خامنئي يرفض اتهام غير الملتزمات بالحجاب الكامل بـ«معاداة الثورة»

قال إن توظيف النساء في مراكز صنع القرار يشكل هاجساً له

صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع مجموعة من النساء في مقر إقامته بطهران أمس
صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع مجموعة من النساء في مقر إقامته بطهران أمس
TT

خامنئي يرفض اتهام غير الملتزمات بالحجاب الكامل بـ«معاداة الثورة»

صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع مجموعة من النساء في مقر إقامته بطهران أمس
صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع مجموعة من النساء في مقر إقامته بطهران أمس

بعد نحو 4 أشهر من اندلاع احتجاجات «المرأة... الحياة... الحرية» إثر وفاة الشابة مهسا أميني في أثناء احتجازها لدى الشرطة بدعوى «سوء الحجاب»، أنهى المرشد الإيراني، علي خامنئي، صمته عن الجدل الدائر حول الحجاب؛ إذ دعا أمام حشد من النساء إلى مناقشة سبل تولي المرأة مناصب في مراكز صنع القرار، رافضاً توجيه اتهامات بـ«معادة الثورة والدين» للنساء اللاتي لا يرتدين الحجاب الكامل.
وقال خامنئي؛ من دون أن يتطرق إلى مطالب المحتجات بإنهاء قوانين «الحجاب الإلزامي»، إن «من لديهن حجاب غير كامل بناتنا». وأضاف: «الحجاب ضرورة لا يمكن تشويهها، لكن لا ينبغي أن تتسبب في اتهام من لا تلتزم بالحجاب الكامل، باللادينية، ومعادة الثورة». وأضاف: «ضعف الحجاب ليس بالشيء الصحيح؛ لكنه لا يجعل ذلك الشخص خارج دائرة الدين والثورة».
وأشار خامنئي ضمناً إلى المطالب الداخلية بشأن تولي المرأة مناصب رفيعة، وقال: «مقترح توظيف النساء المتعلمات من ذوات العلم والخبرة والحكمة في مختلف مستويات صنع واتخاذ القرار قضية مهمة، تدور في خاطري منذ فترة طويلة... إن شاء الله سنجد حلاً».
ويعدّ تعيين المرأة في مناصب رفيعة من القضايا الأساسية التي تشغل الأوساط الحكومية الإيرانية؛ بعد كل انتخابات رئاسية وتشكيل حكومة جديدة. ولم تتمكن المرأة من تولي مناصب وزراء؛ باستثناء وزيرة في حكومة الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد.
ورغم التزاماته المتكررة؛ فإن الرئيس السابق، المعتدل نسبياً حسن روحاني، لم يفِ بوعوده في ضم النساء إلى تشكيلته الوزارية، واكتفى بتعيين مساعدات ونائبات له للشؤون القانونية والمرأة والبيئة. وعلى غرار روحاني؛ كلف المحافظ المتشدد، إبراهيم رئيسي، امرأة بتولي منصب نائبته لشؤون الأسرة.
وأفادت وسائل إعلام إيرانية بأن خامنئي ألقى خطابه أمام «مئات النساء الأكاديميات والناشطات في المجالات الثقافية والاجتماعية والعلمية».
ووصف خامنئي مواقف الدول الغربية في مجال حقوق المرأة، بـ«النفاق»، وقال إن بلاده في موضع «الهجوم والمتطلَّب» منها، متهماً الدول الغربية بتوجيه «ضربات أساسية» و«خائنة» للمرأة، وفق ما أورد موقعه الرسمي. واتهم الغرب بتقديم رواتب أقل للمرأة، مقارنة بالرجال. وقال: «الوقاحة الغربية تظهر هنا؛ يعدّون أنفسهم حاملي لواء حقوق المرأة رغم كل الضربات التي وجهوها لكرامة المرأة؛ هذه هي الوقاحة المطلقة».
وقال في السياق نفسه: «النظام الرأسمالي في الغرب نظام ذكوري... الرجال أكثر سطوة وقوة... الإدارة الاقتصادية والتجارية... وما شابه ذلك، بيد الرجال. لذلك؛ في النظام الرأسمالي، الرجال لهم الأولوية على النساء؛ لأن تفضيل رأس المال على الإنسان أكثر صحة في حالة الرجال».
وهذه المرة الأولى التي يعلق فيها خامنئي على قضية الحجاب بحد ذاته بعد اندلاع الاحتجاجات. وفي مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كان خامنئي قد علق لأول مرة على اشتعال فتيل الأزمة، ودعم حينها قوات الأمن، واتهم أطرافاً غربية بإثارة الاحتجاجات. وقال حين وفاة أميني: «فطرت قلبي بشدة».
