطاع قيمة مماثلة للرواتب التي تدفعها السلطة للأسرى والشهداء يشكل مسماراً إضافياً في نعش السلطة الفلسطينية.
واتهم الحكومة الإسرائيلية بشن حرب على السلطة، وقال: «لنقرأ الخريطة بشكل واضح، زيادة البناء في المستوطنة إلى جانب عزل مدينة القدس عن الضفة وضم مناطق (ج)، والآن جاء دور تدمير السلطة، هذه هي الخطة التي تعمل حكومة إسرائيل بناءً عليها».
ورفض أشتية الاتهام الإسرائيلي بأن الخطوات الأخيرة في الأمم المتحدة خطوات أحادية الجانب من السلطة الفلسطينية، وبناءً عليه تم اقتطاع الأموال، معقباً: «الاحتلال كله أحاديّ الجانب، والبناء في المستوطنات أحاديّ الجانب، وكل شيء أحاديّ الجانب».
تحذيرات أشتية التي لم تلقَ آذاناً صاغية في إسرائيل، جاءت في وقت نقل فيه الفلسطينيون لنظرائهم الأميركيين والإسرائيليين رسائل واضحة بأن استمرار هذه السياسة الإسرائيلية ستقابَل بقرارات فلسطينية، بغضّ النظر عن النتيجة على الأرض وهي «انهيار السلطة».
وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن فحوى الرسائل تتضمن تهديدات بأن القيادة الفلسطينية ستفعّل قرارات المجلس المركزي المتعلقة بإلغاء الاتفاقات مع إسرائيل وتجميد الاعتراف بها، حتى لو أدى ذلك إلى إجراءات إسرائيلية انتقامية ستقود إلى انهيار السلطة، وأن على الجميع أن يدفع ثمن تصرفاته والنتيجة التي لا يريدها أحد بما في ذلك إسرائيل.
وأعاد أشتية في كلمة له بمستهلّ اجتماع الحكومة الفلسطينية، أمس (الاثنين)، اتهام إسرائيل بالعمل على تقويض السلطة ودفعها إلى حافة الحافة مالياً ومؤسساتياً، ما قد يحد من أداء عملها في خدمة الفلسطينيين، لكنه قال إنهم سيفشلون. وأضاف: «لن نقايض حقنا في تقرير المصير وحريتنا بالأموال ولا بالامتيازات».
وكان وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، قد وقّع (الأحد)، مرسوماً لحجب 139 مليون شيكل من عائدات الضرائب عن السلطة الفلسطينية وتحويلها من قِبَله إلى عائلات قتلى الهجمات الفلسطينية، كجزء من العقوبات ضد إجراءات السلطة الفلسطينية القانونية الدولية ضد إسرائيل.
سموتريش علّق على سؤال عمّا إذا كان يشعر بالقلق من أن تؤدي هذه الخطوة إلى انهيار السلطة الفلسطينية، بالقول: «ما دامت السلطة الفلسطينية تشجّع الإرهاب وهي عدو، فأنا لست معنياً باستمرار وجودها».
وكانت هذه الخطوة واحدة من الخطوات التي وافقت عليها الحكومة يوم الجمعة لمعاقبة الفلسطينيين، انتقاماً من سعيهم للحصول على رأي أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة بشأن سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية. وتشمل الإجراءات العقابية الأخرى ضد السلطة الفلسطينية، إلغاء تصاريح السفر لكبار المسؤولين الفلسطينيين التي تسمح لهم بالسفر بسهولة داخل وخارج الضفة الغربية، وتجميد البناء الفلسطيني في أجزاء من الضفة الغربية.
وأشاد سموتريتش بالحملة الجارية منذ سنوات لتعويض مدفوعات السلطة الفلسطينية للأسرى الأمنيين وعائلات المهاجمين الفلسطينيين، واصفةً إياها بـ«الكفاح العادل... ليس فقط في توفير العدالة بأثر رجعي، ولكن أيضاً كرادع». وصادرت إسرائيل مبالغ كهذه في الماضي، بعد تشريع عام 2018 بشأن هذه المسألة. ومنذ عام 2019 صادرت إسرائيل من السلطة نحو ملياري شيكل مقابل هذه الرواتب، فيما بلغ مجموع الاقتطاعات المتعلقة بالصحة والكهرباء والمياه وغيره، ما يقارب 1.6 مليار شيكل عن العام 2022 فقط يضاف إليها ما مجموعه 350 مليون شيكل سنوياً بدل عمولة تحصيل الأموال الفلسطينية وتحويلها من المقاصة.
ويضع القرار الإسرائيلي الجديد المزيد من الضغط على مالية السلطة المتعثرة أصلاً. ولفت أشتية إلى أن حكومته تعتزم التواصل مع دول الجامعة العربية لمطالبتها بتنفيذ القرارات السابقة ومنها توفير شبكة أمان اقتصادي للسلطة الفلسطينية. وتخطط السلطة أيضاً لطلب المزيد من الدعم الأميركي والأوروبي.
وقال أشتية إن الولايات المتحدة لا تقدم دعماً للسلطة الفلسطينية في الموازنة الأخيرة التي أقرّتها، في حين أن دعم الاتحاد الأوروبي مخصص فقط للبنية التحتية وبعض القضايا الإنسانية. هذا ومن المتوقع أن يصل في وقت لاحق من هذا الشهر، مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، لزيارة تل أبيب ورام الله. وقال أشتية إنهم سيطالبون الإدارة الأميركية بتعزيز التحركات التي تمنع انهيار السلطة الفلسطينية وتحدّ من المحاولة الإسرائيلية لسحقها.
أشتية يحذّر من سيناريو «انهيار السلطة»
الفلسطينيون نقلوا رسائل حادة إلى الأميركيين والإسرائيليين
أشتية يحذّر من سيناريو «انهيار السلطة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة