«كارثة محتملة» بعد توقف المساعدات للنازحين في شمال سوريا

عائلة سورية نازحة في مخيمات إدلب (الشرق الأوسط)
عائلة سورية نازحة في مخيمات إدلب (الشرق الأوسط)
TT

«كارثة محتملة» بعد توقف المساعدات للنازحين في شمال سوريا

عائلة سورية نازحة في مخيمات إدلب (الشرق الأوسط)
عائلة سورية نازحة في مخيمات إدلب (الشرق الأوسط)

حذرت منظمات إنسانية محلية في شمال غربي سوريا، من العواقب الكارثية التي ستنجم عن إغلاق معبر «باب الهوى» الحدودي مع تركيا، أمام وصول المساعدات الإنسانية الأممية إلى ملايين المواطنين، ومن بينهم 2.5 مليون نازح، بعد انتهاء تفويض القرار الأممي 2642 لإدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود في 10 يناير (كانون الثاني) الجاري، بينما تصر جهات ووكالات دولية على شرعنة دخولها، عبر خطوط التماس من مناطق النظام السوري.
وقالت منظمة «فريق استجابة سوريا»، المعنية برصد الأوضاع الإنسانية في شمال غربي سوريا، في بيان لها، إنه «بالتزامن مع انتهاء تفويض القرار الأممي 2642/ 2022 الخاص بإدخال المساعدات الإنسانية (عبر الحدود)، وإصرار الوكالات الدولية على شرعنة إدخال المساعدات الإنسانية، عبر معابر تابعة للنظام السوري، والتي تقدر بنسبة 0.76 في المائة من إجمالي المساعدات الواردة إلى الشمال السوري بموجب القرار المذكور، إضافة إلى 0.45 في المائة خلال القرار 2585/ 2021، فإن عواقب وتبعات ذلك تتمثل بالنواحي الإنسانية؛ حيث سيتم حرمان أكثر من 2.2 مليون نسمة من المساعدات الغذائية، سواء عن طريق برنامج الأغذية العالمي (WFP) أو عن طريق المشروعات المنفصلة عن البرنامج، وحرمان أكثر من 2.65 مليون نسمة من الحصول على المياه النظيفة أو الصالحة للشرب، وخصوصاً مع التخفيضات الجديدة ضمن قطاع المياه من قبل المنظمات داخل مخيمات النازحين، وانقطاع دعم مادة الخبز في أكثر من 725 مخيماً، وحرمان أكثر من مليون نسمة من الحصول على الخبز بشكل يومي، وخصوصاً مع انقطاع مادة الخبز المدعوم منذ عدة أشهر عن كثير من المخيمات، وارتفاع أسعار مادة الخبز الحر».
وأشارت إلى أن «وقف إدخال المساعدات عبر الحدود سيقلّص عدد المشافي والنقاط الطبية الفعالة في الوقت الحالي، إلى أقل من النصف، في المرحلة الأولى، وأكثر من 80 في المائة ستغلق في المرحلة الثانية»، منوهة إلى أنه «تم تخفيض وإيقاف الدعم عن أكثر من 8 منشآت، بدءاً من بداية العام الحالي، إضافة إلى انخفاض دعم المخيمات إلى نسبة أقل من 20 في المائة، وعجز المنظمات الإنسانية عن تقديم الدعم لإصلاح الأضرار ضمن المخيمات، إضافة إلى زيادة التركيبة السكانية ضمن المخيمات، كارتفاع معدل الولادات، ولجوء أعداد جديدة من السكان إلى المخيمات للتخلص من الأعباء المادية، وخصوصاً أن معدلات الاستجابة الإنسانية خلال عام 2022 لم تتجاوز 40 في المائة على مستوى القطاعات كافة».
وفي غضون ذلك، تحدثت جهات طبية في شمال غربي سوريا، عن «أزمة جديدة متمثلة بانقطاع الدعم عن عشرات المشافي والمنشآت الطبية، وقرب نفاد المواد التشغيلية في عدد من المشافي الأخرى التي تقدم خدمات طبية متعددة، لأكثر من مليوني مدني، أغلبهم من النازحين في المخيمات، بينما توقف بالفعل عدد من المشافي عن تقديم الخدمات الطبية للمدنيين الذين يعانون الأمراض القلبية والصدرية والعظمية، ومنها مشفى أطمة الخيري، ومشفى (HIH) للأطفال، ومشفى أرمناز، ومشفى القدس شمال إدلب، بدءاً من اليوم الأول في العام الحالي».
من جانبه، تحدث أحمد الحسن، مدير مخيم «الخير» الذي يؤوي نحو 800 عائلة نازحة شمال إدلب، عن «كارثة رهيبة قد تطول ملايين البشر في المحافظة، ما لم يجرِ تجديد آلية دخول المساعدات الإنسانية الأممية (عبر الحدود) في أقرب وقت ممكن»؛ مشيراً إلى أنه «لا يستبعد حصول مجاعة كبيرة في أوساط النازحين، وانتشار الأوبئة والأمراض».
وقال إن «أكثر من مليونين ونصف مليون نازح من مختلف المناطق السورية، يعيش نصفهم في مخيمات عشوائية وخيام مهترئة؛ بلا عمل أو مصدر دخل يعينهم في حياتهم ومتطلباتهم المعيشية. ويعتمد معظم العائلات النازحة في المخيمات على السلال الشهرية التي تقدمها منظمات دولية شريكة للأمم المتحدة وبرنامج الأغذية العالمي، وتحوي (الأرز والسكر والزيت النباتي والبرغل والعدس والحمص)، فضلاً عن الخدمات الطبية المجانية من المشافي والمراكز الصحية المدعومة من قبل المنظمات الدولية، وإذا توقف هذا الكم من المساعدات فإن ذلك سيخلف كارثة رهيبة، قد تطول في مقدمتها الأطفال الرضع والمرضى والمسنين في المخيمات، وأيضاً أكثر من 12 ألف طفل يتيم».