واندلعت أحدث موجة من الاحتجاجات الشعبية في إيران ضد المؤسسة الحاكمة منذ منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي بعد وفاة الشابة الكردية مهسا أميني (22 عاماً) في أثناء احتجاز «شرطة الأخلاق» لها بدعوى «سوء الحجاب».
وعبر المحتجون عن غضبهم من القوانين التي تلزم النساء بارتداء الحجاب؛ وذلك خلال المظاهرات التي رددوا فيها شعارات: «الموت لخامنئي» و«الموت للديكتاتور» وأخرى تطالب برحيل النظام، وظهرت إيرانيات علناً في بطولات دولية خارج بلدهن من دون حجاب.
وجاء خطاب خامنئي في وقت دعت فيه أجهزة إيرانية إلى تشديد قوانين الحجاب رداً على المظاهرات المناهضة للنظام. وقالت «وكالة الحرس الثوري»، الأسبوع الماضي، إن الشرطة تستأنف خطة إرسال رسائل تحذيرية للنساء اللاتي لا يلتزمن بقوانين الحجاب في سياراتهن الخاصة. وتكتفي الرسالة الجديدة بالقول: «رُصد عدم وضع الحجاب في سيارتكن. من الضروري احترام القواعد الاجتماعية والحرص على عدم تكرار هذا الأمر».
وكان المدعي العام الإيراني قد أعلن، في مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إلغاء «شرطة الأخلاق»، لكن معارضين شككوا في الإعلان؛ في ظلّ استمرار تطبيق «قانون الحجاب الإلزامي». وفي نهاية الشهر الماضي، قال سعيد رضا عاملي، أمين «اللجنة العليا للثورة الثقافية»، إن الشرطة «لم تكن تريد أن تكون عنيفة في الأحداث الأخيرة، لذلك تعرضت للعنف». ونفى ضمناً الإشارات بشأن نهاية «شرطة الأخلاق»، وقال إن اللجنة «لم يكن لديها قرار بشأن (دورية الإرشاد)».
وامتدت الاحتجاجات إلى 161 مدينة و144 جامعة في 31 محافظة إيرانية، وفق «وكالة نشطاء حقوق الإنسان في إيران (هرانا)»، وأطلقت السلطات حملة قمع عنيفة لإخماد الاحتجاجات، مستخدمة الذخائر الحية. وتقدمت النساء صفوف المحتجين ولوّحن بالحجاب وأحرقنه.
وشارك طلبة الجامعات بكثافة في الاحتجاجات. وعمدت الطالبات إلى خلع حجابهن وإطلاق هتافات معادية للنظام. وانضم محامون إلى التحرّك، ورفعوا شعار المتظاهرين: «المرأة... الحياة... الحرية» في طهران. وتبعهم تجار وعمّال ومعلّمون. وفي الأسبوع الأول من الاحتجاجات، قيدت السلطات شبكة الإنترنت منذ ذلك الحين، وحجبت العديد من شبكات التواصل التي لم تحجبها من قبل مثل «إنستغرام» و«واتساب» الأكثر استخداماً في إيران.
ووصل عدد القتلى في صفوف المحتجين إلى 516 شخصاً؛ بمن فيهم 70 قاصراً، وقضى 68 عنصراً من قوات الأمن خلال المناوشات مع المحتجين.
وأفادت «لجنة متابعة أوضاع المعتقلين»، عبر حسابها على «تويتر»، أمس، بأن 16 شخصاً قتلوا أثناء الاعتقال؛ بناء على أحدث تحقيق لها.
وقالت «اللجنة» إن الأشخاص «قتلوا بسبب التعذيب، وكذلك حرمانهم من تلقي العلاج الفعال بعد إصابتهم بالرصاص». ونشرت «اللجنة» صور وأسماء القتلى. والاثنين الماضي، ذكرت منظمة «هنغاو» الحقوقية الكردية أنها رصدت 10 حالات وفاة تحت التعذيب من بين 127 شخصاً قتلوا في الاحتجاجات.
ولم تعلن السلطات الإحصائية الرسمية لعدد القتلى والمعتقلين، لكن قيادياً في «الحرس الثوري» قال إن 300 شخص قتلوا في أنحاء البلاد، وتشمل الإحصائية عناصر الأمن. وتشير تقديرات وكالة «هرانا»؛ التي تتابع انتهاكات حقوق الإنسان من كثب، إلى اعتقال 19250 شخصاً.
وفرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها في أوروبا، بالإضافة إلى كندا وأستراليا، عقوبات اقتصادية، استهدفت «شرطة الأخلاق» وقادة في «الحرس الثوري» وذراعه ميليشيا «الباسيج» التي شاركت بصورة فعالة في مطاردة المحتجين.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، صوت «مجلس حقوق الإنسان» بالأمم المتحدة لمصلحة فتح تحقيق مستقل في القمع الدموي للاحتجاجات. وقالت إيران إنها لن تتعاون مع لجنة التحقيق التي وصفتها بأنها «لجنة سياسية».


