بعد أقل من شهر على إقصائها من قمة موسعة جمعت قادة أفريقيا في واشنطن، واصلت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن سياسة «تضييق الخناق» على مسؤولي الحكم الانتقالي في بوركينا فاسو، باستبعاد واغادوغو من برنامج «التفضيل التجاري»، وسط اتهامات متزايدة للقادة العسكريين هناك بإفساح المجال لمزيد من التمدد الروسي، على حساب الوجود الغربي التاريخي.
ووفق مكتب الممثل التجاري الأميركي، فإن الولايات المتحدة استبعدت بوركينا فاسو من برنامج «التفضيل التجاري» جراء عدم تلبية متطلبات القانون.
ويتيح البرنامج الذي يوفره «قانون النمو والفرص في أفريقيا» (أغوا)، لدول القارة السمراء، وصول سلعها إلى الولايات المتحدة دون رسوم جمركية، إذا استوفت شروطاً تأهيلية معينّة، مثل إزالة الحواجز أمام التجارة والاستثمارات الأميركية، وإحراز تقدم إزاء تحقيق التعددية السياسية.
وقال المكتب الأميركي، في بيان، الأحد، إن إدارة الرئيس جو بايدن «أبدت قلقها البالغ من التغيير غير الدستوري في حكومة بوركينا فاسو».
وشهدت بوركينا فاسو، مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، انقلاباً عسكرياً هو الثاني خلال 8 أشهر فقط، حين أطاح النقيب إبراهيم تراوري، اللفتنانت كولونيل بول هنري سانداوجو دامبيا.
وسبق أن قاد دامبيا نفسه انقلاباً في 24 يناير (كانون الثاني) 2022، أطاح فيه الرئيس الأسبق روش كابوري.
وحسب مكتب الممثل التجاري الأميركي، سيتم إعطاء بوركينا فاسو «معايير واضحة» لسلك مسار نحو إعادتها مرة أخرى إلى البرنامج التجاري.
ويُنظر إلى القرار الأميركي باعتباره حلقة جديدة ضمن الصراع الغربي - الروسي على الدول الأفريقية؛ خصوصاً بوركينا فاسو التي عززت من علاقتها مع روسيا أخيراً، عسكرياً واقتصادياً، على حساب الدول الغربية، وعلى رأسها فرنسا (المستعمِرة السابقة).
يقول الدكتور العابد مصطفى البشير، الخبير التشادي في الشؤون الأفريقية والقانون الدولي، إن «الولايات المتحدة لا تريد لأي بلد أفريقي أن يرتمي في أحضان روسيا، وتفضل أن تبقى الدول الأفريقية في كنف فرنسا بدل روسيا»، في حين أن المؤشرات تدل على أن «أفريقيا متجهة نحو الشرق على حساب الغرب».
وعقب إعلان مجموعة «فاغنر» الروسية دعمها لمنفذي انقلاب بوركينا فاسو الأخير، حذرت الولايات المتحدة من مخاطر التحالف مع روسيا. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيدانت باتيل، في تصريح صحافي، في أكتوبر الماضي، إن «الدول التي انتشرت فيها مجموعة (فاغنر) أصبحت أضعف وأقل أماناً، ورأينا ذلك في حالات عدة في أفريقيا وحدها».
ويُعَدُّ مدلول القرار الأميركي الأخير «سياسياً أكثر من كونه اقتصاديا»، كما يشير الخبير الأفريقي. ويقول البشير لـ«الشرق الأوسط»: «المصالح المتبادلة بين أميركا وبوركينا فاسو قليلة جداً، لذا فلن يكون لهذا الإجراء أي تأثير؛ لأن ما يخسره الغرب إذا مُنع من الخيرات التي تُنهب يكون أكثر مما تخسره بوركينا فاسو».
وأضاف: «بوركينا فاسو من الدول التي لديها كادر بشري مميز عن الدول الأفريقية الأخرى، أي أنها تمتلك قدرة على التحول من المسار الفرنسي إلى مسار آخر. وفي أفريقيا عموماً، هناك توجه للتخلص من فرنسا (النفوذ الفرنسي)، والاتجاه للبحث عن بدائل أخرى مثل روسيا».
وتوجد فرنسا عسكرياً في بوركينا فاسو ضمن قوة «سابر»، وهي وحدة من القوات الخاصة تتمركز في ضواحي عاصمة البلد الساحلي الذي يشهد أعمال عنف تمارسها جماعات متشددة منذ سنوات عدة. لكن هذا الوجود «غير مرحب به» من جانب كثيرين طالبوا بـ«مغادرة فرنسا» بوركينا فاسو، في تظاهرات شهدتها العاصمة نهاية أكتوبر الماضي، رفع خلالها أنصار زعيم المجلس العسكري الجديد علم روسيا، احتجاجاً على استمرار الوجود الفرنسي.
وسعى المجلس العسكري الحاكم للتقارب مع روسيا؛ لكنه أيضاً لم يُظهر أي عداء لفرنسا.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد استبعد بوركينا فاسو من قمة قادة الولايات المتحدة وأفريقيا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إلى جانب السودان، وغينيا، ومالي.
الولايات المتحدة «تضيّق الخناق» على بوركينا فاسو خوفاً من تمدد روسي
استبعدتها من برنامج «التفضيل التجاري»
الولايات المتحدة «تضيّق الخناق» على بوركينا فاسو خوفاً من تمدد روسي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة