تدهور العلاقات بين باريس وواغادوغو... ووصول «فاغنر» يزيد من تأزمها

بوركينا فاسو تطلب ترحيل السفير الفرنسي

الكابتن إبراهيم تراوريه زعيم الانقلابيين في بوركينا فاسو بصورة تعود إلى 15 أكتوبر 2022 (أ.ب)
الكابتن إبراهيم تراوريه زعيم الانقلابيين في بوركينا فاسو بصورة تعود إلى 15 أكتوبر 2022 (أ.ب)
TT

تدهور العلاقات بين باريس وواغادوغو... ووصول «فاغنر» يزيد من تأزمها

الكابتن إبراهيم تراوريه زعيم الانقلابيين في بوركينا فاسو بصورة تعود إلى 15 أكتوبر 2022 (أ.ب)
الكابتن إبراهيم تراوريه زعيم الانقلابيين في بوركينا فاسو بصورة تعود إلى 15 أكتوبر 2022 (أ.ب)

كثيرة نقاط التشابه بين مالي وبوركينا فاسو. فالبلدان الجاران الواقعان في منطقة الساحل الأفريقي عرف كلاهما انقلابين عسكريين متلاحقين. وكلاهما يعاني من تغلغل التنظيمات الإرهابية وأهمها اثنان، هما «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» و«نصرة الإسلام والمسلمين». والأهم من ذلك أن العلاقات التي تربط باماكو وواغادوغو متدهورة مع فرنسا، الدولة المستعمرة السابقة التي لديها مصالح سياسية واقتصادية وأمنية مع بلدان الساحل كافة.
ففي مالي، اضطرت باريس الصيف الماضي إلى سحب قوتها العسكرية المسماة «برخان» المرابطة في هذا البلد منذ عام 2014؛ لغرض المساعدة على محاربة واحتواء التنظيمات الإرهابية بعد أن تدهورت علاقاتها مع المجلس العسكري الحاكم في باماكو، عقب انقلابين عسكريين في أقل من عام، ووصول عناصر من ميليشيات «فاغنر» الروسية إلى هذا البلد.
ويبدو أكثر فأكثر أن العلاقات الفرنسية مع بوركينا فاسو سائرة على الطريق نفسه.
بيد أن اكتناه التطورات السلبية الحاصلة بين باريس وواغادوغو يتطلب التذكير بالانقلابين العسكريين اللذين حصلا بين 24 يناير (كانون الثاني) و30 سبتمبر (أيلول) الماضيين.
ففي التاريخ الأول، وبحجة عجز الحكومة القائمة عن محاربة الإرهاب، وخروج أراضٍ واسعة من البلاد عن سيطرة الدولة، قام الكولونيل داميبا بانقلاب عسكري أطاح بالرئيس كريستيان كابورا، إلا أنه لم «ينعم» بمقاليد السلطة إلا لوقت قصير، إذ إن الكابتن إبراهيم تراوريه أطاح به بعد تسعة أشهر فقط، الأمر الذي دفعه، وفق المعلومات المتوافرة، إلى اللجوء إلى لوميه، عاصمة توغو.
وتذرع تراوريه بالحجة نفسها التي اختبأ وراءها داميبا، وهي استقواء حركات التمرد ومواصلة هجماتها في الشمال والشمال الشرقي ضد الجيش الوطني وضد المدنيين، لا بل إنها تلجأ إلى التطهير العرقي.
وتفيد أرقام الأمم المتحدة بأن ما لا يقل عن ألفي شخص قُتلوا على أيدي هذين التنظيمين وأن نحو مليوني شخص اضطروا إلى الهرب واللجوء إلى مناطق أكثر أمناً؛ هرباً من مناطق الشمال والشمال الشرقي، أي قريباً من الحدود المالية والنيجرية ومما يسمى «المثلث الحدودي» للدول الثلاث المعنية.
وبحسب المعلومات المتوافرة، فإن نحو 40 في المائة من أراضي بوركينا فاسو تعد اليوم خارجة عن سلطة الدولة.
حقيقة الأمر أن هذين التنظيمين وسّعا أنشطتهما الإرهابية. فليلة رأس السنة، عُثر على 28 جثة شرق البلاد قُتلوا رمياً بالرصاص، بينهم عديد من القصر. ويوم الإثنين قبل الماضي، توفي عشرة قتلى بانفجار قنبلة وُضعت إلى جانب الطريق لدى مرور حافلة للركاب. وقبل ذلك بيومين، سقط جنديان وستة مدنيين وجرح خمسة آخرون شرق البلاد، الأمر الذي يبين الحالة الأمنية المتدهورة التي تمر بها بوركينا فاسو.
وتسعى السلطة المنبثقة من الانقلاب العسكري الثاني إلى تعبئة السكان في إطار ما تسميه «توحيد العمل في مكافحة الإرهاب» الذي وسّع أنشطته منذ عام 2015.
