10 تحديات ترسم مصير سوريا في 2023

مظاهرة لمعارضين سوريين في إدلب ضد التطبيع بين دمشق وأنقرة في 30 ديسمبر 2022 (إ.ب.أ)
مظاهرة لمعارضين سوريين في إدلب ضد التطبيع بين دمشق وأنقرة في 30 ديسمبر 2022 (إ.ب.أ)
TT

10 تحديات ترسم مصير سوريا في 2023

مظاهرة لمعارضين سوريين في إدلب ضد التطبيع بين دمشق وأنقرة في 30 ديسمبر 2022 (إ.ب.أ)
مظاهرة لمعارضين سوريين في إدلب ضد التطبيع بين دمشق وأنقرة في 30 ديسمبر 2022 (إ.ب.أ)

10 أمور تجب متابعتها في سوريا وخارجها في سنة 2023، ستكون لها آثار كبيرة بدرجات متفاوتة، وستحدد مآلات هذا الملف ومصيره لسنوات أو عقود مقبلة، كما ستحدد مصير خطوط التماس بين «الدويلات» الثلاث في سوريا، بعد ثباتها لثلاث سنوات بفضل تفاهمات إقليمية ودولية خارجية:
1- التطبيع التركي: يتوقع أن يجتمع وزيرا الخارجية: السوري فيصل المقداد، ونظيره التركي مولود جاويش أوغلو، في منتصف هذا الشهر، لاستكمال نتائج المحادثات العسكرية والأمنية في الأسابيع الماضية، للوصول إلى ترتيبات مشتركة برعاية روسية في الشمال السوري، بدءاً من «منطقة أميركا» شرق الفرات.
لا بد من متابعة خطوات «خريطة الطريق» التي وضعتها موسكو لدمشق وأنقرة، وصولاً إلى لقاء بين الرئيسين رجب طيب إردوغان وبشار الأسد، قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية المقرر إجراؤها مبدئياً في يونيو (حزيران) المقبل. ولا شك في أنه ستكون لهذه الخطوات نتائج سياسية واقتصادية كبيرة في سوريا ومحيطها، حسب الحدود والعمق والسرعة التي ستنفذ بها. وهل تحصل مقايضات: تنازلات عن الجغرافيا مقابل مكاسب بالسياسة والاقتصاد؟
2- القلق الكردي: إحدى نقاط التقاطع الرئيسية بين دمشق وأنقرة وموسكو (وطهران)، هي إضعاف الكيان الكردي والإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا، واعتبار هذه المؤسسات «تهديداً وجودياً لسوريا وتركيا». وهناك خطط لعمليات عسكرية سورية – تركية مشتركة، وضغط روسي لتفكيك جميع المؤسسات الكردية، من مناطق بعمق 30 كيلومتراً من الحدود التركية.
من الضرورة بمكان متابعة موقف «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) و«مجلس سوريا الديمقراطية» (مسد)، وكيفية تعاطيهما مع هذه التطورات. «قسد» تقول إنها سحبت أسلحتها الثقيلة ومقاتلي «وحدات حماية الشعب» الكردية بعمق 30 كيلومتراً، بموجب اتفاق سوتشي الروسي – التركي، في نهاية 2019؛ لكنها ترفض سحب قوات الشرطة (أسايش) والمجالس المحلية. هي تراهن على خسارة إردوغان الانتخابات، ودعم أميركا ووجودها العسكري. وتصر أنقرة على تفكيك جميع المؤسسات، ولا تمانع وجود مؤسسات سورية وعلم سوريا وحرس حدودها.
3- الغطاء الأميركي: «قوات سوريا الديمقراطية» حليفة للتحالف الدولي بقيادة أميركا في الحرب ضد «داعش» منذ 7 سنوات. وقد نجحا سوياً في القضاء على التنظيم جغرافياً، وأقامت أميركا قواعد عسكرية تعطيها أوراقاً تفاوضية أساسية ضد روسيا، ولضبط وجود إيران وتقديم دعم لوجستي لإسرائيل.
وعلى العكس من قرار إدارة دونالد ترمب بالانسحاب المفاجئ في 2019، وفتح الباب لتوغل تركي، حافظت إدارة جو بايدن على بقاء قواته المستمر. لكن هناك إشارات توحي بأن أميركا، المنخرطة في أوكرانيا، بحاجة لدور تركيا وحلف شمال الأطلسي، ولن تخوض حرباً ضد أنقرة بسبب الأكراد.
ولا بد من متابعة تطورات الموقف الأميركي، وحدود التفاهمات العسكرية بين أنقرة وواشنطن في شمال شرقي سوريا، بعد بدء التطبيع السوري – التركي.

