تحديات حكومة نتنياهو

(تحليل إخباري)

نتنياهو على منصة الكنيست أمس (إ.ب.أ)
نتنياهو على منصة الكنيست أمس (إ.ب.أ)
TT

تحديات حكومة نتنياهو

نتنياهو على منصة الكنيست أمس (إ.ب.أ)
نتنياهو على منصة الكنيست أمس (إ.ب.أ)

في الوقت الذي وقف فيه بنيامين نتنياهو على منصة الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، ليعرض حكومته وحتى نزوله عنها، كان نواب المعارضة بقيادة يائير لبيد، يهتفون في وجهه «ضعيف... ضعيف». وقد راح رئيس الجلسة يوبخهم ويخرج من الجلسة النائب تلو الآخر. ونتنياهو نفسه خرج عن طوره، وأخذ يصرخ على النواب. فقال «أنا أتحدث عن مواجهة التهديد الإيراني وأنتم لا تصغون. لأنه لا يهمكم بشيء. أين انتماؤكم الوطني؟».
وكانت تلك صورة سريالية ترمز كثيراً لما هو قادم. نتنياهو تحدث عن تحديات حكومته، وأولها التحدي الإيراني كما قال، ثم الحفاظ على إسرائيل متفوقة على كل محيطها، وثانيها مد خط سكة حديد من أعلى الشمال وحتى أقصى الجنوب، وثالثها الاستمرار في توسيع دائرة السلام مع الدول العربية لأجل إنهاء الصراع الإسرائيلي - العربي. وقال، إن إسرائيل تدخل عامها الخامس والسبعين، وإنه يعد للخمس والعشرين سنة المقبلة أن تكون سنوات الإنجازات الهائلة في الازدهار والأمن والأمان والسلام والتطور. وقد رد عليه لبيد، فعدّد إنجازات حكومته المنتهية ولايتها (أوقفنا الاتفاق النووي من دون صراع مع واشنطن وحاربنا «كورونا» من دون فرض إغلاق وخفضنا البطالة إلى 3 في المائة ورفعنا الصادرات بنسبة 15 في المائة ووضعنا خطة لمكافحة العنف في المجتمع العربي وأقمنا علاقات دولية لم يسبق وإن كان لإسرائيل مثيل لها)، ودعا الحكومة الجديدة بألا تهدم هذه الإنجازات، ووعد «نحن عائدون قريباً إلى الحكم».
عندما تكلم نتنياهو صفق له نواب الائتلاف الحكومي، مع أن أنظمة الكنيست تحظر التصفيق. فراح نواب المعارضة يصفقون له أكثر، لدرجة أنه لم يستطع إكمال خطابه. وكاد ينزل عن المنصة من دون أن يعرض أسماء الوزراء، كما ينص القانون. فسارع مساعدوه إلى إعادته. وبدا نتنياهو فعلاً ضعيفاً ومرهقا ومترهلاً، حتى أن كثيراً من المقربين قالوا، إن نتنياهو اليوم هو ليس نتنياهو القائد القوي الذي عرفناه. لكن المشكلة أيضاً، أن المعارضة لم تظهر قائداً قوياً آخر ينافسه. لبيد يعدّ شخصية باهتة عديمة الكاريزما، وكذلك الأمر بيني غانتس. والمعارضة بكل أحزابها، ورغم أن لديها 56 نائباً في الكنيست، لم تستطع تجنيد أكثر من 200 شخص للتظاهر ضد الحكومة الجديدة.
لهذا؛ يتحدثون عن «معارضة» أخرى يمكنها أن تهدد نتنياهو بشكل فعلي، هي «الواقع» السياسي الذي يواجه، أكان ذلك داخل إسرائيل أو خارجها. فهو يعرف تماماً ما هي حكومته وكم هي متعبة وجاذبة للمشاكل والأزمات. يعرف أنها يمكن أن تدخله في شرخ شديد وربما صراعات حادة بين مختلف الشرائح اليهودية، متدينين وعلمانيين، يمين ويسار، وتدخله في تنافر حقيقي مع الجيش، وقد رأينا ملامح تململ في المؤسسة العسكرية القوية. وتدخله في صدام دامٍ مع الفلسطينيين في المناطق (الضفة والقطاع) وفي اشتباك مع مواطني إسرائيل العرب (فلسطينيي 48)، وقد تدخله في صدام مع يهود الويات المتحدة والإدارة الأميركية ودول أوروبا. ولكنه رضخ لحلفائه في اليمين المتطرف حتى النهاية. ولأنهم لا يثقون بوعوده، قام بتحويل طلباتهم إلى قوانين تمت المصادقة عليها حتى قبل إقرار الحكومة، وهو أمر لم يحدث في التاريخ الإسرائيلي. وقد أثار ردود فعل سلبية للغاية حتى في صفوف مؤيديه، وقال 60 في المائة من الإسرائيليين، إنهم يخشون على الديمقراطية بسببها.
لكن نتنياهو يتحمل كالفيل كل هذه السيناريوهات. فما يريده من هذه الحكومة، ولا يجده لدى أي حكومة بتركيبة أخرى، هو ممارسة الضغوط لكي ينجو من السجن، إذا ما أدين بتهم الفساد التي تجري محاكمته حولها. فهذا هو التحدي الكبير. لأجله يخوض حرباً على الجهاز القضائي. فيهدد بسنّ قوانين تقيد المحكمة العليا وتشطب ما لديها من صلاحيات تتيح لها إبطال قوانين يسنّها الكنيست. فإذا رضخ القضاء ونجا نتنياهو، سيتفرغ لبقية التحديات، ولن تكون لديه مشكلة عندئذ في أن يفكك الائتلاف الحكومي المتطرف ويقيم ائتلافاً آخر أو يذهب لانتخابات جديدة.
وهنا يُسأل السؤال: ماذا سيحدث مع التحدي الإيراني، الذي وضعه نتنياهو في رأس اهتمامه؟ والجواب هو، أن علاقات نتنياهو السيئة مع الجيش، تثير شكوكاً في إمكانية شن حرب. وعلاقاته مع الإدارة الأميركية سيكون لها دور أساسي في محاربة إيران، أو حتى أذرعها من الميليشيات المسلحة في سوريا ولبنان أو الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة. لذلك؛ يتوقع أن يستمر في الوضع الحالي من دون تغيرات متطرفة.
لذلك؛ فإن نتنياهو سيصب جام اهتمامه حالياً بمعركة النجاة أولاً من القضاء، وينتظر ليرى التطورات اللاحقة. ومن وجهة نظره، يوجد معه وقت كافٍ، حتى يعالج الملفات الأخرى.


مقالات ذات صلة

غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

شؤون إقليمية غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

في اليوم الذي استأنف فيه المتظاهرون احتجاجهم على خطة الحكومة الإسرائيلية لتغيير منظومة الحكم والقضاء، بـ«يوم تشويش الحياة الرتيبة في الدولة»، فاجأ رئيس حزب «المعسكر الرسمي» وأقوى المرشحين لرئاسة الحكومة، بيني غانتس، الإسرائيليين، بإعلانه أنه يؤيد إبرام صفقة ادعاء تنهي محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بتهم الفساد، من دون الدخول إلى السجن بشرط أن يتخلى عن الحكم. وقال غانتس في تصريحات صحافية خلال المظاهرات، إن نتنياهو يعيش في ضائقة بسبب هذه المحاكمة، ويستخدم كل ما لديه من قوة وحلفاء وأدوات حكم لكي يحارب القضاء ويهدم منظومة الحكم. فإذا نجا من المحاكمة وتم تحييده، سوف تسقط هذه الخطة.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

سادَ هدوء حذِر قطاع غزة، صباح اليوم الأربعاء، بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، على أثر وفاة المعتقل خضر عدنان، أمس، مُضرباً عن الطعام في السجون الإسرائيلية، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وكانت وسائل إعلام فلسطينية قد أفادت، فجر اليوم، بأنه جرى التوصل لاتفاق على وقف إطلاق النار بين فصائل فلسطينية والجانب الإسرائيلي، وأنه دخل حيز التنفيذ. وقالت وكالة «معاً» للأنباء إن وقف إطلاق النار في قطاع غزة «مشروط بالتزام الاحتلال الإسرائيلي بعدم قصف أي مواقع أو أهداف في القطاع».

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية بعد 75 عاماً على قيامها... إسرائيل بين النجاح الاقتصادي والفروقات الاجتماعية الصارخة

بعد 75 عاماً على قيامها... إسرائيل بين النجاح الاقتصادي والفروقات الاجتماعية الصارخة

بعد مرور 75 عاماً على قيامها، أصبح اقتصاد إسرائيل واحداً من أكثر الاقتصادات ازدهاراً في العالم، وحقّقت شركاتها في مجالات مختلفة من بينها التكنولوجيا المتقدمة والزراعة وغيرها، نجاحاً هائلاً، ولكنها أيضاً توجد فيها فروقات اجتماعية صارخة. وتحتلّ إسرائيل التي توصف دائماً بأنها «دولة الشركات الناشئة» المركز الرابع عشر في تصنيف 2022 للبلدان وفقاً لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، متقدمةً على الاقتصادات الأوروبية الأربعة الأولى (ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا)، وفقاً لأرقام صادرة عن صندوق النقد الدولي. ولكن يقول جيل دارمون، رئيس منظمة «لاتيت» الإسرائيلية غير الربحية التي تسعى لمكافحة ا