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

الجيش الإسرائيلي يتسلم «الشعاع الحديدي» أول منظومة ليزر للدفاع الجوي

منظومة الاعتراض الإسرائيلية «الشعاع الحديدي» التي تعمل بالليزر (شركة رافائيل للصناعات الدفاعية)
منظومة الاعتراض الإسرائيلية «الشعاع الحديدي» التي تعمل بالليزر (شركة رافائيل للصناعات الدفاعية)
TT

الجيش الإسرائيلي يتسلم «الشعاع الحديدي» أول منظومة ليزر للدفاع الجوي

منظومة الاعتراض الإسرائيلية «الشعاع الحديدي» التي تعمل بالليزر (شركة رافائيل للصناعات الدفاعية)
منظومة الاعتراض الإسرائيلية «الشعاع الحديدي» التي تعمل بالليزر (شركة رافائيل للصناعات الدفاعية)

تسلم الجيش الإسرائيلي منظومة اعتراض بالليزر عالية القدرة تُعرف باسم «الشعاع الحديدي»، حيث سيتم دمجها ضمن منظوماته الصاروخية الدفاعية متعددة الطبقات الحالية.

وقالت وزارة الدفاع الإسرائيلية، الأحد، إن منظومة الليزر تم تسليمها للجيش الإسرائيلي بعد تطويرها من جانب شركتي الدفاع الإسرائيليتين «إلبيت سيستمز» و«رافائيل».

وتم تصميم منظومة «الشعاع الحديدي» لتعمل بالتوازي مع منظومات دفاع: «القبة الحديدية» و«مقلاع داود» و«آرو»، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

وأفادت الوزارة بأن الاختبارات أظهرت أن هذه المنظومة قادرة على اعتراض الصواريخ وقذائف الهاون والصواريخ والطائرات المسيّرة بشكل موثوق، مضيفة أنها أقل تكلفة بكثير من حيث التشغيل مقارنة بالمنظومات التقليدية القائمة على الصواريخ.

منظومة «الشعاع الحديدي» الاعتراضية التي تعمل بالليزر (د.ب.أ)

ووفقاً لتقديرات أميركية، يمكن لسلاح الليزر تحييد الطائرات المسيّرة بتكلفة تبلغ نحو 4 دولارات لكل اعتراض، مقارنة بالتكلفة الأعلى بكثير لأنظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية الحالية.

