وكالات السياحة والسفر في مرمى الجبايات الحوثية

الميليشيات أطلقت حملة مسلحة أسفرت عن إغلاق 13 مكتباً

عنصر ميليشياوي في صنعاء يقوم بإغلاق أحد المحلات (إعلام حوثي)
عنصر ميليشياوي في صنعاء يقوم بإغلاق أحد المحلات (إعلام حوثي)
TT

وكالات السياحة والسفر في مرمى الجبايات الحوثية

عنصر ميليشياوي في صنعاء يقوم بإغلاق أحد المحلات (إعلام حوثي)
عنصر ميليشياوي في صنعاء يقوم بإغلاق أحد المحلات (إعلام حوثي)

أطلقت الميليشيات الحوثية هذا الأسبوع موجة جديدة من الجبايات في العاصمة المختطفة صنعاء استهدفت وكالات السياحة والسفر، في سياق سعيها إلى إرغام ملاكها على دفع الإتاوات، حيث أفادت مصادر مطلعة بإغلاق 13 مكتباً في عدد من شوارع المدينة بعد أن اتهم مسلحو الميليشيات هذه الوكالات بعدم الالتزام بالتعليمات والقيود المفروضة.
وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن فرقاً ميدانية تتبع ما تسمى «هيئة الطيران المدني والأرصاد» الخاضعة للجماعة الحوثية بصنعاء، مدعومة بمسلحين، تواصل منذ أيام تنفيذ حملات «ابتزاز وجباية»، بهدف البطش والتنكيل بملاك وكالات السفر والسياحة لإجبارهم على دفع جبايات تحت مسميات مختلفة.
وأدت الحملة الحوثية - وفق المصادر - في أول يومين من انطلاقها إلى إغلاق 13 وكالة سفر وسياحة واقعة في شوارع متفرقة بصنعاء بحجة مخالفتها للقانون وعدم استجابتها لمطالب حوثية من بينها دفع جبايات لصالح مشرفي الميليشيات.
وبحسب المصادر نفسها، عاد عناصر الميليشيات بعد ساعات قليلة من إغلاق تلك الوكالات للسماح بإعادة فتح بعضها بعد أن ألزمت ملاكها بدفع إتاوات، بالتزامن مع استمرار الحملة لاستهداف ما تبقى من الوكالات بمناطق جديدة في صنعاء؛ حيث تفرض على ملاكها شروطاً وصفت بـ«التعجيزية».
ونقلت وسائل إعلام حوثية عن المدعو مازن غانم، المنتحل لصفة مدير عام النقل الجوي في صنعاء، قوله: «إن النزول الميداني استهدف وكالات السفر العاملة في أمانة العاصمة صنعاء كمرحلة أولى تليها بقية المحافظات وفقاً لما هو معد ومخطط له مسبقاً».
وهدد المسؤول الحوثي باستهداف وإغلاق كل وكالات السفر التي لم تحصل على تراخيص عمل من قبل سلطة الانقلاب، وتلك التي لا تنطبق عليها الشروط التي وضعتها الجماعة على كل الوكالات في مناطق سيطرتها.
ويقول ملاك وكالات في صنعاء طالهم مؤخراً التعسف الحوثي لـ«الشرق الأوسط»، إن الانقلابيين يشنون حملات متكررة لفرض قيود وإجراءات مشددة تهدف إلى إجبارهم على دفع إتاوات تحت عناوين ومبررات غير قانونية.
وكشفوا عن مداهمة مسلحي الجماعة في اليومين الماضيين وكالات سفريات وسياحة في 3 شوارع رئيسية في صنعاء هي الزبيري، وتعز، والستين، حيث قاموا بإغلاق بعضها واختطاف ملاكها وتوجيه تهديدات ضد آخرين، بحجة مخالفتهم لتعليمات وضوابط وضعتها الميليشيات.
ووصف ملاك الوكالات السياحية ما يتعرضون له حالياً من انتهاكات بأنه «عمل مقصود من قبل الميليشيات الحوثية»، كاشفين عن تكبدهم نتيجة ذلك خسائر مادية كبيرة.
ويؤكد سليمان، وهو اسم مستعار لأحد ملاك وكالات السفر والسياحة في صنعاء، أن هذا الاستهداف الحوثي ضد هذا القطاع لم يكن الأول حيث سبق لتلك الميليشيات أن استهدفت بمنتصف سبتمبر (أيلول) العام الماضي عشرات الوكالات في العاصمة بعد اتهامها ببيع تذاكر وهمية وعدم الالتزام بشروط بيع التذاكر.
وطالب سليمان بوضع حد لمثل تلك الممارسات الحوثية التي أوصلت اليمنيين في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الميليشيات إلى ما هم عليه اليوم من فقر وجوع وبؤس وحرمان من أبسط الحقوق وأقل الخدمات.
وسبق للانقلابيين، وفي سياق استمرارهم في تضييق الخناق على ما تبقى من المؤسسات التجارية والاقتصادية بمناطق سيطرتهم، أن فرضوا بنهاية يونيو (حزيران) العام الفائت، رسوماً وجبايات على وكالات السفريات والسياحة في صنعاء ومدن أخرى بزعم دعم المجهود الحربي.
وكانت الميليشيات قد فرضت قراراً يقضي بإلزام وكالات السفر بدفع رسوم خدمة المسافرين، بنسبة 5 في المائة من قيمة إجمالي أي خدمات تقدمها وكالات السفر بمبرر حماية المسافرين، زاعمة أن ذلك سيحد من تلاعب بعض وكالات السفر.
يشار إلى أن الميليشيات الحوثية، قامت منذ انقلابها واجتياحها بقوة السلاح صنعاء العاصمة ومحافظات أخرى بفرض إتاوات ورسوم وجبايات قسرية على التجار وأصحاب الشركات والمؤسسات والمحال التجارية.
وأسست الميليشيات منذ انقلابها شبكة واسعة لفرض الجبايات واستخدمت في سبيل ذلك جميع أجهزتها الأمنية والمؤسسات الحكومية التي أخضعتها بما في ذلك السلطة القضائية التي سخرتها لشرعنة عمليات السلب والنهب والمصادرة بحق ما بقي من أموال وممتلكات السكان بمناطق سيطرتها.
وكانت تقارير محلية قد قدرت حجم الخسائر الأولية التي لحقت بقطاع السياحة خلال ستة أعوام ماضية من عمر الانقلاب، بأنها تصل إلى أكثر من 6 مليارات دولار.
وأفادت بعض التقارير بأن الانقلاب الحوثي تسبب في إغلاق نحو 400 وكالة سياحية، قدرت خسائرها بـ800 مليون دولار، في حين تسبب أيضاً في تسريح نحو 95 في المائة من العاملين في القطاع السياحي، إلى جانب فقدان آلاف من فرص العمل التي كانت تشكل مصدر دخل رئيسياً للمئات من الأسر اليمنية.


