من الفطور إلى التمرين والنوم... هذه حقيقة أكثر المعتقدات الصحية انتشاراً

هل يعتبر الفطور حقاً الوجبة الأهم في اليوم؟ (رويترز)
هل يعتبر الفطور حقاً الوجبة الأهم في اليوم؟ (رويترز)
TT

من الفطور إلى التمرين والنوم... هذه حقيقة أكثر المعتقدات الصحية انتشاراً

هل يعتبر الفطور حقاً الوجبة الأهم في اليوم؟ (رويترز)
هل يعتبر الفطور حقاً الوجبة الأهم في اليوم؟ (رويترز)

هل يجب أن نهدف حقاً إلى السير 10 آلاف خطوة يومياً، أو شرب لترين من الماء، أو تجنب أكل اللحوم الحمراء؟ أيها حقيقة تستند إلى العلم والدراسات، وأيها أسطورة؟
في الواقع، أصبح الفهم الجماعي أكثر دقة مع كثرة الدراسات الطولية والمراجعات الوصفية التي تجعلنا أقرب إلى حقيقة ما هو مفيد لأجسامنا. وتناولت صحيفة «الغارديان» تقريراً أعدته بعض المعتقدات المنتشرة على نطاق واسع وما يقوله العلم بشأنها ما يساعد على اتخاذ قرارات صحية مستنيرة هذا العام.

«رفع الأثقال سيجعل المرأة ضخمة»
من الواضح أن هذا ليس صحيحاً، والدليل على ذلك رافعة الأثقال الأولمبية زوي سميث من فريق «جي بي»، التي لديها أكتاف أصغر من الملايين من الرجال الذين كانت تتفوق عليهم بسهولة.

مع ذلك، يجب التنبه إلى وجود طريقتين رئيسيتين لزيادة القوة البدنية:
الأولى هي التي يقوم بها لاعبو كمال الأجسام، والتي تؤدي إلى تضخيم الجسم، وتتمثل بزيادة حجم ألياف العضلات الفردية. حيث يقوم لاعبو كمال الأجسام بتكرار الحركة لمرات عدة في كل مجموعة من التمارين، ورفع الأوزان إلى أن تفشل عضلاتهم، كما يستخدمون الحيل التدريبية لاستنفاد أليافهم بشكل أكبر.
أما الطريقة الثانية هي التي يلجأ إليها الرياضيون، فترتكز على رفع أوزان أثقل لعدد أقل من التكرارات إضافة إلى تجنب الفشل العضلي.

«الفطور هو الوجبة الأهم في اليوم»
هذه معلومة شائكة، إلا أن توقيت الوجبات يعتبر عاملاً مهماً في فقدان الوزن. ووجدت إحدى الدراسات التي أجريت على نساء يعانين من الوزن الزائد أن أولئك الذين تناولوا وجبة فطور كبيرة شهدوا خسارة أكبر في الوزن ونحافة في محيط الخصر مقارنة بالمجموعة الأخرى التي تناولت وجبة إفطار منخفضة السعرات الحرارية وعشاء أكبر، حتى عندما تم التحكم في السعرات الحرارية الإجمالية.
كما وجدت بعض الدراسات أن تناول المزيد من السعرات الحرارية في وقت مبكر من اليوم يمكن أن يكون له فوائد على الأيض في الجسم. لكن الخلاصة التي توصل إليها التقرير، هي أن الفطور مهم إذا كان الشخص يستمتع به، أو يساعد على اتباع نظام غذائي متوازن، وقد يؤدي تخطيه إلى تأثيرات متفاوتة على الشهية والوزن والطاقة لأشخاص مختلفين.
وتالياً إذا كان الشخص يكتفي بتفاحة وفنجان من القهوة في الصباح من دون الإفراط في تناول الطعام في وقت متأخر من الليل، فليستمر بذلك، أما إذا كان الشخص يميل إلى أكل كميات أكبر في المساء بسبب عدم تناول وجبة غنية في السعرات الحرارية على الفطور فعليه إذن تغيير عاداته الغذائية.

«يجب أن تمشي 10000 خطوة في اليوم»
هذا الرقم لم يعتمد على أي علم عندما ظهر لأول مرة في الستينيات، لكنه قد يكون نصيحة جيدة.

وجدت دراسة صدرت في عام 2022 أن المشي قد يقلل من خطر الوفاة المبكرة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان، كما وجدت دراسة أخرى نتائج مماثلة على الخرف مع أقل من 3800 خطوة في اليوم أثبتت فعاليتها.

«8 ساعات من النوم»
في حين يحتاج البعض إلى 8 ساعات من النوم، يحتاج البعض الآخر لسبع ساعات. ويبدو أن مارغريت تاتشر اكتفت بأربع ساعات من النوم فقط، في حين قد ينام الآباء والجدد لوقت أقل من ذلك حتى.
ولكن في واحدة من أكبر دراسات النوم على الإطلاق، التي تم إطلاقها في عام 2017، كان أداء المشاركين الذين أبلغوا عن النوم لمدة سبع إلى ثماني ساعات أفضل من الناحية المعرفية من أولئك الذين ناموا أكثر أو أقل من ذلك، بغض النظر عن العمر.

ويمكن أن تؤثر قلة النوم أيضاً على إنتاج هرمون التستوستيرون لدى الشباب، وتشير مراجعة للدراسات المنشورة في عام 2010 إلى أنه يمكن أن تزيد من مخاطر الوفيات الناجمة عن جميع الأسباب.
لكن لن تساعد تلك الدراسات إذا كان الشخص يتقلب في السرير من دون جدوى. يقول ستيف ماغنس، مؤلف كتاب «افعل الأشياء الصعبة»: «ضع روتيناً».
إذا كررنا الأشياء في كثير من الأحيان بما فيه الكفاية، فإن الدماغ والجسم يكتشفان ذلك ويقومان بمزامنة الإفرازات الهرمونية والكيميائية العصبية تحسباً لهذا الحدث وينطبق الشيء نفسه على النوم.

«يجب تناول خمس حصص من الفاكهة والخضار يومياً»
خبر سيئ إذا لم تكن تفعل هذا بالفعل: خمسة قد تكون في الواقع الحد الأدنى.
ووجدت العديد من الدراسات أن هذا العدد تقريباً مرتبط بتحسين الصحة، ولكن هناك أيضاً دليل على أن ما يصل إلى 10 حصص يومياً من هذه الأطعمة يمكن أن يكون مفيداً.

بشكل عام، أولئك الذين يستهلكون المزيد من الفاكهة والخضراوات لديهم مخاطر أقل فيما يتعلق بالتدهور المعرفي والخرف ومرض السكري، وقد يساعدهم ذلك في خفض مستويات التوتر.

«اشرب لترين من الماء يومياً»
بشرى سارة لأي شخص سئم بالفعل من الذهاب إلى المرحاض عشر مرات يومياً، الترطيب مهم لكن التوصية بشرب لترين من الماء يومياً لا تستند إلى العلم.
وذكر كتاب لاختصاصي التغذية الرائد في الولايات المتحدة الدكتور فريدريك جيه ستير: «ما هي كمية الماء كل يوم؟ عادة ما يتم تنظيم هذا بشكل جيد من خلال آليات فسيولوجية مختلفة، ولكن بالنسبة للبالغين العاديين، في مكان ما حوالي ستة إلى ثمانية أكواب لكل 24 ساعة، ويمكن أن يكون ذلك في شكل قهوة، شاي، حليب إلخ. هي أيضاً مصادر جيدة للمياه».

تمارين المعدة ستمنحك «six - pack»
تقول المدربة الشخصية وعالمة الرياضة إيما ستوري: «من المنطقي نوعاً ما أنك إذا كنت ترغب في بناء عضلات بطنك، فستقوم بتمارين نموذجية للعضلات مثل تمارين البطن ولكن الحقيقة هي أنه سواء كان لديك عضلات بطن مرئية أم لا، فإن ذلك له علاقة بمستويات الدهون في جسمك والمكان الذي تكون فيه عرضة لتخزين الدهون أكثر من عدد التمارين التي تقوم بها».

«الحميات الغذائية تبطئ عملية الأيض»
من الأمور التي نسمعها دائماً هي أن تناول نظام غذائي منخفض السعرات الحرارية أو حتى الصيام، سيضع الجسم تحت ما يعرف بـ«نظام المجاعة» (starvation mode)، حيث يبطئ الجسم عملية الأيض كوسيلة لمنعك من فقدان المزيد من الوزن.
يقول الخبراء: «قد تكون هناك تغييرات طفيفة في معدل الأيض لشخص ما عندما يفقد وزنه أو يتبع نظاماً غذائياً، «يطلق عليه التوليد الحراري التكيفي، وهي عملية يقلل خلالها الجسم من إنتاجه للحرارة من أجل الحفاظ على الطاقة». قد تفسر هذه الظاهرة لماذا يواجه بعض الأشخاص صعوبة في الحفاظ على الوزن، أو حتى استعادة الوزن بعد اتباع نظام غذائي.