«الحضن العربي»
4- التطبيع العربي: خطوات التطبيع الثنائي بين عواصم عربية ودمشق من جهة، والجماعي بين الجامعة العربية ودمشق من جهة ثانية، وُضعت على نار هادئة في 2022. فلم تحضر سوريا قمة الجزائر بسبب وجود اعتراض من دول عربية وازنة. أيضاً، الدول التي بدأت مسار تطبيع ثنائي، مثل الأردن والإمارات وغيرها، بردت همتها في السنة الماضية، لأسباب مختلفة: التجربة المرة والمريرة مع دمشق في ضبط الحدود ووقف تهريب «الكبتاغون»، وضغوط أميركية وغربية لوقف التطبيع، إضافة إلى تشدد الكونغرس وإصداره قرارات جديدة ضد دمشق، وضعت سقفاً لحدود الدعم الاقتصادي وإعمار المدمَّر.
ومن الأهمية بمكان متابعة مآلات العودة إلى «الحضن العربي» في 2023، والموقف في القمة العربية المقررة في الربيع المقبل، في ضوء التغيرات الحاصلة في العلاقة بين دول عربية وأميركا والصين وروسيا من جهة، وخطوات التطبيع بين أنقرة ودمشق من جهة ثانية، وسلوك دمشق في ملفات إقليمية، والعلاقة مع إيران من جهة ثالثة.
5- حرب أوكرانيا: كان تأثير الانخراط الروسي في هذه الحرب كبيراً على سوريا في أكثر من جانب. فقد عززت الحرب التعاون بين أنقرة وموسكو، وبين الرئيسين بوتين وإردوغان؛ إذ صار الأول بحاجة للثاني، وباتت تركيا بوابة اقتصادية وسياسية لروسيا. ومن تجليات ذلك: ضغط بوتين على إردوغان والأسد للِّقاء، وطي صفحة الماضي، والحرص على فوز إردوغان في انتخابات الرئاسة.
أيضاً، كان هناك انعكاس اقتصادي وسياسي لهذه الحرب. فقد باتت سوريا قضية منسية في الأروقة الدولية، وباتت أموال المانحين تذهب لأوكرانيا بدلاً من سوريا. وظهر هذا بوضوح في تعميق الأزمة الاقتصادية في سوريا.
6- الغارات الإسرائيلية: دشنت حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية السنة الجديدة، بقصف «أهداف إيرانية» في مطار دمشق الدولي، ما أدى إلى إخراجه لساعات عن الخدمة. في السنوات الماضية، شنت إسرائيل مئات الغارات ضد «مواقع إيرانية» في سوريا. وفي العام الماضي، اتسعت مروحة الغارات من أقصى شرق سوريا إلى غربها، ومن الجنوب إلى الشمال. وقال: «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إنه أحصى 32 غارة إسرائيلية في 2022، أسفرت عن إصابة وتدمير نحو 91 هدفاً، ما بين مبانٍ ومستودعات أسلحة ومقرات ومراكز وآليات. وتسببت تلك الضربات في مقتل 88 من العسكريين، وجرح 121.
وبعد عودة نتنياهو بحكومة يمين اليمين، لا بد من متابعة انعكاسات ذلك في سوريا في 2023: كيف سيتعامل مع الملف النووي الإيراني؟ ما مصير التفاهمات السابقة مع بوتين، و«الخط الساخن» للتنسيق العسكري بين قاعدة حميميم الروسية وتل أبيب؟ كيف سينعكس في سوريا، موقف تل أبيب من حرب أوكرانيا، وتعاون موسكو وطهران العسكري هناك؟