وعملياً، تعمد السلطات إلى تسليح المدنيين في مناطق انتشار أفراد من التنظيمين الإرهابيين الرئيسيين. والحال أن بياناً صادراً عن منظمة «تجمع مناهضة الإفلات من العقاب ووصم المجتمعات» ندد بـ«التجاوزات التي تستهدف السكان المدنيين»، مضيفاً أن «المسلحين الذين يزعمون بأنهم متطوعون من أجل الدفاع عن الوطن منخرطون بحرية في نهب منظم وتجاوزات تستهدف السكان المدنيين على خلفية التنميط العنصري».
هذه التطورات تشكل مصدر قلق كبير لفرنسا التي لها قاعدة عسكرية في بوركينا فاسو، تضم 300 عنصر من القوات الخاصة التي يقوم دورها على المساعدة في محاربة التنظيمات الإرهابية. لكن السلطات في واغادوغو ترفض الاعتراف بالواقع.
ففي 23 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أصدرت الحكومة مذكرة اعتبرت فيها أن مبعوثة الأمم المتحدة برباره مانزي، «شخصاً غير مرغوب فيه»؛ لأنها عبرت علناً عن قلقها إزاء توسع التنظيمين الإرهابيين. وما جرى لها حصل أيضاً لسفير فرنسا لوك هالاد، حيث تفيد المعلومات المتوافرة في باريس بأن وزارة الخارجية في واغادوغو بعثت برسالة رسمية لنظيرتها في باريس تطلب فيها استدعاء هالاد وتعيين سفير آخر مكانه.
ويبدو أن سبب حنق واغادوغو أن السفير «ألحّ» على الرعايا الفرنسيين المقيمين في مدينة كودوغو (ثالث كبريات المدن وتقع في منتصف البلاد) بالرحيل عنها لأسباب أمنية.
وجاء في رسالة السفير أن المدينة المذكورة أدرجت نهاية سبتمبر الماضي ضمن «المناطق ذات اللون الأحمر» في خريطة الخارجية الفرنسية، أي بالتوازي مع حصول الانقلاب العسكري الثاني. وبحسب السفير، فإن البقاء فيها «يعني التعرض لمخاطر كبيرة».
لم تتوقف أخطاء لوك هالاد عند هذا الحد، فقد أوردت صحيفة «لو موند» المستقلة أن الأخير، في شهادة له أمام أعضاء من مجلس الشيوخ، اعتبر أن ما يجري في بوركينا فاسو «صراع داخلي» و«حرب أهلية»، الأمر الذي دفع وزارة الخارجية في واغادوغو إلى تنبيهه من «القراءة الخاطئة» للوضع في البلاد، حيث تنفي السلطات وجود حرب أهلية، وتعتبر أن ما تواجهه هو «حرب على الإرهاب».
وسبق للعلاقات بين باريس وواغادوغو أن شهدت توتراً قبل ثلاثة أشهر عندما اتُّهمت فرنسا بـ«إيواء» الكولونيل المخلوع داميبا في قاعدتها العسكرية القريبة من العاصمة، الأمر الذي نفته باريس. لكن هذا النفي لم يمنع سير المظاهرات المعادية لفرنسا في شوارع العاصمة.
وثمة عنصر شبه آخر مع كالي. ففي 14 من الشهر الماضي، أكد نانا أكوفو أدو، رئيس جمهورية غانا، وجود عناصر من ميليشيات «فاغنر» الروسية في بوركينا فاسو، وأن اتفاقاً حصل بينها والسلطة العسكرية التي وصفت ما صدر عن الرئيس الغاني بأنه «أمر بالغ الخطورة» بمعنى أن «لا صحة له»، لكن الأخير لم يتراجع عنه وبالتالي ثمة صعوبة في تأكيد أو نفي هذا الخبر.
وفي أية حال، فإن الحديث عن تدهور الأوضاع الداخلية في البلاد يعد، من جانب السلطة العسكرية، بمثابة بث إشاعات خاطئة يراد منها الإساءة إلى السلطة الجديدة التي تحكم البلاد، واعتبارها عاجزة عن الوفاء بوعودها. وكما عمدت باماكو إلى طرد السفير الفرنسي نهاية العام الماضي، كذلك فعلت واغادوغو حين طلبت من الخارجية الفرنسية استدعاء سفيرها.
وحتى اليوم، ما زالت العلاقات متوترة بين الطرفين، وإذا ذهبت إلى حد سحب القوة الفرنسية وقطع العلاقات، فإن ذلك سيعد «نكسة» لباريس التي تشكو من تراجع نفوذها في أفريقيا بينما نفوذ الأطراف المنافسة (الصين، تركيا، الولايات المتحدة وروسيا) يتعزز.