ووصف وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، نشر المنظومة بأنه «لحظة تاريخية» تغيّر بشكل جذري مشهد التهديدات. وأكد كاتس أن المنظومة أصبحت جاهزة للعمل بشكل كامل، وأنها توجه رسالة واضحة إلى خصوم إسرائيل: «لا تتحدونا».

وقال أمير بارام، المدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية، إن تسليم المنظومة يمثل «بداية ثورة تكنولوجية» في مجال الدفاع الجوي.


نتنياهو يستعد لترمب بخطة بديلة في غزة... وتركيز على إيران

الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي لدى وصولهما إلى المؤتمر الصحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي لدى وصولهما إلى المؤتمر الصحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو يستعد لترمب بخطة بديلة في غزة... وتركيز على إيران

الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي لدى وصولهما إلى المؤتمر الصحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي لدى وصولهما إلى المؤتمر الصحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)

وسط زخم من التقديرات والتقارير والتسريبات الإسرائيلية عن حقيقة ما جرى إعداده في تل أبيب للقاء الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في منتجع مار آلاغو في ميامي، المقرر يوم الاثنين، اعتبرت مصادر سياسية إسرائيلية أن اللقاء بمثابة «معركة مصيرية أخرى»، يُبنى عليها مستقبل نتنياهو السياسي، ولكنها تنطوي على تمادٍ يجعله يحاول إقناع ساكن البيت الأبيض بلجم اندفاعه نحو تطبيق خطته السلمية في غزة.

وتبرز أزمة تباين في الأولويات بين طرفي اللقاء؛ إذ تقول مصادر سياسية إسرائيلية لموقع «والا» إن «الإدارة الأميركية منزعجة من نتنياهو وتتهمه بعرقلة خطة ترمب، لكن ترمب نفسه ما زال يؤمن به ويحتضنه وسيسعى إلى التفاهم معه وليس تأنيبه، وهو يضع قضية غزة في رأس أجندة اللقاء، رغم أن نتنياهو يحاول تغيير سلم الأولويات، ليبدأ بإيران».

وينقل المسؤولون الإسرائيليون عن نتنياهو أنه يعتقد أن «توجيه ضربة أخرى إلى إيران، خصوصاً إذا كانت ضربة إسرائيلية - أميركية مشتركة، ستفضي إلى نتائج أفضل في الاتفاق النووي المستقبلي وربما تضعضع النظام في طهران».

وحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن إيران توظف استثمارات هائلة في «حزب الله» و«حماس» حتى تجهض خطى ترمب. وتقول إن امتناعهما عن نزع السلاح يتم بتشجيع «الحرس الثوري».

استبدال خطة غزة

ووفق المصادر نفسها، سيقترح نتنياهو خريطة طريق تبرد ملف غزة، وتوقف «الاندفاع الظاهر لترمب نحو تطبيق خطته، وإبطاء وتيرة المسار، وحتى استبدال خريطة الطريق التي رسمت في البيت الأبيض بخريطة إسرائيلية تغير سلم الأولويات وتعدل الحدود». وحسب صحيفة «معاريف»، تقترح الخطة الإسرائيلية التي ستعرض على ترمب: سيطرة إسرائيلية، حتى 75 في المائة من أراضي القطاع (هي تسيطر حالياً حسب الاتفاق على 53 في المائة ومددتها إلى 58 بالمائة في الشهر الأخير)، إلى حين تتخلى (حماس) بشكل فعلي عن سلاحها.

خريطة لمراحل الانسحاب من غزة وفق خطة ترمب (البيت الأبيض)

بيد أن الرئيس ترمب يرى الأمور بشكل مختلف؛ فهو يرى أن التقدم في خطته في غزة سيعزل إيران ويشجعها على التقدم في الجهود الدبلوماسية.

