غياب التنافس يعوق تحويل الأدب السردي إلى مُنتَج درامي عربي

مشهد من مسلسل «ضرب الرمل»
مشهد من مسلسل «ضرب الرمل»
TT

غياب التنافس يعوق تحويل الأدب السردي إلى مُنتَج درامي عربي

مشهد من مسلسل «ضرب الرمل»
مشهد من مسلسل «ضرب الرمل»

أكثر من مائة وثلاثين رواية وكتاباً «كوميكس» وروايات مُصَوَّرة وكتبٍ عن أحداث حقيقية وجرائم، تتحول إلى مسلسلات درامية ستبثها شبكات التلفزيون التقليدية (تلفزيون الكيبل) ومنصات البث التدفقي الأميركية، وفقاً لتقرير نُشر في موقع «الطماطم الفاسدة».
دشنت منصة البث التدفقي «هولو» هذه القائمة الطويلة من المسلسلات بعرض الموسم الأول من مسلسل «أقرباء (Kindred)» في الثالث عشر من ديسمبر (كانون الأول) الماضي. المسلسل تكييف وإعداد عن رواية «أقرباء» (1979) لكاتبة الخيال العلمي، الروائية أوكتافيا إِ. بتلر. تتبعها «نتفلكس» في الرابع من يناير (كانون الثاني) 2023 بمسلسل باللغة الإيطالية عن رواية بالعنوان نفسه صدرت في عام 2019 للروائية الإيطالية إيلينا فيرانتي، وترجمها إلى العربية معاوية عبد المجيد، وصدرت عن «دار الآداب» في بيروت في 2020.
وتفصل ساعات قليلة بين مسلسل «نتفلكس» ومسلسل «ساحرات مايفير» لشبكة «إي إم سي»، الذي يبدأ عرضه في الخامس من الشهر نفسه. وستتوالى العروض الجديدة خلال عام 2023.
مائة وثلاثون مسلسلاً وزيادة، مقتبسة ومستلهمة من كتب... عدد كبير ومدهش بضخامته حتى بالمعايير الأميركية، فما بالك عندما ينظر إليه بعيون من يعيشون في واقع تُنَظَّمُ فيه الندوة بعد الندوة، وتُنْشَرُ المقالة تلو الأخرى، التي تناقش ضعف الإقبال، أو بالأحرى عزوف منتجي الدراما وصُنّاع الأفلام عن الأعمال السردية المحلية أو العربية، باعتبارها مواد جاهزة ومتوفرة للتكييف والإعداد للإنتاج الدرامي التلفزيوني أو السينمائي.
يكمن وراء تدافع وإقبال شبكات التلفزة الأميركية غير المسبوقين كَمياً عوامل عدة في مقدمتها، من وجهة نظري، التنافس الشديد والمحموم بينها على الظفر بأكبر عدد ممكن من المشاهدين والمشتركين في الداخل وعبر العالم، خصوصاً من جانب منصات البث التدفقي متعدد وسائط الإرسال والاستقبال. وتلعب عوامل أخرى كالإمكانات المادية والخبرات الفنية والتقنية والتطورات التكنولوجية دوراً حاسماً يذكي روح المنافسة ويطيل أمدها.
تظهر هذه المنافسة بأنصع حالاتها في حرص تلك الشبكات على إغراء الزبائن المشتركين والمشاهدين من كل الفئات العمرية (الأطفال، والمراهقين، والكبار)، ومن الشرائح الاجتماعية والعرقية المختلفة؛ وعلى تقديم ما يرضي ويشبع الرغبات والميول لدى المشاهدين المستهدفين والمحتملين، كما تظهر في تعدد أنواع الأعمال السردية التي حُوِّل بعضها إلى أعمال درامية بدأ عرضها، والبعض الآخر في مرحلة التحضير أو الإنجاز: دراما، أو دراما/ كوميديا «dramedy»، ومسلسلات إثارة وتشويق، ورعب وغموض وتاريخية... إلخ، منتقاة من فترات زمنية وثقافات مختلفة.
أعتقد أنه بالإمكان إضافة هذا التنافس غير المسبوق إلى الملامح المميزة لصناعة الدراما في القرن الواحد والعشرين، الذي تعيش فيه الدراما عصرها الذهبي الثالث، حسب إيمي إم. داميكو، وسارا إِ. كِويي في كتابهما الموسوم «الدراميات التلفزيونية في القرن الواحد والعشرين: استكشاف العصر الذهبي الجديد، 2016». إنه، في حقيقة الأمر، تَنافسٌ ينتج عنه تنافسٌ آخر، فالتنافس على المُشَاهِد يُوَلِّدُ تنافساً على الأعمال الأدبية السردية وتسابُقاً إليها، وإلى أي كتب أخرى يمكن استغلالها واستثمارها في صناعة أعمال درامية. فما الذي يدفعُ شبكةً ما إلى الرجوع للقرن الثامن عشر، إلى رواية «توم جونز» للروائي الإنجليزي هنري فيلدنغ، أو شبكات أخرى إلى شراء الحقوق الفكرية لروايات هندية، وإيطالية، أو لروايات فازت بجوائز أو حققت أرقام مبيعات مرتفعة؟ ليس سوى التنافسِ محركاً لهذا التسابق إلى النص الأدبي.