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية مكارثي يتعهد دعوة نتنياهو إلى واشنطن في حال استمر تجاهل بايدن له

مكارثي يتعهد دعوة نتنياهو إلى واشنطن في حال استمر تجاهل بايدن له

أعلن رئيس مجلس النواب الأميركي، كيفين مكارثي، في تل أبيب، امتعاضه من تجاهل الرئيس الأميركي، جو بايدن، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو وامتناعه عن دعوته للقيام بالزيارة التقليدية إلى واشنطن. وهدد قائلاً «إذا لم يدع نتنياهو إلى البيت الأبيض قريباً، فإنني سأدعوه إلى الكونغرس». وقال مكارثي، الذي يمثل الحزب الجمهوري، ويعدّ اليوم أحد أقوى الشخصيات في السياسة الأميركية «لا أعرف التوقيت الدقيق للزيارة، ولكن إذا حدث ذلك فسوف أدعوه للحضور ومقابلتي في مجلس النواب باحترام كبير. فأنا أرى في نتنياهو صديقاً عزيزاً.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية المواجهة في إسرائيل: شارع ضد شارع

المواجهة في إسرائيل: شارع ضد شارع

بدأت المواجهة المفتوحة في إسرائيل، بسبب خطة «التعديلات» القضائية لحكومة بنيامين نتنياهو، تأخذ طابع «شارع ضد شارع» بعد مظاهرة كبيرة نظمها اليمين، الخميس الماضي، دعماً لهذه الخطة، ما دفع المعارضة إلى إظهار عزمها الرد باحتجاجات واسعة النطاق مع برنامج عمل مستقبلي. وجاء في بيان لمعارضي التعديلات القضائية: «ابتداءً من يوم الأحد، مع انتهاء عطلة الكنيست، صوت واحد فقط يفصل إسرائيل عن أن تصبحَ ديكتاتورية قومية متطرفة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

إيران توقف زوج المحامية والناشطة نسرين ستوده

المحامية والناشطة الإيرانية نسرين ستوده وزوجها رضا خندان (أرشيفية - أ.ف.ب)
المحامية والناشطة الإيرانية نسرين ستوده وزوجها رضا خندان (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

إيران توقف زوج المحامية والناشطة نسرين ستوده

المحامية والناشطة الإيرانية نسرين ستوده وزوجها رضا خندان (أرشيفية - أ.ف.ب)
المحامية والناشطة الإيرانية نسرين ستوده وزوجها رضا خندان (أرشيفية - أ.ف.ب)

أوقفت السلطات الإيرانية، اليوم الجمعة، رضا خندان زوج المحامية والناشطة نسرين ستوده التي اعتُقلت عدة مرات في السنوات الأخيرة، بحسب ابنته ومحاميه.

ونشرت ابنته ميراف خاندان عبر حسابها على موقع «إنستغرام»: «تم اعتقال والدي في منزله هذا الصباح». وأكد محاميه محمد مقيمي المعلومة في منشور على منصة «إكس»، موضحاً أن الناشط قد يكون أوقف لقضاء حكم سابق.

ولم ترد تفاصيل أخرى بشأن طبيعة القضية أو مكان احتجازه، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأوقفت زوجته ستوده البالغة 61 عاماً والحائزة عام 2012 جائزة «ساخاروف» لحرية الفكر التي يمنحها البرلمان الأوروبي، آخر مرة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أثناء حضورها جنازة أرميتا غاراواند التي توفيت عن 17 عاماً في ظروف مثيرة للجدل. وكانت دول أوروبية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قد أعربت عن دعمها للمحامية التي أُطلق سراحها بعد أسبوعين.

وقد دافعت عن العديد من المعارضين والناشطين، من بينهم نساء رفضن ارتداء الحجاب الإلزامي في إيران، وكذلك مساجين حُكم عليهم بالإعدام بسبب جرائم ارتكبوها عندما كانوا قاصرين. وكان زوجها يساندها باستمرار، ويطالب بالإفراج عنها في كل فترة اعتقال. ويأتي توقيفه فيما من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ في الأيام المقبلة قانون جديد يهدف إلى تشديد العقوبات المرتبطة بانتهاك قواعد اللباس في إيران.

وقالت منظمة العفو الدولية في تقرير إن النساء قد يواجهن عقوبة تصل إلى الإعدام إذا انتهكن القانون الرامي إلى «تعزيز ثقافة العفة والحجاب».