وفي التقديرات الإسرائيلية، يعتبر ترمب أن قضية نزع السلاح مسارٌ يتم التقدم فيه رويداً رويداً، ويريد الانتقال فوراً إلى المرحلة الثانية مع التركيز على إعادة الإعمار، ويطلب من إسرائيل ألا تضع عراقيل في طريقه، والاستعداد لانسحاب آخر في غزة.

لهذا، تقول «يديعوت أحرونوت»، جند نتنياهو الجيش الإسرائيلي، الذي يخشى من أن تؤدي الاستجابة لمطالب ترمب إلى تآكل إنجازات الحرب. وسوف يصر على أن يوضع في رأس الاهتمام تثبيت الأمن الإسرائيلي القائم على «مفهوم جديد، يتضمن إضافة إلى المبادئ القديمة، دفاعاً متقدماً ووقائياً أيضاً. وسيطلب من الأميركيين إبداء تفهم وتأييد سياسي وعسكري في تنفيذ هذه المبادئ في كل الساحات». كما سيُحاول نتنياهو، وفق الصحيفة، أن يُلطف في محيط ترمب حدة نفوذ تركيا وقطر اللتين لهما ولزعيميهما مكانة مفضلة ونفوذ في البيت الأبيض.

حذر وقلق من المواجهة

ويدرك نتنياهو أن هذه الطروحات ستثير جدالاً بل وربما مواجهة بين نتنياهو وترمب وفريقه. ويكتب مراسل الشؤون الاستراتيجية في الصحيفة، رون بن يشاي، إنهم في القيادة الإسرائيلية يتذكرون المواجهة المهينة بين ترمب وبين رئيس أوكرانيا، فولوديمير زيلينسكي، في البيت الأبيض ويتحسبون من سيناريو محتمل «ينقلب» فيه ترمب على نتنياهو، ويتهم إسرائيل بنكران الجميل.

ترمب ونتنياهو يتصافحان في ختام مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض 29 سبتمبر 2025 (أ.ف.ب)

وتواصل الصحيفة: «يدركون أن الحاجة تتطلب حذراً شديداً في طرح المواقف الإسرائيلية، خصوصاً أن نتنياهو يحمل مطالب عدة في مجال العلاقات الثنائية، ومنها ضمان مساعدة الولايات المتحدة في الحفاظ على التفوق النوعي لإسرائيل في إطار خطة المساعدات الأمنية المتعددة للسنوات المقبلة، والتي تجري حولها مفاوضات بين الدولتين، وعبر فرض قيود مختلفة على توريد أسلحة حديثة لدول المنطقة».

وفي الشأن الإقليمي، يرى الإسرائيليون أنه «ما من شك في أن الموضوع التركي هو الآخر سيُطرح على النقاش في مار آلاغو. وفي حين سيقول نتنياهو إن هناك إجماعاً في إسرائيل على رفض أي تواجد عسكري تركي في غزة، وكذا في وسط وجنوب سوريا؛ لأن هذا التواجد يقيّد حرية العمل الإسرائيلية لإحباط التهديدات، فسيكون عليه أن يتوقع موقفاً معاكساً من ترمب. ويكون جاهزاً لتخفيف معارضته».

ويقدر الإسرائيليون أنه في لقاء القمة في مار آلاغو، سيطلب ترمب من نتنياهو تنازلات؛ بما في ذلك تنازلات من شأنها في سنة الانتخابات أن تغيظ «قاعدته الشعبية اليمينية». وعليه فمعقول الافتراض أن نتنياهو سيقاتل على كل نقطة. هذه لن تكون بالنسبة له نزهة على شاطئ البحر في فلوريدا.