مقالات ذات صلة

فساد ودعاية خلف استحداث الحوثيين النوافير والمجسمات

المشرق العربي مبنى يزعم الحوثيون أنه مجسم للمسجد الأقصى في تقاطع مزدحم بالعاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

فساد ودعاية خلف استحداث الحوثيين النوافير والمجسمات

تستخدم الجماعة الحوثية مشروعات باسم «تحسين المدينة» للترويج لممارساتها وخطابها، ولنهب الأموال العامة، مثيرةً استياء السكان الذين يعيشون وضعاً اقتصادياً معقداً.

وضاح الجليل (عدن)
خاص واحد من عدة ملاعب رياضية جديدة في عدن نفذها البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن (البرنامج السعودي)

خاص باذيب: كل اتصالات الحكومة الحساسة بعيدة عن الحوثيين

يؤكد وزير التخطيط والتعاون الدولي اليمني أن بلاده نجحت في استعادة ثقة المجتمع الدولي لاستئناف تمويل المشاريع التنموية، وتحرير قطاع الاتصالات الحيوي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي قادة حوثيون يحصلون جبايات من سيارات الأجرة إلكترونياً (إعلام حوثي)

توجهات حوثية لاستثمار النقل البري والتجسس على المسافرين

أقرت الجماعة الحوثية لائحة بمسمى تنظيم نشاط محطات نقل المسافرين، للسيطرة على موارد هذا القطاع وحرمان العاملين فيه من مصادر دخلهم وتشديد القبضة الأمنية عليه

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عنصر حوثي يحرس السجن المركزي في صنعاء الذي استولت عليه الجماعة منذ 11 عاماً (غيتي)

سجون حوثية للابتزاز... وأجهزة أمنية لإرهاب المجتمع اليمني

كشف ناشطون عن سجن خاص يتبع قيادياً حوثياً لاختطاف وابتزاز سكان محافظة صنعاء، في ظل توسع الجماعة لإنشاء منظومة استخباراتية للرقابة المشددة على المجتمع وترهيبه.

وضاح الجليل (عدن)
الخليج المستشار منصور المنصور المتحدث باسم فريق تقييم الحوادث في اليمن يستعرض عدداً من الادعاءات خلال مؤتمر صحافي بالرياض (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» يفنّد 4 ادعاءات ضد «التحالف» في اليمن

استعرض «الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن» الأربعاء في العاصمة السعودية الرياض عدداً من الادعاءات ضد التحالف بحضور عدد من وسائل الإعلام وممثّلي الدول

غازي الحارثي (الرياض)

تفشي الأوبئة في مناطق سيطرة الحوثيين

عاملون صحيون يمنيون يقومون بحملات تطعيم (الأمم المتحدة)
عاملون صحيون يمنيون يقومون بحملات تطعيم (الأمم المتحدة)
TT

تفشي الأوبئة في مناطق سيطرة الحوثيين

عاملون صحيون يمنيون يقومون بحملات تطعيم (الأمم المتحدة)
عاملون صحيون يمنيون يقومون بحملات تطعيم (الأمم المتحدة)

أفادت مصادر عاملة في القطاع الصحي الخاضع لجماعة الحوثيين في اليمن، بتفشي موجة جديدة من الأوبئة؛ في مقدمها «البلهارسيا» و«العمى النهري» وسط حالة من الإهمال وغياب المكافحة وتدهور القطاع الصحي.