مقالات ذات صلة

«مذبحة الكرمة» تفاقم الوضع الأمني في بوركينا فاسو

العالم «مذبحة الكرمة» تفاقم الوضع الأمني في بوركينا فاسو

«مذبحة الكرمة» تفاقم الوضع الأمني في بوركينا فاسو

بدأت بوركينا فاسو التحقيق في «مذبحة» وقعت في قرية الكرمة شمال البلاد، أسفرت عن مقتل عشرات المدنيين، بينهم نساء وأطفال، على أيدي مسلحين يرتدون زي القوات المسلحة البوركينابية. وقُتل نحو 136 شخصاً في الهجوم، الذي وقع في 20 أبريل (نيسان) واتَّهم فيه مواطنون قوات الجيش بالمسؤولية عنه، لكنّ مسؤولين قالوا إن «مرتكبي المذبحة إرهابيون ارتدوا ملابس العسكريين»، في حين ندّدت الحكومة بالهجوم على القرية، في بيان صدر في 27 أبريل، دون ذكر تفاصيل عن الضحايا، قائلة إنها «تواكب عن كثب سير التحقيق الذي فتحه المدعي العام للمحكمة العليا في واهيغويا، لامين كابوري، من أجل توضيح الحقائق واستدعاء جميع الأشخاص المعنيين»

محمد عبده حسنين (القاهرة)
العالم الحرب على الإرهاب في بوركينا فاسو... مقتل 33 جندياً و40 إرهابياً

الحرب على الإرهاب في بوركينا فاسو... مقتل 33 جندياً و40 إرهابياً

أعلن الجيش في بوركينا فاسو أن 33 من جنوده قتلوا في هجوم نفذته مجموعة إرهابية على موقع عسكري، يقع في شرق البلاد، وذلك في آخر تطورات الحرب الدائرة على الإرهاب بهذا البلد الأفريقي الذي يعاني من انعدام الأمن منذ 2015. وقال الجيش في بيان صحافي إن مجموعة من المسلحين هاجمت فجر الخميس موقعاً عسكرياً في منطقة أوجارو، شرق البلاد، على الحدود مع دولة النيجر، وحاصروا وحدة من الجيش كانت تتمركز في الموقع، لتقع اشتباكات عنيفة بين الطرفين. وأعلن الجيش أن الحصيلة تشير إلى مقتل 33 جندياً وإصابة 12 آخرين، لكنهم في المقابل قتلوا ما لا يقلُّ عن 40 من عناصر المجموعة الإرهابية التي ظلت تحاصرهم حتى وصلت تعزيزات فكت عن