تقرير إسرائيلي: زيادة عدد الراغبين في العمل بالخارج

53 % من الشركات أبلغت عن زيادة في طلبات نقل الموظفين الإسرائيليين (أ.ف.ب)
53 % من الشركات أبلغت عن زيادة في طلبات نقل الموظفين الإسرائيليين (أ.ف.ب)
TT

تقرير إسرائيلي: زيادة عدد الراغبين في العمل بالخارج

53 % من الشركات أبلغت عن زيادة في طلبات نقل الموظفين الإسرائيليين (أ.ف.ب)
53 % من الشركات أبلغت عن زيادة في طلبات نقل الموظفين الإسرائيليين (أ.ف.ب)

أظهر تقرير صدر، اليوم (الأحد)، أن عدد طلبات انتقال إسرائيليين يعملون في شركات متعددة الجنسيات في إسرائيل إلى الخارج ارتفع العام الماضي، نتيجة للحرب التي ​استمرت نحو عامين على حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في قطاع غزة.

ووفقاً لـ«رويترز»، خلصت جمعية الصناعات التكنولوجية المتقدمة في إسرائيل، المعروفة اختصاراً بالأحرف «آي إيه تي آي»، إلى أن 53 في المائة من الشركات أبلغت عن زيادة في طلبات نقل الموظفين الإسرائيليين، مشيرة إلى أن هذا «اتجاه قد يضر بمرور الوقت بمحرك الابتكار المحلي، والريادة التكنولوجية لإسرائيل».

ويساهم قطاع التكنولوجيا بنحو 20 في المائة من الناتج ‌المحلي الإجمالي لإسرائيل، ‌ويوفر 15 في المائة من فرص العمل، ‌كما ⁠يشكل ​أكثر من نصف ‌صادراتها.

وتستضيف إسرائيل فروعاً لمئات الشركات متعددة الجنسيات، من بينها: «مايكروسوفت»، و«إنتل»، و«إنفيديا»، و«أمازون»، و«ميتا»، و«أبل».

اضطرابات في سلاسل التوريد

وذكرت الجمعية في تقريرها السنوي، أن بعض الشركات متعددة الجنسيات تدرس نقل الاستثمارات والأنشطة إلى دول أخرى.

وأضاف التقرير: «في بعض الحالات، وجدت شركات واجهت اضطرابات في سلاسل التوريد بدائل خارج إسرائيل في أثناء الحرب، ⁠وعندما تثبت هذه البدائل فعاليتها، هناك خطر من عدم عودة النشاط بالكامل».

وأضاف التقرير ‌أيضاً أن هناك زيادة في الطلب على الانتقال لمواقع أخرى خارج إسرائيل ‍من مديرين تنفيذيين كبار وعائلاتهم؛ إذ تقدَّم مزيد من الموظفين لوظائف خارج إسرائيل.

لكن التقرير أشار إلى أن شركات متعددة الجنسيات تنظر إلى بيئة القطاع التكنولوجي الإسرائيلي من منظور طويل الأجل، وأن شركات كثيرة ازدهرت خلال الحرب.

قطاع التكنولوجيا «يثبت متانته»

وقالت الجمعية إن نحو ​57 في المائة من الشركات حافظت على أنشطة أعمال مستقرة طوال فترة الحرب، ووسَّعت 21 في المائة منها عملياتها في إسرائيل «⁠وهي بيانات تشير إلى استمرار الثقة في النشاط المحلي وبيئة الأعمال في إسرائيل، حتى في ظل ظروف تتسم بالضبابية».

وأبلغت 22 في المائة من الشركات عن أضرار لحقت بنشاطها خلال الحرب.

وقالت كارين ماير روبنشتاين، رئيسة الجمعية ومديرتها التنفيذية: «حتى خلال الحرب الصعبة، أثبت قطاع التكنولوجيا المتقدمة الإسرائيلي، بما في ذلك الشركات العالمية العاملة في إسرائيل، مرة أخرى، المتانة والقدرة على الريادة في الابتكار والإبداع».

وأضافت: «نعمل بلا كلل لضمان استمرار إسرائيل مركزاً جاذباً لنشاط الشركات متعددة الجنسيات».

وأشار تقرير الجمعية إلى المخاوف على القطاع، وقال: «دون اتخاذ خطوات فعالة من ‌جانب الدولة، لتهيئة استقرار تنظيمي وجيوسياسي، فهناك قلق بشأن التآكل التدريجي في استقرار النظام المحلي لبيئة الأعمال».