تراجع «مراوغ» لتضخم منطقة اليورو

ارتفاع أسعار السلع الأساسية

امرأة تمشي مع مشتريات أمام متجر في برلين بألمانيا (أ.ب)
امرأة تمشي مع مشتريات أمام متجر في برلين بألمانيا (أ.ب)
TT

تراجع «مراوغ» لتضخم منطقة اليورو

امرأة تمشي مع مشتريات أمام متجر في برلين بألمانيا (أ.ب)
امرأة تمشي مع مشتريات أمام متجر في برلين بألمانيا (أ.ب)

تراجع التضخم في منطقة العملة الأوروبية الموحدة (اليورو)، الشهر الماضي، بأكثر مما كان متوقعاً، إلا أن ضغوط الأسعار الأساسية ارتفعت، مما يعني أنه من المرجح أن يواصل البنك المركزي الأوروبي رفع أسعار الفائدة خلال الأشهر القادمة.
وأظهرت بيانات نشرها مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي (يوروستات)، يوم الجمعة، أن نمو أسعار المستهلكين في المنطقة، التي ارتفع عدد دولها إلى 20 بانضمام كرواتيا إليها في أول يناير (كانون الثاني)، تباطأ إلى 9.2 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) مقابل 10.1 في المائة في الشهر السابق. وجاء المعدل دون توقعات بارتفاعه 9.7 في المائة في استطلاع أجرته «رويترز»، إلا أن هذه البيانات التي تبدو سارة تخفي في طياتها تفاصيل غير جيدة؛ إذ إن الجزء الأكبر من التراجع جاء نتيجة لانخفاض أسعار الطاقة، في حين زادت جميع المكونات الرئيسية للتضخم الأساسي.
وارتفع معدل التضخم الذي يستثني الأسعار المتقلبة للمواد الغذائية والطاقة، إلى 6.9 في المائة، مقابل 6.6 في المائة، في حين صعد مقياس أكثر تقييداً يستبعد أيضاً أسعار الكحول والتبغ، إلى 5.2 في المائة، مقابل 5 في المائة سابقاً.
وتسارع التضخم في الخدمات والسلع الصناعية غير المرتبطة بالطاقة، التي تحظى بمراقبة حثيثة من جانب البنك المركزي الأوروبي لقياس استمرارية نمو الأسعار، مما زاد من المخاوف من أن التعامل مع ارتفاع الأسعار سيكون أصعب مما كان متوقعاً... وتكمن المشكلة في أنه كلما استمر نمو الأسعار لفترة أطول زادت صعوبة كبحه؛ إذ إن الشركات تبدأ في تكييف سياساتها للتسعير والأجور، مما يؤدي بدوره إلى استمرار التضخم، لكن في ذات الوقت أظهرت بيانات للمفوضية الأوروبية، يوم الجمعة، تحسن المعنويات الاقتصادية بمنطقة اليورو في ديسمبر للمرة الأولى منذ بدء الحرب في أوكرانيا، وسط مزيد من التفاؤل في قطاعات الاقتصاد كافة، وانخفاض حاد في توقعات التضخم.
وارتفع المؤشر الشهري للمفوضية إلى 95.8 نقطة في ديسمبر، مقابل 94.0 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني)، ليسجل أول ارتفاع منذ نزوله من المستوى القياسي البالغ 114.0 نقطة الذي سجله في فبراير (شباط)، وهو الشهر ذاته الذي غزت فيه روسيا أوكرانيا.
وتحسنت المعنويات في الصناعة إلى سالب 1.5 نقطة، مقابل سالب 1.9 نقطة، وزادت في قطاع الخدمات بأكثر من الضعف إلى 6.3، مقابل 3.1 نقطة.
وزاد التفاؤل بين المستهلكين وتجار التجزئة والعاملين بقطاع البناء، مما يشير إلى أن التباطؤ الاقتصادي المتوقع للربع الأخير من 2022 والأول من 2023، سيكون طفيفاً على الأرجح.
وسجلت توقعات المستهلكين للتضخم على مدى الاثني عشر شهراً التالية انخفاضاً حاداً في ديسمبر إلى 23.7 نقطة، مقابل 29.9 نقطة في نوفمبر، كما هبطت توقعات المصنّعين لأسعار البيع إلى 38.4 نقطة، مقابل 40.4 في نوفمبر.
وقبل يومين، أظهر مسح أن حجم النشاط التجاري في منطقة اليورو انكمش بوتيرة أقل مما كان متوقعاً في نهاية العام الماضي مع تراجع ضغوط الأسعار، مما يشير إلى أن الركود في المنطقة ربما أقل مما هو متوقع.
وارتفع المؤشر «ستاندرد آند بورز غلوبال» لمديري المشتريات في منطقة اليورو الذي يقيس الأداء الاقتصادي، إلى 49.3 نقطة في ديسمبر، مرتفعاً من 47.8 نقطة في نوفمبر، وهو ما يزيد على التوقعات المبدئية البالغة 48.8 نقطة. وعلى الرغم من أن المؤشر لم يتخطَّ حاجز الـ50 الذي يفصل بين النمو والانكماش منذ يوليو (تموز)، فقد سجل أعلى مستوى له خلال 5 أشهر في ديسمبر.
ومن بين المؤشرات الإيجابية بمنطقة اليورو، تعافي معدل إنفاق الأسرة في فرنسا في نوفمبر الماضي بالنسبة لشراء البضائع المصنعة، حسبما أظهرت بيانات نشرها مكتب الإحصاء يوم الجمعة.
ونما معدل إنفاق الأسرة بنسبة 0.5 في المائة خلال نوفمبر الماضي، على النقيض من معدل انخفاضه بنسبة 2.7 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) السابق عليه. وعلى الرغم من ذلك، كان ذلك أقل من معدل النمو المتوقع البالغ 1 في المائة.
وأنفق المستهلكون بمعدل زيادة 1.8 في المائة على السلع المعمرة، خاصة معدات النقل. كما ارتفع معدل الإنفاق على الملابس بنسبة 0.9 في المائة. وارتفع استهلاك الطاقة بصورة معتدلة بنسبة 0.6 في المائة، في حين تجاوزت الحرارة المعدل الطبيعي، وانخفض استهلاك الغذاء بنسبة 0.2 في المائة في سادس خريف على التوالي.


