الجديد في علاج أمراض القلب خلال 2022

الجديد في علاج أمراض القلب خلال 2022
TT

الجديد في علاج أمراض القلب خلال 2022

الجديد في علاج أمراض القلب خلال 2022

رغم كل ما تعرض له العالم من نكبات صحية وأوبئة وحروب شبه نووية، كان عام 2022، عاماً حافلاً بالاكتشافات والمستجدات الطبية والتقنيات المتطورة التي ستغير مستويات الرعاية الصحية في مختلف التخصصات الطبية عام 2023.
وسوف نركز هنا على أمراض القلب وشغف العلماء والباحثين الذي مكنهم من أن يضعوا أصابعهم على نبض التقنيات الجديدة والتنبؤ بنجاح تطورات الأجهزة والتكنولوجيا والعلاج وتحسين الرعاية الصحية وتقديم رعاية فائقة مبتكرة لمرضى القلب.
التقت «صحتك» الدكتور حسان شمسي باشا، استشاري أمراض القلب في مستشفى الدكتور غسان فرعون بجدة، وهو مؤلف 67 كتاباً باللغتين العربية والإنجليزية... ومنها كتاب (Contemporary Bioethics Islamic perspective) والذي تم تحميله أكثر من 400 ألف مرة... فتحدث عما استجد وطرأ في طب القلب، سواء في أقدم عقاقيره وهو الأسبرين أو أحدثها وهو دواء olpasiran الذي يخفّض بأمان تركيزات البروتين الدهني (إيه) بنسبة تصل إلى 100 في المائة، والحقنة النصف سنوية (Inclisiran) التي تخفّض الكولسترول الضار LDL. وفيما يلي يسرد لنا الدكتور باشا أهم المستجدات التي تحققت لأطباء ومرضى القلب خلال العام المنصرم 2022.