«طلاق» سوري - إيراني
7- الحلف الإيراني: طهران التي تعتقد أنها ساهمت في «إنقاذ النظام» منذ تدخلها نهاية 2012، وقدمت كثيراً من الدعم العسكري والاقتصادي والأمني والمالي، تريد ثمناً لذلك. وهي تماطل في «إنقاذ النظام» من أزماته الاقتصادية مجاناً، وتريد الثمن بـ«تنازلات سيادية» تتضمن إقامة قواعد عسكرية دائمة، واتفاقات اقتصادية تخص النفط والغاز والفوسفات، واتفاقات لمعاملة الإيرانيين مثل السوريين، باستثناء مثولهم أمام القضاء السوري في حال ارتكابهم جرائم.
تستغل طهران تفاقم الأزمة الاقتصادية في دمشق، وانشغال موسكو في أوكرانيا، ورياح التطبيع التركي والعربي، والغارات الإسرائيلية، كي تحصل على امتيازات كبرى في سوريا.
ولا بد من متابعة تفاصيل هذا المسار، وموقف دمشق، وموعد زيارة الرئيس إبراهيم رئيسي التي كانت مقررة الأسبوع الماضي، والتحقق مما يتردد عن مؤشرات لـ«طلاق» سوري – إيراني، أو إعادة تعريف العلاقة.
8- الأزمة الاقتصادية: بعد نحو 12 سنة من الحرب، تهتكت الأراضي السورية. وحسب الأمم المتحدة، فإن نصف السوريين (12 مليوناً) أصبحوا خارج منازلهم، وثلثهم (7 ملايين) خارج بلادهم، ونحو 90 في المائة منهم تحت خطر الفقر، و80 في المائة يعانون انعدام الأمن الغذائي، ونحو 14.6 مليون بحاجة لمساعدات، وسلة الغذاء ارتفعت كلفتها بنسبة 85 في المائة عن العام الماضي؛ إذ فقدت الليرة السورية أكثر من 80 في المائة من قيمتها.
المـأساة كبيرة. ولا بد من متابعة تمديد القرار الدولي لإيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود قبل 10 من الشهر الجاري، ولا بد من متابعة موقف روسيا في هذا الشأن؛ خصوصاً أن هذا القرار هو شريان الحياة لنحو 4 ملايين سوري في شمال البلاد، ويخفف العبء عن موازنة دمشق ومصاريفها.
9- الانهيار السوري: يقول سوريون في مناطق الحكومة إن 2022 الأسوأ منذ 2011. ولوحظ أنه كي تخفف الحكومة الكلفة الاقتصادية، مددت العُطلات، وأوقفت العمل في مؤسسات ومستشفيات.
هناك حديث عن شلل وخوف من انهيار كامل. ولا بد من مراقبة مآلات هذه الأزمة الاقتصادية، وكيف ستؤثر على عمل مؤسسات الحكومة والجيش والأمن، وعلى شبكات السيطرة والعمل. أيضاً، لا بد من متابعة انعكاسات التطبيع السوري – التركي على الأزمة الاقتصادية، وهل ستدفع الأزمة دمشق لاتخاذ تنازلات مؤلمة في المجال السياسي وتنفيذ القرار 2254، أو في المجال الجيوسياسي، بتخفيف جرعات علاقاتها مع إيران؟
10- «خطوة - خطوة»: كان هَم المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، في السنوات الماضية، عقد اجتماعات للجنة السورية، باعتبارها مدخلاً لتنفيذ القرار 2254. وكان هذا رهاناً روسياً – تركياً – إيرانياً، ضمن مسيرة مسار آستانا. وبعد حرب أوكرانيا، طالبت روسيا بشروط لوجستية، لترتيب عقد اجتماعات اللجنة الدستورية السورية، ما جمَّد عملها في الأشهر الماضية.
عليه، أحيا بيدرسن مقترحاً قديماً يسمى مقاربة «خطوة مقابل خطوة»، يقضي بإقدام دمشق على إجراءات مقابل تقديم الدول الغربية إغراءات واستثناءات. الشيء الجديد هو أن دمشق باتت مهتمة بالمقاربة، وهذا ما بدا من لقاء المقداد وبيدرسن الأخير في دمشق التي تريد أن تعرف العروض المقدمة، والدول التي تقدم هذه العروض.
الحديث يجري عن أمور صغيرة وبسيطة: بدء دول غربية خطوات لحل مشكلة الكهرباء، أو منح تأشيرات لدبلوماسيين سوريين، مقابل خطوات من دمشق إزاء المعتقلين، والعفو، وإجراءات الملكية.
ولا بد من متابعة هذا المسار، واللقاء المقبل بين المقداد وبيدرسن، ومدى تأثره بالتطبيع بين أنقرة ودمشق، ومدى التزام دمشق بأن تكون خطواتها في سياق مهمة المبعوث الأممي.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