وأعتقد أيضاً أن التنافسَ، أو بالتعبير الصحيح والدقيق غياب التنافس، أحد المفاتيح إلى فهم ظاهرة مجافاة الدرامي للمنجز الإبداعي السردي محلياً، وحتى عربياً، فليس الحال أفضل في المنطقة العربية كلها. وستستمر المجافاة ما دام التنافسُ مستمراً في غيابه؛ وإن كان هذا لا يحول دون حدوث الاستثناء بمشروعات قليلة ومتباعدة زمنياً لتحويل بعض الروايات والقصص إلى مسلسلات أو أفلام. فعلى المستوى المحلي، على سبيل المثال، شهدنا في 2020، تحويل ثلاثية «ضرب الرمل» للروائي السعودي محمد المزيني إلى مسلسل «ضرب الرمل»، لكن لسوء الحظ، عُرِضَ «ضرب الرمل» على شاشة قناة لا أظنها تستطيع الادعاء بأنها تحظى بدرجةِ مُشَاهَدَةٍ عالية. لكنها كانت خطوة جديرة بالتقدير والالتفات إليها عند التحدث أو البحث في موضوع الرواية والقصة القصيرة في السعودية على الشاشتين الصغيرة والكبيرة. أما على المستوى العربي، فالوضع ليس مختلفاً تماماً وليس وردياً كما يقال، فالتنافسُ على النص الأدبي معدوم تماماً. ويمكن القول إن شبكة «إم بي سي» السعودية تنفرد في ميدان الإنتاج والبث دون منافسٍ يشكل وجوده تحدياً لها؛ فهي المنتج الأقوى حالياً، والمنصة الأولى بكثافة البث الدرامي بغض النظر عن الكيف والجودة.
وليس ثمة ما يدل، أيضاً، على احتمال اهتمامها والتفاتها، بشكل كبير، إلى الرواية والقصة في السعودية، أو في الوطن العربي مصدراً لموضوعات وثيمات لمشروعات درامية. وهذا ما يثير الاستغراب من شبكةٍ أنتجت وعرضت من البرامج ما يؤكد ميلها إلى محاكاة التلفزة الأميركية واستنساخ برامجها، لكنها لم تبادر، لأسباب غير واضحة، إلى المتح من معين الأدب السردي العربي، وإن على سبيل الاقتداء بالشبكات الأميركية، كما فعلت في تقديم نُسَخٍ من برامج أميركية مثل مسابقات المواهب، والمسابقات المعلوماتية، أو في تجربة مسلسل «الميراث»، وأخيراً المسلسل المقبل «قيامة الساحرات» الذي سيسبقه إلى الشاشة الصغيرة في الخامس من يناير 2023 مسلسل الشبكة الأميركية (إي إم سي) «ساحرات مايفير» الذي تشارك هيفاء المنصور في إخراج عدد من حلقاته.
لحسن المصادفة كان هنالك كاتب سعودي اسمه أسامة المسلم، وله سلسلة روايات أعد منها «سكريبت» مسلسل يمثل حلقة جديدة من حلقات المحاكاة.
وعلى الرغم من أنني قد أبدو مبالغاً كثيراً، فإني لا أستبعد أنه حتى مسلسل «رشاش» كان محاكاة للدراما الأميركية بتقديم «رشاش» نقيضاً للبطل (antihero).
إن «نقيض البطل» أحد الملامح البارزة للدراما الأميركية في عصرها الذهبي الثالث الذي أُستهل، في 1999، بمسلسل قدّمَ أول «نقيض بطل» في العصر الجديد: توني سوبرانو في مسلسل «آل سوبرانو». وتكرر «نقيض البطل»، كمثال آخر، في شخصية والتر رايت في مسلسل «الانحراف (Breaking bad)».
ربما يكون «قيامة الساحرات» بداية التفات «إم بي سي» إلى الأعمال السردية المحلية والعربية. أقول ربما لأنني لست متفائلاً بذلك، وكما أنه لا يمكن التعويل على «إم بي سي» في هذا الشأن، لا يمكن التعويل، أيضاً، على قطاعات ومؤسسات الإنتاج الدرامي في الوطن العربي. فقطاع الإنتاج الدرامي في مصر، مثلاً، خارج المنافسة كونه ينوء تحت ثقل أزمة في الإنتاج أدت أخيراً إلى إلغاء عدد من مسلسلات موسم الدراما الرمضانية المقبل، وإلى تخفيض حلقات بعضها حسب أحمد جمال (العرب، 23/12/2022). وحال الإنتاج أشد سوءاً في الأردن الذي يشهد هجرة الفنانين إلى الدول المجاورة (العرب،23/12/2022).
لم أتطرق إلى مؤسسات الإنتاج التي يملكها فنانون وفنانات في المملكة والخليج العربي؛ لأنه من الخطأ مطالبتها بتوجيه اهتمامها إلى النص الأدبي. يكفيها البحث عن قصص تُكْتَبُ وتُفَصَّل على مقاسات مُلاّكِها، وحسب أمزجتهم، لتهيئ لهم أدوار البطولة الدائمة والمتكررة في مسلسلاتها في كل موسم درامي رمضاني.
* كاتب وناقد سعودي


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».