علاجات القلب
> الأسبرين والقلب. ثمة خبر حول استخدام الأسبرين في الوقاية الأولية من أمراض القلب... فقد انضمّت فرقة العمل بالخدمات الوقائية بالولايات المتحدة أخيراً في عام 2022 إلى مجموعة المنظمات الصحية الأخرى في استنتاج أن الأسبرين لا ينبغي استخدامه عند المسنّين غير المصابين بأمراض القلب.
أما عند المصابين بمرض شرايين القلب الذين أُجري لهم تركيب دعامات في شرايين القلب، أو أُجريت لهم عملية وصل شرايين القلب، فهؤلاء يُعطوْن الأسبرين بعيار 81 أو 100 ملغم مدى الحياة.
> علاج دوائي للمصابين بتضيق شرايين القلب. في كثير من المستشفيات، يتم إرسال المرضى الذين يعانون من اعتلال في عضلة القلب لإجراء قسطرة للشرايين التاجية. والغرض من ذلك هو تشخيص وجود مرض في الشرايين التاجية؛ ربما لأن إعادة التغذية الدموية للقلب يمكن أن تُحسّن وظيفة عضلة القلب.
لكن نتائج دراسة (REVIVED - BCIS2)، التي نُشرت في عام 2022، ربما تقلب هذه الممارسة الشائعة. فقد أعطى الباحثون البريطانيون لإجراء توسيع الشرايين التاجية وتركيب الدعامات (PCI) فرصة مثالية للتألق، فقاموا بشكل عشوائي بدراسة 700 مريض مصاب بنقص التروية القلبية (ولديهم تضيق واضح في شرايين القلب) مع اعتلال في عضلة القلب (معدل قذف البطين الأيسر 35 في المائة) وبحالة طبية مستقرة من حيث الأعراض.
قاموا بتقسيم المرضى إلى مجموعتين: إما إجراء توسيع للشرايين التاجية (PCI)، أو استخدام العلاج الطبي الأمثل من دون إجراء قسطرة.
وخلال 3.5 سنوات من المتابعة، لم يكن هناك فرق يُذكر في النتائج الأساسية التي تشمل نسب الوفاة أو دخول المشفى بسبب فشل القلب. كما لم تكن هناك فروق ذات أهمية في وظيفة عضلة القلب أو درجة جودة الحياة.
توقفْ هنا وتخيلْ صورة تضيق متعدد في الشرايين التاجية، وطبيبُ القلب يختار الأدوية على تركيب الدعامات! الحقيقة هي أن العلاج الطبي لمرض شرايين القلب قد تحسّن بشكل كبير خلال العقد الماضي. ويبدو أن نتائج هذه الدراسة ليست مجرد تغيير في الممارسة بل تغيير في التفكير، فالعلاج الطبي للمرضى المصابين بتضيق في شرايين القلب، وحالتهم مستقرة جداً، خيارٌ جيد.
> ارتفاع ضغط الدم عند الحوامل: متى يُعالج؟ يجيب الدكتور باشا، بأنه في شهر مايو (أيار) من عام 2022 نشرت المجلة الأميركية NEJM دراسة (CHAP)... التي بحثت علاج ارتفاع ضغط الدم الخفيف أثناء الحمل. علماً بأن ارتفاع ضغط الدم يصيب نحو 2 في المائة من جميع حالات الحمل. وقد يؤدي إلى مخاطر كبيرة على كل من الطفل والأم، وهو أكثر انتشاراً عند النساء السود.
وقد قام الباحثون في هذا البحث بدراسة أكثر من 2400 من النساء الحوامل المصابات بارتفاع خفيف في ضغط الدم المزمن بتقسيمهن إلى مجموعتين:
الأولى: عُولج ضغط الدم عندهن بحيث تم خفض ضغط الدم لديهن إلى 140/90 ملم زئبق. والأخرى: لم يُعطيْن الأدوية إلا إذا كان ضغط الدم عندهن 160/90 ملم زئبق أو أكثر.
وجد الباحثون عند المشاركات من المجموعة الأولى: انخفاضاً مهماً بنسبة 18 في المائة في نسب المضاعفات، مثل التسمم الحملي أو الولادة المبكرة، أو انفصال المشيمة، أو موت الجنين، أو ولادة طفل خديج.
تدعم هذه النتائج بقوة استراتيجية استخدام أدوية ارتفاع ضغط الدم عند الحوامل المصابات بارتفاع ضغط الدم بدلاً من الانتظار حتى يرتفع ضغط الدم عندهن إلى مستويات عالية. ولم يكن هناك يقين قبل هذه الدراسة أي الأساليب أنجع؟ فقد كانت تجربة (CHAP) واحدة من أكثر التجارب ذات المغزى في عام 2022؛ وذلك لأن الباحثين وجدوا أن معدل وفيات الأمهات المرتبطة بالحمل في الولايات المتحدة هو الأعلى بين البلدان الصناعية.
وربما كان أحد أسباب تلك الوفيات المرتفعة هو أن الأطباء ربما لم يعالجوا ارتفاع ضغط الدم عند الحوامل بقوة وحكمة. وبناءً على نتائج هذه الدراسة؛ فقد أصبحت الكلية الأميركية لأطباء التوليد وأمراض النساء، توصي الآن باعتماد قراءات الضغط 140/90 ملم زئبق كحد أدنى لبدء أو رفع العلاج الطبي لارتفاع ضغط الدم المزمن أثناء الحمل، في حين كانت العتبة السابقة أعلى من ذلك.