وكشفت المصادر عن ظهور بلاغات وتقارير تفيد بتسجيل نحو 30 ألف إصابة جديدة بمرض «البلهارسيا» و18 ألف إصابة بـ«العمى النهري» خلال العشرة الأسابيع الماضية، في 6 مدن خاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، هي: ريف صنعاء، وإب، والمحويت، وريمة، والحديدة، وتعز.

وصرَّحت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، بتعرض حالات عدة للوفاة جراء الإصابة بتلك الأمراض، نتيجة عدم تلقيها الرعاية الطبية اللازمة بفعل تدهور القطاع الصحي، وتوقف حملات مكافحة الأمراض المعدية في أغلب مناطق قبضة الحوثيين.

وحذَّر عاملون صحيون من كارثة صحية يواجهها السكان في المناطق التي تحت سيطرة الانقلابيين، في ظل استمرار منع الجماعة اللقاحات وحملات المكافحة، بالإضافة إلى الفساد والنهب المنظم في معظم المرافق الصحية.

مرضى يتجمعون في مكان ضيق داخل مستشفى بمدينة الحديدة (رويترز)

ومن بين الأسباب التي أدت إلى تفشي «البلهارسيا» -وفق المصادر- هو عدم حصول السكان في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية على مياه شُرب آمنة، بفعل ما خلَّفه الانقلاب والحرب من تدهور في الأوضاع وانعدام الخدمات.

ويُعد «البلهارسيا» من الأمراض المدارية ذات الخطورة العالية، ويأتي في المرتبة الثانية بعد «الملاريا».

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإنه لو تُرك الشخص المصاب بـ«البلهارسيا» دون علاج فيمكن لذلك الداء إلحاق أضرار بالغة في كبد وأمعاء ومثانة وطحال ورئتي المصاب. كما أن القضاء على «البلهارسيا» يتطلب إعطاء الأدوية على نطاق واسع؛ حيث يعالَج السكان المستهدفين مرة واحدة في السنة.

ضعف الرعاية

وأكدت المصادر الطبية في مناطق ريف صنعاء والمحويت وإب، لـ«الشرق الأوسط»، أن مرضَي «العمى النهري» و«البلهارسيا» انتشرا في الأسابيع الأخيرة بشكل واسع، بعدة مناطق وقرى تابعة لهذه المحافظات.

وذكرت المصادر أن مشافي ومرافق صحية في عواصم هذه المحافظات تشهد إقبالاً من حالات مصابة بتلك الأمراض؛ خصوصاً من أوساط الأطفال والشبان، وسط غياب أي دور للسلطات الصحية للجماعة الحوثية.

الدعاية الحوثية ضد اللقاحات أدت إلى تفشي الأوبئة في اليمن (إعلام حوثي)

واشتكى سكان في مديريات بني مطر وسنحان وبني سعد والعدين والمخادر لـ«الشرق الأوسط»، من تفشي «العمى النهري» و«البلهارسيا» وإسهالات مائية وحميات أخرى غير معلومة أسبابها، وسط انعدام الخدمات الصحية بمعظم المرافق الصحية التي يسيطر عليها الانقلابيون.

وذكر السكان أنهم أصبحوا غير قادرين على الحصول على أدنى مقومات الرعاية الطبية، في ظل إحكام الجماعة الحوثية كامل قبضتها على القطاع الصحي، وانتهاجها الفساد والتدمير في ذلك القطاع الحيوي.

ويُطلق على مرض «العمى النهري» داء «كلابية الذنب» أو «الحبة السوداء»، وهو مرض طفيلي يصيب الجلد والعين بشكل أساسي، ويُسبب حكة شديدة في المناطق المصابة، وقد تصل مضاعفاته لفقدان البصر.

ووفقاً للشبكة الشرق أوسطية «إمفنت»، يُعد اليمن البلد الوحيد الموبوء بداء «كلابية الذنب» في آسيا؛ حيث ينتقل المرض عن طريق لدغات الذبابة السوداء الحاملة للعدوى، والتي تتكاثر في المجاري المائية والأنهار سريعة التدفق.

وكانت الشبكة المعنية بالصحة المجتمعية ومكافحة الوبائيات، قد قدَّرت عدد اليمنيين المعرضين للإصابة بهذا المرض في العام قبل الماضي بنحو 1.3 مليون شخص، موزعين على 8 محافظات، هي: صنعاء، والمحويت، وإب، وذمار، وحجة، والحديدة، وريمة، وتعز.