الشيخ محمد (نواكشوط)
العالم بوركينا فاسو: العنف يحصد مزيداً من الضحايا رغم «التعبئة العامة»

بوركينا فاسو: العنف يحصد مزيداً من الضحايا رغم «التعبئة العامة»

على الرغم من إعلان المجلس العسكري الحاكم في بوركينا فاسو «تعبئة عامة» لمنح الدولة «الوسائل اللازمة» لمكافحة الإرهاب، تزايدت الجماعات المسلحة في الأسابيع الأخيرة، والتي يتم تحميل مسؤوليتها عادة إلى مسلحين مرتبطين بتنظيمي «القاعدة» و«داعش». وتشهد بوركينا فاسو (غرب أفريقيا)، أعمال عنف ونشاطاً للجماعات المتطرفة منذ 2015 طالها من دولة مالي المجاورة. وقتل مسلحون يرتدون أزياء عسكرية في بوركينا فاسو نحو 60 شخصاً، بحسب مصدر قضائي، الاثنين، ذكر لوكالة «الصحافة الفرنسية»، نقلاً عن جهاز الشرطة، أن «الهجوم وقع (الخميس) في قرية كارما في شمال إقليم ياتنغا»، مضيفاً أن المسلحين «استولوا» على كميات من البضائع ا

العالم بوركينا فاسو: العنف يحصد مزيداً من الضحايا رغم «التعبئة العامة»

بوركينا فاسو: العنف يحصد مزيداً من الضحايا رغم «التعبئة العامة»

على الرغم من إعلان المجلس العسكري الحاكم في بوركينا فاسو «تعبئة عامة» لمنح الدولة «الوسائل اللازمة» لمكافحة الإرهاب، تزايدت الهجمات المسلحة في الأسابيع الأخيرة، التي يتم تحميل مسؤوليتها عادة إلى مسلحين مرتبطين بتنظيمي «القاعدة» و«داعش». وتشهد بوركينا فاسو (غرب أفريقيا)، أعمال عنف ونشاطاً للجماعات المتطرفة منذ 2015 طالاها من دولة مالي المجاورة. وقتل مسلحون يرتدون أزياء عسكرية في بوركينا فاسو نحو 60 شخصاً، حسب مصدر قضائي (الاثنين) ذكر لوكالة الصحافة الفرنسية، نقلاً عن جهاز الشرطة، أن الهجوم وقع (الخميس) في قرية كارما شمال إقليم ياتنغا، مضيفاً أن المسلحين «استولوا» على كميات من البضائع المتنوعة خ

أفريقيا مقتل 60 مدنياً بهجوم في شمال بوركينا فاسو

مقتل 60 مدنياً بهجوم في شمال بوركينا فاسو

قال مسؤول من بلدة أواهيجويا في بوركينا فاسو، أمس الأحد، نقلاً عن معلومات من الشرطة إن نحو 60 مدنياً قُتلوا، يوم الجمعة، في شمال البلاد على أيدي أشخاص يرتدون زي القوات المسلحة البوركينية. وأضاف المدعي العام المحلي لامين كابوري أن تحقيقاً بدأ بعد الهجوم على قرية الكرمة في إقليم ياتنجا في المناطق الحدودية قرب مالي وهي منطقة اجتاحتها جماعات إسلامية مرتبطة بـ«القاعدة» وتنظيم «داعش» وتشن هجمات متكررة منذ سنوات. ولم يذكر البيان مزيداً من التفاصيل بشأن الهجوم، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء. وذكرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في مارس (آذار) أن هجمات الجماعات المسلحة على المدنيين تصاعدت منذ عام 2022 ب

«الشرق الأوسط» (واغادوغو)