«اللحوم الحمراء مضرة»
غالباً ما يُنصح بعدم تناول اللحوم الحمراء لأنها تحتوي على الكثير من الدهون المشبعة، وأظهرت العديد من الدراسات وجود ارتباط بين تناول كميات كبيرة من اللحوم الحمراء وزيادة خطر الإصابة بسرطان البروستاتا وأمراض القلب،

ولكن يُعتقد الآن على نطاق واسع أن الارتباط بين اللحوم الحمراء ومخاطر الإصابة بالأمراض قد يكون مرتبكاً، لأن العديد من الدراسات لا تميز بين اللحوم المصنعة كلحم الخنزير المقدد والنقانق والبرغر واللحوم الباردة، واللحوم الحمراء غير المصنعة.



«الأكل العاطفي» تُحوّله الحرب إعلاناً للحياة... ولا تغفر مبالغاته

تتدخّل الشهية في محاولة ترميم ما يتجوَّف (آدوب ستوك)
تتدخّل الشهية في محاولة ترميم ما يتجوَّف (آدوب ستوك)
TT

«الأكل العاطفي» تُحوّله الحرب إعلاناً للحياة... ولا تغفر مبالغاته

تتدخّل الشهية في محاولة ترميم ما يتجوَّف (آدوب ستوك)
تتدخّل الشهية في محاولة ترميم ما يتجوَّف (آدوب ستوك)

يقصد عيادةَ اختصاصية التغذية اللبنانية، فيرا متّى، مواظبون على خطط غذائية تقي ويلات؛ منها السكّري. هؤلاء، في معظمهم، لم يغادروا المنازل نحو سقوف تتراءى آمنة من التوحّش المُعادي. في مقابلهم، يُفرِط كثيرون في تناول الطعام لسدّ حاجة إلى امتلاء تفرضه فراغات مؤلمة. لطالما تأكّدت العلاقة الشائكة بين المعدة والعالم الخارجي، وبدا وثيقاً الرابط بين الطعام والظرف. هذه أيامٌ مضطربة. جَرْفٌ من النزوح والخوف وفوضى الوقت. لذا تتدخّل الشهية في ترميم ما يتجوَّف. وتمنح بعض الأصناف اللذيذة شعوراً بالسكينة. فماذا يحدُث لدواخلنا، وهل النجاة حقاً بالأكل؟

اختصاصية السلوك الغذائي والتغذية العيادية الدكتورة فيرا متّى (حسابها الشخصي)

ينطبق وَصْف «ستريس إيترز (الأكل العاطفي)» على ملتهمي الطعام الملوَّعين بالمآسي. تقول اختصاصية السلوك الغذائي والتغذية العيادية، الدكتورة فيرا متّى، إنهم يشاءون مما يتناولونه الإحساس بواقع أفضل. تتحدّث لـ«الشرق الأوسط» عن وَقْع الاضطراب في الأجساد والنفوس، فتتصدّى له، عموماً، أصناف المأكولات وكمّياتها: «تاركو المنازل يتابعون النقل المباشر للحرب دون انقطاع. يتفاقم توتّرهم وينمو الشعور بعدم الأمان. ذلك يعزّز هرمونات تشتهي أنواع السكّر، وقد تتعدّى الرغبةُ الحلويات إلى الأملاح، دفعةً واحدة، دون فاصل أو استراحة أضراس».

تحسم تبدُّل العادات الغذائية أو تأثّرها في أقل تقدير. فغذاء النازح غالباً «غير صحّي»، ويُعمّق سوءه «النوم المتقطّع، والروتين المستجدّ». تشرح: «ضرر ذلك على الأطفال الحدّ من نموّهم الفكري والجسدي، بينما يمسُّ هرمون الكورتيزول المُسبِّب تكوُّن الدهون على بطن الكبار، فتتحقّق زيادة الوزن وإن قلَّ التهام الطعام جراء اضطراب النوم والتوتّر العالي. هنا، يتحوّل كل ما يدخل الفم إلى دهون لإصابة هذا الهرمون بالارتفاع اللافت مُحوطاً بعوامل تُصعِّب انخفاضه».

