أطلقت مصادر يمنية طبية وأخرى أممية تحذيرات من استمرار تفشي الأمراض والأوبئة القاتلة في محافظات وقرى متفرقة، وذلك بالتزامن مع تأكيد تقرير أممي بتسجيل مئات الإصابات الجديدة بـ«الكوليرا» وأوبئة أخرى في الأشهر الثلاثة الماضية.
وتحدثت المصادر عن وجود سلسلة بلاغات جديدة منذ مطلع العام الحالي من محافظات ومدن وقرى عدة معظمها تحت قبضة الحوثيين، تفيد بظهور إصابات جديدة وحالات وفاة نتيجة الإصابة بأمراض وأوبئة، من بينها الكوليرا، وسوء التغذية، والإسهالات المائية الحادة، والحصبة، والملاريا، وحمى الضنك.
وحذّرت المصادر من مغبة استمرار تصاعد الصراع في اليمن، وما سيخلفه من تدهور الأوضاع على المستويات كافة، في البلد الذي يشهد حرباً منذ تسع سنوات جعلته يعاني من أكبر أزمة إنسانية على مستوى العالم.
تفشي الكوليرا
يكشف مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة عن تسجيل ما يزيد على 1018 حالة جديدة مرتبطة بتفشي مرض الكوليرا، منها 6 حالات وفاة، في 9 محافظات يمنية، بين 16 أكتوبر (تشرين الأول) و31 ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي.
وأوضح المكتب الأممي، في تقرير له عن الحالة الإنسانية في اليمن، للربع الأخير من عام 2023، أن الأطفال اليمنيين دون سن الخامسة يشكلون ما يقرب من ثلث الحالات.
وبينما يؤكد التقرير أن اليمن ما يزال يشهد ارتفاعًا في حالات المصابة بـ«الكوليرا» المشتبه بها في عدة محافظات. يقول أيضا إن الأرقام الفعلية من المرجح أن تكون أعلى بكثير بسبب نقص الإبلاغ في مناطق مختلفة، خصوصاً في الجزء الشمالي من البلاد.
ووفق التقرير، فإن الشركاء أبلغوا عن نسبة أعلى من الحالات المشتبه فيها في شبوة منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وبعد ذلك، تم تأكيد زيادة المعدل في محافظات تعز والحديدة وشبوة وحضرموت ومحافظات يمنية أخرى.
وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) كشفت سابقاً عن إصابة أكثر من 4 آلاف شخص في اليمن بمرضَي «الكوليرا» و«شلل الأطفال»، خلال النصف الأول من العام الماضي.
وأكدت المنظمة الأممية تلقيها حينها بلاغات عن 4105 حالات إصابة بالكوليرا وشلل الأطفال في مختلف محافظات اليمن، خلال الفترة بين يناير (كانون الثاني)، ويونيو (حزيران) الماضيين.
وقالت إن الصحة العالمية أبلغت عن إجمالي 3878 حالة إصابة بالإسهال المائي الحاد، بما في ذلك أربع حالات وفاة، في حين تم الإبلاغ عن 227 طفلاً مصابين بشلل الأطفال الناجم عن الفيروس المشتق من اللقاح من النوع الثاني.
وعدّت «اليونيسيف» أن استمرار حظر التطعيمات في المحافظات الخاضعة للحوثيين، أسهم في انتشار الأمراض والأوبئة التي كان من الممكن تفاديها باللقاحات، مشيرة إلى أن المناطق تحت سيطرة الحكومة اليمنية الشرعية شهدت تطعيم أكثر من 153 ألفاً من الأطفال دون سن الخامسة باللقاح الثلاثي لشلل الأطفال في 12 محافظة استجابة لتفشي الفيروس.
نظام صحي هش
تؤكد بيانات لمنظمات إنسانية وجود أكثر من 21.6 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة، بينما يقتربون من السنة العاشرة من الصراع مع النظام الصحي الهش بالفعل.
وبينما يحتاج أكثر من 20 مليون يمني إلى المساعدة الصحية، بما في ذلك 13 مليوناً من ذوي الاحتياجات الحادة، تقول الأمم المتحدة في أحدث تقاريرها إن البلاد تواجه في الوقت الحاضر تدهوراً كبيراً في الصحة العامة وازدياد هجمات تفشي الأمراض، مثل الكوليرا والحصبة.
وفي آخر إحاطة إعلامية، وصف المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، الدكتور أحمد المنظري، الوضع الإنساني في اليمن بـ«المزري»، موضحاً أن اليمن لا يزال يواجه أزمة إنسانية حادة، إذ يحتاج ما يقرب من 18 مليون شخص إلى الحصول على مساعدات صحية.
وذكر المنظري أن الوضع في اليمن لا يزال مزرياً، لا سيما للفئات الضعيفة مثل النازحين داخليّاً، والأطفال، والنساء، والمسنين، وذوي الإعاقة، والمجتمعات المحلية المهمشة.
وقال إن مواطني دول الإقليم ومنها اليمن هم من الأكثر ضعفاً وتأثراً في العالم، ولا يَقْوون على تحمُّل مزيد من الحرمان من حقوقهم الأساسية في الحياة، ومن الحصول على الرعاية الصحية المُنقذة للحياة.
ووفق المسؤول الأممي، فقد اجتاح في النصف الثاني من 2023 إقليم شرق المتوسط بينها اليمن 6 حالات طوارئ جديدة، منها فاشية كبرى للكوليرا. وأكد حاجة الصحة العالمية العام الحالي إلى ما يقرب من 706 ملايين دولار للاستجابة لحالات الطوارئ الكبرى في إقليم شرق المتوسط.