انقلابيو اليمن يخصصون أسطوانات غاز الطهي لأتباعهم

توزيع أسطوانات غاز في صنعاء على أتباع الجماعة الحوثية (إعلام حوثي)
توزيع أسطوانات غاز في صنعاء على أتباع الجماعة الحوثية (إعلام حوثي)
TT

انقلابيو اليمن يخصصون أسطوانات غاز الطهي لأتباعهم

توزيع أسطوانات غاز في صنعاء على أتباع الجماعة الحوثية (إعلام حوثي)
توزيع أسطوانات غاز في صنعاء على أتباع الجماعة الحوثية (إعلام حوثي)

في وقت يعاني فيه اليمنيون في صنعاء ومدن أخرى من انعدام غاز الطهي وارتفاع أسعاره في السوق السوداء، خصصت الجماعة الحوثية ملايين الريالات اليمنية لتوزيع أسطوانات الغاز على أتباعها دون غيرهم من السكان الذين يواجهون الصعوبات في توفير الحد الأدنى من القوت الضروري لهم ولأسرهم.

وبينما يشكو السكان من نقص تمويني في مادة الغاز، يركز قادة الجماعة على عمليات التعبئة العسكرية والحشد في القطاعات كافة، بمن فيهم الموظفون في شركة الغاز.

سوق سوداء لبيع غاز الطهي في صنعاء (فيسبوك)

وأفاد إعلام الجماعة بأن شركة الغاز بالاشتراك مع المؤسسة المعنية بقتلى الجماعة وهيئة الزكاة بدأوا برنامجاً خاصاً تضمن في مرحلته الأولى في صنعاء إنفاق نحو 55 مليون ريال يمني (الدولار يساوي 530 ريالاً) لتوزيع الآلاف من أسطوانات غاز الطهي لمصلحة أسر القتلى والجرحى والعائدين من الجبهات.

وبعيداً عن معاناة اليمنيين، تحدثت مصادر مطلعة في صنعاء عن أن الجماعة خصصت مليارات الريالات اليمنية لتنفيذ سلسلة مشروعات متنوعة يستفيد منها الأتباع في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها.

ويتزامن هذا التوجه الانقلابي مع أوضاع إنسانية بائسة يكابدها ملايين اليمنيين، جرَّاء الصراع، وانعدام شبه كلي للخدمات، وانقطاع الرواتب، واتساع رقعة الفقر والبطالة التي دفعت السكان إلى حافة المجاعة.

أزمة مفتعلة

يتهم سكان في صنعاء ما تسمى شركة الغاز الخاضعة للحوثيين بالتسبب في أزمة مفتعلة، إذ فرضت بعد ساعات قليلة من القصف الإسرائيلي على خزانات الوقود في ميناء الحديدة، منذ نحو أسبوع، تدابير وُصفت بـ«غير المسؤولة» أدت لاندلاع أزمة في غاز طهي لمضاعفة معاناة اليمنيين.

وتستمر الشركة في إصدار بيانات مُتكررة تؤكد أن الوضع التمويني مستقر، وتزعم أن لديها كميات كبيرة من الغاز تكفي لتلبية الاحتياجات، بينما يعجز كثير من السكان عن الحصول عليها، نظراً لانعدامها بمحطات البيع وتوفرها بكثرة وبأسعار مرتفعة في السوق السوداء.

عمال وموظفو شركة الغاز في صنعاء مستهدفون بالتعبئة العسكرية (فيسبوك)

ويهاجم «عبد الله»، وهو اسم مستعار لأحد السكان في صنعاء، قادة الجماعة وشركة الغاز التابعة لهم بسبب تجاهلهم المستمر لمعاناة السكان وما يلاقونه من صعوبات أثناء رحلة البحث على أسطوانة غاز، في حين توزع الجماعة المادة مجاناً على أتباعها.

ومع شكوى السكان من استمرار انعدام مادة الغاز المنزلي، إلى جانب ارتفاع أسعارها في السوق السوداء، يركز قادة الجماعة الذين يديرون شركة الغاز على إخضاع منتسبي الشركة لتلقي برامج تعبوية وتدريبات عسكرية ضمن ما يسمونه الاستعداد لـ«معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس».

ونقل إعلام حوثي عن القيادي ياسر الواحدي المعين نائباً لوزير النفط بالحكومة غير المعترف بها، تأكيده أن تعبئة الموظفين في الشركة عسكرياً يأتي تنفيذاً لتوجيهات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.