تستوقفها وضعية التغذية المستجدّة، لتراوحها بين القلّة والسوء: «قد يحضُر الطعام على شكل معلّبات مثلاً. هذه طافحة بالصوديوم والسكّر المُضاف، وتحتوي مواد كيميائية تُسبّب السرطان على المدى الطويل. بذلك، لا يعود نقصُ الطعام مُسبِّبَ المرض؛ وإنما سوءه».

غذاء النازح غالباً غير صحّي ويُعمّق سوءه النوم المتقطّع (أ.ف.ب)

ما يُفعِّل تناقُل الأمراض، وفق فيرا متّى، «الطعام غير المحفوظ جيداً». تتحدّث عن حالات بكتيرية تتمثّل في عوارض؛ منها التقيّؤ واضطراب الأمعاء، لغياب الثلاجات أو انقطاع الكهرباء. «ذلك يُخفّض المناعة وينشر الأوبئة، خصوصاً بين الأطفال. أما الكبار فيفاقمون مشكلات السكّري والشرايين والكولسترول وتشحُّم الكبد إنْ عانوها».

تعطي نسبة 20 في المائة فقط، من بين مَن تابعتْ حالتهم الغذائية، لمن لا يزالون يلتزمون نظامهم الصحّي. آخرون لوَّعهم السكّري، فازدادوا لوعة، وضخَّم تبدُّلُ غذائهم معاناتهم مع الأمراض. من دورها العيادي، تحاول إعادة أمور إلى نصابها: «نركّز اليوم على السلامة الغذائية، وكيفية تعامُل النازحين مع واقعهم الصحّي. دورنا توعوي. علينا الحدّ من التسمُّم، فأزمة الدواء لم تُحلّ، والمستشفيات توفّر استيعابها للجرحى. لا بدّ من تفادي تحميلها أعباء إضافية».

تفترض إخضاع اللبنانيين لفحص يختبر انجراف معظمهم خلف «الأكل العاطفي»، وتضمن النتيجة: «قلة فقط ستكون خارج القائمة». تصوغ معادلة هذه الأيام: «تلفزيون وبرادات. الالتهام فظيع للأخبار والمأكولات. لا شيء آخر. نحاول جَعْل هذا البراد صحّياً».

إنها الحرب؛ بشاعتها تفرض البحث عن ملاذ، ومطاردة لحظة تُحتَسب، والسعي خلف فسحة، فيتراءى الطعام تعويضاً رقيقاً. بالنسبة إلى اختصاصية التغذية، إنه «إحساس بالامتلاء وبأنّ مَن يتناوله لا يزال حياً». تحت قسوة هذه الأيام ومُرّها، لا يعود الإحساس بالذنب المُرافق للإفراط في تناوله، هو الغالب... «يتراجع ليتقدّم الشعور بالنجاة. مساعي البقاء تهزم فكرة الكيلوغرامات الزائدة. بإمكان الأكل العاطفي إتاحة المساحة للراحة والسعادة. ذلك يسبق تسبّبه في ثقل وزيادة الوزن. بتحقّقهما، يلوح الذنب، وإنما في مرحلة لاحقة، بعد بهجة الامتلاء الداخلي».

ضرر سوء الغذاء على الأطفال يمسّ بنموّهم الفكري والجسدي (د.ب.أ)

تتفهّم الحاجة إلى اللحاق بكل ما يُعزّي والتشبُّث به. الطعام يتقدَّم. ترى أن لا أحد مخوَّلاً تقديم نصيحة لنازح من نوع «اضبط شهيتك بينما القصف في جوارك». برأيها، «يكفي الخوف وحده شعوراً سيئاً». يهمّها «الحدّ من نتائج كارثية ستظهر بوضوح بعد الحرب»، مُفضِّلة الاستعانة بالتمر مثلاً بدل «القضاء على علبة شيكولاته» والقهوة البيضاء لتقليص ضخّ الكافيين.

وتنصح بالتنفُّس والرياضة، فهما «يهدّئان هرمون الأعصاب»، وبالنظافة بما «تشمل غلي الماء قبل استعماله حال الشكّ في مصدره». تضيف: «الاستغناء عن تناول دجاج ولحوم أُبقيت مدّة خارج الثلاجة، لاحتمال فسادها، على عكس الحمّص والصعتر، مثلاً، القابلَيْن لعمر أطول». أما الحصص الغذائية، فالمفيد منها «التونة والسردين والأرز والمعكرونة وزيت الزيتون، ولا بأس بمعلّبات البازلاء والذرة بديلاً للخضراوات. يُفضَّل استبعاد اللحوم المصنّعة. الحليب المجفَّف جيّد أيضاً لغياب الطبيعي».