تونس: «عملية بيضاء» ضد الهجمات الإرهابية والتهريب على حدود ليبيا

اجتماع مجلس الأمن القومي يبحث ملفات التهريب والجريمة المنظمة والمهاجرين غير النظاميين (موقع الرئاسة التونسية)
اجتماع مجلس الأمن القومي يبحث ملفات التهريب والجريمة المنظمة والمهاجرين غير النظاميين (موقع الرئاسة التونسية)
TT

تونس: «عملية بيضاء» ضد الهجمات الإرهابية والتهريب على حدود ليبيا

اجتماع مجلس الأمن القومي يبحث ملفات التهريب والجريمة المنظمة والمهاجرين غير النظاميين (موقع الرئاسة التونسية)
اجتماع مجلس الأمن القومي يبحث ملفات التهريب والجريمة المنظمة والمهاجرين غير النظاميين (موقع الرئاسة التونسية)

في الوقت الذي أُعلن فيه عن استعداد حكومات تونس والجزائر وليبيا لعقد قمة ثلاثية مصغرة جديدة في ليبيا لمناقشة ملفات التنسيق الأمني والسياسي والاقتصادي، كشفت المواقع الرسمية التابعة لوزارة الداخلية التونسية أن وزير الدولة للأمن الوطني سفيان بالصادق، وعدداً من كبار المسؤولين الأمنيين، أشرفوا في المنطقة الحدودية الصحراوية التونسية - الليبية على «عملية أمنية بيضاء» ضد هجمات إرهابية، وعصابات الجريمة المنظمة، وبينها عصابات تهريب المخدرات والبشر والسلع.

وزير الدولة للأمن يدشن غرفة عمليات أمنية في المنطقة الحدودية التونسية - الليبية (الداخلية التونسية)

كما شملت العملية البيضاء محاولة اقتحام مؤسسة أمنية في هذه الجهة التي شهدت خلال العشرية الماضية تهريب كميات من السلاح ومجموعات من الإرهابيين وأفواج من المهاجرين الأفارقة غير النظاميين.

وأوضح بلاغ السلطات الأمنية أن وزير الدولة للأمن الوطني أشرف بالمناسبة، مع عدد من مساعديه، على عمليات تفقد في محافظة تطاوين الصحراوية في أقصى الجنوب التونسي.

كما دشن بالمناسبة «قاعة العمليات» في مقر إقليم الحرس الوطني في المحافظة، وتفقد فرقة الحدود البرّية للحرس الوطني في منطقة رمادة المجاورة لليبيا والقريبة من الحدود الشرقية مع الجزائر، إلى جانب عدد من النقاط الأمنيّة والمعبر الحدودي الصحراوي التونسي - الليبي بالقرب من مدينة الذهيبة.

«مجلس الأمن القومي»

تزامنت هذه التحركات الأمنية مع اجتماع جديد لمجلس الأمن القومي عُقد في قصر الرئاسة في قرطاج بإشراف الرئيس قيس سعيد، وحضور أبرز كوادر الدولة والقوات المسلحة المدنية والعسكرية...

وأُعلن في أعقاب هذا الاجتماع عن قرار بترفيع التعبئة الأمنية للتصدي للجريمة المنظمة وكبار المسؤولين عن شبكات التهريب والفساد وترويج المخدرات، بعد نجاح خطة إيقاف مئات المتهمين في هذه الجرائم، وخاصة في الاتجار غير المشروع في البشر والمؤثرات العقلية من حشيش وكوكايين و«حبوب هلوسة».

في سياق متصل، أعلنت صفحتا رئاسة الجمهورية ووزارة الداخلية عن جلسة عمل بين الرئيس سعيد ووزير الداخلية خالد النوري تناولت نفس الملفات، وأعلنتا عن متابعة تنفيذ خطة تتبع كبار المتهمين بالتهريب والمخدرات وشبهات الفساد، خاصة في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية الحساسة مثل زيت الزيتون.