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

مواقف متباينة في صنعاء حول الحرب الإيرانية - الإسرائيلية

عنصر حوثي خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)
عنصر حوثي خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

مواقف متباينة في صنعاء حول الحرب الإيرانية - الإسرائيلية

عنصر حوثي خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)
عنصر حوثي خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

أثار إعلان الجماعة الحوثية وقوفها مع إيران في مواجهة إسرائيل، سخط الشارع اليمني، حيث يرى سكان وناشطون في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة تسعى مُجدداً لإقحام نفسها في حروب جديدة يدفع فاتورتها الشعب اليمني دون غيره.

ويأمل سكان في صنعاء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» ألا يقحم قادة الانقلاب الحوثي اليمنيين في صراعات «لا ناقة لهم فيها ولا جمل»، بخاصة في ظل هذه المرحلة التي يصفونها بـ«العصيبة»، إذ يعاني الملايين من الجوع وانعدام فرص الحياة.

وكانت جماعة الحوثيين تبنّت، الأحد الماضي، أولى الهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل لمساندة إيران بالتنسيق مع الأخيرة، وذلك غداة تأكيد زعيمها عبد الملك الحوثي دعمه لموقف طهران «بكل ما يستطيع» للرد على الضربات الإسرائيلية.

وجاء تبني الجماعة للهجمات المنسقة مع طهران عقب ساعات من استقبال العاصمة المختطفة صنعاء ضربات إسرائيلية هدفت لاغتيال قادة حوثيين، يتصدرهم رئيس أركان الجماعة محمد عبد الكريم الغماري، وسط تعتيم على نتائج العملية.

آثار الدمار إثر قصف صاروخي إيراني شرق تل أبيب (أ.ف.ب)

وشهدت صنعاء ومدن أخرى خاضعة للحوثيين تبايناً في ردود الفعل والمواقف الشعبية، لكنها اتسمت في معظمها إما بالصمت أو بالتشفي من طهران وتل أبيب على حد سواء، بسبب تقديم الأولى الدعم والتمويل للجماعة الحوثية لقتل وتجويع وتشريد اليمنيين، وبسبب ارتكاب إسرائيل المجازر في غزة.

ثلاث فئات

أظهرت متابعة الشارع اليمني الخاضع للحوثيين أن الحرب الإيرانية الإسرائيلية الحالية أفرزت السكان والناشطين إلى ثلاث فئات متباينة في ردود الفعل والمواقف، إذ تمثلت الفئة الأولى في «المتابعين بصمت» الذين يرون باختصار أن هذه الحرب هي «تصفية الظالمين بالظالمين». وفق تعبيرهم.

أما الفئة الثانية فتمثلت في أتباع الجماعة الحوثية والموالين لها ممن يؤيدون بقوة الضربات الإيرانية ضد إسرائيل، ويطالبون كبار قادة جماعتهم بسرعة التدخل لدعم إيران من باب رد الجميل لها.

تصاعد الدخان عقب هجوم إسرائيلي على مستودع للنفط في طهران (رويترز)

وتمثلت الفئة الأخيرة في المؤيدين لما يتعرض له النظام الإيراني، الذين يرون أنه حول اليمن إلى مسرح مفتوح للحرب وقام بدعم الانتهاكات الحوثية وتزويد الجماعة بالأسلحة لترسيخ انقلابها وقمع اليمنيين.

ويبدي «سامي»، وهو اسم مستعار لأحد سكان صنعاء، ارتياحه إزاء استمرار توجيه ضربات عنيفة للنظام الإيراني حتى يلاقي، بحسب قوله، مصيره حيال دعمه المتكرر للإرهاب الحوثي.

ويتمنى سامي، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن تؤدي هذه المواجهة إلى إضعاف النفوذ الإيراني أو حتى سقوطه بصورة نهائية في المنطقة، وعلى رأسه الذراع الحوثية في اليمن.

ويرى أن أي استهداف قوي وُمدمر للنظام الإيراني في الوقت الحالي سينعكس حتماً على حلفائه في اليمن الممثلين في الجماعة الحوثية.

رقابة أمنية

على صعيد المنع الحوثي للتأييد المحلي في صنعاء لضرب إيران، فقد نشرت الجماعة العشرات من الجواسيس والمخبرين التابعين لها في معظم شوارع وأحياء صنعاء وعلى مستوى أماكن التجمعات والمقاهي والحدائق العامة، بغية مراقبة وتتبع أحاديث السكان بخصوص الصراع الحالي، والإبلاغ عن المؤيدين لضرب إيران.

صواريخ اعتراضية إسرائيلية تتصدى لهجوم حوثي (رويترز)

وكانت الجماعة الحوثية لجأت عقب تنفيذ الضربة الأولى ضد إيران لاستخدام كافة الوسائل والطرق الممكنة لإقناع السكان في صنعاء وبقية المدن بضرورة تأييد طهران، بزعم أن الأخيرة تقف حالياً بالنيابة عن الدول العربية والإسلامية في مواجهة إسرائيل والغرب.

ويرى مراقبون في صنعاء أن ذلك يأتي خوفاً من الخلاص من النظام الإيراني الذي لطالما قدم لها الدعم والتمويل لمواصلة انقلابها وحربها ضد اليمنيين وزعزعة أمن واستقرار المنطقة، وخشية من أن يأتي الدور القادم عليها.