مقالات ذات صلة

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

الاقتصاد خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

يتجه المصرف المركزي الأوروبي الخميس إلى إقرار رفع جديد لمعدلات الفائدة، وسط انقسام بين مسؤوليه والمحللين على النسبة التي يجب اعتمادها في ظل تواصل التضخم والتقلب في أداء الأسواق. ويرجح على نطاق واسع أن يقرّر المصرف زيادة معدلات الفائدة للمرة السابعة توالياً وخصوصاً أن زيادة مؤشر أسعار الاستهلاك لا تزال أعلى من مستوى اثنين في المائة الذي حدده المصرف هدفاً له.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

واجه وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، اقتراحا من قبل المفوضية الأوروبية لمنح دول التكتل المثقلة بالديون المزيد من الوقت لتقليص ديونها، بردود فعل متباينة. وأكد وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر أن مقترحات المفوضية الأوروبية لمراجعة قواعد ديون الاتحاد الأوروبي «ما زالت مجرد خطوة أولى» في عملية الإصلاح.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنسبة بلغت 0,1 % في الربع الأول من العام 2023 مقارنة بالربع السابق، بعدما بقي ثابتا في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2022، وفق أرقام مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات). بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي برمّته، انتعش نمو الناتج المحلي الإجمالي بزيادة بلغت نسبتها 0,3 % بعد انخفاض بنسبة 0,1 % في الربع الأخير من العام 2022، وفق «يوروستات». وفي حين تضررت أوروبا بشدة من ارتفاع أسعار الطاقة عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما يغذي تضخما ما زال مرتفعا للغاية، فإن هذا الانتعاش الطفيف للنمو يخفي تباينات حادة بين الدول العشرين التي تشترك في العملة الموحدة. وخلال الأش

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد «النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

«النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

قال مدير صندوق النقد الدولي لمنطقة أوروبا اليوم (الجمعة)، إنه يتعين على البنوك المركزية الأوروبية أن تقضي على التضخم، وعدم «التوقف» عن رفع أسعار الفائدة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». وأوضح ألفريد كامر، خلال إفادة صحافية حول الاقتصاد الأوروبي في استوكهولم، «يجب قتل هذا الوحش (التضخم).

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

من المقرر أن تحصل دول الاتحاد الأوروبي المثقلة بالديون على مزيد من الوقت لتقليص الديون العامة، لتمكين الاستثمارات المطلوبة، بموجب خطط إصلاح اقترحتها المفوضية الأوروبية يوم الأربعاء. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين: «نحتاج إلى قواعد مالية ملائمة لتحديات هذا العقد»، وأضافت «تمكننا الموارد المالية القوية من الاستثمار أكثر في مكافحة تغير المناخ، ولرقمنة اقتصادنا، ولتمويل نموذجنا الاجتماعي الأوروبي الشامل، ولجعل اقتصادنا أكثر قدرة على المنافسة». يشار إلى أنه تم تعليق قواعد الديون والعجز الصارمة للتكتل منذ أن دفعت جائحة فيروس «كورونا» - حتى البلدان المقتصدة مثل ألمانيا - إلى الا

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.