وزير الدولة للأمن ومدير عام الحرس الوطني يتابعان «عملية بيضاء» ضد إرهابيين ومحاولات اقتحام مقرات أمنية (موقع وزارة الداخلية التونسية)

كما كانت هذه القضايا محور جلسة عمل عقدها الرئيس سعيد مع رئيس حكومته كمال المدوري المكلف خاصة بملفات الأمن الاجتماعي والاقتصادي والأمن السياسي.

إيقافات جديدة

وكانت الأيام القليلة الماضية شهدت إيقافات بالجملة شملت مسؤولين حكوميين ومن القطاع الخاص ذي العلاقة بالمؤسسات التابعة للدولة في قطاعات النقل والزراعة، وخاصة مؤسسات زيت الزيتون بعد زيارة «غير معلنة مسبقاً» قام بها الرئيس سعيد إلى واحدة من أكبر مزارع الزيتون الحكومية في محافظة صفاقس الساحلية وسط البلاد.

وشملت الإيقافات وزير الزراعة سابقاً والأمين العام السابق للحزب الشيوعي التونسي (حزب المسار) سمير بالطيب، وعدداً من أبرز المشرفين على «ديوان الأراضي الدولية» وعلى قطاع إنتاج زيت الزيتون وتصديره، بينهم رئيس أكبر مؤسسة اقتصادية زراعية في المحافظة وعدد من نوابه، والذي يرأس كذلك فريق النادي الرياضي الصفاقسي، أحد أبرز فرق كرة القدم التونسية.

كما تقررت تغييرات على رأس شركة الطيران الحكومية وقطاع النقل والخدمات.

وأورد بلاغ من رئاسة الجمهورية أن الرئيس سعيد ومجلس الأمن القومي يساندان الحرب الحالية على المخدرات والتهريب والفساد وكل أنواع الجريمة المنظمة.

الهجرة غير النظامية

وتعقيباً على الضجة المحلية والعالمية على تضخم عدد المهاجرين غير النظاميين الأفارقة في عدة مدن تونسية وخاصة قرب مدينتَي العامرة وجبنيانية من محافظة صفاقس، 300 كم جنوب شرقي العاصمة تونس، أورد البلاغ المنشور بعد اجتماع مجلس الأمن القومي أن السلطات التونسية تقدم لهؤلاء المهاجرين مساعدات مؤقتة وتسعى لإيجاد حلول دائمة لوضعياتهم، بينها عودتهم إلى مواطنهم.

وحسب تقديرات حقوقية تونسية، فقد تجاوزت أعداد هؤلاء المهاجرين غير النظاميين العشرين ألفاً رغم المجهودات التي تقوم بها السلطات الأمنية التونسية لمنع دخولهم إلى التراب التونسي وعدم استخدامه «نقطة عبور» نحو السواحل الأوروبية.

إنقاذ مركب مهاجرين

في الأثناء، أعلنت الإدارة العامة للحرس الوطني أن قوات أمنية في ضاحية المنيهلة من محافظة أريانة غرب العاصمة تونس، أوقفت فارين من القضاء، بينهم متهم في قضايا عديدة صدرت ضده غيابياً أحكام بالسجن لمدة 33 عاماً.

من جهة أخرى، أُعلن أن «وحدات الحرس البحري التابعة لإقليم الوسط بصفاقس» نجحت مؤخراً في إنقاذ مجموعة من المجتازين من دول جنوب الصحراء الأفريقية، كانوا يواجهون خطر الغرق في عرض البحر.

وحسب المصادر الأمنية الرسمية، فقد أسفرت عملية تدخل قوات خفر السواحل عن إنقاذ حياة مهاجرة غير نظامية كانت في مرحلة المخاض استعداداً للولادة على متن قارب التهريب، لكن قوات الأمن نقلتها إلى «الخافرة البحرية» وأسعفتها، وتمت عملية الولادة بنجاح في ظروف استثنائية وسط البحر، وتم تقديم الإسعافات الأولية للأم وطفلها، ثم نُقلت إلى المستشفى براً.