«وأنا عم فتش عا براندو، لقيت حالي بالغلط». بهذه الكلمات التي يتضمنها الإعلان المصور الترويجي لمسلسل «البحث عن براندو الشرق» يمكن اختصار تجربة الممثل جورج خباز مع هذا العمل الجديد.
جورج الذي سرقه المسرح لأكثر من 17 عاماً كانت إطلالاته الدرامية قليلة نسبياً، ها هو يعود اليوم إلى هذه الساحة من بابها العريض.
يملك خباز مواهب فنية متعددة تتمحور حول التمثيل والإخراج والكتابة والغناء والتلحين والعزف. ومن تابع مشواره الفني لا بد أن تلفته كل هذه الطاقة التي يملكها. فهو ومهما فرّغها في عمل سينمائي أو مسرحي هنا وآخر درامي هناك، ستشعر بأنه لا يزال يملك الكثير. يسابق الوقت بحيث لا وقت عنده للسكينة والهدوء، وهو يستعد اليوم لإطلالات مختلفة بين السينما والمسلسلات الدرامية.
أعمال بالجملة شرع خباز في التحضر لها، وهي بمثابة إطلاق سراح حصل عليه مؤخراً، بعد وقفة فرضتها عليه جائحة «كورونا» وأزمات لبنان المتلاحقة.
أول أعماله الدرامية التي سترى النور في 3 يناير (كانون الثاني) المقبل «البحث عن براندو الشرق». فهو من كتابته وإخراج صديقه أمين درة الذي ألّف معاً ثنائياً ناجحاً، كان أحدثه الفيلم السينمائي «غدي». أما أبطال العمل إلى جانب خباز وأمل عرفة، فهم باقة من نجوم الشاشة الصغيرة ككميل سلامة، وفؤاد يمين وزينة مكي، وغيرهم.
ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «اليوم أعود إلى الساحة الدرامية التي أعتبرها عودة حميدة لي بعد انقطاع. وفي (براندو الشرق) وجدت كل ما يمكن أن يراود ممثل من طاقة وقاعدة درامية ومواقف كوميدية وفانتازيا ورومانسية، وغيرها. فهو يشكّل فرصة لي أعتز بها، خاصة بعد التجربة التي خضتها في فيلم (أصحاب ولا أعز). وهذا المسلسل سيثبت هذه الحالة التي مررت بها والتي انعكست عليّ إيجاباً بمطارح كثيرة».
يحكي «براندو الشرق» وهو من نوع الكوميديا السوداء عن مخرج سينمائي يدعى يوسف (جورج خباز) يبحث عن بطل لفيلمه الجديد. وخلال رحلته هذه يمر في حالات حزن ودموع وفرح فيعثر على «براندو الشرق» في شخصه.
تشارك الممثلة السورية أمل عرفة، خباز في بطولة العمل الذي هو من إنتاج شركة «الصبّاح». وعمن اختارها لتقوم بهذه المهمة، يقول خباز «جميعنا اخترناها، الشركة المنتجة والمخرج درة وأنا. فهي من الممثلات اللاتي يبرعن في الدراما كما في الكوميديا. تملك مسؤولية كبرى في أدائها وقلة من الممثلين يبرعون في ذلك». هل تريد القول بأنها تشبهك في هذا الموضوع؟ يرد «تماماً، فنحن ننتمي إلى نفس الخندق وإلى الممثلين الذين يسيرون على حبل مرتفع بإتقان».
يتألف المسلسل من 10 حلقات سيبدأ عرضها على منصة «شاهد» في 3 يناير المقبل. وسيتابع خلاله المشاهد عملاً درامياً لا يشبه غيره، لما يتضمن من مواقف ومفاجآت يستمتع بها على صعيد التمثيل والمحتوى والإخراج.
ومن ناحية ثانية، يتحضر خباز لدخول استوديوهات لتصوير المسلسل الرمضاني «النار بالنار». وهو أيضاً من إنتاج «الصبّاح إخوان» وكتابة رامي كوسا وإخراج محمد عبد العزيز. أما أبطاله، فيتألفون من عابد فهد، وكاريس بشار، وجورج خباز، وطوني عيسى، وزينة مكي وطارق تميم ونخبة من الممثلين اللبنانيين والسوريين. وسيتم عرضه، على محطات عربية عدة، وكذلك على شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال (LBCI) اللبنانية.
ويخبرنا خباز عن قصة العمل، ويتألف من 30 حلقة «إنه يحكي عن حارة شعبية وصراع يدور فيها بين لبنانيين ونازحين سوريين. الموضوع رائع لم يجرؤ أحد بعد على مقاربته من قبل. وألعب فيه شخصية اللبناني عزيز ابن الحي وصاحب شخصية انطوائية. فهو أستاذ بيانو ويشكو من التغييرات التي لامست معالم الحي الذي يسكنه وغير راضٍ على البيئة المحيطة به. فما عاد يعرف إذا الحي هو سوري أم لبناني الهوية، ويميل أكثر نحو الفقر بعيداً عن الرفاهية التي كانت تطبعه».
لا يتابع خباز كثيراً أعمال الدراما؛ كونه يتفرغ بشكل كبير لأعماله التي تسرق منه كل الوقت. ولكنه يعلق «أنا سعيد جداً بما تشهده الدراما بشكل عام فهناك إنتاجات كثيرة ومنوعة وعلى المستوى المطلوب. إنها غزيرة ولو بينها الرديء وهو أمر طبيعي في إنتاجات لبنانية أو مختلطة. كما أن المنصات الإلكترونية أسهمت في انتشارها وهو أمر جيد برأيي».