قصور القلب
> إلى أي درجة نقلل الملح في حالات قصور القلب؟ يجيب الدكتور باشا، بأن لا أحد ينصح المرضى المصابين بقصور القلب بأن يأخذوا حريتهم في تناول الشوربة المالحة ورقائق البطاطا وغيرها... لكن السؤال هو ما مدى شدة حرصنا على تجنب الملح؟ فمرضى قصور القلب لديهم الكثير من المهام للالتزام بها.
وقد قارنت دراسة (SODIUM - HF) التي نشرت في مجلة «لانست» في شهر أبريل (نيسان) 2022... قارنت بين مجموعتين: الأولى: طُلب منها تحديد كمية الصوديوم المتناول يومياً بأقل من 1500 ملغم. أما المجوعة الأخرى: فأعطيت التوصيات المعتادة لمرضى قصور القلب.
لم تجد الدراسة فروقاً تُذكر في المعايير الأولية للدراسة، مثل معدلات دخول المستشفى بسبب فشل القلب، أو زيارات عيادات القلب، أو نسب الوفاة.
فالمجموعة الأولى استهلكت 1600 ملغم من الصوديوم يومياً، مقابل 2000 ملغم من الصوديوم يومياً في المجموعة الأخرى.
ومن المعروف أن متوسط النظام الغذائي في الولايات المتحدة يشتمل على أكثر من 3000 ملغم من الصوديوم يومياً.
وما يُستخلص من هذه الدراسة هو أنه لا يتعين علينا وضع قيود صارمة جداً في تناول الملح بقدر ما ينبغي التركيز على العديد من علاجات قصور القلب المهمة الأخرى. ويفيد في هذا الجانب استشارة اختصاصية التغذية... فهي التي توجّه المريض إلى ما ينبغي تناوله وما ينبغي تجنبه!
> الإسراع في علاج قصور القلب. دفع أطباء القلب المتخصصين في معالجة قصور القلب في السنوات الأخيرة.. للبدء الفوري والتسارع في زيادة جرعات الأدوية إلى مستويات أعلى خلال أسابيع عدة؛ وذلك بعد أن لاحظ الباحثون تقاعساً في بعض الأجهزة الصحية في سرعة المبادرة في علاج هذه الفئة من المرضى والمصابة بفشل (قصور) القلب... وأن هذا الإقبال البطيء على إعطاء العلاج الأمثل قد ارتبط بنتائج أسوأ!
وهنا تأتي أهمية دراسة (STRONG - HF) والتي نشرت في مجلة «لانست» في شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي 2022 التي شملت نحو 1600 مريض يعانون من قصور حاد في القلب من 14 دولة.
تم تقسيم المرضى إلى مجموعتين: الأولى: تضمنت تقديم 4 زيارات للمريض لعيادة قصور القلب، وذلك خلال 6 أسابيع من تشخيص وجود قصور في القلب. وتم خلال تلك الزيارات تكثيف الجهود لإعطاء المرضى الجرعات القصوى المُوصى بها من الجمعيات الطبية العالمية تدريجياً.
أما المجموعة الأخرى: فعُولجت بالطريقة المعتادة.
وأظهرت الدراسة، أن المرضى الذين تلقّوا العلاج المكثف قد انخفضت عندهم نسبة الوفيات أو عودة دخول المريض للمستشفى بنسبة 34 في المائة. وهذه الدراسة تجعل الأطباء يشعرون بأنك إذا كنت جاداً (جداً) بشأن شدة متابعة مرضى فشل القلب... واستخدام الأدوية بالجرعات الأمثل... فإن النتائج عند المرضى ستكون بلا شك أفضل بكثير. وبالطبع، فإن تنفيذ مثل هذا البرنامج يتطلب التزاماً من الأنظمة الصحية المعنية.

أدوية الكولسترول والبدانة
> ليست كل آلام العضلات سببها مركبات الستاتين. أوضح الدكتور حسان باشا، أن هناك دراسة حديثة من مؤتمر الجمعية الأوروبية لأمراض القلب 2022 - سلطت الضوء على أن العقاقير المخفضة للكوليسترول (ستاتينات) كانت مرتبطة بزيادة طفيفة فقط في خطر الإصابة بألم العضلات أو ضعفها في السنة الأولى من استعمالها، وأن الغالبية العظمى من أعراض العضلات لم تكن بسبب العلاج باليستاتين!
ونحن نعلم أن هذه المجموعة من الأدوية تعدّ واحدة من أهم العلاجات غير المُكْلفة لتقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
وينبغي تغيير التصور بأن هذه الأدوية خطيرة، وأنها تحمل قدراً كبيراً من الآثار الجانبية، في حين أنها في الواقع غير ذلك.
> أدوية لارتفاع الكولسترول. في مجال الوقاية الأولية والثانوية من أمراض القلب، ظهر العديد من الأدوية الجديدة لعلاج مستويات الدهون المرتفعة.
فقد أظهرت دراسة حديثة نشرت في عام 2022 بأن دواء (olpasiran) قد خفّض بأمان تركيزات البروتين الدهني (إيه) بنسبة تصل إلى 100 في المائة.
كما أن دواء (Inclisiran)، وهو دواء لخفض الكولسترول الضار LDL، يُعطى حقنة تحت الجلد كل ستة أشهر، وتمت الموافقة عليه من قِبل إدارة الأغذية والدواء الأميركية في عام 2021 قد انتقل في عام 2022 إلى الممارسة السريرية، لكن الدواء ما زال يواجه عقبات في انتشاره بسبب سعره الباهظ.
> دواء جديد للبدانة. وفي أخبار معالجة البدانة، فقد ظهر دواء جديد يدعى (tirzepatide) يعطى حقنة تحت الجلد أسبوعياً، كما هو الحال في دواءين آخريْن، وهو فعال في مساعدة المرضى الذين يعانون من ارتفاع مؤشر كتلة الجسم (BMI) أكثر من 30 وأدى إلى خسارة عشرة كيلوغرامات في تجربة (SURMOUNT - 1) التي نشرت في شهر يوليو (تموز) 2022 في مجلة NEJM الأميركية.
> أي المدررات أفضل؟ وتأتي الإجابة من دراسة «مشروع مقارنة مدرات البول» (DCP) والتي تم تقديمها في اجتماع جمعية القلب الأميركية ونشرت في مجلة نيو إنغلاند الطبية، باعتبارها واحدة من أكثر هذه الدراسات تأثيرا في العام. فقد أظهرت الدراسة أن الأعراض الجانبية للمعالجة بدواء مدر للبول وخافض للضغط يدعى هيدروكلوروثيازيد (HCTZ) كانت مماثلة للأعراض لدى أولئك الذين عولجوا بدواء مدرٍّ آخر يدعى الكلورثاليدون.
وقبل هذه الدراسة كان معظم الأطباء يستخدمون HCTZ لأنه يرتبط بآثار جانبية أقل. وتبين من خلال هذه الدراسة عدم وجود ميزة واضحة للكلورثاليدون على هيدروكلوروثيازيد.
> نم باكراً. أخيراً، يتوجه الدكتور حسان شمسي باشا بنصيحة ذهبية للقراء الكرام من أجل صحة قلوبهم بذكر واحدة من أكثر القصص انتشاراً في عام 2022 تتعلق بتوصيات جمعية القلب الأميركية (AHA) التي تؤكد على أهمية النوم. حيث طلبت جمعية القلب الأميركية من الناس الالتزام بأساسيات الحياة السبعة «Life›s Simple 7»، وهو تقييم مركبٌ لعوامل عدة: جودة النظام الغذائي، النشاط البدني، التعرض لتدخين السجائر، مؤشر كتلة الجسم، غلوكوز الدم الصائم، الكوليسترول الكلي، وضغط الدم.
والأن، توصي جمعية القلب الأميركية (AHA) بالذهاب إلى الفراش للنوم بشكل أبكر بقليل، وبذلك يصل عدد «أساسيات الحياة» إلى ثمانية «Life›s Essential Eight».



الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين
TT

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19» نُشرت أحدث وأطول دراسة طولية عن الأعراض الطويلة الأمد للمرض أجراها باحثون إنجليز في مستشفى غريت أورموند ستريت للأطفال Great Ormond Street Hospital for Children بالمملكة المتحدة بالتعاون مع عدة جامعات أخرى؛ مثل جامعة لندن ومانشستر وبريستول. وأكدت أن معظم الأطفال والمراهقين الذين تأكدت إصابتهم بأعراض كوفيد الطويل الأمد، تعافوا بشكل كامل في غضون 24 شهراً.

أعراض «كوفيد» المزمنة

بداية، فإن استخدام مصطلح (أعراض كوفيد الطويل الأمد) ظهر في فبراير (شباط) عام 2022. وتضمنت تلك الأعراض وجود أكثر من عرض واحد بشكل مزمن (مثل الإحساس بالتعب وصعوبة النوم وضيق التنفس أو الصداع)، إلى جانب مشاكل في الحركة مثل صعوبة تحريك طرف معين أو الإحساس بالألم في عضلات الساق ما يعيق ممارسة الأنشطة المعتادة، بجانب بعض الأعراض النفسية مثل الشعور المستمر بالقلق أو الحزن.

الدراسة التي نُشرت في نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي في مجلة Nature Communications Medicine أُجريت على ما يزيد قليلاً على 12 ألف طفل من الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاماً في الفترة من سبتمبر(أيلول) 2020 وحتى مارس (آذار) 2021، حيث طلب الباحثون من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم، تذكر أعراضهم وقت إجراء اختبار «تفاعل البوليمراز المتسلسل» PCR المُشخص للكوفيد، ثم تكرر الطلب (تذكر الأعراض) مرة أخرى بعد مرور ستة و12 و24 شهراً.

