هل تشكل محاولات إقصاء سيف الإسلام ضربة للمصالحة الليبية؟

تحذيرات من عودة المستبعدين لحمل السلاح كوسيلة لفرض وجودهم في المشهد السياسي

سيف الإسلام لدى ترشحه للانتخابات الرئاسية الليبية عام 2021 (مفوضية الانتخابات)
سيف الإسلام لدى ترشحه للانتخابات الرئاسية الليبية عام 2021 (مفوضية الانتخابات)
TT

هل تشكل محاولات إقصاء سيف الإسلام ضربة للمصالحة الليبية؟

سيف الإسلام لدى ترشحه للانتخابات الرئاسية الليبية عام 2021 (مفوضية الانتخابات)
سيف الإسلام لدى ترشحه للانتخابات الرئاسية الليبية عام 2021 (مفوضية الانتخابات)

(تحليل إخباري)
تصدرت الأنباء المتعلقة بـ«إقصاء محتمل» لسيف الإسلام القذافي من السباق الرئاسي، المشهد الليبي خلال الأيام الماضية، وأثارت مخاوف أنصاره، ودفعت عدداً من السياسيين إلى التساؤل حول تداعيات هذا الإقصاء على الوضع العام في البلاد، ومدى تأثيره على «محاولات المصالحة في البلاد».
واعتبر عضو مجلس النواب الليبي، على التكبالي، أن الإقصاء سوف «يمثل ضربة قوية لأي حديث عن تحقيق مصالحة وطنية، وكذا لمفهوم الديمقراطية المطلوب ترسيخهما»، لكنه انتقد في المقابل «المبالغة الكبيرة التي يبديها أنصار القذافي حول درجة الشعبية التي يتمتع بها سيف الإسلام، والتي ربما كانت وراء السعي لمحاولة إقصائه»، وقال إن «دعاية هؤلاء الأنصار حول شعبيته ربما وجدت صدى من قبل منافسيه في السباق الرئاسي، ولذا يبدى بعضهم ارتياحه حالياً بشأن ما تردد عن وجود تفاهمات سياسية بشأن استبعاده».
وكان الفريق السياسي لنجل القذافي قد أصدر الأسبوع الماضي بياناً، ندد فيه بما وصفه «التوافق بين ممثلي مجلسي الدولة والنواب على استبعاد من صدرت بحقهم أحكام قضائية، حتى لو كانت غير نهائية من الترشح للرئاسة، وحتى لو تمت تبرئتهم، وذلك في استهداف واضح ومباشر لشخص بعينه». وحذر البيان حينها من أن «إقصاء أطراف بعينها قد يقود إلى الطعن في نتائجها، وعدم الاعتراف بها أو مقاطعتها، وقد يصل الأمر إلى إجهاضها من الأساس».
غير أن التكبالي لفت إلى «عدم تمتع القذافي الابن بشعبية تذكر في المنطقة الغربية، وخاصة العاصمة طرابلس التي تعد الأعلى من حيث كثافة السكانية، فضلاً عن عدم وجود إحصائيات جادة تثبت أن لديه أنصاراً كثيرين في المنطقة الشرقية، مما يدل على أنه غير مؤهل للفوز بالمنصب، حتى وإن نجح في حصد كتلة غير هينة من الأصوات»، على حد قوله. موضحاً أن «قائد الجيش الوطني خليفة حفتر قد يكون المرشح الأكثر استفادة، إذا ما تم إقصاء سيف الإسلام، وقد يصوت أنصاره حينذاك، وخاصة في الجنوب لحفتر، كما أن شعبية رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، متراجعة بشكل عام بالشارع الليبي، بعد قيام حكومته بتسليم أبو عجيلة المريمي للسلطات الأميركية، وحديثه عن وجوب امتثال سيف الإسلام لقرار المحكمة الجنايات الدولية».