منذ فترة وجيزة تواجد خباز في الكويت، حيث أقام ورش عمل خاصة بالمسرح. فدرّب مجموعة من محترفي التمثيل وهواة المسرح على عدد من المبادئ الأساسية لإعداد الممثل. وعرّفهم على قواعد تقنية ونفسية يجب اتباعها قبل الوقوف على خشبة المسرح. «جولتي هذه بدأتها في الكويت، ومن بعدها توجهت إلى مصر والسعودية، حيث شاركت في مهرجان البحر الأحمر السينمائي». وعما اكتشفه في المسرح الخليجي، يقول «هناك مواهب كبيرة عندهم وتستأهل تسليط الضوء عليها. ولكن يلزمها العناية والدراية في موضوع المسرح. كما أن هناك نقاط تشابه كثيرة بين مسرحينا فنلتقي في مطارح عدة. عندهم مثلنا موضوعات كوميديا اجتماعية هادفة، وأخرى تتناول قضايا معيشية يومية».
يغيب مسرح جورج خباز منذ فترة لا يستهان بها، هو الذي اعتاد على مدى 17 عاماً تقديم مسرح يومي. فكان وعلى مدى 6 أشهر في الموسم الواحد يقدم 6 حفلات بالأسبوع من الثلاثاء حتى الأحد. فهل يعوّض اليوم هذا الغياب بالدراما ويأخذ استراحة من المسرح؟ «المسرح هو من أخذ استراحة منا بسبب جائحة (كوفيد – 19) أولاً، والأزمة الاقتصادية التي ألمّت بلبنان وبأهله من بعدها. ولا أستطيع أن أخون جمهوري المسرحي وأحدد أسعار بطاقات لا يتحملها في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة. فمجمل رواد مسرحي هم من الطبقة الشعبية وما دون، إضافة إلى شريحة أخرى مرتاحة مادياً. فكان لا بد أن أفكر بهم؛ لأن كلفة دخول المسرح قد تتخطى المليوني ليرة بالنسبة لعائلة صغيرة صاحبة ميزانية خجولة. ولذلك؛ أتروى اليوم في العودة إلى المسرح في انتظار ما ستحمله لنا الأيام المقبلة».
وهل تجد تعويضاً في الدراما؟ «هو تعويض نسبي، وطبعاً بغير تقنيات، ولكنها أفضل من البقاء مكانك راوح».
يطول الحديث مع الفنان الشامل جورج خباز بين المسرح والتلفزيون ولكننا نتوقف عند خطوة عالمية يقوم بها على صعيد السينما. فقد أعلن أخيراً، أنه بصدد المشاركة في بطولة فيلم «يونان» للمخرج السوري أمير فخر الدين. ويجمعه مع البطلة الألمانية آنا شيغولا والممثلة التركية سيبيل كيكيلي المعروفة بدورها في المسلسل الشهير Game of Thrones، وبمشاركة الفنان السوري باسم ياخور.
وتدور أحداث الفيلم حول كاتب عربي في ألمانيا يسافر إلى جزيرة نائية بهدف الانتحار، ليلتقي بامرأة عجوز، توقظ فيه الرغبة في الحياة. وسيصوّر الفيلم في مارس (آذار) المقبل في هامبورغ بألمانيا. وهو من إنتاج مشترك ألماني وفرنسي وإيطالي. ويخبرنا خباز قصته مع هذا الفيلم «لقد شاهدني الكاتب والمخرج أمير فخر الدين في فيلم (أصحاب ولا أعز) على منصة (نتفليكس). فاتصل بي من خلال رسالة إلكترونية تضمنت فيلمه السينمائي (الغريب). فأعجبت كثيراً برؤيته السينمائية؛ لأنه يجمع ما بين تاركوفسكي وبرغمان. فقرأت نص فيلم (يونان) وأعجبت بالشخصية المسندة لي ووافقت على لعب دور الكاتب فيه».
ويرى خباز، أن فيلم «يونان» يعتبره فرصة سانحة له؛ فهو كغيره من الفنانين يحلم بالعالمية، ولكنها لم تشكل هاجساً عنده. واليوم وبعد «أصحاب ولا أعز» تلقى خبّاز عروضاً كثيرة للمشاركة في أفلام عالمية، ولكنه لم يكن يملك الوقت للمشاركة فيها. «(أصحاب ولا أعز) أثّر في مسيرتي الفنية بشكل لافت وعرّف العالمين العربي والغربي عليّ. كما أني أعمل في مجال أعشقه ومن الجيد أن ألاقي فرصة في عمل لست من يكتبه أو يخرجه كما هي العادة. فهو يغني رؤيتي بإضافات أخرى ويزودني بخبرة وتصور للأمور من منظار آخر. كما أني مشتاق للممثل الكلاسيكي الموجود داخلي».
وعما إذا هو يهنئ نفسه لما بلغه من إنجازات فنية يختم «طبعاً أهنئ نفسي وأهنئ كل ممثل لبناني استطاع أن يصنع شيئاً للبنان في ظل ظروف صعبة نعيشها. نعم أهنئ نفسي ليس من باب الغرور فحسب، بل من باب الواقع».