تم تقسيم الأطفال إلى أربع مجموعات على مدار فترة 24 شهراً. وتضمنت المجموعة الأولى الأطفال الذين لم تثبت إصابتهم بفيروس الكوفيد، والمجموعة الثانية هم الذين كانت نتيجة اختبارهم سلبية في البداية، ولكن بعد ذلك كان نتيجة اختبارهم إيجابية (مؤكدة)، فيما تضمنت المجموعة الثالثة الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية، ولكن لم يصابوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً، وأخيراً المجموعة الرابعة التي شملت الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قام الباحثون باستخدام مصطلح كوفيد الطويل الأمد عند فحص بيانات ما يقرب من ألف طفل من الذين تأكدت إصابتهم بالمرض ووجدوا بعد مرور عامين أن نحو 25 - 30 في المائة فقط من إجمالي المراهقين هم الذين لا يزالون يحتفظون بالأعراض المزمنة، بينما تم شفاء ما يزيد على 70 في المائة بشكل كامل. وكان المراهقون الأكبر سناً والأكثر حرماناً من الخدمات الطبية هم الأقل احتمالية للتعافي.

25 - 30 % فقط من المراهقين يظلون محتفظين بالأعراض المزمنة للمرض

استمرار إصابة الإناث

كان اللافت للنظر أن الإناث كن أكثر احتمالية بنحو الضعف لاستمرار أعراض كوفيد الطويل الأمد بعد 24 شهراً مقارنة بالذكور. وقال الباحثون إن زيادة نسبة الإناث ربما تكون بسبب الدورة الشهرية، خاصة أن بعض الأعراض التي استمرت مع المراهقات المصابات (مثل الصداع والتعب وآلام العضلات والأعراض النفسية والتوتر) تتشابه مع الأعراض التي تسبق حدوث الدورة الشهرية أو ما يسمى متلازمة «ما قبل الحيض» pre-menstrual syndrome.

ولاحظ الباحثون أيضاً أن أعلى معدل انتشار للأعراض الطويلة الأمد كان من نصيب المرضى الذين كانت نتائج اختباراتهم إيجابية في البداية، ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قال الباحثون إن نتائج الدراسة تُعد في غاية الأهمية في الوقت الحالي؛ لأن الغموض ما زال مستمراً حول الآثار التي تتركها الإصابة بالفيروس، وهل سوف تكون لها مضاعفات على المدى الطويل تؤدي إلى خلل في وظائف الأعضاء من عدمه؟

وتكمن أهمية الدراسة أيضاً في ضرورة معرفة الأسباب التي أدت إلى استمرار الأعراض في الأطفال الذين لم يتماثلوا للشفاء بشكل كامل ونسبتهم تصل إلى 30 في المائة من المصابين.

لاحظ الباحثون أيضاً اختلافاً كبيراً في الأعراض الملازمة لـ«كوفيد»، وعلى سبيل المثال هناك نسبة بلغت 35 في المائة من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم في البداية، ثم أصيبوا مرة أخرى بعد ذلك، لم تظهر عليهم أي أعراض على الرغم من إصابتهم المؤكدة تبعاً للتحليل. وفي المقابل هناك نسبة بلغت 14 في المائة من المجموعة التي لم تظهر عليها أي أعراض إيجابية عانت من خمسة أعراض أو أكثر للمرض، ما يشير إلى عدم وضوح أعراض كوفيد الطويل الأمد.

هناك نسبة بلغت 7.2 في المائة فقط من المشاركين عانوا بشدة من الأعراض الطويلة الأمد (5 أعراض على الأقل) في كل النقط الزمنية للدراسة (كل ثلاثة أشهر وستة وعام وعامين)، حيث أبلغ هؤلاء المشاركون عن متوسط خمسة أعراض في أول 3 أشهر ثم خمسة في 6 أشهر ثم ستة أعراض في 12 شهراً ثم خمسة في 24 شهراً بعد الإصابة، ما يؤكد ضرورة تقديم الدعم الطبي المستمر لهؤلاء المرضى.

بالنسبة للتطعيم، لم تجد الدراسة فرقاً واضحاً في عدد الأعراض المبلغ عنها أو حدتها أو الحالة الصحية بشكل عام ونوعية الحياة بين المشاركين الذين تلقوا التطعيمات المختلفة وغير المطعمين في 24 شهراً. وقال الباحثون إن العديد من الأعراض المُبلغ عنها شائعة بالفعل بين المراهقين بغض النظر عن إصابتهم بفيروس «كورونا» ما يشير إلى احتمالية أن تكون هذه الأعراض ليست نتيجة للفيروس.

في النهاية أكد العلماء ضرورة إجراء المزيد من الدراسات الطولية لمعرفة آثار المرض على المدى البعيد، وكذلك معرفة العواقب الطبية للتطعيمات المختلفة وجدوى الاستمرار في تناولها خاصة في الفئات الأكثر عرضة للإصابة؛ أصحاب المناعة الضعيفة.

* استشاري طب الأطفال