من جهته، أكد عضو المؤتمر الوطني العام (المنتهية ولايته)، عبد المنعم اليسير، أن إقصاء سيف الإسلام من الترشح للرئاسة «سوف يسهم في تأزيم المشهد السياسي، عبر تغليب رغبات البعض في التشفي في مشروع المصالحة الوطنية الضروري لاستقرار البلاد». متهماً «الإخوان» بـ«الوقوف وراء طرح إقصاء نجل القذافي»، بقوله إن «تنظيم الإخوان الذي سبق أن وظف سيف الإسلام لإخراج كافة رموزه وعناصره من السجون، ثم انقلب عليه لرغبته في تصدر المشهد، هو من سيسعى بكل جهده للحيلولة دون عودته للسلطة... والأمر ذاته يتكرر مع واشنطن التي ترى في عودة نجل القذافي للسلطة هزيمة معنوية لها».
ورجح اليسير أن «يكون حفتر هو المرشح المستفيد من أصوات أنصار القذافي بالجنوب، إذا ما جرى إقصاء سيف الإسلام»، إلا أنه رهن الأمر بـ«استفاقة أنصار الأخير من وهم أن الدبيبة هو شخص قريب منهم».
في المقابل، نفت عضوة المجلس الأعلى للدولة، نعيمة الحامي، ما يتردد عن استهداف مجلسها لشخص القذافي الابن بعينه، أو سعي المجلس الأعلى للدولة لإقصائه بهدف تعزيز فرص مرشحين آخرين، يعتبرهم البعض شخصيات مقربة من المجلس أو قياداته».
وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الهدف والمبدأ العام لدى المجلس الأعلى للدولة هو استبعاد ترشيح أي شخصية كان لها موقف معادٍ لثورة 17 فبراير (شباط)، ولا تزال مذكرة التوقيف التي أصدرتها الجنائية الدولية بحق سيف الإسلام القذافي سارية». مضيفة: «نحن نتحدث عن مبادئ وقوانين لا رغبات، ولن نعترض على أي شخصية تنطبق عليها شروط الترشح للرئاسة، حتى لو كانت تنتمي للنظام السابق».
من جانبه، حذر زميل أول بمعهد الدراسات الدولية في جامعة جونز هوبكنز، الليبي حافظ الغويل، من «تكلفة تهميش قطاع واسع من الليبيين من أنصار النظام السابق بشكل عام، ومن انضم لهم من الليبيين حالياً، ممن رأوا في القذافي الابن شخصية بعيدة عن صناعة القرار، ولم ينخرط في الصراع الدامي خلال العقد الماضي». وقال بهذا الخصوص: «إذا لم يشعر هؤلاء أن لهم فرصة حقيقية في المشاركة، فقد يرون أن حمل السلاح قد يكون الطريق الوحيد لإثبات وفرض وجودهم في الساحة، خاصة أن بعض المرشحين يمتلك فعلياً تشكيلات مسلحة، وتوجه إليه الاتهامات بارتكاب الانتهاكات بحق الليبيين، ولم يتم إقصاؤه».
وأضاف الغويل موضحاً: «في المقابل، فإن كافة التهم الموجهة لسيف الإسلام هي تهم سياسية بالمقام الأول، فضلاً عن عدم انضمام كل من ليبيا أو الولايات المتحدة الأميركية لعضوية المحكمة الجنائية، وبالنهاية هذا الإقصاء سوف يبرهن على ضعف وهزلية الانتخابات، فضلاً عن عدم تمتع منافسي سيف الإسلام بشعبية حقيقية تكفل لهم هزيمته في انتخابات نزيهة».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
TT

دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

وجدت دعوات تحجيب النساء «جبراً»، التي تنتصر لها السلطة في العاصمة الليبية، عدداً من المؤيدين، لكنها خلقت أيضاً تياراً واسعاً من الرافضين لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات.

فبعد إعلان السلطة، ممثلة في عماد الطرابلسي، وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» المؤقتة، عن إجراءات واسعة ضد النساء، من بينها «فرض الحجاب الإلزامي»، بدت الأوضاع في ليبيا متجهة إلى التصعيد ضد «المتبرجات»، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

بين الرفض والقبول

تفاعل الشارع الليبي بشكل متباين مع تصريحات الطرابلسي، بين من رفضها جملة وتفصيلاً، ومن قال إنه «ينفذ شرع الله ويسعى لنشر الفضيلة»، في وقت شرعت فيه أجهزة أمنية في إغلاق صالات رياضية ونوادٍ نسائية، بينما لم تعلّق سلطات البلاد، ممثلة في المجلس الرئاسي أو «الوحدة»، على هذا الأمر، وهو ما عده مقربون منهما «رضاً وقبولاً» بما تعهد به الطرابلسي.

الدبيبة والمنفي لم يعلّقا على تصريحات الطرابلسي (المجلس الرئاسي الليبي)

وبين هذا التيار وذاك، ظهرت شكاوى من التضييق والتحريض ضد «متبرجات»، أعقبتها دعوات للنائب العام بضرورة التدخل لحمايتهن وتفعيل القانون. وأمام تصاعد هذا الاتجاه الذي حذرت منه منظمات دولية، عدّت زهراء لنقي، عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، أن الهدف منه «إشغال الناس عن القضايا الجوهرية، مثل الفساد المالي والإداري وتهريب الأموال».

وقالت الزهراء لـ«الشرق الأوسط» إن هذا التوجه «يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي تفعلها حكومة (الوحدة) بين الحين والآخر، في إطار توجّه منهجي لعودة المنظومة الأمنية القمعية، وكبت الحريات العامة، وملاحقة المجتمع المدني عبر توظيف خطاب متشدد».

منظمة «العفو الدولية» قالت إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء» (وزارة الداخلية)

وسبق لمنظمة «العفو الدولية» القول إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء والفتيات، والانتقاص من حقوقهن في حرية التعبير والدين، والمعتقد والخصوصية الجسدية، بما في ذلك خطط لإنشاء شرطة الأخلاق لفرض الحجاب الإلزامي».

من جهته، عدّ جمال الفلاح، رئيس «المنظمة الليبية للتنمية السياسية»، أن هذه الإجراءات «قسّمت المجتمع بين جماعة مؤيدة، وأخرى تعد هذا التوّعد إهانة للمرأة الليبية، التي ترفض فرض الحجاب عليها بالقوة».

وقال الفلاح الذي يرى أن المرأة الليبية «قيادية ورائدة في مجالات عدة»، لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كنا نتحدث عن الأخلاق والفضيلة، فليبيا اليوم تعج بالربا وفساد السلطة والمسؤولين، بالإضافة إلى الرشى في أوساط من هم في السلطة؛ ولذلك كان من الأولى التركيز على قضايا الرشوة والابتزاز والقتل خارج القانون».

جمال الفلاح رئيس المنظمة الليبية للتنمية السياسية (الشرق الأوسط)

وكان الطرابلسي قد قال في مؤتمر صحافي في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، باللهجة الليبية: «نلقى واحد مقعمز (جالس) هو وبنت برقدهم في الحبس، والبنت بترقد هي وأهلها في الحبس. والنساء اللي تسوق من غير ستر شعرها بنستلم منها السيارة... لا نعرف زميل لا صديق لا شريك لا موظف».

وسيلة للإلهاء

أمينة الحاسية، رئيس مجلس إدارة ملتقى التغيير لتنمية وتمكين المرأة، ربطت بين توجه سلطات طرابلس لتفعيل الحجاب «جبراً»، والأزمة السياسية في البلاد، وهو ما ذهبت إليه أيضاً لنقي.

تقول الحاسية لـ«الشرق الأوسط»: «عادة ما يضع المسؤولون في ليبيا المرأة في مكان بين السياسة والدين؛ ولو تريد الدولة حقاً المحاسبة فعليها أن تبدأ أولاً بمواجهة الفساد، وتدع المرأة وشأنها»، مضيفة: «هم الآن في وضع سياسي سيئ».

زهراء لنقي عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي (الشرق الأوسط)

وعدت لنقي التركيز على المرأة وزيها وشعرها «زوبعة يستهدفون الإلهاء من ورائها»، معتقدة أن حكومة طرابلس «تسعى لأن تكون سلطة دينية وهي ليست كذلك... و 90 في المائة؜ من الليبيات تقريباً يرتدين الزي نفسه داخل ليبيا. هذه في رأيي زوبعة للإلهاء عن القضايا الجوهرية لا أقل ولا أكثر».

حماية الآداب العامة

غير أن صمت السلطة حيال ما ذهب إليه الطرابلسي توقف بعد قرار أصدره الدبيبة، وتم تداوله على نطاق واسع، وهو القرار الذي قضى باستحداث إدارة بالهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية، تسمى «الإدارة العامة لحماية الآداب العامة».

وحدد القرار، الذي لم تنفه حكومة الدبيبة، مهام إدارة «حماية الآداب العامة»، من بينها ضبط الجرائم التي ترتكب في الأماكن العامة، والمقاهي والمطاعم ودور العرض والفنادق، وغيرها من الأماكن العامة أو المخصصة للارتياد العام بالمخالفة للتشريعات الخاصة بحماية الآداب العامة، ومكافحة الأفعال التي تتنافى مع توجهات المجتمع، وتسيء إلى قيمه وأخلاقه ومبادئه، وتطبيق التشريعات النافذة، بالإضافة إلى القيام بأعمال البحث والتحري، وجمع الاستدلال في الجرائم المتعلقة بالآداب العامة.

وتوجه مقربون من الإعلامية الليبية، زينب تربح، ببلاغ إلى النائب العام، بعد شكايتها في مقطع فيديو من مضايقات وهي تقود سيارتها من طرف مجهولين لكونها حاسرة الرأس، وقالت إيناس أحمدي، إحدى المقربات من الإعلامية، إن تربح «تتعرض لحملة شرسة من العنف والتعدي»، مشيرة إلى أن الحملة «ما زالت في بدايتها، وما زالت تأخذ أشكالاً أكثر تعنيفاً دون أي رادع».

وانتشر على تطبيق «تيك توك» تأييد واسع لرغبة سلطة طرابلس في تفعيل الحجاب، كما أسبغ بعض المعجبين على الطرابلسي أوصافاً عديدة، تعود لشخصيات تاريخية، وعدّوه «حامياً للإسلام والأخلاق». وهنا تلفت الحاسية إلى «تغول التيار الديني في غرب ليبيا، وتأثيره على من هم في السلطة، لما يملكه من مال وسلاح وميليشيات»، وقالت بهذا الخصوص: «أصبحت هناك حالات تعد على صالات الرياضة والنوادي النسائية بالقوة، وقد حاولوا أن يغلقوها بحجج كثيرة، من بينها الدين والحجاب. وربما نقول إن الطرابلسي له علاقة بهذه التشكيلات المسلحة وهذا التوجه الديني».

أمينة الحاسية في لقاء سابق مع سيتفاني ويليامز (الشرق الأوسط)

ووسط تباين مجتمعي، يراه كثيرون أنه سيتفاعل في قادم الأيام كلما تعددت حالات التضييق على «المتبرجات»، قالت المحامية الليبية ثريا الطويبي، إن ما ذهب إليه الطرابلسي، «جاء مخالفاً للإعلان الدستوري، الذي نص على حماية الحقوق وصيانة الحريات». مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يعد لباس المرأة من الحقوق والحريات الشخصية، ما لم يكن فاضحاً أو خادشاً للحياء العام، وليس من اختصاص وزير الداخلية وضع القيود على لباس المرأة، أو تنقلها وسفرها للخارج».

المحامية الليبية ثريا الطويبي (الشرق الأوسط)

واتساقاً مع ذلك، تعتقد الحاسية أن ليبيا تعيش راهناً في فوضى، ومواجهة من تيار ديني يريد الهيمنة على زمام الأمور والقوانين ودسترة هذه المشكلات، لكنها قالت جازمة: «الليبيون والليبيات سيرفضون هذا الإلزام، إلا لو فرض عليهم بقوة السلاح».